سامي النصف

نريد زواراً لا ثواراً

  أمضينا جل الاسبوع الماضي في صحبة طيبة وزيارة رائعة للاردن الشقيق وللضفة الغربية ومدنها الجميلة، ثم كان ختامها مسكا بالصلاة في المسجد الاقصى ومسجد الصخرة، وكان الوفد قد ضم 80 مهندسا ومهندسة من الكويتيين بقيادة رئيس الاتحاد الدولي للمنظمات الهندسية المهندس النشط عادل الخرافي وجمع من الشخصيات الكويتية الاخرى.

***

وقد حرص رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس على ان يحضر مساء للضفة من سفرته للخارج ـ وهي سابقة لم تحدث من قبل ـ كي يستقبل الوفد الكويتي في صباح اليوم التالي، وقد كان كعادته كريما في ضيافته وكريما في وقته حيث خصص للوفد الكويتي أكثر من ساعة نقل خلالها سلامه الحار للقيادة السياسية ممثلة بصاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد، حفظه الله، وللشعب الكويتي على دعمهم وتبنيهم للقضية الفلسطينية، كما اجاب خلال اللقاء عن اسئلة اعضاء الوفد فيما يخص آخر المستجدات المحلية والاقليمية والدولية.

***

وقد أقام الوفد الكويتي في رام الله بالضفة الغربية التي تمتاز عن كثير من الاماكن والمصايف العربية التي يزورها الكويتيون عادة بأمور عدة تحسب وبحق لأبي مازن وحكومته، منها ان الخدمات والبنى الاساسية جيدة فالكهرباء لا تنقطع على الاطلاق والامن خاصة في السنوات الست الاخيرة مستتب، والتقيد بأنظمة المرور يقارب الانضباط في المدن الاوروبية، والمباني والفنادق والاسواق جديدة وحديثة حيث تم بناؤها بعد تسلم السلطة للارض من اسرائيل منتصف التسعينيات، والطقس بارد صيفا ومعتدل اغلب الشتاء اضافة الى بقاء اهالي المصايف فيها كل العام، مما يجعل اسواقها ومطاعمها عامرة طوال الوقت بعكس الحال في مصايف بلاد الشام الاخرى التي تهجر من اهلها ما يقارب عشرة اشهر في العام وتعاني من انقطاع الكهرباء والفوضى المرورية وقساوة الطقس مع انتهاء اشهر الصيف.

***

وقد زار الوفد الاماكن المقدسة في القدس رغم بعض الصعوبات التي ذللها رجال السلطة الفلسطينية ممن اخجلوا الوفد بكرمهم ودماثة خلقهم، وقد كرر كل من التقيناه في الضفة والقدس دعوتهم للخليجيين والعرب والمسلمين لزيارتهم لدعم صمودهم فزيارة السجين ـ حسب قولهم ـ لا تعني الاعتراف بالسجان، في المقابل وللانصاف وللحقيقة لم يلق الوفد الكويتي اي اساءة من الحواجز الاسرائيلية القائمة على المعبر او على الطريق للقدس فحتى من تم رده مبدئيا عن دخول القدس بسبب عدم وجود الفيزا اللازمة تم التعامل معه باحترام كامل ودون اساءة.

***

ولا تخلو رحلة من الطرائف والغرائب، فضابط اسرائيلي من الدروز العرب أبدى اعجابه لاحد اعضاء الوفد بجاسم يعقوب وتساءل: لماذا لا تسمحون للاعب فهد العنزي بالاحتراف في اوروبا ـ واضح انه يعرف عن الكرة الكويتية أكثر مما يعرفه اغلب شعبنا عنها ـ عضو وفد آخر ادخل بطاقة السحب الخاصة به في ماكينة النقود بالقدس فامتنعت عن الصرف واخرجت له ورقة مكتوبا عليها بالعربي «نحن لا نحترم البطاقة الخاصة بك!»، مواطن فلسطيني مختص بتهريب العمالة للقدس عبر وضع سلم على الجدار العالي المحيط بها ما ان عرض خدماته على احدى المهندسات الكويتيات من شقيقات الرجال حتى اخرجت قفازات بيضاء ولبستها وكأنها تقول اين السلم للبدء في عملية العبور والامر لم يكن بالطبع الا مزحة وطرفة منها، احد اعضاء الوفد تساءل عن عدد المستوطنات المسماة «بنيامين» لكثرة ما شاهد ذلك المسمى، والحقيقة لم تكن هناك الا مستوطنة واحدة بذلك الاسم الا ان الامر التبس عليه بسبب كثرة اللف والدوران التي قام بها منذ الصباح على المعابر المختلفة لاجل الدخول.

***

آخر محطة:

 1 – الشكر المحلى بالشّكَر (السكر) للاخوة المهندسين المنظمين للرحلة ونخص بالذكر مهندس الفكرة وعراب الاتصال والتنفيذ عادل الخرافي والامين العام المساعد لمنظمة المدن العربية م.احمد العدساني والمهندسين صالح المطيري وحسن بن طفلة وعلي دشتي وفارس العنزي واحمد الطحيشل وحمود الزعبي على حسن التنظيم والمتابعة والرعاية، كما نخص بالذكر والشكر المهندسات الكويتيات ممن عكسن صورة ناصعة للمرأة الكويتية.

2 – أخبرني احد اعضاء الوفد بأنه شاهد عجوزا فلسطينيا في القدس قال له لقد تعلمنا من تجارب ومآسي الماضي لذا نريد هذه الايام «زوارا مسالمين لا ثوارا مسلحين» فقد شبعنا حتى الثمالة من دعاوى مدغدغة خارجها حلاوة وطلاوة وداخلها عذاب ودمار.. ويا لها من حكمة ما بعدها حكمة..!

احمد الصراف

نعمة الإنترنت ونقمته

يصعب بعد اليوم تخيل حياتنا من دون الكثير مما انجزته العبقرية الغربية، وما طورته واضافت له عبقرية نمور جنوب شرق آسيا وأسودها من منتجات فائقة الذكاء والفائدة، وربما تكون الإنترنت، أو ستصبح قريبا، أفضلها، ووسيلة الاتصال الأسرع والأقل كلفة في العالم، خاصة عندما يتعلق الأمر بكم المعلومات الهائلة التي لا حد لها التي يمكن الحصول عليها بلمسة زر! وقريبا سيقاس تقدم اي أمة بعدد مستخدمي الإنترنت فيها، وليس بعدد رؤوس الشيشة التي تدخنها! لم تتوافر حتى الآن احصائيات حديثة عن مواقع الإنترنت واعداد مستخدميها في النصف الأخير من هذا العام، ولكن في 2010 أرسلت أكثر من 17 تريليون رسالة إلكترونية عبر هذا النظام. كما بلغ عدد مستخدمي الإنترنت 2 مليار، من أصل 7 مليارات سكان الأرض، ولا يضير هذه الوسيلة، أو يقلل من أهميتها العظمى، أنها تستخدم في غالبية الأحيان لغرض ترويج تجاري أو دعائي أو حتى سياسي، فان يكون عدد حسابات الإنترنت مليارين يغري اي شركة لاستخدامه لأغراضها الخاصة، ولكن هذه الخدمة عليها قيود ومحاذير كبيرة، فتستغل جهات عدة حاجة الشركات لعناوين المشتركين، فتقوم بالحصول عليها بشتى الطرق، ومنها ما هو غير أخلاقي، كاللجوء لإرسال نداءات تطلب من مستلميها إعادة إرسالها لآخرين لكسب الأجر لما تتضمنه من أدعية، او للمساعدة في البحث عن طفل مفقود، وغير ذلك. كما تقوم جهات أخرى بشراء ملفات شركات محددة أو سرقتها، للاستفادة مما تتضمنه من عناوين إلكترونية تصلح لترويج مختلف المنتجات أو لاستخدامها في عمليات الاحتيال عن طريق الإنترنت.
كما استفاد بعض «العباقرة الصغار» من خدمة الإنترنت وحققوا المليارات من وراء خدمات، مثل الفيسبوك والتويتر، التي يتزايد أعداد المشتركين فيها بالملايين يوميا، فقد بلغ عدد مستخدمي الفيسبوك مثلا في 2010 أكثر من 600 مليون. كما يمكن الاطلاع على أكثر من 30 مليار رابط وملاحظة وصورة على النت، وهذه تتطلب من الشخص أن يمتد به العمر لخمسة آلاف سنة لكي يطلع على جزء منها، إضافة لــ 2 مليار مقطع فيديو تشاهد يوميا. المهم في كل ذلك أمور ثلاثة. أولا عدم تصديق كل ما يرد على الإنترنت وهناك طرق ووسائل يمكن من خلالها التحقق من صحة الخبر أو المعلومة. ثانيا: ضرورة الاستفادة القصوى من المواد التي تتوافر على الإنترنت، فليس من السهل ابدا الحصول عليها من اي مصدر آخر بالسهولة نفسها. وثالثا: الإيمان بمبدأ أن ليس هناك، كما يقال، عشاء مجاني. فلا تصدق من يعرض عليك أمرا أو بضاعة أو صفقة مجانية من دون ان يتوقع مقابل ذلك شيئا أعلى بكثير مما يعرضه.

أحمد الصراف