سامي النصف

حار وبارد

قبل الدخول في البرودة لندخل في موضوع الحرارة المأسوف على فقدانها هذه الايام لنضيف دفئا الى موضوع اليوم، بقليل من الجهد يمكن لنا ان ندخل الكويت بموسوعة «غينيز» العالمية الشهيرة من باب تحطيم ارقام قياسية في الحرارة القصوى خلال الاشهر الممتدة من يونيو حتى سبتمبر.

فيمكن لنا ان نسجل اعلى درجة «مفردة» لمدينة سكنية مأهولة في العالم، واعلى معدل درجة حرارة «ليوم كامل» خلال شهر يوليو حين تصل الحرارة لما فوق الخمسين نهارا وما يقارب 45 ليلا، واعلى معدل درجة حرارة «لشهر» خلال شهر يوليو، كما يمكن لنا ان ندخل في شهر اغسطس لاعلى درجة حرارة «بحر» في العالم عندما يتراكم تأثير حرارة اشهر يونيو ويوليو واغسطس فيصبح البحر عند الشواطئ اقرب للشوربة الساخنة.

في دول الشمال على خط 50 شمالا وما فوق وبسبب الابتعاد عن الشمس نجد ان البرودة تحدث محليا ودون الحاجة لرياح الشمال، تقع الكويت على خط 29 شمالا لذا لا يقع البرد محليا بل يأتي قادما من رياح الشمال المنطلقة من سيبيريا وروسيا وغيرهما، وعليه يجب ان يضاف لدرجة الحرارة ابان البرد في الكويت عامل تأثير الرياح «Chill Factor» المعروف حتى يعلم الناس ان درجة حرارة «ثابتة» تبلغ 5 درجات على سبيل المثال يمكن لتأثير تحرك الهواء ان يجعلنا نشعر وكأنها 2 تحت الصفر او اكثر طبقا لنشاط الرياح وسرعتها وهو ما يجعل برد الكويت «غير» كما يروي كثير من المواطنين والمقيمين دون ان يعرفوا السبب.

قبل ايام ذهبت الى نادي القادسية للمرة الاولى منذ ما يقارب 30 عاما مع بعض الاصدقاء لمشاهدة مباراة المنتخب ضد منتخب ساحل العاج، الذي قام مشكورا فواز الحساوي باستضافته، المليء بنجوم عالميين لا يحلم احد بمشاهدتهم عن قرب الا بأغلى الاسعار، وبجهد جهيد وصلنا الملعب وكانت المدرجات فاضية على الآخر رغم ان اسعار التذاكر متهاودة جدا، وقد قيل ان سبب العزوف هو «البرد»، وهو امر لا اكاد اصدقه حيث تتكفل الملابس الصوفية والقطنية بمقاومته وقد يكون السبب هو الكسل الشديد الذي بات يخيم على حياتنا والذي امتد لرياضيينا من جمهور ولاعبين باتوا يتساقطون بعد الشوط الاول.

هناك من مواطنينا من لا يتوقف عن الشكوى والتذمر من كل شيء، ففي الصيف شكوى من الحرارة وفي الشتاء من البرودة ومعروف ان ظواهرنا المناخية لا تهدم البنيان ولا تقتل الانسان كحال الظواهر المناخية القاسية للدول الاخرى، امثال الفيضانات والثلوج والاعاصير والبراكين والحمد لله على الحر والبرد.

تثبت الحقائق العلمية المطلقة عدم قدرة الانسان على التنبؤ بالانواء الجوية قبل اسابيع او اشهر او سنين من حدوثها، التنبؤ المناخي القصير والدقيق يقوم على مراقبة خطوط الضغط وحساب سرعة الريح واتجاهها، فاذا ما كانت شمالية وتعرضت بغداد على سبيل المثال لبرد شديد فيمكن من معرفة المسافة وسرعة الرياح حساب الوقت اللازم لوصول الهواء البارد الى بلدنا.

ومثل ذلك عندما تتحول الرياح الى جنوبية شرقية وتمر سحب ممطرة على البحرين او ميناء بوشهر الايراني فيمكن التنبؤ بوصول الغيوم وسقوط الامطار علينا بعد كذا ساعة، ويعتمد المتنبئون طويلو المدد على الدورات المتكررة المعتادة للانواء كل عام ومعها ضعف ذاكرة الناس، فعندما يصدق المتنبئ يذكره الجميع وعندما يخطئ لا يذكره احد كحال المنجمين في توقعاتهم قبل نهاية كل عام التي يتذكر الناس القلة التي تصيب منها وينسون العشرات من التنبؤات الخاطئة.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *