عادل عبدالله المطيري

تكلفة الإصلاح السياسي

  كان هناك من يرى ان إبقاء الوضع السياسي الحالي والمتأزم وإدارته ببعض التنازلات والتحالفات والترضيات، هو أفضل من الرضوخ لطلبات الشارع السياسي والمعارضة والمتمثل بإسقاط الحكومة وتغفل هذه الرؤية عن حقيقة أثبتها التاريخ القريب والبعيد، بأن كل تأخير بإجراءات الإصلاح السياسي يحمل النظام السياسي تكلفة باهظة، لأنه حتما يؤدي لرفع سقف المطالبات الشعبية والنيابية!

فكانت المطالبات بتنمية اقتصادية ومراقبة السلوك المالي للحكومة فقط، وكانت أكثر الاستجوابات موجهة إلى وزراء المالية، فتطور الأمر إلى استجواب وزراء الأسرة الحاكمة، ثم طالت المساءلة رئيس مجلس الوزراء.

وكان طموح المعارضة السياسية فقط أن تكون جلسة استجواب رئيس الوزراء علنية وليست سرية، ولم تحصل على مطلبها، بل في الاستجواب الأخير لسمو الرئيس تم تحويل الاستجواب الى المحكمة الدستورية ولم يناقش مطلقا، ولم تتمكن المعارضة حتى من استجواب سموه حتى ولو بجلسة سرية بالتأكيد نجح النظام السياسي بتأجيل سقوط الرئيس، ولكن ماذا فعلت الحكومة من إنجاز تنموي يساعدها على البقاء، كإنشاء مستشفى أو جامعة أو مدينة سكنية أو طرق سريعة لا شيء وعلى الصعيد السياسي كان الإخفاق الأكبر، فالفتن الطائفية والفئوية إن لم تكن الحكومة هي التي أفتعلتها كما يدعي خصومها، فإنها لم تحاول حتى إخماد نارها التي مازالت تشتعل بمجتمعنا، صراع أبناء الأسرة الحاكمة كان حاضرا، أما علاقة الحكومة مع مجلس الأمة فحدّث ولا حرج، فلا تعاون ولا يحزنون، وكانت المعارضة في السابق تتشكل من نائب او نائبين او حتى كتلة برلمانية واحدة، فأصبحوا بفضل سياسة الحكومة إلى ما يقارب نصف البرلمان «22 نائبا مع عدم التعاون».

أما حلفاؤها من النواب فتدور حول مواقفهم ودعمهم للحكومة في الاستجوابات الكثير من الشبهات، حتى وصل الأمر إلى ما يسمى بالتحويلات المليونية وفي هذا الخضم تناست الحكومة واجبها التنموي وأصبحت مقاومة رغبة المعارضة وأغلبية المواطنين برحيلها هو شغلها الشاغل.

فأصبحت المظاهرات تكبر يوما بعد يوم، ومطالب المتظاهرين تزداد، فكانوا يريدون رحيل الحكومة، فأصبحوا ينادون بمحاكمتها وليس فقط استجوابها على ضوء (الفضيحة المليونية)، بل رفعت المعارضة من سقف مطالبها لتشمل الدائرة الانتخابية الواحدة، وإنشاء الأحزاب السياسية وهيئة مستقلة للانتخابات، بل ذهب بعض الشباب المتحمس إلى المطالبة بإمارة دستورية إشارة إلى جعل منصب رئيس الوزراء من الشعب وفي النهاية كلما كان الإصلاح السياسي والاقتصادي مبكراً قلت تكلفته على النظام السياسي الذي نؤمن به ونحبه.

٭ شكر وتقدير إلى د.حسين الهدبة أستاذ أصول التربية في كلية التربية الأساسية على حسن تعامله مع الطلبة ومساعدتهم.

والشكر إلى د.سلوى البرجس رئيسة مكتب التربية العملية في كلية التربية الأساسية، على حسن تعاملها مع الطلبة.

سامي النصف

لا تحسبينا غياباً يا… سورية!

هناك بعض البديهيات التي لا تستوعبها عقول بعض كبار حكمائنا وساستنا ومفكرينا العرب ومنها انه ليس لأحد ان يتدخل في شأن بيتك مادامت الأمور طبيعية فيه، اما إذا بدأت بتعذيب وقتل نسائك وأطفالك وقطع رؤوسهم وفصل أطرافهم فللآخرين حق التدخل دون حاجة لإذن من أحد.

***

ان ما يحدث في سورية هذه الأيام لا يمكن ان يقبل به انسان مهما قسا قلبه وأظلمت سريرته، فنحن أمام شعب يباد في وضح النهار وأمام العالم أجمع ولا يسمع شعبه المذبوح إلا صيحات ودعاوى من يدعون كذبا تعاطفهم معه ولكنهم يرفضون في الوقت ذاته التدخل الغربي الذي هو الوسيلة «الوحيدة» لإنهاء الإشكال ووقف الدماء التي تجري أنهارا هناك.

***

ولم نسمع من الانجليز او الفرنسيين إبان الحرب الكونية الثانية، او الكوريين الجنوبيين وأهل البوسنة بعدها من يعترض على قدوم الأميركان الأخيار لنجدتهم، والحال معنا في الكويت ممن كنا أكثر ذكاء وحصافة وحكمة ممن أرادوا التغرير بنا وتسويق ما سمي بـ «الحل العربي»، واسألوا شعوب العراق وليبيا وسورية واليمن هذه الأيام ان كانوا مازالوا يؤمنون بتلك الفرية الكبرى التي لم يصدقها حتى الرئيس الراحل حافظ الأسد، فأرسل قواته لتحارب كتفا بكتف مع القوات الأميركية والانجليزية والفرنسية لتحرير شعبنا في الكويت من إبادة حزب البعث العراقي له.

***

ومن الأكاذيب الكبرى الدعوة لقبول نحر وإبادة الشعب السوري بحجة الحفاظ على أنظمة «الممانعة» ودعم المقاومة، وإذا ما بعدنا عن الحديث الزائف والكلمات الساخنة التي «لا تودي ولا تجيب» وركزنا على حقيقة ما حدث منذ الستينيات حتى الآن لوجدنا ان الجبهة السورية هي الأهدأ والأبرد مع إسرائيل وان الجيش السوري لم يستخدم قط خلال نصف قرن للمقاومة والتحرير بل كان عمله الأساسي هو قتل وقمع شعوب سورية ولبنان والعراق من الوريد الى الوريد، فعن أي ممانعة ومقاومة يتحدثون؟!

***

آخر محطة: نرجو ان تظهر الشعوب العربية وكنوع من التغيير امتنانها الشديد للولايات المتحدة فلولاها لكانت تلك الشعوب أسرى وسبايا وعبيدا لجيوش هتلر الألماني وموسوليني الإيطالي وستالين الروسي وايدن الانجليزي وموليه الفرنسي وصدام البعثي ومعمر المدمر الليبي و..جيوش جيرانهم المسلمين الآخرين… وقليل من العرفان أمر لا يضر..!

 

حسن العيسى

عدم الترحُّم على ستيف جوبز

ترحَّم عليه المسلمون أم لم يترحموا، فهذا لن يغير من التاريخ الإنساني حين يحفر الكبار أسماءهم وأعمالهم العظيمة على صفحاته؛ فالدكتور عجيل النشمي، في تعليق له على وفاة ستيف جوبز، نصح الجمهور الإسلامي بأن من حقهم أن يذكروا الفوائد الكبيرة التي قدمها ستيف للعالم، ولكن ليس لهم أن يترحموا عليه!. وفقاً لفتاوى "علماء" الدين لا يجوز طلب الرحمة لغير المسلمين، فلنا أن نترحم على روح بن لادن، مثلاً، وعلى كل "أبطال القاعدة" الذين سفكوا دماء الأبرياء دون أن يفرقوا بين المسلم وغير المسلم، ولنا أن نترحم على صدام حسين وعلي الكيماوي وكل الحثالات البشرية التي حفرت جرائمها في ألواح الذاكرة العربية والإسلامية، ولكن مرة ثانية وثالثة ليس من حقنا أن نترحم على لويس باستير، مكتشف البسترة والبنسلين، ولا أن نترحم على أديسون ولا هنري فورد، ولا على أي من العلماء الحقيقيين الذين قدموا أعظم المساهمات للبشرية، وخدموا أو أنقذوا حياة ملايين البشر! لماذا لا يجوز طلب الرحمة لهم ولا يجوز أن نحييهم بتحية الإسلام؟ لأنهم كفار وليسوا مسلمين!
هؤلاء من أمثال ستيف جوبز، الذي هز نبأ موته عالم التكنولوجيا، وغيَّر من نمط حياتنا، وغيره، ليست أرواحهم بحاجة إلى طلب الرحمة عليهم من البشر المسلمين، وليس لنا أن نصادر مفاتيح طلب الرحمة في صناديق مشايخنا، فالرحمة وعدم الرحمة بيد الله وحده، لمن يؤمن، وليست رهناً بفقه "علماء" شرعنا.
في محاضرة لستيف جوبز عام ٢٠٠٥ بجامعة ستانفورد، وكانت تلك المحاضرة بعد سنتين من اكتشاف الأطباء لمرض سرطان البنكرياس فيه، ذكر الراحل تلك الفقرة عن معنى الموت وصراع الحياة، وأترجمها بتصرف "… تذكري أني سأموت قريباً هو أعظم تحد واجهته، لأنه منحني في الوقت ذاته القدرة على اتخاذ أكبر القرارات في حياتي، لأنه – تقريباً كل شيء – كل الآمال الكبيرة، والكبرياء، والخوف من حرج الفشل كل تلك الأمور تتضاءل وتتنحى جانباً حين نواجه شبح الموت، ليبقى ما هو عظيم فقط، وحين تتذكر أنك ستموت يوماً ما ستتجنب مصيدة الأسى على خسارة ما فات. ستبقى عارياً، وعليه فليس هناك ما يحول دون أن تتبع ما يمليه عليك قلبك…" هل نفكر قليلاً بحكمة ستيف جوبز وفلسفته وشجاعته قبل أن نفتي بجواز الرحمة عليه أو عدم جوازها، ويا الله لترحمنا برحمتك.

احمد الصراف

لبنان الكويتي

قد لا يكون لبنان أكثر الدول فسادا، ولكن بعض أهله حتما الأكثر ذكاء في فسادهم، وقد تعلم الكويتيون منهم الكثير!
تكمن مشكلة لبنان، في جزء منها، في غياب التربية الوطنية شبه التام عن مناهج المدارس الخاصة، وغياب مادة التاريخ عن مناهج المدارس الحكومية، وهذا جعل قلة فقط تعرف وطنها وتشعر بالانتماء اليه، وهذا بالضبط ما تتجه الأمور له في الكويت! فخلال الحرب الأهلية التي اجتاحت غالبية لبنان لأكثر من 15عاما، كانت تمر أيام يلقى فيها المئات حتفهم في جزء من لبنان في معارك عبثية تستخدم فيها أشرس الأسلحة وأكثرها فتكا، في الوقت الذي تعيش فيه أجزاء أخرى منه، لا تبعد عن الأولى كثيرا، في عالم آخر لا يمت للحرب والهلاك بصلة! ولو لفت أحد نظر المحتفلين بما يحدث في الجانب آخر، لاكتفوا بهز اكتافهم علامة عدم الاكتراث، نتيجة جهل الكل بالكل! فما الذي يعرفه ابن بشري مثلا عمن يسكن الحاصباني، أو عيون قرقش أو عنجر، أو العكس؟ وهل تعني أي منطقة من لبنان للبناني شيئا، بخلاف منطقته، إن تهدمت أو احترقت أو ابتلعها البحر، وهو الذي لم يسمع بها من قبل، ولم تكن يوما جزءا من وجدانه الوطني؟ إن هذا الشعور بعدم اكثرات مواطني منطقة بمصير غيرها، لا يقتصر على فئة ما، بل يشمل الجميع، وبالدرجة نفسها تقريبا. وقد خبرت ذلك بنفسي، من أسئلتي لمئات اللبنانيين، من أهل وأصدقاء ومعارف، وإخضاعهم، من دون علمهم، لتجارب وأسئلة محددة.
نرى مثلا أن لبنان يشكو منذ عقود من مشكلة انقطاع الكهرباء، التي تفاقمت مع الحرب الأهلية، وصراع المصالح! فكل من تولى الوزارة أنعم على نفسه، وحزبه، بشيء من خيراتها! ويقال ان الوزير إيلي حبيقة خرج منها بمئات الملايين، ولكنه لم ينعم بها، حيث اغتيل في موجة الاغتيالات التي اجتاحت لبنان قبل سنوات، وربما كان الوحيد الذي لم يكترث لموته أحد. وقد اخبرني صديق بأن حكومة خليجية قررت قبل سنوات المساهمة في التخفيف من مشكلة الكهرباء في منطقة جبلية، وبناء محطة توليد فيها، وما أن سمع مسؤول لبناني كبير في وزارة الكهرباء بالخبر حتى قام بزيارة الدولة الخليجية طالبا منها تأجيل المشروع، ولو لبضع سنوات، لكي يسترد ما استثمره في شراء عدة مولدات كهرباء ضخمة تقوم بتغذية المنطقة نفسها بحاجتها من الكهرباء! ومعلوم أن الحكومة اللبنانية لا تحقق اي عائد مادي من توليد الكهرباء للمواطنين وبيعها، فهي إما مسروقة أو مدعومة، ولكنها حتما تحقق الشيء الكثير من استهلاك المواطنين والشركات لوقود المازوت المستورد، وبالتالي هي ليست في عجلة من امرها لحل مشكلة الكهرباء، ولو أن القانون الأخير يقول شيئا غير ذلك، أو هذا ما نتمناه!
***
ينشر بالتزامن مع «المدى» العراقية

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

التغيير قادم

الكثير يتساءلون: هل سيتم تعديل او تغيير حكومي شامل قبل بداية دور الانعقاد الجديد في الخامس والعشرين من هذا الشهر، ام ان الشيخ ناصر المحمد سيعود مرة اخرى ويكمل مدة هذه الحكومة حتى نهاية الفصل التشريعي؟
أنا اعتقد ان ذلك يعتمد على ثلاثة امور: الاول، استمرار قناعة سمو الامير باداء الشيخ ناصر وقدرته على السير بالبلاد نحو الافضل. والثاني، تمكن الحكومة من وقف هذا الانهيار الذي يحصل اليوم بسبب التسيب في الاداء والشلل في مؤسسات الدولة بسبب الاضرابات المتكررة وقدرتها (الحكومة) على معالجتها بحكمة وحنكة.
اما الامر الثالث الذي يتوقف عليه تغيير الحكومة فهو استمرار المعارضة في التصعيد واقناع الشارع ومزيد من القطاعات والنقابات ومؤسسات المجتمع المدني بدعمها وتأييد مطالبها في هذا التغيير.
وعودة الى العامل الاول الذي يعتمد عليه تغيير الحكومة، وهو الارادة السامية ومدى قناعة سموه باداء رئيس الوزراء، فلا نريد الخوض في هذا الامر حتى لا يفهم انه تدخل في شأن اسرة الحكم، مع اننا عرضنا في هذه الزاوية فكرة تعيين النائب الاول كمرحلة انتقالية لحين اجراء انتخابات تشريعية جديدة يتم بعدها اختيار الرئيس الجديد للحكومة في ضوء نتائجها. واما العامل الثاني فاعتقد ان الحكومة لم توفق في معالجة الاضرابات بدليل تدافع القطاعات على التسابق لاعلان اضراباتها! والقشة التي قصمت ظهر البعير هي بلا شك اضراب النفط وطريقة معالجته، والذي بعده «كرت السبحة»! واخطر هذه الاضرابات ما قام به طلبة المدارس يوم الخميس الماضي! فإن وصلت الامور الى شعور الطلبة في المدارس بحقهم في الاضراب فهذا دليل ع‍لى وجود خلل في المسيرة لا يمكن التغاضي عنه. ولا اظنني خالفت الحقيقة إن قلت انه لم تمر على الكويت اضرابات واضطرابات بهذا الشكل ولا حتى ايام دواوين الاثنين في نهاية عام 1989.
اما العامل الثالث المؤثر في التغيير فهو الحراك الشعبي، واعتقد ان القوى السياسية ابلت بلاء حسنا في حشد التأييد الشعبي لمطالبها، ولا يجوز قياس نجاح هذه القوى بعدد من حضر لساحة الارادة كما يزين البعض، بل القياس الحقيقي هو الاستياء العام عند الناس مما وصلت اليه الاوضاع في البلاد، وهذا يقاس بسهولة من امرين: الاول حديث الدواوين والمنتديات، والثاني ان من كان يؤيد حكومة الشيخ ناصر في الايام الماضية قل حماسه لهذا التأييد واكثرهم التزم الصمت في احسن الاحوال، خصوصا بعد ان وصل الفساد في البلاد الى درجة افساد ذمم بعض اعضاء مجلس الامة المناط بهم الرقابة على اداء الحكومة.
الخلاصة.. اعتقد ان التغيير اصبح حتمياً.. والمصلحة العامة تقول ذلك.. فقد اصاب الشلل معظم القطاعات ووصل الفساد الى الجذور.. وللمرة الأولى ينفرز المجتمع بهذا الشكل الطائفي والقبلي والطبقي في الكثير من الامور حتى اصبحت وحدتنا الوطنية في خطر.. ولاول مرة تتردى علاقتنا بجيراننا الى هذا المستوى، فهذا يرسل جواسيسه ليل نهار، وذاك يهدد بالغاء اتفاق الحدود وترسيمها، وثالث يعتب علينا عتب الاخ على اخيه، والقادم اعظم.
فهل بعد كل ذلك نعتقد بامكانية الاستمرار مع هذه الحكومة؟! اعتقد ان التغيير اصبح لازما وبشكل فوري.. حفظ الله الكويت وشعبها من كل مكروه.