محمد الوشيحي

تكفون يا عيال

عام 98، إن لم تخني الذاكرة، كان آخر تهديد عسكري فعلي من صدام حسين للكويت، وبعد هذا التاريخ انشغل صدام في نفسه وكرسيّه وترك الكويت… حينذاك تقدمت الفرق العسكرية الصدامية واحتلت مواقعها الهجومية، فتقدمت القوات الكويتية واحتلت مواقعها الدفاعية. كنا الأحدث أسلحة والأقوى نيرانا والأفضل تدريبا، أما من ناحية العدد البشري فكما يعلم الجميع، لا مقارنة لنا بهم، كانوا أضعاف أضعافنا، لكن المسألة بالنسبة لنا مسألة «بقاء أو فناء بلدنا»، وبالنسبة لهم مجرد مغامرة لرئيسهم من بين عشرات المغامرات.
ولو كنت أعرف رقم موبايل صدام يومذاك لبعثت له برسالة شكر على إتاحته الفرصة لمعادننا بالظهور على حقيقتها الناصعة، فقد تدفق الآلاف من المتطوعين من كل الشرائح والأعمار بصورة أذهلتنا نحن العسكريين، كان تزاحما ما بعده تزاحم، شباب ومسنّون، سنة وشيعة، حضر وبدو، الكتف بالكتف، يتسابقون للصعود في حافلات نقل الجنود المتجهة إلى الجبهة. وهنا، أتذكر موقفا غاية في الغرابة، عندما صدرت الأوامر «من جهات عليا»، كما قيل لنا يومها، بأن يتقدم أبناء الأسرة الحاكمة للخطوط الأمامية مباشرة ومن دون «جرعات التدريب»، وهو ما تم بالفعل. متابعة قراءة تكفون يا عيال

سامي النصف

برقية تسقط عاصمة عربية!

نبارك لسورية الشقيقة اختيار دمشق عاصمة للثقافة العربية، والحقيقة ان سورية، الرقم الصعب هذه الايام، لم تكن كذلك في مراحل تاريخية من تطورها الحديث، بل اشتهر في الخمسينيات ما سمي بـ «الصراع على سورية»، حيث تجاذبتها قوى مؤثرة ارادت اما ضمها للعراق او للتحالف مع تركيا او للوحدة مع مصر.

ادى تبني حكومة الاتحاد والترقي في تركيا للنهج الطوراني المتشدد وبعدها عن الحكم بالشريعة الاسلامية وتكفير بعض العلماء لها، وتحولها للنهج الدستوري في 23/7/1908، وهزائم جيوشها امام دول البلقان ولجوء القائد جمال السفاح لارسال احرار العرب للمشانق في بيروت ودمشق وارسال نسائهم واطفالهم كسبايا الى الاناضول، لقيام الثورة العربية الكبرى عام 1916 ضد الاتراك بعد ان شارك العرب في الحرب مع تركيا ابان العام الاول من الحرب الكونية الاولى، وقد توقفوا مع بدء الاعدامات اي في عام 1915.

هزمت تركيا في الحرب الكونية ودخل الامير فيصل بن الحسين دمشق على رأس جيشه العربي وتوّج ملكا على الدولة العربية الناشئة فيها، وقد تلا ذلك اعلان الانتداب الفرنسي على سورية ولبنان وارسل الجنرال غورو انذارا للملك فيصل تضمن طلبه بحل الجيش العربي وقبول الانتداب ووقف المقاومة المسلحة وتسليم محطات السكة الحديدية، على ان يأتي القبول قبل منتصف ليلة الثلاثاء 20/6/1920 وإلا امر قواته باحتلال دمشق.

اعلن البرلمان العربي السوري رفضه للانذار وارسل الملك فيصل وزير المعارف ساطع الحصري للتفاهم مع غورو على بدائل اخرى، كما ارسل وزيري الداخلية والدفاع هاشم الاتاسي ويوسف العظمة لاقناع البرلمان بقبول الانذار حقنا للدماء وزايدت الاحزاب على بعضها البعض في الرفض ونزلت الجماهير للشوارع بحثا عن السلاح للمقاومة، فتصدت لها قوات الامير زيد وسقط 200 قتيل، كما بدأت الوزارة في يوم الاثنين 19/6 بانجاز الخطوات اللازمة لقبول الانذار فسرحت الجيش وعطلت اعمال البرلمان لمدة شهرين.

وعقدت الوزارة الساعة السادسة من مساء الثلاثاء 20/6 (اليوم الاخير للانذار) اجتماعا تمخض عن صدور قرار بارسال برقية للجنرال غورو تخبره بقبول الانذار، وقد استلم موظفو البريد والبرق في دمشق الساعة السابعة والنصف مساء من مديرهم حسن بك الحكيم البرقية كي يرسلوها قبل منتصف الليل، الا ان التباسا حدث خاصة انها لم تكن مصحوبة بالمال اللازم لارسالها، مما جعلها تأخذ الدور العادي دون اولوية في الارسال، ما نتج عنه تحريك غورو لقواته في الصباح وعدم قبوله للايضاح المتأخر حول اشكال ارسال البرقية.

تقدمت القوات الفرنسية التي يفوق عددها 9 آلاف جندي (ثلاثة اضعاف المدافعين) كان اغلبهم من المغاربة والجزائريين والسنغاليين، كما ان مخابرات الجيش كانت تتكون من اللبنانيين نحو «ميسلون» التي تقع على بعد 28 كلم من دمشق مدججة بالاسلحة والطائرات، وطلب الملك فيصل من رافضي الانذار ان يثبتوا مصداقيتهم بالصمود امام الجيش الزاحف، وحدث حوار مثير بين الملك ووزير دفاعه يوسف العظمة، حيث حثه وزير الدفاع على اعادة الاتصال مع غورو وقبول الانذار، فسأله الملك لماذا كنت تصر اذن على الحرب، فأجابه الوزير بأنه كان يعمل «مناورة» على الفرنسيين، فقال له الملك يجب الموت ما دامت الحالة قد وصلت الى هذا الحد، فأجابه الوزير انت اذن تأمرني بالموت، ويجب ان نموت شرفاء، وقد قتل الوزير برصاصة الساعة الحادية عشرة صباح يوم المعركة في 24/6/1920 عندما كان واقفا يراقب المعركة فوق تلة بعد ان حاول مرافقه العسكري ياسين جابي ان يقنعه بعدم الوقوف وتعريض جسمه للرصاص.

بعد دخول الجنرال غورو دمشق اعلن انشاء دولة دمشق ودولة حلب ودولة العلويين ودولة الدروز، فأعلن على الفور الشيخ العلوي صالح العلي رفضه لقيام دولة علوية، وقام بثورة متصلة ضد الفرنسيين لمدة قاربت الاربع سنوات متحالفا مع الشيخ ابراهيم هنانو الكردي وعزالدين القسام، كما اعلن الامير الدرزي سلطان الاطرش ثورته السورية الكبرى رافضا كذلك مشروع الدولة الدرزية، وقد تكللت تلك الثورات المجيدة بوحدة التراب السوري واعلان الاستقلال عن فرنسا في عام 1943 وتم تسطير صفحة مضيئة اخرى من تاريخ العروبة المجيد في بلداننا.

سعيد محمد سعيد

متى المعاشات؟

 

هذا هو أسبوع السؤال الجميل…

والسائل يجلس على أحر من الجمر، والمجيب أيضا ربما أحب الإجابة وعشقها طالما كانت إيجابية «نزلوه في البنك»، وربما دارت عليه الدوائر واسودت الدنيا في وجهه وهو يقول: «للحين ما في شي… يمكن باجر»! ويا ويله، الزميل أو الزميلة، حين يقدمون معلومة خاطئة عن نزول الرواتب في الحساب، وهي لم تنزل بعد… وخصوصا في بعض المؤسسات والشركات في القطاع الخاص! متى المعاشات؟

سؤال مسموع بين آلاف الناس أواخر كل شهر… لكنه يخفي وراءه الكثير مما يمكن أن يجعلنا نشعر بالفجيعة، ونستذكر المئتي دينار حدا أدنى للأجور، ونحلم بصدور قرار رفع العلاوة الاجتماعية 50 في المئة، وننتظر إضافات يقول البعض عنها 50 والبعض يقول 70 والبعض الثالث يقول «لا تحلمون»، كبدل لمواجهة غلاء المعيشة… وتصغر الأصفار أو تكبر طبقا لحجم الحلم، لكن الله يعلم، أن أهل البحرين ليسوا جشعين وليسوا طماعين ولا يريدون غير الستر!

لا يريد أن يضرب رب الأسرة رأسه «في الطوفة» بعدما يوزع المعاش الذي يقولون عنه في البحرين دائما «ما عاش»… الله يرحمه ويتغمد بواسع فضله! ولا يريد أن يريق ماء وجهه «رايح جاي» مرة إلى بنك الإسكان، ومرة إلى أحد المصارف، ومرة إلى لا أعرف أين، فقط ليجد وسيلة ما تعينه على تغطية النفقات المتزايدة…

وكما حدثنا فيلسوف عصره وزمانه، أبو القروض ميسرة بن مصرف الإفلاسي: «لو كان الجيب ممتلئا، والقلب مطمئنا، والأهل في راحة، لما سمعت سلندرا ينفجر، أو تايرا يحترق، أو برنوصا تتلحف به جيدا فلا يدفئك، وسيمشي الناس باعتزاز وتحيات وافرات، بلا مصايب وبلا مسيرات وبلا مظاهرات»! متى المعاشات؟

ربما سيتسلم بعضنا راتبه اليوم، وربما غدا وربما بعد أسبوع، وربما – ضعوا تحتها خطين – بعد عشرة أو خمسة عشر يوما! وهذا يحدث! تخيلوا كيف تعيش الأسر التي تتأخر رواتب معيليها!

نريد أن نحيا ونموت بكرامة، لكن «المعاش» يلعب فينا لعب الرحى! بعضنا يعمل من الصباح حتى المساء في أشد الظروف، وبعضنا الآخر يعمل في وظيفتين وليس لديه وقت حتى للجلوس مع أطفاله وممارسة شئون الحياة الاجتماعية، وبعضنا يخرج من عمل مرهق ليمارس عملا شاقا… فيما تعمل بعض الزوجات والأبناء والبنات لتكتمل حفلة آخر الشهر: الأب معاشه 200 –300 دينار – الأم: 250 – البنت: 80 دينارا في صالون حلاقة – الابن: 160 دينارا حارس أمن في إحدى الشركات، ويصبح المجموع قرابة 800 دينار!

حلو، خير وبركة، والآن جاء دور العملية الجراحة الخطيرة التي سيتم من خلالها تركيب مدخول أسرة قدره 800 دينار ليلائم مصروفها الذي يتجاوز 1300 دينار وربما أكثر… والغريب أن هذه العملية لا يستخدم فيها إلا المشرط والمقص… أما خيوط الترقيع ولاصقات «البلاستر» فلا مكان لها هنا…

لكن، تعالوا، متى المعاش؟