محمد الوشيحي

السرير… ميدان المعركة

ما بين كلمة وشقيقتها، وجملة وأخرى، ينفش العربي ريشه ويؤكد للمرة المليون: «إذا كان الرجل الغربي أكثر تفوقاً اقتصادياً وعسكرياً، فإن الرجل العربي هو الأكثر فحولة في العالم»… يا سلام! حتى هذه – أقصد الفحولة – مجرد كلام بلا ختم ولا طابع ولا شهود، من يقطع ويجزم بأن العربي هو الأكثر فحولة؟ هذا إذا اعتبرنا أن الفحولة صفة إنسانية تستحق التفاخر.
ماشي يا سيدي العربي سنزوّر التصويت وننتخبك الأكثر فحولة في العالم، مبروك، طيب وبعدين؟ تسأله فيصعقك: «الفحولة مرتبطة بالرجولة»! إنا لله وإنا إليه راجعون.
يا سيدي الفحل، زادك الله صحة وعافية، إذا وافقناك على ربط الفحولة بالرجولة فهل توافقنا على أن السفيرين الأميركي والفرنسي اللذين شاركا في مظاهرة حماة ضد الطغيان السوري أكثر فحولة ورجولة من غيرهما من العربان؟ ألا توافقنا أنهما عرّضا نفسيهما للخطر رغم عدم وجود رابط دم يجمعهما بالسوريين؟ ألا توافقنا أن من مصلحة بلديهما أن يبقى نظام الفحل السوري جاثماً على صدر شعبه بدلاً من ظهور نظام بديل قد يخربش وجه دلوعة الغرب «إسرائيل»، ومع ذا شاركا في المظاهرة؟ هل تعلم لماذا؟ لأنهما يراعيان مشاعر شعبيهما.
وبعدين إذا كنت أيها العربي أكثر فحولة ورجولة من الرجل الغربي، فلماذا يجرؤ حكامك على دهسك بالجزمة القديمة ولا يجرؤ حكامهم على التفكير مجرد التفكير بدهس قطة صايعة في شارع فرعي؟ ثم هل تعلم أن النظام السوري اعتقل فنان الثورة «إبراهيم قاشوش» وانتزع حنجرته التي رددت الأغاني الثورية ثم تركه ينزف إلى أن مات؟ فأين فحولتك التي لم تستفزك لإجبار مسؤوليك على رفض هذا الفعل والاحتجاج، وذلك أضعف الإيمان؟
طيب إليك هذه الحكاية كي تفحص فحولتك على نار هادئة…
قبل سنوات استضاف السودان القمة الإفريقية، ولأن السودان بلد يشكو خواء البطن وضعف البنى التحتية، فقد تفتقت أذهان المسؤولين السودانيين عن فكرة مختصرها «دعونا نشتري يختاً بحرياً فخماً ونصحب الزعماء الأفارقة في جولة بحرية، كي لا يكتشفوا خلو الخرطوم من أساسيات الحياة، ففي البحر تتساوى الدول، إلى حد ما». وبالفعل تم ذلك، ووصل اليخت الفاره إلى بورسودان، وبدأت رحلة جرّ اليخت براً من الميناء إلى الخرطوم، فماذا حدث؟
لا شيء خارج المألوف العربي… ضاق الطريق، الضيق أصلاً، على اليخت، بسبب الأشجار على جانبيه، وبسبب أعمدة الكهرباء، فقرر المسؤولون السودانيون الفحول إزالة كل العوائق، أشجاراً وأعمدة كهرباء، فغرقت القرى والمدن الواقعة، لسوء حظها، على الطريق في ظلام دامس، استمر فترة ليست بالقصيرة، فالتزم البسطاء الصمت خوفاً على حياتهم وفحولتهم التي قد تُخصى تحت شعار «الإخلال بالأمن».
هذان مثالان سريعان على فحولتك أيها العربي، فـ»شد حيلك» بارك الله فيك وتذكر أن السرير هو ميدان المعركة الحقيقي.
***
أعتذر عن غياب مقالة الخميس والسبب «مجلة فوربس»، فقد تلقيت اتصالاً من القائمين عليها، يبدون فيه اعتراضهم على ما ورد في مقالتي ليوم الثلاثاء «عذراً فوربس»، ووعدوا بالرد في اليوم نفسه، وهو حقهم، لكنهم تأخروا، فطلبت منهم الاستعجال، فوافقوا لكنهم تأخروا أيضاً، إلى أن لملمَت الجريدة صفحاتها وذهبَت إلى المطبعة خالية من مقالتي.
وفي اليوم التالي وصلني ردهم فإذا هو دعاية صريحة سافرة، مسبوقة ببعض المعلومات التي تم نشرها بعد احتجاج الناس واستغرابهم. ولأن العمود هذا ليس عمود إنارة في شوارع الكويت الفوضوية كي يتم تعليق الدعايات عليه، فإنني أعتذر إلى «فوربس» مرة أخرى عن عدم النشر.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *