سامي النصف

الاعتذار المرفوض

كنت ذات مرة مع الصديقين د.سعد بن طفلة ود.أحمد الربعي في زيارة لأصدقاء لنا في السعودية عندما بدأت الاتصالات على هواتفنا النقالة للتعقيب على خطاب صدام الشهير والذي صدمنا جميعا بشذوذه ومنطقه حيث اصبح كالعذر الذي لا تقل وقاحته عن الذنب، كانت الفضائيات تبث ردود الفعل الكويتية دون أن تعلم أنها قادمة جميعا من جلسة صافية في صحراء النفود الجميلة.

لم أود التعقيب على ذنب وغدر وعذر وجدي غنيم مكتفيا برد العديد من الكتاب عليه لولا مشاهدتي بالصدفة لأحد البرامج المحلية التي ذكرتني بأحد البرامج السياسية الشهيرة الذي «تُطبخ» أغلب مكالماته للايحاء بأن هناك توجها عاما نحو قضية ما، لقد أزعجني كم الكذب والافتراء في كلام ذلك الدكتور، ولا أقول الداعية، فالدعاة الصالحون لا يكذبون على الخيرين كحال راحلنا الكبير الشيخ جابر الأحمد طيب الله ثراه، كما لا يتهمون شعوبا بأكملها كحال شعبنا الكويتي الطيب بأخلاقه، استغلالا لمظلمته وضعفه إبان غزوه.

لقد مللنا حتى النخاع ممن لا يكلّون ولا يملّون من «نقدنا» وتوجيه أصابع الاتهام الظالم لشعبنا، ولا يشبعون في الوقت ذاته من «نقدنا» الذي يتسلمونه كمكافآت لهم على شكل عطايا ورواتب بالدينار والدولار والمنح، ويشمل ذلك الأمر من يُغلّبون دائما وابدا ولاءات الخارج على حب ما يفترض ان يكون وطنهم الذي يغارون عليه ويفزعون له، ممن تعشق شياطينهم وتميل أهواؤهم الى العصاة والغلاة والمتطرفين وكبار المجرمين أينما كانوا.

ويكفي ان اعذار وجدي غنيم المسيئة هي لإبقاء صلته «المالية» وليست «الدعوية» مع الكويت والبحرين، فلو كانت الدعوة وليس شيء آخر هي المقصد فالكويت والبحرين هما ولله الحمد دولتان مسلمتان ولا تحتاجان لمن يدعوهما للإسلام اضافة الى وفرة الدعاة الخيرين من أهلهما، وما أحوج ذلك الدعي لأن يذهب لقفار افريقيا وغابات اندونيسيا للذود عن حمى الاسلام هناك، وواضح انه لا يقوم بمثل تلك الأمور لعدم وجود عائد مادي منها.

ونأتي للأعذار الزائفة فنراه يقول انه
لا يتذكر موقفه من الغزو (!!) وذلك كذب بواح فنحن لا نسأله عن كلمة قالها او موقف قام به أمام حدث صغير ينساه كل انسان، ان الغزو هو عملية مزلزلة هزت كيان الأمة بأكملها ويذكر كل فرد بالقطع موقفه منه، والمستغرب ألا يخجل ذلك الدعي من الكذب وانكار ذلك الموقف حتى فضحه الله بالأشرطة المسجلة عليه والتي كان يروج لها البعثيون لتبرير غزوهم للضحية الكويت.

أما الأشنع في مقال اعتذاره «المالي» فهو اشارته للحديث الشريف «اذكروا محاسن موتاكم» عند اشارته لسمو الشيخ جابر الأحمد رحمه الله وهي مقولة تطلق عادة في السياق اليومي على السيئين ممن لا يملكون الكثير من الحسنات للحديث عنها، ولا تقال عادة بحق الخيرين، ان حال عذر وجدي غنيم كحال عذر سيده صدام الذي ذكرناه في بداية المقال فهو عذر أقبح من ذنب ومثل ذلك من ساوى حال فرد «كغنيم» بحال دول الضد التي تفرض «المصالح المشتركة» عودة العلاقات معها، فما هي المصالح المشتركة والقومية التي تربطنا بذلك الدعي عدا شتمنا عندما استضعفنا ابان احتلالنا وامتصاصه المال منا بعد تحريرنا؟!

أخيرا لقد أتانا من البحرين موقف شهم وأصيل غير مستغرب عبّر عنه موقف سمو ملك البحرين المفدى حمد بن عيسى ال خليفة المتمثل في منع وجدي غنيم من دخول البحرين لإساءته للكويت، فهل يعقل ان نسمح نحن بدخوله؟ العكس من ذلك ما أتى من عضو البرلمان البحريني محمد خالد الذي اتهم مخالفي غنيم بالايدز الفكري (!!)، وعندما رد عليه النائب الفاضل علي العمير وأفحمه عاد النائب المسيء كحال من يدافع عنه للكذب لتبرير شتائمه المخجلة، حيث قال انه يخص بها الكتاب العلمانيين (غير المتداخلين او المعنيين بالقضية)… بودنا ان يمنع الاثنان من دخول الكويت والبحرين.

سعيد محمد سعيد

الآسيويون يغزون القرى أيضا!

 

كان للملف المهم الذي فتحته «الوسط» قبل فترة وجيزة بعنوان: «هندوة المنامة» وقع كبير في أوساط المجتمع البحريني… ذلك أن الملف لفت النظر إلى مشكلة قائمة ومعلوم عنها، لكنها مغيبة من ناحية الاهتمام من جانبيه: الحكومي والأهلي! وهي الحفاظ على أصالة ومكانة المنامة كونها عاصمة للمملكة، وكونها اسما يلمع يوما بعد يوم في كل أصقاع الدنيا.

ما بدا واضحا هو أن هناك الكثير من المسئولين والكثير الكثير من المواطنين، تجاوبوا بشكل كبير مع الملف مؤكدين سلامة وموضوعية أسلوب المعالجة… فلم يتعرض الملف إلى توجيه الإهانات إلى العمالة الوافدة، ولم يعرض إنسانيتها وأرزاقها للتهكم، ولذلك، فإن الأوان قد حان لإعادة النظر في وضع العاصمة… عاصمتنا التي فقدت الكثير من أوصافها البشرية والتراثية.

لكن، لنكن أكثر صراحة: من الذي تسبب في كل ذلك؟! سيكون المتهم الأول هو المواطن نفسه! نعم، المواطن الذي يقبل، بل ويعرض تأجير عقاره على الوافدين، حتى وإن كانه جيرانه غير موافقين، ليتتابع الجيران بعد ذلك واحدا تلو الآخر، وتصبح الصورة أكثر سوءا في أحياء ليس بها إلا الأجانب.

بالمناسبة، هل جرب أحدكم التجوال في قرية من قرى شارع البديع في الصباح الباكر؟ أو في حي من أحياء مدينة عيسى أو المحرق؟

من جرب، سيعلم أن الصورة الأكثر شدا للانتباه هي كثرة حركة الآسيويين هنا وهناك، تقابلهم تنقلات العجائز من كبار السن في القرية! فمن المسئول عن سكن العمال الأجانب بين العوائل؟!

هذا السؤال، يدفعه بقوة مجلس طلبة العلوم الدينية في قرية البلاد القديم… وهو لا يعني لافتة قماشية معلقة على أحد الجدران، بل يخبئ وراءه تحركا لتوعية الأهالي والمقيمين من العوائل بخطر السماح بازدياد أعداد العزّاب من الأجانب في أنحاء القرية، وهم يطالبون أيضا بإيجاد قنوات مع الجهات ذات العلاقة لبحث هذه الظاهرة، وأولها المجلس البلدي.

لكن السؤال الرئيسي لم يتغير: من الذي سمح بسكن العمال الأجانب، أليس المواطنون أنفسهم؟

عموما، لا يمكن إخلاء المباني من العمال الذين يسكنون فيها، لكن يمكن النظر في ما بعد انتهاء العقد، ثم، العمل على عدم السماح بتأجير المساكن والعمارات على العزّاب من الأجانب وسط الأهالي، ولا ندري كيف سيتم تنظيم آلية تتعلق بمواصفات سكن العمال الأجانب؟