احمد الصراف

الكلب.. والوهم الأصغر

هناك عداء مستحكَم ضمن سطور تقاليدنا وتراثنا وتصرفاتنا لكل ما له صلة بالكلب، الذي يكاد يكون الحيوان المستأنَس الوحيد الذي يعتبر «نجساً»، إضافة إلى الخنزير المظلوم أيضا. ولو قارنا وضع بقية الحيوانات المستأنسة لوجدناها أقل فائدة وأكثر قذارة وضررا من الكلب والخنزير، ومع هذا لا نشعر نحوها بالعداء نفسه، فالخنزير، الأقرب في تركيبة جيناته للإنسان، وأجزاء منه تحتل مكانها المشرف في أجساد عشرات ملايين البشر، ومنهم مرضى مسلمون، هو الذي يُستخدَم اسمه عندما نود إهانة الآخر، وكذا مع الكلب، ولكننا في الوقت نفسه لا نشتم أحدا بوصفه بقط أو جحش، والذي يُطلق على الصغار أحيانا.. تحببا، علما بشبه انعدام فائدة هذين الحيوانين وغيرهما من حياتنا، عدا البقرة ربما! كما يستنكف الكثيرون وجود الكلب بينهم، دع عنك لمسه أو اللعب معه. ويعتقد آخرون، كما ورد في كتاب طبعه النائب خالد السلطان على نفقته في بداية تشدده في السبعينات، أن الكلب الأسود بالذات يُبطل الصلاة إن مر أمام من يصلي! علما بأن أبحاثا علمية جديدة كشفت أن الكلب هو الحيوان الوحيد، إضافة إلى الخنزير، الذي تتعاظم أهميته في حياتنا يوما بعد يوم، بصرف النظر عن لونه، حيث ينصح الذين يعانون الوحدة، أو من يعيشون في مناطق نائية باقتنائه. كما أن له دوره المهم في كشف بعض الجرائم وتهريب المخدرات والكشف عن القنابل. أما دوره في مساعدة آلاف المرضى فهو في تعاظم مستمر، فقد تمكن العلماء، بمساعدة مدربي كلاب متمرسين، من الاستفادة من قوة الشم لدى الكلب، والتي تعادل مائة ضعف ما لدى الإنسان العادي، من الاستدلال أو التعرف على بعض الأمراض قبل وقوعها أو استفحالها، وذلك من خلال تعرف الكلب على التغيرات الكيماوية التي تحدث داخل جسم الإنسان نتيجة إصابته بمرض ما والقيام بإنذاره بطريقة ما بتلك التغيرات ليتمكن من أخذ الاحتياطات أو الأدوية، أو اجراء الفحوصات في الوقت المناسب. كما أن بإمكان بعض الكلاب التعرف مبكرا على إصابة شخص ببعض أنواع السرطان من رائحة بوله. كما يعتمد الكثير من المصابين بمرض السكر على كلابهم في لفت نظرهم لارتفاع او انخفاض نسبة السكر لديهم. وكل هذه المزايا «الكلبية» شجّعت مرضى عديدين على مغادرة بيوتهم، والعيش بطريقة طبيعية، بعد أن اطمأنوا إلى أن كلابهم ستكون بجانبهم لمساعدتهم وقت الحاجة. وللمهتمين في هذا الموضوع الرجوع للإنترنت للحصول على مواصفات وعناوين مثل هذا النوع من الكلاب.
والآن، كم هو مقدار ما لدينا من أفكار ومعتقدات تحتاج لإعادة النظر؟ لقد عاش الإنسان ملايين السنين وهو يعتقد بأن الأرض مسطحة، وعاش أقل من ذلك وهو يعتقد بأنها مركز الكون، وفجأة جاء من ينسف كل ذلك بكشف عظيم، ولكننا «تواقحنا» وأصررنا على التمسك بسابق اعتقادنا الى أن عجزنا، ولم يكن أمامنا غير الإقرار بصحة تلك الاكتشافات، ولكن بعد 400 عام من التياسة.. نسبة الى التيس!

أحمد الصراف

مبارك الدويلة

الغرب يغذي «القاعدة»

عندما أراقب مواقف الدول الغربية من بعض قضايا الساعة مثل الثورات العربية ودعمها وتأييدها سياسيا أحيانا وعسكريا أحيانا أخرى أقول ان الدنيا بخير.. وان العالم الغربي رجع الى رشده وأصبح يتعامل مع القضايا وفقا للمبادئ وليس وفقا للمصالح.
لكن سرعان ما يخيب ظني وأنا أرى هذه المبادئ تتكسر كلما كانت القضية الفلسطينية طرفا في الموضوع. خذ مثلا دولة جنوب السودان.. تم الاعتراف فيها من قبل المجتمع الغربي خلال 12 ساعة من اعلان استقلالها، وكلنا يعرف الضرر الذي أصاب اكبر دولة عربية عندما انفصل ثلثها الغني عنها وترك لها الصحراء والأمراض والفقر. وبالمقابل تهدد أميركا السلطة الفلسطينية اذا ما فكرت في التقدم للامم المتحدة للاعتراف بالدولة الفلسطينية وفقا لاتفاقيات السلام!
كنا نظن أن هذا الغرب أخذ درسا واتعظ من نشوء التطرف الاسلامي في العالم العربي نتيجة الكيل الغربي بمكيالين تجاه قضايا العرب وأمة الاسلام. ففي الوقت الذي يدعم أمن اسرائيل ويلغي مبادئ العدالة والانسانية من قاموسه يطالب الغرب الأنظمة باحترام حقوق الانسان ويسمح لاسرائيل بالعربدة كيف ما تشاء في قطاع غزة!
نشأ «القاعدة» وترعرعت مبادئه في هذه الأجواء السياسية التي أوجدتها ممارسة أميركا وأوروبا لسياسات عرجاء برجل واحدة وعوراء بعين واحدة في الشرق الأوسط. وان كانت تظن أنها نجحت في اضعافه والنيل من قدراته، فان استمرار هذه السياسات الخرقاء سيكون الوقود الذي يحيي معاني الجهاد، وفقا لمفاهيم «القاعدة»، في نفوس الشباب اليائس والمحبط.
النتيجة النهائية لمشاهدات عشر سنوات مضت ان السياسة لا مبادئ فيها ولا أخلاق لها وفقا للمفهوم الأميركي الأوروبي.
****
عندما تحصل على جنسية كويتية بالتأسيس وأنت وافد للكويت في عام 1948 ومقطوع من شجرة هنا يحق لنا أن نطالب بسحب الجنسية لأنك حصلت عليها بالتزوير! وهذا ليس له علاقة عندما نتحدث عن حقوق مدنية «للبدون» ونعترض على حرمانهم منها لأن أصولهم عراقية!! فرق واضح لكن تبي من يفهم أو من يحب أن يفهم!!