علي محمود خاجه

إن عدتم… عدنا

أخيراً، وإن شاء الله دائما، نزع المنبر الديمقراطي والتحالف الوطني رداء الخلاف غير المبرر المبني على “هذا قال… وهذا ما سلّم… وهذا انتقد… وهذا ما حشد لي… وهذا اشتغل ضدي… إلخ”. نزعوا هذا الخلاف ووحدوا صفوفهم لخدمة هذا الوطن.
وتمخضت باكورة عودتهم عن بيان جريء صريح قوي تجردوا فيه من كل العواطف ليعلنوا صراحة نحن ضد سمو الرئيس شرط أن تكون القضية عادلة، أما غير ذلك فلن ننجرف وراءه مهما كانت الغايات والأسباب.
هذا الموقف السليم والمنطقي جدا برأيي يعجز الكثيرون عن اتخاذه، فالغاية تبرر الوسيلة بالنسبة إلى معظمهم بدءا من التيارات الدينية مرورا بمولاة الحكومة وانتهاء عند ما يسمى بالتيارات الشعبية، فلا دستور ولا منطق ولا وعقل يحكمهم في سبيل الوصول إلى غاياتهم؛ على عكس الموقف الرائع لـ”المنبر- التحالف”.
لقد تاه الكثير من مناصري الدستور بحذافيره بسبب تراجع، بل تقهقر التيارات المدنية التقليدية، فباتوا يقفون خلف كل من يتفوه بلفظة دستور، وإن كانوا يعلمون بقرارة أنفسهم أن الكثير ممن يرددون مصطلحات نصرة الدستور ليسوا سوى متمصلحين منه، أما الجزء الآخر من مناصري الدستور الحقيقيين، فقد فضل البقاء في الظل دون حراك لعدم اقتناعه بما يدور واختفاء التيارات المدنية التقليدية عن الساحة.
اليوم أشعلت شعلة العودة من جديد لتنير طريق التيار السليم المبني على الموضوعية والمنطقية والمدنية والدستور أولا وأخيرا، والفضل في ذلك يعود إلى قيادات المنبر والتحالف الذين عادوا بعد غياب، وأنا على يقين من أنهم سيستمرون هذه المرة، لأني أعرف معظمهم جيدا، وأعلم أن ما يحركهم هو الحرص والخوف على هذا الوطن الذي وقع في الحفرة للأسف بأفعال مقيتة تفنن البعض في خلقها؛ في فترة اختفاء التيار المدني التقليدي.
اليوم أعوّل كثيرا بأن صوت رفض وأد البلد لن يكون فرديا اجتهاديا من كاتب أو ناشط أو نائب، بل سيعود كعمل مؤسسي سليم قوامه المنطق والعقل والدستور، ولن يخيب ظني إن شاء الله، وأنا على يقين بأن عودة المنبر والتحالف من جديد ستعيد كل من تاه، رغم حملات التشويه المستمرة، إلى ديار العمل الدستوري السليم.

خارج نطاق التغطية:
حرية التعبير غير محددة بجنسية في الكويت، وطالما التزم كل من يعيش على هذه الأرض بالقوانين والأنظمة فإنه لا يجوز إطلاقا منعه من حريته في التعبير، أقول هذا الكلام على خلفية منع مجاميع من غير محددي الجنسية من الاعتصام في ساحة الإرادة، وهي الساحة التي حددتها الداخلية بنفسها للتظاهر والاعتصام، بغض النظر سواء كنا نتفق أو نختلف معهم، ولكن وأد الحرية مرفوض على كائن من كان طالما لم يخرقوا القانون ويتجاوزوه، فالحرية لا تتجزأ ولا هوية لها.

احمد الصراف

لا ثمن للحب

تزايد عدد الجراء عند مزارع فقرر بيع البعض منها، ومن أجل ذلك قرر وضع لوحة إعلان بيع على سور مزرعته، وعندما كان يدق آخر مسمار فيها شعر بيد تسحب طرف معطفه، فنظر إلى الأسفل فرأى طفلا يقول له: يا سيدي، أريد شراء أحد كلابك. فقال له المزارع، وهو يمسح العرق عن جبينه: إن هذه الجراء ذات أصل طيب، وقد تكلفت الكثير في تربيتها! فطأطأ الصبي برأسه، والحزن باد عليه، ثم وضع يده في جيبه وأخرجها وبها بضع قطع نقدية، وقال: إن لدي 39 سنتا، فهل يكفي ذلك لكي ألعب قليلا معها؟ فقال المزارع بالتأكيد، وهنا أصدر صفيرا من فمه ونادى على كلب منها، فخرج كلب كبير تتبعه أربعة جراء صغيرة، فألصق الصبي وجهه على السياج الحديدي والفرحة تغطي محياه وانتبه، والكلاب تقترب منه، أن في القفص جرواً آخر يحاول بصعوبة الخروج، ولاحظ أنه يعاني من صعوبة في المشي نتيجة تشوّه واضح في احدى قدميه، ولكنه، وبجهد واضح، تمكّن من اللحاق بالبقية، وعندما اقترب من السور تبين واضحا صغر حجمه مقارنة بالبقية، وهنا قال الطفل للمزارع، وهو يشير إلى ذلك الجرو ذي القدم المعيبة: أريد شراء ذلك الجرو، فكم ثمنه؟ فانحنى المزارع نحو الطفل، وقال له: يا بني، لا أعتقد أنك جاد في رغبتك في شراء ذلك الجرو، فهو عاجز عن الجري واللعب معك، كالجراء الأخرى!
وهنا ابتعد الطفل عن السور، وشرع في رفع البنطال عن قدمه اليمنى وكشف عن رجل مصنوعة من قضيب من الحديد مرتبطة بطريقة خاصة بحذاء من الجلد، وقال: انظر يا سيدي، أنا أيضا لا أستطيع الجري بطريقة جيدة، فهذا الجرو بحاجة لمن هو في مثل حالتي ليتفهمه! وهنا قام المزارع، والدموع تملأ مقلتيه، برفع ذلك الجرو الصغير عن الأرض وأعطاه، عبر السور بكل عناية، للصبي الصغير الذي سأله باستغراب، كم ثمنه: فقال المزارع: إنه لك مجانا، فليس للحب ثمن!
إن العالم مليء بمن يريد أن يتفهمه الآخرون بطريقة أفضل.

أحمد الصراف