محمد الوشيحي

السرقوا الخط

يأتيه وهو نائم ويضربه على أنفه، فيستيقظ المضروب ويأتيني مهرولاً شاكياً باكياً والدماء تنهمر من أنفه بسخاء: «طقني»، أي ضربني، فأستدعي الضارب فيقسم لي أنه هو المضروب، رغم أن الدماء شاهد عيان ودليل إثبات لا يحتاج إلى تحريات، فأحسم الأمر بكل مخزوني من الجدية: «سنشكل لجنة تحقيق في الموضوع»، ويتكرر الأمر، ويتكرر إعلاني: «سأشكل لجنة تحقيق في الموضوع».
المضروب هو «بو عنتر»، ابني سلمان ذو السنوات التسع العجاف، قضى الثلاث الأخيرة منها وهو ينتظر نتائج لجان تحقيقي، والضارب هو «بو عزوز»، ابني سعود ذو السنوات الثلاث المملوءة بالشر وذو الجبهة الممطوطة نتيجة تكرار الكر والفر.
وفي ليلة لا قمر فيها، ارتفع صراخ ذي الجبهة الممطوطة «بو عزوز» فهرولت مسرعاً لأستطلع الأمر، فإذا شقيقه الأكبر «بو عنتر» باركاً فوقه يخنقه، وما إن رآني «البارك» حتى صرخ: «شكل لجنة تحقيق»، فضحكت إلى أن شارفت على الموت بعد أن اكتشف خطتي وتحيزي لشقيقه الأصغر.
وفي السودان استيقظ الشعب على خبر طريف «سرقة خط الطيران بين الخرطوم وهيثرو»، أعقبه خبر أكثر طرافة «الحكومة ستشكل لجنة تحقيق في الموضوع»، فتندر السودانيون، وعلق أحدهم: «هوه الخت (الخط) كان لابس شنو آخر مرة شفتوهو فيها؟»، وعلق آخر: «الواد عبدالباري يسرق الكحل من العين.. هيا نفتش بيتو ابن الكلب»، وسخر ثالث: «يا جماعة انتبهوا لخط الاستواء قبل ما يشحلطوه هوه التاني»، وتندر رابع: «ما يهم عندنا ختوت غيرو.. عندنا خت الرقعة بالحفظ والصون»، وقهقه خامس بما معناه: «الحرامية ولاد الكلب سيفككونه ويبيعون قطعه في السكراب»…
وفي اليمن قبل سنوات سُرِقَ مخزون البلاد الاستراتيجي من القمح، وتم تشكيل لجنة تحقيق من المشتبه فيه الأول وبقية المشتبه فيهم، فسخر كاتب: «الحمد لله جات على القمح ما جات على القات»، وتهكم آخر: «لجنة التحقيق مشكلة من المشتبه فيهم بالسرقة، أظن اللجنة ستتفرغ لتقسيم السرقة بين أعضائها»، وعلق ثالث ورابع وخامس.
وفي الكويت، كشف ديوان المحاسبة عن بلاوي زرقاء في العقد الموقع بين شركتي «ِشل» ومؤسسة البترول الوطنية، فقرر البرلمان تشكيل لجنة تحقيق، وقررت الحكومة أيضاً تشكيل لجنة تحقيق، والسن بالسن واللجنة باللجنة والبادئ أظلم.
ومنذ أن علِمتُ بقرارَي تشكيل اللجنتين تمتمت: «بالهناء والشفاء»، لكنني بعد أن قرأت أسماء رئيسي اللجنتين وأعضائهما حمدت الله بكرة وأصيلاً، فمن جانبٍ ترأس وزير النفط د. محمد البصيري اللجنة الحكومية، ومن الجانب الآخر ترأس د. علي العمير اللجنة البرلمانية، واختيرت د. معصومة مبارك مقررة للجنة.
والدكاترة الثلاثة، كما تعلمون، من قبيلة النزاهة فخذ الحقانية، خصوصاً أن العمير والبصيري من رجال الدين الأنقياء الأتقياء الورعين… فابشروا بالخير، واحرصوا على خط الاستواء.

احمد الصراف

اختبار الوزير النومس

منذ أكثر من عشر سنوات وبرنامج مركز الوسطية يستنزف ملايين الدنانير من المال العام سنوياً دون فائدة أو جدوى او هدف، ومع كل ذلك لم يحاسب أحد على هذا التسيب، ولم يرتفع صراخ نائب ليسأل عن سبب كل هذا العبث! وفي هذا الصدد وصلتني رسالة ممن يقول إنه «باحث دكتور» في مركز الوسطية، التابع لوزارة الأوقاف، والذي اخترع فكرته الوكيل الفلاح، يقول فيها: أرجو التكرم بنشر مقالي هذا في عمودكم. لقد تم إنشاء المركز العالمي للوسطية قبل سنوات، ومنذ ذلك الحين يا معالي وزير الأوقاف ونحن نعاني من امور عدة. فحتى كتابة هذه السطور لا يوجد هيكل تنظيمي للمركز، وكل وزير يأتي يعدنا خيرا ولكن لا نرى شيئا. كما أن هناك تأخرا شديدا في صرف رواتبنا، فحتى كتابة هذه السطور لم نتسلم رواتب آخر ثلاثة اشهر، بالرغم من أننا نعمل بصفة حقيقية وعلى فترتين، مع العلم أن الأخوة الذين يعملون في الفترة المسائية لدينا لديهم رواتب من جهات اخرى يتسلمونها بانتظام. وعليه يا معالي الوزير النومس، نرجو منكم إيجاد الحلول لأوضاعنا، خاصة ونحن نعيل أسرا وتم التعاقد معنا من خارج بلدنا وعلينا التزامات كثيرة ونحن مقبلون على شهر رمضان، ولا نطالب معاليكم بأكثر من حقوقنا، والعقد، لا يخفى على معاليكم، شريعة المتعاقدين! انتهى.
وهنا نطالب السيد وزير الأوقاف الجديد بالنظر ليس فقط في إنهاء معاناة هؤلاء، بل وإنهاء معاناة الوطن من مركز وبرنامج لم «يخترع» إلا ليكون وسيلة حلب للمستفيدين من مشاريعه واجتماعاته وبرامجه الوهمية، ومن ثم النظر بجدية في تصفية المركز، بعد إعطاء العاملين فيه كامل حقوقهم ومحاسبة الوكلاء المعنيين، الذين لوحظ في الفترة الأخيرة اختفاء صورهم وأخبارهم من الصحف، وعسى ألا يكون في الأمر خير لمن أضر بالكويت كل هذا الضرر غير المبرر. 

أحمد الصراف

احمد الصراف

الجذور الأرمنية

في بادرة غير مسبوقة أصدر مشرعو ولاية «رود أيلاند» RhodeIsland الأميركية قانونا بإلزام تدريس تاريخ «الإبادات الجماعية» التي تعرض لها اليهود والأرمن وأكراد العراق والكمبوديون والروانديون وأهالي دارفور وغيرهم عبر التاريخ. وهدف المشرعون من ذلك إلى بيان مدى خطورة هذه الجرائم وما تمثله من بشاعة، ولحث المجتمع الدولي على منع تعرض أي شعب لها. وفي هذا الصدد تقول باحثة وطبيبة كويتية، من اصل ارمني، ان أبحاثها المختبرية أثبتت أن أفراد قبائل عربية عدة كعنزة وشمر والظفير، وبالذات ممن عاشوا لفترة في سهول سوريا والعراق، لديهم جينات وراثية أرمنية، وأن هؤلاء ليسوا إلا أحفاد أولئك الأرمن الذين تعرض آباؤهم للإبادة في بداية القرن الماضي على ايدي الأتراك، والذين تم سبي نسائهم وبيعهن في اسواق النخاسة على أنهن أتراك.
وفي «كتاب جدتي»، الذي صدر في تركيا عام 2004، كشفت المحامية فتحية تشيتين، السر، لأول مرة، عن أمر طالما اعتبره الأتراك محظورا، وذلك بحديثها عن أصول جدّتها هيرانوش، وكيف أن أهلها غيروا اسمها إلى سحر، وأنها كانت في الحقيقة أرمنية الأصل وتم خطفها، وأُجبرت على اعتناق الإسلام بعد المجزرة التي ارتكبت عام 1915 بحقهم.
وقد تبنت صحيفة «اللوموند» الفرنسية قضية حفيدة هيرانوش، أي فتحية تشيتين، ووصفتها بأنها من المطالبات علناً بالاعتراف بالجذور الأرمنية للكثيرين في المجتمع التركي، الذي تقيّده محظورات وممنوعات عدة في هذا الخصوص. وقالت الصحيفة إن جهودها ساهمت في إماطة اللثام عن مئات القصص المشابهة والتي بينت واقعاً حاول البعض نسيانه عمدا، وكيف أن هناك في تركيا، كما في غيرها من الدول العربية والإسلامية، من يتحدرون باصولهم من أولئك الذين نجوا من مذابح الأرمن، ومن النساء والفتيات بالذات، أجبرن على تغيير ديانتهن وتبنّي هوية من استعبدهن. وتقول الباحثة إن هؤلاء الأرمن كان يشار إليهم بأنهم «بقايا السيف»!
اعتقد أن قصة هؤلاء تستحق تفرغ كاتب أو باحث أرمني للكتابة عنها، كما فعل الكاتب الأميركي اليكس هيلي مع جذور زنوج أميركا.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

مو مني كل الصوج

قبل يومين انطلقت من «تويتر» حملة «اقلب الصورة» للتضامن مع حقوق «البدون» الإنسانية، وما أكثر الحملات التي تنطلق وتتلاشى كدخان سيجارة، بلا تأثير، لكن الحملة هذه لها استثناء إنساني يلوّنها بلون مختلف عن غيرها.
وبعيداً عن موضوع التجنيس… ما بال إخوتنا من البدون تفرغوا للبكاء واختفوا بين حشائش كثيفة من الحزن فلم نعد نرى إلا دموعهم ولا نسمع إلا أنينهم؟ ما بالهم نذروا أنفسهم لجلسة القرفصاء وأسندوا ظهورهم إلى حائط الهم؟ ما بالهم يغنّون المواويل الحزينة ويرددون «مو مني كل الصوج»؟
متألمون هم؟ الجواب «نعم» بحجم السماء وأكبر… أعرف مقدار الألم، أو أزعم أنني أتخيل ذلك، وأعرف أن شيئاً لا يؤلمهم كما يؤلمهم الضحك على جراحهم والاستهزاء بها عندما تخرج من أفواه قليلي المروءة، رغم أن من البدون من يعدل قبيلة المستهزئ به كاملة ومنهم من تعدل عائلة بأكملها، لكنها الدنيا والحظوظ (بالطبع أتحدث عن البدون المستحقين لا المزورين الذين نثروا الملح على جراح المستحقين). ومع ذا، دعوني أعتب على البدون عتب محب…
يقول المؤرخون: «محنة الأديب منحة الأدب»، فأين الإنتاج الأدبي بين جموع البدون الذين يعيشون في محنة؟ أين الشعر العظيم؟ أين أدب الرواية؟ أين العملقة في التلحين؟ أين الفن التشكيلي؟ أين النحت والرسم؟ أين الاختراعات العلمية؟ أين وأين وأين كل ما له علاقة بالإبداع الناتج من الآلام؟
غالبية أدباء العالم كانوا لا يجدون قوت يومهم، كانت الهموم تعتصرهم فأنتجوا لنا عصيراً أدبياً بقي خالداً… تمعنوا في سِيرهم، فها هو الأديب العالمي «فيكتور هوغو» ابن القصور، يقدم أفضل إنتاجه وهو في فترة الاغتراب والمنفى، والشاعر العظيم بندر بن سرور اعتلى في الحالق الشاهق عندما كان «مشحتراً» لا يجد ما يدفئ عظامه من زمهرير الشتاء، وأعظم قصائده ظهرت للناس وهو يرتجف برداً ويعالج تشققات كفه، وها هو امرؤ القيس، أشهر من يملك قلباً أخضر من بين الرجال في التاريخ، يطلق حممه الشعرية وهو بين الصعاليك المعتّرين، وهي حمم تتفوق بفراسخ على حممه عندما كان يعيش في قصر أبيه ويحمل رتبة «ابن الملك».
هنا أيضا، من بين «بدون الكويت» سنجد الأديبة سعدية مفرح، الكاتبة، الروائية، ذات الذائقة الشعرية الفاخرة، والرائع علي المسعودي الذي كلما قرأت له تخيلته يجلس تحت ظل شجرة وحيداً يعزف بالناي، وغيرهما قلة، فأين الآخرون؟
أنا لا أدعو إلى الدروشة الفنية، ونسيان ما خلا ذلك، لا… أنا أقول احملوا التفاحتين، كل تفاحة في يد، تفاحة المطالبة بالحقوق وتفاحة الإبداع، فإذا سقطت الأولى من اليد بقيت الأخرى تسد الجوع.
دعوا الدموع للعين تتكفل بها، وليحمل كلّ منكم نايه ويبحث عن شجرة تظلله، ولينطلق، فالسماء لا يحكمها رجال المرور الكويتيون، وكم بين النجوم من مقاعد شاغرة، فحلقوا كي نراكم حين نراكم ونحن ننظر إلى الأعلى لا إلى الأسفل… حلِّقوا واعصروا الغيوم ليتساقط المطر، لا تنتظروا المطر… حلقوا وشكِّلوا من طين آلامكم ما يبهرنا ويسحرنا.
وكان الله في العون…

احمد الصراف

الجالية الكويتية في الكويت!

كتب الفريق المتقاعد أحمد الرجيب، وكيل الداخلية السابق، مقالا في «الأنباء» ملأه بالحسرة والألم، تطرق فيه الى ظاهرة تحوّل الكويتيين لأقلية في وطنهم، بعد تزايد نسبة المقيمين بينهم، التي نعتقد أنها ستكون في حدود %72 لمصلحة هؤلاء مع ظهور نتائج التعداد! وقال إنه شارك في عدة لجان خرجت بتصورات واضحة للمشكلة، لكن الحكومة تجاهلتها، على الرغم من خطورة الوضع. وقال إن وراء المشكلة المواطن والشركات.. والحكومة!
اسمح لنا يا أخي الكريم أن نختلف معك هنا.
أولا: لا يتحمّل أي فرد أو شركة مسؤولية مباشرة عن الخلل، بل هي لعبة سياسية حكومية صادرة عن سلطة خفية داخلها تتحكم في قرارها، وهي التي فرغت مؤسسات الدولة من كل مضامينها! فحق استقدام العمالة بالجملة، أو غض النظر عمن يطلبها، مثلها مثل أي عملية تنفيع أخرى، كأعلاف الماشية المدعومة وتوزيع الزرائب وزيادة مساحة الحيازات الزراعية والتعامي عن مخالفات البناء وتكليفات شراء مباشرة وتلزيم أداء مختلف الخدمات من دون مناقصات، ما هي إلا وسائل سهلة و«مجانية»، وإن على حساب المال العام، لشراء ولاء النواب وإسكات الخصوم وإرضاء الأحباب! وبالتالي ليس من العدل أن تضع اللوم على المواطن، الذي كان، ولا يزال لدى «الجهاز الأمني» تعليمات بتسهيل طلبات نوابه، وطلبات المتنفذين الآخرين المتعلقة باستقدام العمالة الرثة والمتاجرة بها جهراً!
كنت ستصبح يا سيدي الكريم، على الرغم من كل خصالك الطيبة وأمانتك، شخصا كبيرا طالما انتظرنا سماع صرخته، لو كنت تقدّمت باستقالة مسببة من منصبك، احتجاجا على قيام السلطة، أو لنقل الحكومة، بتجاهل كل التحذيرات والتقارير الأمنية، التي صدرت عنك وعن غيرك، منذ ما بعد التحرير وحتى اليوم، والمتعلقة بطرق علاج هذه المشكلة الخطيرة، ولكن..!
وبالتالي، فالخلل في التركيبة السكانية ليس خطرا مقارنة بخطر التركيبة الحكومية، وتشجعها لشهية الكسب غير المشروع، لدى الكثيرين، على حساب أمن الوطن والمواطن.

أحمد الصراف

علي محمود خاجه

ثورة في إجازة!

وهي دعوة صادقة بتحديد مكان وزمان للشباب فقط، وأكرر للشباب وليس للنواب أو فهد الخنة لنجلس ونتحاور، ونحدد أهدافنا وكيفية تحقيقها لإصلاح ما أفسده الجيل السيئ . أكتب من باب الحرص لا من باب الهجوم، لأني أعتبر تحرك الشباب الكويتي، بغض النظر عن الوسائل والأسباب، أمرا حميدا يجب أن يستمر، ويصقل، ويستمع، ويستفيد، ويتعلم من أخطائه.
كان لي موقف مبدئي حول ما يقوم به الشباب باختلاف مسمياتهم من “نهج” إلى “كافي” إلى “السور الخامس” وغيرها من مسميات لا أعلم اختلافاتها ولا هويات قياداتها، إلا أن الموقف الذي كان ولا يزال ثابتاً أن أي تحرك ما لم يكن له هدف واقعي وموضوعي وغير مختطف لن يعبر لا عن الشباب ولا عن غيرهم، إلا أصحاب المصالح الضيقة، وبعض المتسلقين ممن ينتهز حماس الشباب.
وها هي إجازة مجاميع أيام الجمعة تثبت ما أقول، فالكويتيون هم أول أناس في العالم يأخذون إجازة من ثورتهم، ويؤجلونها إلى ما بعد الإجازة الصيفية وعيد الفطر! هذه الإجازة التي أتت طوعاً دون أي وعد حكومي بالإصلاح ترسخ أن ما حدث في الأيام الماضية هو مجرد استنساخ من ثورات المنطقة ومواكبة لها دون أرضية صلبة ومطلب راسخ مقنع.
فتغيير سمو الرئيس هو المطلب الوحيد الثابت لديهم، وتغيير شخص لن يغير واقعا سيئا نعيشه أبداً، فسمو الرئيس ليس أول رئيس للوزراء في تاريخ الكويت، بل سبقه أربعة رؤساء مختلفون، والكويت لم تكن وردية مع معظمهم وفي عهدهم، وهو ما يثبت أن العلة لن تحل في رحيله بل في نهج وخط واضحين؛ قد يزعجان الكثير ممن اعتصموا وسيعتصمون بعد الصيف.
إن الثورة الحقيقة في الكويت يجب أن تكون في سبيل السعي إلى تطبيق الدستور الكويتي المغيّب عمداً من النواب والشعب قبل الحكومة والوزراء، فلا وليد ولا هايف ولا الطاحوس ولا غيرهم ممن ضجت الساحات بصرخاتهم يؤمنون بالدستور فعلاً، وأفعالهم تفضحهم، وشباب “أيام الجمع” يهللون لهم! وهذا الوضع غير قويم وغير منطقي أو مقبول أبداً، بل إنه قد يكون سبباً رئيساً في عدم استجابة السلطة لمطالب الشباب.
أنا مؤمن بأن الشباب يسعون إلى الإصلاح فعلا، ولكنهم للأسف لم يعرفوا من يختارون كمحام وحام لنوايا إصلاحهم، وهو ما ضيع البوصلة وأفقد حراكهم المعنى الذي يجب أن يكون عليه.
وهي دعوة صادقة بتحديد مكان وزمان للشباب فقط، وأكرر للشباب وليس للنواب أو فهد الخنة لنجلس ونتحاور، ونحدد أهدافنا وكيفية تحقيقها لإصلاح ما أفسده الجيل السيئ الذي لم يحافظ على هدية الآباء وهي الدستور ومعانيه.

خارج نطاق التغطية:
طالبني الكثيرون بأن أكتب رداً على ما تفوه به النائب محمد هايف تجاه الدكتور أحمد الخطيب، وردي هو أن أي ذكر للدكتور أحمد للرد على النائب محمد هايف هو عدم تقدير لما قدمه الدكتور ولا يزال يقدمه لبلده وأبناء وطنه… هذا من جانب، أما السبب الآخر لعدم كتابتي أي رد على ما قاله النائب هايف، هو أني لا أجادل أو أرد على نائب قدم استجواباً كاملاً بسبب “قوطي كلينكس”.

احمد الصراف

فضيحة بيت العميري

أجرت صحيفة «عالم اليوم» مقابلة مع السيد يوسف العميري ووصفته بــ «الشخصية الوطنية بامتياز»! وذلك بمناسبة تجدد اعتراض المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، بإدارته الوطنية الجديدة، على مشروع «بيت الكويت للأعمال الوطنية»، وهو المشروع المضحك الذي سبق أن كتبنا عنه وعن استمراره بالعمل وجمع الأموال بطريقة غير قانونية ولا شرعية واستقبال الزوار، على مدى 14 عاما من دون مسوغ أو اعتراف من اي جهة كانت، بسبب كل ما احيط بتأسيسه وإدارته منذ اليوم الأول من ملابسات وفضائح لا تعد ولا تحصى!
لقد كان من الممكن أن ينتهي وضع «البيت» قبل سنوات لولا التدخل المفاجئ لرئيس الوزراء، الشيخ ناصر المحمد، وأمره بوقف هدم البيت، بكل مخالفاته، وفوق ذلك إصدار تعليماته بمنح المشرف عليه أرضا بمساحة كبيرة ليقيم عليها «بيتا جديدا للأعمال الوطنية»، وأيضا من دون أي اساس قانوني أو منطقي، فحتى الآن لا يزال البيت وما فيه من دون اعتراف من اي جهة.
إننا لا نختلف على حقيقة أن فترة الغزو العراقي للكويت بحاجة للتوثيق، ولكن ما تم تنفيذه من عمل مشوه وبطريقة اكثر من مشبوهة لا يعدو إلا أن يكون فضيحة بحق الوطن والحدث وبحق رئيس مجلس الوزراء، وبالتالي لا نتمنى على سموه إلا بالتكرم وسؤال آخر ثلاثة أمناء للمجلس الوطني للثقافة عن سبب اعتراضهم على وجود «بيت الكويت للأعمال الوطنية»، ورفضهم، بعد 14 عاما، الاعتراف به، وإجابتهم، إضافة إلى ما بحوزتنا من مستندات دامغة، كفيلة بإقناع سموه بتغيير رأيه في البيت و«ساكنه»، ووقف تدخله الذي عرقل تنفيذ جميع قرارات البلدية المتعلقة بهدم مبناه المخالف. وبخلاف ذلك فإن بإمكان سموه الاعتراف بالبيت كجمعية أهلية، أو جهة تابعة للمجلس الوطني، وتعيين مجلس لإدارته بطريقة محترفة. أما بقاء الوضع على ما هو عليه فلا يعدو أن يكون فضيحة ووضعا مخجلا يجب ألا يستمر ويسيء أكثر لسمعة سمو رئيس مجلس الوزراء.

أحمد الصراف

محمد الوشيحي

ثوروا لا رحم أبوكم

نحن أجيال تستلم وتسلّم من دون أي إضافة ولا تعديل، وإذا عدّلنا أو أضفنا فإلى الأسوأ.. نحن أجيال جبانة، رعديدة، دجاجة صقعاء، لا تملك القدرة على المبادرة، حتى في تغيير بعض العادات الغبية.
فالعادات والتقاليد ليست إلا تصرفات قام بها الأولون بناء على طبيعة حياتهم واحتياجاتهم وما كان متوافراً عندهم، فنقلناها نحن منهم بالحرف، تماماً كما يفعل التلميذ البليد في الامتحانات وهو يمد رقبته إلى ورقة الجالس إلى جواره… لذا اعتمد رجال الماضي «الذبيحة»، وهي في منطقة الخليج تعني ذبح الكبش للضيف، رمزاً للكرم، ولأن غيمة الجوع كانت تغطي الجميع، فقد قرر الأولون دعوة الجيران والأقارب إلى الوليمة. وجاءت أجيال اليوم لتنقل حرفياً تلك العادة، واعتبرت أن من لا يذبح كبشاً لضيفه بخيل لا يعرف «المراجل».
ويحدثني صديق: «أبلغني اثنان من أقربائي في السعودية رغبتهما في زيارة الكويت، فحجزت لهما غرفتين في فندق فاخر، واستقبلتهما ووضعت سيارتي الحديثة وسائق منزلي تحت تصرفهما، واستأجرت لنفسي سيارة صغيرة، وتفرغت لهما تفرغاً تاماً، وتنقلت بهما بين أفضل مطاعم الكويت، على سوئها، إلى أن غادرا، فبلغني أن أحدهما غاضب لأنني لم أقم بواجب الضيافة كما يجب، ولم أذبح لهما كبشاً كما فعلا عندما زرتهما»، ويوضّح صديقي: «عندما زرتهما لم يتكفلا إلا بذبح الكبش، فيما تكفلت أنا باستئجار السيارة والفندق، أي أن تكلفة استضافتهما لي لم تتجاوز المئة دينار، في حين كلفتني ضيافتهما أكثر من ألف دينار… فعن أي كرم يتحدثان؟».
قلت له: «يا سيدي، هي هكذا، إكرام الضيف بذبح الكبش، نقطة على السطر… ليش؟ لأن آباءنا كانوا يفعلون ذلك، ونحن نحمل أسفاراً لا نقرأها، كالحمير».
حتى لباسنا… يشبّ الواحد منا فيرغمه المجتمع على ارتداء الغترة والعقال، أو فليحسب حسابه أنه خارج دائرة «المرجلة»، ببساطة، رغم أن ارتداء الغترة لا ذوق فيه، وفوق ذلك يعوق الحركة… لكن عدم ارتدائها يُسقط عنك أحد أركان المرجلة، أما الجلوس عند رُكب المسؤولين والشيوخ وتقبيل أنوفهم وشفط أيديهم شفطاً مبيناً وتدبيج قصائد النفاق فيهم فشطارة ما بعدها شطارة.
ولا نكتفي بعادات الأكل والشرب واللبس، بل حتى الأفكار ننقلها كما هي بعد أن أرحنا عقولنا من التفكير ورقابنا من التلفّت حولنا لرؤية الشعوب الأخرى، فاليهود جبناء رعاديد، كما يقول أجدادنا، ينفخ عليهم العربي «هوووف» فيهربون وهم يولولون ويختبئون خلف أمهاتهم… لولا أميركا، آه بس لولا أميركا التي تساعد أولاد القردة، لكنّا فعلنا فيهم وعملنا…  في حين تتندر شعوب الأرض على جُبن العربي وخوفه من حكامه وتكيّفه مع الذل والعبودية، وهو ما يثبته الواقع، لكننا لن نصدق الواقع الملعون، لأن آباءنا لم يحدثونا عن ذلك.
يا سيدي، المراجل «باكيج» كامل، والعادات مرتبطة بتفوقك أو تخلفك اقتصادياً وعسكرياً وثقافياً ورياضياً ووو… لا تقل لي من أي دولة أنت، فقط حدثني عن عاداتك وسأبلغك إن كنت تنتمي إلى دولة محترمة أم لا، فإذا كنت من شعب يحترم من يدبج قصائد المديح في كبار المسؤولين، وإذا كان الكرم له لائحة تنفيذية وطريقة تناول كتبها لك الأولون لا تحيد عنها، وإذا كنت تدعي الشموخ وتحصل على حقوقك بالتذلل للآخرين… فأنت للأسف تنتمي إلى شعب «مهوب رجال»… اللي بعده.
عاداتكم فاشلة يا قوم، فثوروا عليها لا رحم أبوكم… ثوروا تكفون يا عيال.

حسن العيسى

يا جبل ما يهزك ريح

يرى المتشائمون في الربيع العربي أن «الدول العربية ليست مثل دول أوروبا الشرقية التي نهضت اقتصادياً بعد ثوراتها الأخيرة، فالدول العربية دون استثناء سواء نفطية غنية أو بلا نفط كلها تتبنى اقتصاداً رأسمالياً، الذي تلعب فيه الأسعار والقطاع الخاص دوراً محورياً، لكنه مشوه، فهو اقتصاد رأسمالي «بطركي» (ابوي ويهيمن عليه الأب الحاكم) تحت قبضة السلطة الحاكمة التي تهب وتغني من تشاء وتحرم من تشاء، وهناك القيود البيروقراطية المعقدة مع دعم كبير للسلع. كل هذا شرع الأبواب لعالم الفساد وجمود التنمية، وترك ملايين الشباب بلا عمل، وهيأت أسعار البترول العالية الوسيلة لنفخ جيوب وتسكين الناس (وربما تخديرهم مؤقتاً) أما الدول العربية الفقيرة فلها حكم آخر» الفقرة السابقة اقتبستها وترجمتها بتصرف من العدد الأخير لجريدة الإيكونومست، وكأن خطابها وتحليلها موجه إلى دول الخليج ويهمنا القول إن الكويت كنموذج ديمقراطي بالنسبة إلى بقية دول الخليج يصيبها خطاب الجريدة في الصميم، فكي لا تنطلق حناجر وتطالب بتحقيق ديمقراطية صحيحة وتواجه الفساد والإدارة السيئة انهالت العطايا «الكاش» وهدايا تمويل السلع الأساسية وغير الأساسية تصرف كل شهر من مراكز الجملة في الجمعيات التعاونية، والتي تشعر أي إنسان لديه القليل من المسؤولية وبقايا إحساس قلق بأن ما يحدث هو جريمة بحق مستقبل الدولة، ويؤكد أن السلطة ومن يدور في فلكها غارقون في هموم تصفية حساباتهم الخاصة أو أنهم لا يرون في الدولة غير أنها حالة مؤقتة! فليغتنم هؤلاء رياح النفط بعد أن هبت عالية، وللغد والقادم المجهولين حين يتخرج مئات الآلاف من المواطنين في الجامعات وتتناقص ثروة الدولة ولا يجد هؤلاء غير دهاليز البطالة فعندها يحلها ألف حلال… بهذا المنطق القاصر تسير الدولة تحت ظلال الملل اليومي واللامبالاة، فلخصت كل قضاياها وهمومها بحكايات هذا الشيخ ومن معه، وذاك الشيخ ومن والاه أو من عاداه، وبين الاثنين تسير قافلة من الاستجوابات نحو رئيس الحكومة بعضها ممتلئ وبعضها فارغ، لكن في النهاية سنردد مقولة: يا جبل الحكومة ما يهزك ريح.
ملاحظة: تصورت أننا انتهينا من عنتريات النمور والنسور لضباط الداخلية وأفرادها بعد حظر وزيرها الجاد الشيخ أحمد الحمود نشر أخبار وصور عالم «ناشنال جيوغرافك» في الصحافة، إلا أن خبر مقتل الرائد العسكري علمنا أن لـ«الداخلية» أذناً من طين وأخرى من عجين!

احمد الصراف

مؤشرا الحياة (2/2)

إضافة إلى كل ذلك يدفع الدين المجتمعات المتمسكة به إلى زيادة الإنجاب، فالمجتمعات الزراعية مثلا بحاجة كبيرة للأيدي العاملة، وينتشر فيها الزواج المبكر، بينما نجد عكس ذلك في المجتمعات الحضرية المتقدمة، حيث تفضل المرأة عددا أقل من الأطفال، وبالتالي تقل الحاجة للاستعانة بالغيبيات في تنشئتهم وتعليمهم وتربيتهم.
كما يواجه الجانب النفسي من العقيدة تحديا صلبا آخر، فعندما يواجه الفرد في المجتمعات الحديثة مشكلة نفسية أو صحية عقلية فإنه يتجه للشخص المناسب، فطبيعة فهم هؤلاء تدفعهم لطلب طرق العلاج الأكثر عقلانية والتي تعتمد على الدواء العصري أو التشخيص والفعل المناسبين بدلا من الاعتماد على الأساليب التقليدية القديمة والمخدرة التي تعرضها العقائد المختلفة. إضافة إلى ذلك لاحظ علماء «الاجتماع الرياضي» ان الرضا الروحي والاجتماعي الذي يحصل عليه المتفرج في مباراة رياضية شعبية لا يقل عن الرضا ذاته الذي يحصل عليه مرتاد الكنيسة، ويعتقد البعض أن الرياضة اصبحت في الكثير من المجتمعات تحل محل العقيدة، وبالدقة نفسها يمكن قول الشيء ذاته عن مشاهدي أي أنشطة أخرى، حتى تلك غير الرياضية، ولهذا رأينا كيف شنت المؤسسة الدينية المسيحية بالذات هجوما مضادا واصبحت تنظم مثل هذه المناسبات وتمتلك محطات تلفزيون خاصة بدعواتها وتتبنى فرقا موسيقية صاخبة دينية Rock Christian، ولكن هذا لم ينفع كثيرا في منع فقد الكنيسة لمكانتها بسبب التقدم العلمي وشبكة الأمان الاجتماعية التي وفرتها الدول الغربية لمواطنيها، وصغر حجم العائلة، وكل هذا خلق لدى هؤلاء خوفا اقل من المستقبل، وبالتالي حاجة أقل لتسوق التدين من رجل دين أو من خلال كنيسة.

أحمد الصراف