احمد الصراف

مارشال أميركا

قامت أميركا بعد الحرب العالمية الثانية، ومن خلال «خطة مارشال»، نسبة لجورج مارشال – وزير خارجية أميركا وقتها – بتقديم أكبر برنامج مساعدات لإعادة بناء أوروبا، بلغت ميزانيتها 13 مليار دولار واستغرق تنفيذ برنامج الخطة 4 سنوات.
ولو نظرنا، بعد أكثر من 60 عاما لفلسفة الخطة، التي كانت احد اهدافها وقف التمدد السوفيتي في أوروبا الغربية، لوجدنا أنها تتطابق في الكثير من أوجهها مع خطة التنمية في الكويت، من حيث تركيزها على المستقبل، بدلا من إصلاح ما خلفته الحرب من دمار، وذلك عن طريق تحديث الصناعات وتطوير اساليب العمل باستخدام افضل التقنيات الاميركية، وإزالة العوائق الإدارية والقانونية أمام مختلف الأنشطة، وبث روح الأمل في شعوب المنطقة بتوقع مستقبل زاهر. وتبين بعد انتهاء تنفيذ الخطة عام 1952 أن النتائج تخطت التوقعات بكثير، وتمتعت أوروبا الغربية بعدها بازدهار غير مسبوق لا يزال مستمرا حتى اليوم.
ولو نظرنا الى أوضاعنا في الكويت لمرحلة ما بعد الغزو والاحتلال لوجدنا أننا ساهمنا جميعا في تحطيم كل مقومات النهضة في وطننا من خلال صراعات نوابنا وتلكؤ حكوماتنا وتردد قراراتنا بشكل عام، بحيث وصلنا الى مرحلة نحن في أمس الحاجة فيها الى برنامج نهضوي جريء كــ «خطة مارشال»، أو «خطة الهارون»، نسبة لوزير التنمية الجديد عبدالوهاب الهارون، للنهوض بالوطن من الوضع المخجل الذي نحن فيه بسبب تعطل المشاريع وتخلف الأنظمة وغياب القوانين وتعطل تطبيق الموجود منها وترهل الإدارة الحكومية والنقص المخيف في الخدمات الأساسية وحاجة البنية التحتية الماسة للتطوير وضرورة تنمية الموارد البشرية وخلق عشرات آلاف الوظائف، وإحلال العمالة الوطنية في مختلف القطاعات، والإيمان بان الاستقرار الاقتصادي سيؤدي حتما الى الاستقرار السياسي.
وإلى مقال الغد.

أحمد الصراف

حسن العيسى

كيف نحتفل باليوبيل الذهبي للدستور؟

حتى يكون الاحتفال بمرور خمسين عاماً على الدستور متناسباً مع رغبة سمو أمير البلاد لابد أن تتجاوز هذه المناسبة الشكل الاحتفالي الذي يتمثل عادة في البهرجة الإعلامية، كما يتجسد في خطابات المسؤولين الوعظية التي تذكرنا بنعم الدولة علينا وإنجازات الحكومة الكبرى من أجل رفاهية وراحة المواطنين، ثم يتعالى هذا الشكل الاحتفالي ليصل إلى خواء المهرجانات والأغاني الوطنية و»اللمبات» الملونة التي تزين المباني الحكومية لنتوه بهذا المكياج الرسمي المتأصل في عادات الدولة وتقاليدها الحكومية.
تجاوز هذا «المكياج» الرسمي أصبح اليوم ضرورة بعد التغيرات التي تعصف بالمنطقة لنصل إلى العمق والمضمون الدستوريين في ذكرى الدستور «الذهبية»، التي أضحى معها الدستور بعد خمسين عاماً معدناً صدئاً ومجرد «تنك» يلمع من غير روح تنبض بالحياة وتنمو وتكبر مع الزمن، فاليوم نحتفل بالذكرى الذهبية ونأسى على الأيام الذهبية لهذا الدستور وهذه الدولة. تلك الأيام التي ولت إلى غير رجعة، الأيام الذهبية كانت سنوات الستينيات من القرن الماضي، وهي أيام ولادة دستور والسنوات القليلة التي تبعتها، ولم يمض وقت طويل حتى بدأ يظهر تململ «شيوخنا» من الدستور وأحكامه، فكان تزوير الانتخابات البرلمانية في النصف الثاني من الستينيات، وبعدها كانت سنين أو شهور المجلس محكومة برغبات التفرد بالسلطة، فإما أن يساير المجلس النيابي دولة الشيوخ أو الحل اللادستوري، وبعد التحرير حتى بداية الألفية الثانية وإن كفت السلطة الحاكمة عن هز عصي الحل غير الدستوري بوجه المجلس، وتقدمت بخطوة كبيرة نحو منح المرأة حقوقها الدستورية في الانتخابات والترشيح إلا أنها وقفت عند تلك الحدود متوهمة أن هذا هو كامل «الجسد» الدستوري ولا شيء بعده، فالدستور والديمقراطية في الفهم القاصر هما  صناديق انتخابات فقط، فالأحزاب السياسية ممنوعة وقانون التجمعات رغم إلغاء المحكمة الدستورية أهم مواده لكن الحكومة مازالت تسير تحت ظله، أما مشروع استقلال القضاء فتم وضعه بأدراج النسيان، وأهم من كل ذلك فإن حرية التعبير وبقية حريات الضمير تئن من وطأة وزارة «الحقيقة» ministry of  truth أي وزارة الإعلام بالتعبير «الأوريلي» (نسبة إلى جورج أوريل برواية ١٩٨٤)، فهذه الوزارة مع قوانين الجزاء والمطبوعات والنشر تحسب كل كلمة تنشر في المدونات الإلكترونية وتبحث عن أي سبب لخنق الرأي الناقد للسلطة، فهي بصورة أخرى وزارة مخابرات بلباس مدني، وهي سلطة نافذة «لتوصيل الطلبات» إلى السلطة الحاكمة، فأي ديمقراطية «دستورية» نتحدت عنها اليوم وهذه الوزارة وأسلحتها القانونية «الستينية» تشحذ سكاكينها لنحر المدونات والتويتر والفيس بوك أبناء ثورة الاتصالات!
أما على صعيد الحريات الفردية الخاصة فقد تدهورت ببركة القوى الرجعية التي رعتها السلطة في السنوات الماضية لحسبات داخلية كضرب اليساريين والقوميين، وخارجية تنفيذاً لرغبات العم سام بمحاربة الشيوعيين الكفار في أفغانستان، ثم أضحت تلك الجماعات أبشع صورة للإرهاب الدولي بعد أن كانت الطفل المدلل لدولنا والراعي الغربي.
دعونا نحتفل غداً باليوبيل الذهبي للدستور، تحقيقاً لرغبة أمير البلاد وأبناء الوطن، وليكن الاحتفال على مستوى المضمون لا الشكل.

احمد الصراف

الأرمني الكبير

يعتبر جالوست كولبنكيان Calouste Gulbenkian الشخصية الأشهر في التاريخ الأرمني الحديث، وواحدا من أثرى أثرياء التاريخ. ولد كولبنكيان في إسطنبول العثمانية عام 1869، وتوفي في لشبونة عن 85 عاما، وورثه ابنه الوحيد نوبار وابنته ريتا، التي تزوّجت دبلوماسيا ارمنيا إيرانيا. كان والده تاجر نفط، وأرسله إلى لندن لدراسة هندسة البترول في «كلية الملك». وبدأت مغامراته المالية في عشرينات القرن الماضي، وأصبح مواطنا بريطانيا وساهم في دمج شركتي رويال دتش وشل، وأصبح مالكا فيها بعد أن احتفظ، وكعادته، بما نسبته %5 منها، وفعل الشيء نفسه مع شركة نفط العراق، وهذا أكسبه لقب السيد %5. كما أسس شركة نفط تركيا، من مجموعة شركات نفط أوروبية، للتنقيب عن البترول في أراضي الإمبراطورية العثمانية، ولكن تطورات الحرب الأولى عرقلت جهودها مؤقتا، ولكن الشركة حصلت في عام 1925 على امتياز نفط العراق، واكتشفت بالفعل احتياطيا ضخما فيه، وهنا تمكن كولبنكيان من تضمين عقد الاتفاق بنداً سمّي بــ«الخط الأحمر» يمنع الأطراف المؤسسة للشركة من المشاركة في أنشطة تنقيب نفط خارج خط محدد، وعندما أرادت شركتان أميركيتان، من شركائه، الدخول في شركة أرامكو السعودية اضطرتا في نهاية الأمر إلى دفع مئات ملايين الدولارات لكولبنكيان لإلغاء شرط الخط الأحمر.
جمع كولبنكيان مجموعة ضخمة من التحف والآثار النادرة، واحتفظ بها في متحف خاص في جزء من منزله بباريس، ولكن تخلى عن بعضها للمتاحف البريطانية، خصوصا من اللوحات النادرة والآثار الفرعونية. وقام قبل الحرب العالمية الثانية بتأسيس شركة قابضة في بنما للاحتفاظ بممتلكاته من أسهم الشركة النفطية، ولا تزال هذه الثروة تمثل المورد الرئيسي لصندوق كالوست كولبنكيان في لشبونة، حيث تعيش أسرته إلى الآن. ومع الحرب العالمية الثانية حصل على الحصانة الدبلوماسية كسفير للعراق في باريس، ثم تبع حكومة فيشي وخدمها كوزير مفوض إيراني، وفي أواخر 1942 ترك فرنسا إلى البرتغال وعاش هناك في جناح فخم في فندق Aviz حتى وفاته، وقدرت ثروته حينها بين 280 و840 مليون دولار.

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

كيف يفهم المسلم الحياة؟

سُنّة الحياة أن الله يعطيك شيئا ويأخذ منك شيئا آخر. وهذا واضح عندنا في الكويت.. أعطانا النفط.. وأخذ منا الجو الجميل الممتع الهادئ!! والقاعدة الالهية «لئن شكرتم لأزيدنكم ولئن كفرتم ان عذابي لشديد». وقد أصّل الرسول ـــ صلى الله عليه وسلم ـــ قاعدة نفهم من خلالها كيف يدبر الله أمر هذا الكون عندما قال «ان الله يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب لكنه لا يعطي الآخرة الا لمن يحب» صدق رسول الله ـــ صلى الله عليه وسلم.
ومن خلال هذه القواعد نفهم شدة المصائب على المسلمين في هذا العالم، كما نلاحظ أن كثيرا من أهل الكفر تصيبهم مصائب مشابهة لا تقل قسوة عما يحدث للمسلمين في ديارهم. كما أن هذه الدوائر الكونية تدور مع الأيام، قال تعالي: «ان يمسسكم قرح فقد مس القوم قرح مثله وتلك الأيام نداولها بين الناس». ودليل ذلك في الأربعينات من القرن الماضي كانت اوروبا تحترق وكذلك شرق آسيا واليابان وكان الأمن يعم معظم بلاد المسلمين! وحتى اليوم نشاهد الكوارث تصيب أميركا (اعصار لويزيانا والمسيسبي وحرائق الغابات في كاليفورنيا) كما تصيب بلاد المسلمين وأفريقيا لكن تظل القاعدة أن الله يعطي نعيم الدنيا للمسلم والكافر للابتلاء ليعلم الله الصادق من الكاذب، لكنه لا يعطي الآخرة الا لمن يحب، ولن يحب الا من يعبده ويوحده ويؤمن به ويحسن طاعته ويجتنب معصيته.
أقول هذا بعد أن قرأت محاولات من غلمان بني علمان لتشويه هذه الحقيقة وللايحاء أن الكافر البعيد عن الله هو المتنعم بالدنيا وهو المحظوظ فيها وأن المسلم هو الشقي التعيس سيئ الحظ! يقول الرسول ـــ صلى الله عليه وسلم «الدنيا سجن المؤمن وجنة الكافر». وهي كذلك بلا شك، فالدنيا للمؤمن سجن اذا قورنت بما أعده الله له بالآخرة من نعيم وهي للكافر جنة مقارنة بما ينتظره من عذاب، لكن الله عز وجل أمرنا أن نعمل في هذه الدنيا ونجتهد كي تكون سببا لنا لدخول الجنة. هكذا يفهم المسلم وجوده في الحياة. أما البعيد عن الله تعالى والمفتون بالغرب وأسلوب الحياة الغربية، فهو يرى أنه تعيس فقط لأنه مسلم! ويتمنى لو أنه ولد كافرا والعياذ بالله.

***
• انتقل الى رحمة الله تعالى ـــ باذن الله ـــ سبهان الديحاني، وقد عرفناه «حمامة مسجد» لا يترك الفرض الا ويصليه جماعة في المسجد حتى عندما عجز عن المشي وناهز التسعين عاما كان يصلي على دراجته في الصف الأول! مما جعلنا ـــ نحن الأصغر منه بأربعين عاما ـــ نغار ونخجل من أنفسنا لتكاسلنا أحيانا عن الصلاة في المسجد. هكذا يتمنى المسلم أن يكون في خاتمته. رحمه الله وغفر لجميع موتى المسلمين.

محمد الوشيحي

عشاق وسُرّاق

هكذا هم المحبون، وهكذا هو الحب، عطاء لا مقابل له… وليس بين العاشقين «بارد حيل» ولا «نذل» ولا «تربية ماما»، كل العاشقين من النخبة، إن كان ابن بدوية يجرّ بعيره في الصحراء، أو كان ابن شقراء عطراء، واسألوا «نمر بن عدوان» واسألوا «داوسون» عاشق تايتانيك، بل واسألوا الأم التي تحتضن جنينها… وكم ودّ المحب لو دشّن طريقاً سريعاً من جيبه إلى جيب محبوبته، وكم تمنى أن يقطع من جسمه ليعطيها فيرضيها.
هي قاعدة: «من يسرق أموال محبوبته لا يحبها»، واستناداً إلى هذه القاعدة أقول إن «الذي يسرق الوطن لا يحبه»، لو كان يحبه لأعطاه ولم يسرقه، فلا يمكن أن نتخيل أن قيس بن الملوح كان يمد يده إلى جيب ليلى العامرية، ولا عنترة العبسي كان يستغل عبلة بنت مالك، ولا كان داوسون يستثمر حب روز له، ولا ولا ولا، ليش؟ لأن هؤلاء يعشقون بصدق.
وكنا في أيام المراهقة، وكان أحد الأصدقاء من ذوي الوسامة و«الضميرلس» على علاقة ببنت أحد متوسطي الثراء، وكان يتصنع حبها كي «يأكل حصادها»، فصدقته وأمرت غيماتها بأن تمطر عليه، واقتنت له سيارة وهاتفاً نقالاً، في وقت كان فيه من يملك الهاتف يشار إليه بالبنان والذهول، وتكفلت بمصاريفه في حله وترحاله، وفوق كل ذا كان يستعرض كرمه وبذخه من جيبها، وعاش على ظهرها طفيلياً عيشة السلطان حسن بلقيه وأغاخان.
ودارت الأيام على حل شعرها، وانقلب صاحبنا الطفيلي إلى محب صادق، وعاد الضمير الغائب إليه، فتوقف عن استغلال «موارد» حبيبته وأصبح هو من يعطي رغم «قحْطه». ليش؟ لأنه حب، والحب عطاء.
وخذ قاعدة أخرى «من يستغل أموال أبناء وطنه لا يحبهم»، ولولا الحياء لقلت إنه «يكرههم»، واستناداً إلى هذه القاعدة أقول إن «من يرفع أسعار السلع بجشع يكره أبناء وطنه»… هذه حقيقة مهما حاول الإعلام المزور تغطيتها وإخفاءها تحت بطانية في السرداب.
لذا، وكي تعرف من يحب الوطن ومن يكرهه، ومن يحب أبناء الوطن ويكرههم، ما عليك إلا أن تحمل ورقة وقلماً وتسجل أسماء الطفيليات التي تقتات على رفع الأسعار أو على أملاك الدولة، وأسماء من اعتاد التصدي لهم فشوهوا، أو حاولوا تشويه، وجه تاريخه السياسي بماء النار لكن مساعيهم تصطدم بجدران عشاق الوطن.
سلامنا عليك يا دولة الرئيس أحمد السعدون… سلامنا عليك يا عاشق الوطن.

حسن العيسى

علق مسبقاً على مشنقتكم

كان من المفروض أن تصدر جمعية المحامين وجمعية حقوق الإنسان بياناً تدينا فيه الممارسات الهمجية من الإعلام وأيضاً من السفهاء الذين سربوا الخبر والصور لهذا الإعلام الفارغ واللاهث وراء الفضائح في قضية كابتن «الكويتية» الذي اتهم بالسكر البين في مكان عام وإهانة موظف عام أثناء تأدية وظيفته (كما أرجح)، وأُصدرت بحقه أحكام بالإدانة حتى قبل أن يقول كلمة دفاع واحدة أمام الجهات القضائية. بلهاء الذين تصوروا أن القضية محصورة في مجرد طيار «ربما» شرب خمراً أو لم يشرب خارج حدود الدولة أو بداخل الطيارة، وأخطأ تحت تأثير السكر بحق بعض موظفي الجمارك. ليست هي مسألة هذا أو ذاك من البشر وقع تحت طائلة القانون وارتكب جريمة ما، بل هي قضية «إنسان» وأي إنسان كان انتهكت حقوقه الشخصية واخترقت أبسط الضمانات القانونية المقررة للمتهم أثناء التحقيق، فليس من المهم أن تنسب واقعة جرمية إلى فرد ما طالما أقررنا مسبقاً بأن في مثل دولنا تظل قوانين «دراكو» هي الصورة البشعة لتلك الدول وثقافتها، وأن الدساتير وقوانين الإجراءات الجزائية، التي تكفل الحدود الدنيا لحقوق المتهمين، يندر تفعيلها على أرض الواقع الممارس، بل هي قضية مبدأ حقوق الإنسان بصفة عامة التي دهست من السلطة ومن المجتمع في وقت واحد.
الوجه المقيت لهذا المجتمع أن نواباً من مجلس الأمة وجدوا في هذه القضية وفي قضايا سابقة أعظم مناسبة لفتل «عضلاتهم» الرقابية على كرامات وحرية خلق الله، وبالوقت ذاته كانت الواقعة فرصة عظيمة لتصفية حسابات سياسية ضد نواب آخرين، فلم يكن جائزاً من نائب متدين (يخاف ربه) مثل مبارك الوعلان أن يطالب فور سماعه الخبر «بتطبيق القانون الذي قد يفضي إلى فصل الطيار عن العمل» (جريدة الوطن ٨ يوليو) ألا يعلم الشيخ مبارك أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم نهائي، كما ينص دستور الدولة وقوانينها، وأن مبدأ البراءة المفترض قريب من الأصل الديني «إن بعض الظن إثم»! فماذا تركت يا شيخ للنيابة ولجهات التحقيق والقضاء؟! أما النائبة د. معصومة المبارك فقد أرادت «أن تكحلها عمتها»، فهي من باب «حرصها على عدم جواز تدخل بعض النواب للإفراج والتوسط للطيار، لأنه يمثل قمة الفساد، إلا أنها قررت قبل تلك العبارة المثالية عبارة أخرى أصدرت فيها حكماً مسبقاً على الطيار المتهم بأن هذا «يمثل قمة الاستهتار بحياة الناس»… (المصدر السابق)! أي استهتار يا دكتورة، والمتهم الطيار «مكلبج» بامتهان وتحقير من الخلف، وتذكرنا صورته بمشهد الممثل أنتوني هوبكنز، وهو مقيد كأحد أخطر المجرمين في فيلم «صمت الحملان»… ليتكم صمتم مثل الحملان.

احمد الصراف

أسرار تأسيس شركة النفط (2/2)

تأخر الحكومة البريطانية لعشر سنوات في اقرار كيفية السير في موضوع امتياز التنقيب عن النفط في الكويت دفع س. كادمان رئيس شركة Anglo-Persian البريطانية، اضافة الى تطورات اخرى مع شاه ايران، الى أخذ زمام المبادرة والقدوم الى الكويت للتفاوض مباشرة مع أميرها، الشيخ أحمد الجابر، على حقوق الامتياز! ولكن الأمير الفطن والحذر رفض عرض كادمان، وطالب باعطاء شركة غلف الاميركية فرصة للمنافسة، وهنا تبين لـكادمان ذكاء الشيخ، ووجد أن المنافسة بين الشركتين ستضرهما، ومن الأفضل بالتالي الدخول في اتفاق جانبي مع «غلف» لعدم اعطاء الكويت فرصة التلاعب بهما، وهكذا قام الطرفان في 1932بتأسيس شركة نفط الكويت بنسبة %50 لكل منهما، مع اصرار بريطاني على أن تكون ادارة الشركة بيدهم. لكن مشاكل الشركتين لم تنته، فقد أثبت الشيخ أحمد الجابر أنه مفاوض صلب، وكان على اطلاع واسع بالتطورات السياسية في المنطقة وشروط منح الامتياز في العراق وايران والسعودية، كما لم يكن راضيا بما فرضته الحكومة البريطانية من سيطرة ادارية على الشركة، ولكنه قبل في النهاية بالتوقيع على اتفاقية التنقيب ومنح الامتياز لشركة نفط الكويت المملوكة للشركتين بتاريخ 23 ديسمبر 1934، واللتين قامتا على الفور بدفع مبلغ 35700 جنيه استرليني للشيخ، الى أن يتم اكتشاف النفط بكميات تجارية. كما نص الاتفاق على أن تدفع الشركة كذلك مبلغا سنويا لا يقل عن 7150 جنيها، ودفع مبلغ 18800عندما يبدأ التصدير، او أعلى من ذلك، حسب ما يتم استخراجه من نفط.
وكتقدير لجهود صديقه الميجور هولمز قام الشيخ أحمد بتعيينه ممثلا عنه في مركز شركة نفط الكويت في لندن، وبقي في منصبه هذا حتى وفاته في 1947.

***
ملاحظة: ورد في موقع شركة نفط الكويت التالي: تأسست شركة نفط الكويت عام 1934 من قبل Anglo-Persian Oil Co، التي أصبحت BP (بريتش بتروليوم) وبين Chevron Corporation مؤسسة شيفرون!! والصحيح «غلف أويل» التي أصبحت شيفرون. ونتمنى على الشركة بالتالي تفادي هذا الخطأ البسيط.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

كرة قدم

مررت من بداية كتابتي للمقال الصحافي إلى اليوم بمراحل متعددة، بدءاً من “آفاق” الجامعية انتهاءً بـ”الجريدة” مروراً بمجلتي “أبواب” و”الديرة” وصحيفة “الطليعة”، وإلى وقت ليس ببعيد لم تكن كتاباتي تحظى بقراءة واسعة كالشكل الذي هي عليه اليوم من القراء الكرام، وهو أمر بديهي لكوني مازلت أخطو خطواتي الأولى في الكتابة.
شخصياً أعتقد أن مقالاً لي عن جاسم الخرافي هو ما أحدث نقلة نوعية في عدد القراء والمتابعين، وهو مقال كنت قد كتبته في عام 2009.
ولأنني أعتز ببعض المقالات التي كتبتها قبل ذلك المقال وأعتقد أنها لم تحظَ بكم المتابعة المأمول مني، فسأقوم اليوم بإعادة نشر مقال سابق لي آملا أن يأخذ حقه في الانتشار بشكل أفضل مما كان حين كتابته.

“ما الذي يميز الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل الخاص؟ وما الذي يجعل الملايين مهما اختلفت تخصصاتهم وأفكارهم يجتمعون حول الرياضة، وتحديدا كرة القدم منذ سنوات طويلة؟ وكيف للمسلم والبوذي والمسيحي واليهودي والملحد والرجل والمرأة والطفل والكبير أن يجتمعوا حول فريق ما، ويشجعوه بحماس منقطع النظير، ويتفقوا على فريق معين، ويتسمروا أمام شاشات التلفاز ساعتين تقريبا لمتابعة فريق معين، فيفرحوا بفوزه ويحزنوا لخسارته؟!
ما الذي يميز 22 لاعباً وكرة واحدة تسلب ألباب الناس وتجعلهم يتعلقون بها بهذا الشكل؟! بأمانة لأول مرة وأنا أتابع إحدى المباريات الكروية أخذت أفكر في كل تلك الأمور، فوجدت الأسباب منطقية وكثيرة أعرضها عليكم لعلها توضح الصورة لكم كما أوضحتها لي من قبلكم:
في الرياضة بشكل عام وفي كرة القدم بشكل خاص المهم هو تسجيل الأهداف بشكل أكبر في الفريق الخصم، فلا يهم إن سجل هذه الأهداف لاعب كبير في السن أم صغير، أو إن كان ذا بشرة داكنة أم فاتحة، أو إن كان ذا لحية طويلة أم أجرد الوجه، أو إن كان ذا شعر طويل أم أصلع، أو إن كان متشبّها بالنساء أم رجلا… كل ما يهم هو أن تسجل أو تساعد فريقك على الفوز.
لا يهم إن كنت قبل المباراة ذاهباً إلى الصلاة أم إلى بيوت الهوى، ولا يهم إن كنت صائماً أم غير ذلك، فكل ما يهم هو تسجيل الأهداف وفوز فريقك، هذا ما يهم مجلس الإدارة واللاعبين وجمهور فريقك.
أما بالنسبة للحكم، فهو لا يهتم باتخاذ قراراته إن كنت أصيلاً أم “بيسري”، ولا يهتم إن كنت ستذهب إلى حسينية أو مسجد أو كنيسة، أو إن كنت حضرياً أم بدوياً، فكل ما يهمه هو العدل الإنساني في قراراته، وإن وجدت مراقبة الحكام بأنه يحابي طرفاً ضد الآخر فسيعاقب، فالحكم لا يهتم إطلاقا إن أقسمت له بالله أو بأي مقدس تراه، فما يراه يحكم به ولا تعنيه أي أمور أخرى.
ويأتي بعدها اختيار المنتخب، وهو مما يتضح من اسمه بأنه صفوة لاعبي الدولة، الذين يتم اختيارهم ليمثلوا البلاد التمثيل الحسن في منافساتهم، وحين الاختيار لا يهم إن كان معارضا للتيار الحاكم أو مؤيدا له، أو إن كان معارضا لتعديل الدستور أو مطالبا بالتغيير، أو إن كانت تربط اللاعب صلة قرابة بالحاكم أو الرئيس أو المدير (هذه الحال لا تنطبق على بلداننا العربية)، كل ما يهم هو الكفاءة والقدرة على الفوز بنقاط اللعبة.
إذن، فالمهم هو الفوز وما ستفعله قبل المباراة وبعدها لا يهم لأنه شأن يخصك، سواء كان في علاقتك بربك أو بأهلك أو غيرها من شؤون، لهذا فكرة القدم والرياضة بشكل عام ناجحة بكل المقاييس، وأغلبية سكان العالم تتابعها.
أعتقد أننا يجب أن نتعامل مع الكويت كفريق نريد له الفوز غير مكترثين بشيء إلا الكفاءة، فهل من مطبّق؟

* مقال قديم لي نشر في «الجريدة»

احمد الصراف

أسرار تأسيس شركة النفط 2/1

تعتبر «شركة نفط الكويت» الشركة الأكبر والأقدم في الكويت، قبل أن تصبح تابعة لمؤسسة البترول، حيث تأسست قبل 77 عاما، ومع هذا لم توفق غالبا، بالرغم من عظم أهميتها، منذ أن ترك الانكليز ادارتها بعد تأميمها، بادارة وطنية نزيهة، وأملنا كبير في أن تكون الادارة الشابة الحالية أكثر «نظافة» من غيرها! وقد وردت في كتاب «الجائزة» الموسوعي للخبير النفطي دانيال يرغن أمور وخفايا كثيرة عن قصة تأسيس الشركة، وكيف نافست شركة اميركية، وللمرة الأولى، شركة بريطانية على امتياز التنقيب في منطقة نفوذ بريطانية بحتة، ففي الصفحة 275 من الكتاب يروي المؤلف قصة ذلك، وكيف أن مفاوضات منح امتياز التنقيب امتدت لعشر سنوات في لندن، أبدى خلالها أمير الكويت وقتها، الشيخ أحمد الجابر، امتعاضه الشديد لصديقه الميجور هولمز، الذي كان يمثل مصالح شركات اميركية في المنطقة، من قيام الشركات البريطانية بتوقيع امتياز التنقيب مع البحرين قبل الكويت، وكان ذلك عام 1931، واعتبر الأمر « طعنة في القلب»، وفق قوله، لما كان يعتقده من مكانة للكويت لدى بريطانيا، اضافة لأهميتها الاستراتيجية، ولما كانت تمر به وقتها من ظروف هي الأصعب في تاريخها، بعد أن نجح بائع النودل الياباني «ميكيموتو» في استزراع اللؤلؤ بكميات كبيرة، والقضاء على مصدر رزق قطاع كبير من الكويتيين، خصوصا بعد تأثرها الشديد بالكساد العظيم، لدرجة دفعت حتى ملاك وتجار العبيد للتخلي عنهم من دون مقابل تقريبا لعدم قدرتهم على توفير الغذاء لهم!
ويعود عدم ميل شركة Anglo – Persian Oil، البريطانية في التنقيب عن البترول في الكويت إلى أسباب عدة، الا أنها اضطرت في النهاية لفعل شيء بعد أن مثل سعي شركة Oil Gulf «غلف أويل» الاميركية للحصول على الامتياز، خطرا على مصالحها في منطقة نفوذها، وعجل في تحركها بعد فشل «اتفاقية الحماية»، بين بريطانيا والكويت، في قصر امتياز التنقيب عليها نتيجة تدخل «أندرو ميلون» سفير اميركا لدى بريطانيا واجبار الأخيرة على قبول بقاء شركتها طرفا في المنافسة، علما بأن عائلة «ميلون» كانت تمتلك الحصة الأكبر من أسهم غلف أويل!

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

السرير… ميدان المعركة

ما بين كلمة وشقيقتها، وجملة وأخرى، ينفش العربي ريشه ويؤكد للمرة المليون: «إذا كان الرجل الغربي أكثر تفوقاً اقتصادياً وعسكرياً، فإن الرجل العربي هو الأكثر فحولة في العالم»… يا سلام! حتى هذه – أقصد الفحولة – مجرد كلام بلا ختم ولا طابع ولا شهود، من يقطع ويجزم بأن العربي هو الأكثر فحولة؟ هذا إذا اعتبرنا أن الفحولة صفة إنسانية تستحق التفاخر.
ماشي يا سيدي العربي سنزوّر التصويت وننتخبك الأكثر فحولة في العالم، مبروك، طيب وبعدين؟ تسأله فيصعقك: «الفحولة مرتبطة بالرجولة»! إنا لله وإنا إليه راجعون.
يا سيدي الفحل، زادك الله صحة وعافية، إذا وافقناك على ربط الفحولة بالرجولة فهل توافقنا على أن السفيرين الأميركي والفرنسي اللذين شاركا في مظاهرة حماة ضد الطغيان السوري أكثر فحولة ورجولة من غيرهما من العربان؟ ألا توافقنا أنهما عرّضا نفسيهما للخطر رغم عدم وجود رابط دم يجمعهما بالسوريين؟ ألا توافقنا أن من مصلحة بلديهما أن يبقى نظام الفحل السوري جاثماً على صدر شعبه بدلاً من ظهور نظام بديل قد يخربش وجه دلوعة الغرب «إسرائيل»، ومع ذا شاركا في المظاهرة؟ هل تعلم لماذا؟ لأنهما يراعيان مشاعر شعبيهما.
وبعدين إذا كنت أيها العربي أكثر فحولة ورجولة من الرجل الغربي، فلماذا يجرؤ حكامك على دهسك بالجزمة القديمة ولا يجرؤ حكامهم على التفكير مجرد التفكير بدهس قطة صايعة في شارع فرعي؟ ثم هل تعلم أن النظام السوري اعتقل فنان الثورة «إبراهيم قاشوش» وانتزع حنجرته التي رددت الأغاني الثورية ثم تركه ينزف إلى أن مات؟ فأين فحولتك التي لم تستفزك لإجبار مسؤوليك على رفض هذا الفعل والاحتجاج، وذلك أضعف الإيمان؟
طيب إليك هذه الحكاية كي تفحص فحولتك على نار هادئة…
قبل سنوات استضاف السودان القمة الإفريقية، ولأن السودان بلد يشكو خواء البطن وضعف البنى التحتية، فقد تفتقت أذهان المسؤولين السودانيين عن فكرة مختصرها «دعونا نشتري يختاً بحرياً فخماً ونصحب الزعماء الأفارقة في جولة بحرية، كي لا يكتشفوا خلو الخرطوم من أساسيات الحياة، ففي البحر تتساوى الدول، إلى حد ما». وبالفعل تم ذلك، ووصل اليخت الفاره إلى بورسودان، وبدأت رحلة جرّ اليخت براً من الميناء إلى الخرطوم، فماذا حدث؟
لا شيء خارج المألوف العربي… ضاق الطريق، الضيق أصلاً، على اليخت، بسبب الأشجار على جانبيه، وبسبب أعمدة الكهرباء، فقرر المسؤولون السودانيون الفحول إزالة كل العوائق، أشجاراً وأعمدة كهرباء، فغرقت القرى والمدن الواقعة، لسوء حظها، على الطريق في ظلام دامس، استمر فترة ليست بالقصيرة، فالتزم البسطاء الصمت خوفاً على حياتهم وفحولتهم التي قد تُخصى تحت شعار «الإخلال بالأمن».
هذان مثالان سريعان على فحولتك أيها العربي، فـ»شد حيلك» بارك الله فيك وتذكر أن السرير هو ميدان المعركة الحقيقي.
***
أعتذر عن غياب مقالة الخميس والسبب «مجلة فوربس»، فقد تلقيت اتصالاً من القائمين عليها، يبدون فيه اعتراضهم على ما ورد في مقالتي ليوم الثلاثاء «عذراً فوربس»، ووعدوا بالرد في اليوم نفسه، وهو حقهم، لكنهم تأخروا، فطلبت منهم الاستعجال، فوافقوا لكنهم تأخروا أيضاً، إلى أن لملمَت الجريدة صفحاتها وذهبَت إلى المطبعة خالية من مقالتي.
وفي اليوم التالي وصلني ردهم فإذا هو دعاية صريحة سافرة، مسبوقة ببعض المعلومات التي تم نشرها بعد احتجاج الناس واستغرابهم. ولأن العمود هذا ليس عمود إنارة في شوارع الكويت الفوضوية كي يتم تعليق الدعايات عليه، فإنني أعتذر إلى «فوربس» مرة أخرى عن عدم النشر.