علي محمود خاجه

كرة قدم

مررت من بداية كتابتي للمقال الصحافي إلى اليوم بمراحل متعددة، بدءاً من “آفاق” الجامعية انتهاءً بـ”الجريدة” مروراً بمجلتي “أبواب” و”الديرة” وصحيفة “الطليعة”، وإلى وقت ليس ببعيد لم تكن كتاباتي تحظى بقراءة واسعة كالشكل الذي هي عليه اليوم من القراء الكرام، وهو أمر بديهي لكوني مازلت أخطو خطواتي الأولى في الكتابة.
شخصياً أعتقد أن مقالاً لي عن جاسم الخرافي هو ما أحدث نقلة نوعية في عدد القراء والمتابعين، وهو مقال كنت قد كتبته في عام 2009.
ولأنني أعتز ببعض المقالات التي كتبتها قبل ذلك المقال وأعتقد أنها لم تحظَ بكم المتابعة المأمول مني، فسأقوم اليوم بإعادة نشر مقال سابق لي آملا أن يأخذ حقه في الانتشار بشكل أفضل مما كان حين كتابته.

“ما الذي يميز الرياضة بشكل عام وكرة القدم بشكل الخاص؟ وما الذي يجعل الملايين مهما اختلفت تخصصاتهم وأفكارهم يجتمعون حول الرياضة، وتحديدا كرة القدم منذ سنوات طويلة؟ وكيف للمسلم والبوذي والمسيحي واليهودي والملحد والرجل والمرأة والطفل والكبير أن يجتمعوا حول فريق ما، ويشجعوه بحماس منقطع النظير، ويتفقوا على فريق معين، ويتسمروا أمام شاشات التلفاز ساعتين تقريبا لمتابعة فريق معين، فيفرحوا بفوزه ويحزنوا لخسارته؟!
ما الذي يميز 22 لاعباً وكرة واحدة تسلب ألباب الناس وتجعلهم يتعلقون بها بهذا الشكل؟! بأمانة لأول مرة وأنا أتابع إحدى المباريات الكروية أخذت أفكر في كل تلك الأمور، فوجدت الأسباب منطقية وكثيرة أعرضها عليكم لعلها توضح الصورة لكم كما أوضحتها لي من قبلكم:
في الرياضة بشكل عام وفي كرة القدم بشكل خاص المهم هو تسجيل الأهداف بشكل أكبر في الفريق الخصم، فلا يهم إن سجل هذه الأهداف لاعب كبير في السن أم صغير، أو إن كان ذا بشرة داكنة أم فاتحة، أو إن كان ذا لحية طويلة أم أجرد الوجه، أو إن كان ذا شعر طويل أم أصلع، أو إن كان متشبّها بالنساء أم رجلا… كل ما يهم هو أن تسجل أو تساعد فريقك على الفوز.
لا يهم إن كنت قبل المباراة ذاهباً إلى الصلاة أم إلى بيوت الهوى، ولا يهم إن كنت صائماً أم غير ذلك، فكل ما يهم هو تسجيل الأهداف وفوز فريقك، هذا ما يهم مجلس الإدارة واللاعبين وجمهور فريقك.
أما بالنسبة للحكم، فهو لا يهتم باتخاذ قراراته إن كنت أصيلاً أم “بيسري”، ولا يهتم إن كنت ستذهب إلى حسينية أو مسجد أو كنيسة، أو إن كنت حضرياً أم بدوياً، فكل ما يهمه هو العدل الإنساني في قراراته، وإن وجدت مراقبة الحكام بأنه يحابي طرفاً ضد الآخر فسيعاقب، فالحكم لا يهتم إطلاقا إن أقسمت له بالله أو بأي مقدس تراه، فما يراه يحكم به ولا تعنيه أي أمور أخرى.
ويأتي بعدها اختيار المنتخب، وهو مما يتضح من اسمه بأنه صفوة لاعبي الدولة، الذين يتم اختيارهم ليمثلوا البلاد التمثيل الحسن في منافساتهم، وحين الاختيار لا يهم إن كان معارضا للتيار الحاكم أو مؤيدا له، أو إن كان معارضا لتعديل الدستور أو مطالبا بالتغيير، أو إن كانت تربط اللاعب صلة قرابة بالحاكم أو الرئيس أو المدير (هذه الحال لا تنطبق على بلداننا العربية)، كل ما يهم هو الكفاءة والقدرة على الفوز بنقاط اللعبة.
إذن، فالمهم هو الفوز وما ستفعله قبل المباراة وبعدها لا يهم لأنه شأن يخصك، سواء كان في علاقتك بربك أو بأهلك أو غيرها من شؤون، لهذا فكرة القدم والرياضة بشكل عام ناجحة بكل المقاييس، وأغلبية سكان العالم تتابعها.
أعتقد أننا يجب أن نتعامل مع الكويت كفريق نريد له الفوز غير مكترثين بشيء إلا الكفاءة، فهل من مطبّق؟

* مقال قديم لي نشر في «الجريدة»

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *