محمد الوشيحي

عشاق وسُرّاق

هكذا هم المحبون، وهكذا هو الحب، عطاء لا مقابل له… وليس بين العاشقين «بارد حيل» ولا «نذل» ولا «تربية ماما»، كل العاشقين من النخبة، إن كان ابن بدوية يجرّ بعيره في الصحراء، أو كان ابن شقراء عطراء، واسألوا «نمر بن عدوان» واسألوا «داوسون» عاشق تايتانيك، بل واسألوا الأم التي تحتضن جنينها… وكم ودّ المحب لو دشّن طريقاً سريعاً من جيبه إلى جيب محبوبته، وكم تمنى أن يقطع من جسمه ليعطيها فيرضيها.
هي قاعدة: «من يسرق أموال محبوبته لا يحبها»، واستناداً إلى هذه القاعدة أقول إن «الذي يسرق الوطن لا يحبه»، لو كان يحبه لأعطاه ولم يسرقه، فلا يمكن أن نتخيل أن قيس بن الملوح كان يمد يده إلى جيب ليلى العامرية، ولا عنترة العبسي كان يستغل عبلة بنت مالك، ولا كان داوسون يستثمر حب روز له، ولا ولا ولا، ليش؟ لأن هؤلاء يعشقون بصدق.
وكنا في أيام المراهقة، وكان أحد الأصدقاء من ذوي الوسامة و«الضميرلس» على علاقة ببنت أحد متوسطي الثراء، وكان يتصنع حبها كي «يأكل حصادها»، فصدقته وأمرت غيماتها بأن تمطر عليه، واقتنت له سيارة وهاتفاً نقالاً، في وقت كان فيه من يملك الهاتف يشار إليه بالبنان والذهول، وتكفلت بمصاريفه في حله وترحاله، وفوق كل ذا كان يستعرض كرمه وبذخه من جيبها، وعاش على ظهرها طفيلياً عيشة السلطان حسن بلقيه وأغاخان.
ودارت الأيام على حل شعرها، وانقلب صاحبنا الطفيلي إلى محب صادق، وعاد الضمير الغائب إليه، فتوقف عن استغلال «موارد» حبيبته وأصبح هو من يعطي رغم «قحْطه». ليش؟ لأنه حب، والحب عطاء.
وخذ قاعدة أخرى «من يستغل أموال أبناء وطنه لا يحبهم»، ولولا الحياء لقلت إنه «يكرههم»، واستناداً إلى هذه القاعدة أقول إن «من يرفع أسعار السلع بجشع يكره أبناء وطنه»… هذه حقيقة مهما حاول الإعلام المزور تغطيتها وإخفاءها تحت بطانية في السرداب.
لذا، وكي تعرف من يحب الوطن ومن يكرهه، ومن يحب أبناء الوطن ويكرههم، ما عليك إلا أن تحمل ورقة وقلماً وتسجل أسماء الطفيليات التي تقتات على رفع الأسعار أو على أملاك الدولة، وأسماء من اعتاد التصدي لهم فشوهوا، أو حاولوا تشويه، وجه تاريخه السياسي بماء النار لكن مساعيهم تصطدم بجدران عشاق الوطن.
سلامنا عليك يا دولة الرئيس أحمد السعدون… سلامنا عليك يا عاشق الوطن.

حسن العيسى

علق مسبقاً على مشنقتكم

كان من المفروض أن تصدر جمعية المحامين وجمعية حقوق الإنسان بياناً تدينا فيه الممارسات الهمجية من الإعلام وأيضاً من السفهاء الذين سربوا الخبر والصور لهذا الإعلام الفارغ واللاهث وراء الفضائح في قضية كابتن «الكويتية» الذي اتهم بالسكر البين في مكان عام وإهانة موظف عام أثناء تأدية وظيفته (كما أرجح)، وأُصدرت بحقه أحكام بالإدانة حتى قبل أن يقول كلمة دفاع واحدة أمام الجهات القضائية. بلهاء الذين تصوروا أن القضية محصورة في مجرد طيار «ربما» شرب خمراً أو لم يشرب خارج حدود الدولة أو بداخل الطيارة، وأخطأ تحت تأثير السكر بحق بعض موظفي الجمارك. ليست هي مسألة هذا أو ذاك من البشر وقع تحت طائلة القانون وارتكب جريمة ما، بل هي قضية «إنسان» وأي إنسان كان انتهكت حقوقه الشخصية واخترقت أبسط الضمانات القانونية المقررة للمتهم أثناء التحقيق، فليس من المهم أن تنسب واقعة جرمية إلى فرد ما طالما أقررنا مسبقاً بأن في مثل دولنا تظل قوانين «دراكو» هي الصورة البشعة لتلك الدول وثقافتها، وأن الدساتير وقوانين الإجراءات الجزائية، التي تكفل الحدود الدنيا لحقوق المتهمين، يندر تفعيلها على أرض الواقع الممارس، بل هي قضية مبدأ حقوق الإنسان بصفة عامة التي دهست من السلطة ومن المجتمع في وقت واحد.
الوجه المقيت لهذا المجتمع أن نواباً من مجلس الأمة وجدوا في هذه القضية وفي قضايا سابقة أعظم مناسبة لفتل «عضلاتهم» الرقابية على كرامات وحرية خلق الله، وبالوقت ذاته كانت الواقعة فرصة عظيمة لتصفية حسابات سياسية ضد نواب آخرين، فلم يكن جائزاً من نائب متدين (يخاف ربه) مثل مبارك الوعلان أن يطالب فور سماعه الخبر «بتطبيق القانون الذي قد يفضي إلى فصل الطيار عن العمل» (جريدة الوطن ٨ يوليو) ألا يعلم الشيخ مبارك أن المتهم بريء حتى تثبت إدانته بحكم نهائي، كما ينص دستور الدولة وقوانينها، وأن مبدأ البراءة المفترض قريب من الأصل الديني «إن بعض الظن إثم»! فماذا تركت يا شيخ للنيابة ولجهات التحقيق والقضاء؟! أما النائبة د. معصومة المبارك فقد أرادت «أن تكحلها عمتها»، فهي من باب «حرصها على عدم جواز تدخل بعض النواب للإفراج والتوسط للطيار، لأنه يمثل قمة الفساد، إلا أنها قررت قبل تلك العبارة المثالية عبارة أخرى أصدرت فيها حكماً مسبقاً على الطيار المتهم بأن هذا «يمثل قمة الاستهتار بحياة الناس»… (المصدر السابق)! أي استهتار يا دكتورة، والمتهم الطيار «مكلبج» بامتهان وتحقير من الخلف، وتذكرنا صورته بمشهد الممثل أنتوني هوبكنز، وهو مقيد كأحد أخطر المجرمين في فيلم «صمت الحملان»… ليتكم صمتم مثل الحملان.

احمد الصراف

أسرار تأسيس شركة النفط (2/2)

تأخر الحكومة البريطانية لعشر سنوات في اقرار كيفية السير في موضوع امتياز التنقيب عن النفط في الكويت دفع س. كادمان رئيس شركة Anglo-Persian البريطانية، اضافة الى تطورات اخرى مع شاه ايران، الى أخذ زمام المبادرة والقدوم الى الكويت للتفاوض مباشرة مع أميرها، الشيخ أحمد الجابر، على حقوق الامتياز! ولكن الأمير الفطن والحذر رفض عرض كادمان، وطالب باعطاء شركة غلف الاميركية فرصة للمنافسة، وهنا تبين لـكادمان ذكاء الشيخ، ووجد أن المنافسة بين الشركتين ستضرهما، ومن الأفضل بالتالي الدخول في اتفاق جانبي مع «غلف» لعدم اعطاء الكويت فرصة التلاعب بهما، وهكذا قام الطرفان في 1932بتأسيس شركة نفط الكويت بنسبة %50 لكل منهما، مع اصرار بريطاني على أن تكون ادارة الشركة بيدهم. لكن مشاكل الشركتين لم تنته، فقد أثبت الشيخ أحمد الجابر أنه مفاوض صلب، وكان على اطلاع واسع بالتطورات السياسية في المنطقة وشروط منح الامتياز في العراق وايران والسعودية، كما لم يكن راضيا بما فرضته الحكومة البريطانية من سيطرة ادارية على الشركة، ولكنه قبل في النهاية بالتوقيع على اتفاقية التنقيب ومنح الامتياز لشركة نفط الكويت المملوكة للشركتين بتاريخ 23 ديسمبر 1934، واللتين قامتا على الفور بدفع مبلغ 35700 جنيه استرليني للشيخ، الى أن يتم اكتشاف النفط بكميات تجارية. كما نص الاتفاق على أن تدفع الشركة كذلك مبلغا سنويا لا يقل عن 7150 جنيها، ودفع مبلغ 18800عندما يبدأ التصدير، او أعلى من ذلك، حسب ما يتم استخراجه من نفط.
وكتقدير لجهود صديقه الميجور هولمز قام الشيخ أحمد بتعيينه ممثلا عنه في مركز شركة نفط الكويت في لندن، وبقي في منصبه هذا حتى وفاته في 1947.

***
ملاحظة: ورد في موقع شركة نفط الكويت التالي: تأسست شركة نفط الكويت عام 1934 من قبل Anglo-Persian Oil Co، التي أصبحت BP (بريتش بتروليوم) وبين Chevron Corporation مؤسسة شيفرون!! والصحيح «غلف أويل» التي أصبحت شيفرون. ونتمنى على الشركة بالتالي تفادي هذا الخطأ البسيط.

أحمد الصراف