سامي النصف

كويت المركز المالي وخصخصة الكويتية (2 – 2)

ولو تخطينا جميع العقبات السابقة التي ذكرناها في مقال الامس وهو امر اشبه بالاستحالة ووجدنا المشتري فقرار التحول الى الربحية الذي يهدف له المستثمر قامت به فعلا شركة لوفتهانزا الاستشارية المختصة التي درست جميع محطات الكويتية – عندما كان سعر النفط 50 دولارا وليس مائة – وقررت ان السبيل الوحيد لوقف الخسارة يتم عبر اغلاق خطوط الشرق الاقصى والهند وباكستان وجميع محطات اوروبا (عدا لندن) وجميع محطات اميركا الشمالية اي الخطوط البعيدة والتركيز فقط على محطات قليلة وقريبة في المنطقة كالقاهرة ودبي ودمشق الخ، اي ان الامر سينتهي ببيع المستثمر الجديد الهادف للربحية بالطبع لأغلب الطائرات وطرد اغلب العاملين والموظفين والاكتفاء بعدد قليل جدا من الطائرات اي الدواء الاكثر ضررا من الداء نفسه فهل هذا هو المستقبل الزاهر الذي يعد به مشروع تخصيص الكويتية؟!

وهناك من يطرح بسذاجة بالغة او دون علم خيار تأجير الطائرات وهو خيار غير صائب على الاطلاق لألف سبب وسبب ففي البدء لا تقوم الشركة المصنعة بصنع طائرتين جديدتين واحدة للبيع والاخرى للتأجير بل جميع طائرات المصنع هي للبيع وما هو موجود للتأجير في السوق لا يقل سوءا وقِدما عن اسطول الكويتية الحالي الذي يشتكي منه المواطنون، اضافة الى ان عمليات التأجير ستتسبب في مضاعفة خسارة الكويتية ومن ثم تمنع اي مستثمر جاد من تملكها، يتبقى ان هناك طائرات جديدة تؤجر لفترات لا تقل عن 12 عاما لمن لا يملك القدرة على الحصول على قروض ائتمانية للشراء (ليس حال الكويتية) وفي النهاية يدفع ثمن اسطول جديد دون ان يتملك طائرة واحدة.

ولقد سمعت عن عشرات المسببات العاقلة والحكيمة لتبرير عمليات الخصخصة في الدول الاخرى ولم اسمع قط بمثل الاعذار التي سمعتها لخصخصة الكويتية مثل ازالة الصراع والانتهاء من مشاكل الكويتية (بقتلها!)، ان حل المشاكل هو بمواجهتها باحتراف وعلم شديدين فمستقبل المواطنين والعاملين بالمؤسسة ليس عرضة لمبدأ التجربة والخطأ المعتادين حيث ان هناك اخطاء لا مجال لتصحيحها وواضح ان خارطة الطريق الحالية ستؤدي الى الكارثة والهاوية المحتمة والواجب ان يصحح المسار وإلا ستزداد المشاكل بأضعاف مضاعفة وتكبر وتستفحل وهذا هو الامر المؤكد.

ونأتي الى القضية «الاهم» ونقول ان الخيار الاستراتيجي بتحويل الكويت الى مركز مالي ومقصد للسائحين والمستثمرين والزائرين يتناقض تماما مع خيار تخصيص الكويتية حيث ان تجارب «جميع» الدول الاخرى في التحول الى مركز مالي ابتداء من سنغافورة وانتهاء بدبي وابوظبي وقطر قد تم عبر انشاء حكوماتهم شركات طيران ضخمة زودتها بكبرى الطائرات واكثرها عددا كي تحمل ملايين الركاب والمستثمرين والسائحين حتى قيل قديما ان للدول شركة طيران وسنغافورة شركة طيران لها دولة ربما بسبب التناقض بين ضخامة حجم السنغافورية وصغر سنغافورة.

ان ذلك الدور الاساسي والمهم لن يقوم به القطاع الخاص ولن تقوم به بالقطع شركات طيران الدول الاخرى، اي هل لنا ان نتصور دبي دون شركة طيران بحجم الاماراتية المملوكة لحكومتها او قطر دون القطرية الخ؟!

لذا فكيف بالله يستقيم خيار الكويت المركز المالي مع خيار تخصيص الكويتية بدلا من شراء عشرات الطائرات لها ومن ثم الحفاظ على عمالتها الوطنية بل وتوظيف آلاف الكويتيين الآخرين فيها وبالتالي المساهمة في تقليص آفة البطالة بدلا من زيادتها في الكويت؟! والحديث ذو شجون.

آخر محطة:
هناك من يشيع مقولة ان الكويتية ستشتري لأصولها والحقيقة ان اصول الكويتية هي اما طائرات متهالكة يتسبب تشغيلها في الخسائر التي نشهدها او مبان غير مدرة للأموال بل تصرف عليها الكويتية كحال مبناها الرئيسي وغيره وهي في الاغلب مملوكة اراضيها للطيران المدني في الدولة الذي لن يسمح بالقطع بتغيير استخدامها الى عمارات ومجمعات، وللموضوع صلة.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *