سامي النصف

حريق آخر يُطفَأ وما أكثر حرائقنا!

كان لبادرة قائد سفينة الوطن ووالد الجميع صاحب السمو الأمير الشيخ صباح الأحمد بالنظر في زيادة عامة للأجور تعم كل قطاعات الدولة أثر الماء البارد الملقى على نيران الاضرابات التي بدأت تضطرم في أساسات الدولة، والتي لو تركت لكان أولى ضحاياها المواطن والوطن الذي سيبتعد عنه الزائر والسائح والمستثمر لما في الاضرابات من أثر سيئ على المقيمين والزائرين، اضافة الى كلفتها المالية الباهظة على الاقتصاد الوطني.

إن علينا الاتفاق على أننا شركاء في وطن واحد يجب أن نفكر في مصلحته العامة قبل مصالحنا الخاصة، ومن ثم فإن اشكالية اقرار زيادة لبعض قطاعات الدولة ستخلق – كما يعلم أي مبتدئ اقتصاد – حركة تضخم وغلاء فوق الغلاء القائم سيعاني منه اخوة آخرون لنا لم يحصلوا على تلك الزيادات، وإن كانوا سيحصدون سلبياتها، لذا فإن قرار النظر في رواتب الجميع هو قرار حكيم ومنصف لكل العاملين في الدولة.

هل يمكن لنا في زمن بعيد أن نربط جزءا من أي زيادات قادمة بالانتاجية التي يسهل قياسها في كل المهن؟ ومن ذلك هل من العدل أن يتساوى في الزيادة الموظف الذي يخلّص مائة معاملة في اليوم للمواطنين مع الموظف المعرقل الذي بالكاد يخلّص معاملة واحدة؟! أمر كهذا معمول به في كندا حيث يدفع للطبيب في القطاع الحكومي بناء على عدد المرضى وعدد العمليات… إلخ.

وفي جميع أنحاء العالم هناك دائما فارق عمودي «ثابت» بين أبناء قطاع العمل الواحد كالفارق بين الطبيب والصيدلي والممرض أو المهندس ومساعد المهندس والعامل، والحال كذلك مع الفارق الافقي الثابت بين أصحاب المهن المختلفة، تلك الفوارق هي أشبه بالاعمدة التي يقوم عليها هيكل الدولة الوظيفي، لذا فما ان يستفرد قطاع بزيادات ضخمة تخصه حتى يختل التوازن ويهتز البنيان، لذا يجب النظر دائما قبل أي زيادات في تأثيراتها الافقية والرأسية في البلد.

ويقال في المثل الانجليزي الشهير «ان التفاح لا يقارن الا بالتفاح»، أي أمر متطابق معه في المواصفات والظروف، لكن عندنا اصبح من الامور الشائعة من يقارن تفاحنا ببطيخ الآخرين بدلا من المقارنة بتفاحهم، أي هناك من يختار أسوأ الظروف لدينا كحال صاحب المهنة المبتدئ ويقارنها براتب استشاري هناك ثم يشكو من الظلم، في الختام الكويت ليست بقرة حلوبا بل هي وطن يجب رفعه عن المصالح الذاتية والاطماع المادية.

آخر محطة:
تحية من القلب لوزير المواصلات والاوقاف الاخ عبدالله المحيلبي على توجهه بالنداء لوطنية المضربين ومناشدتهم عدم الاضرار بسمعة بلدهم. لو استُخدم هذا النهج الحكيم منذ البدء لما تفشت على الاطلاق عمليات التهديد بالاضراب، وكفو يا بوفهد.

سعيد محمد سعيد

محركات «الفتن الطائفية»

 

لو قدر لنا أن نرصد التصريحات الصحافية الصادرة عن القيادة، وتوجيهاتها بشأن الحفاظ على الوحدة الوطنية والتصدي للممارسات الطائفية، لوجدناها تملأ الكثير من السجلات والملفات! ولو قدر لنا أن نجمع ونحفظ المقالات والأبحاث والدراسات والإصدارات التي تحذر من الخطر الطائفي، وتشدد تأكيد «التحصين» باعتباره مانعا قويا ضد أي انفجار يدمر المجتمع… لوجدناها أكثر من أن تحصى.

لكن لو قدر لنا أن نتحدث عن مفعول كل ذلك في نفوس البعض، لوجدناه لا يتجاوز الصفر!

في البحرين، هناك محركات للفتن الطائفية لا تستند إلى قيم دينية أو أخلاقية أو وطنية، وإنما تستند إلى متطلبات «أجندة» سرية هنا، وتخطيط سري هناك، والأخطر من ذلك، أن هناك من أصبح يعبث بفتيل الطائفية على مستوى الطائفتين الكريمتين في البلاد! لكن المشكلة الأكبر، والخطر الأكبر، والكارثة الكبرى هي استمرار الممارسات المغلفة بالدين!

القصص في المجتمع البحريني كثيرة، وهي ليست بعيدة عن المدارس! ولهذا، كان تأكيدنا أن البيئة المدرسية، بكل مضامينها ومجاميعها البشرية من هيئات إدارية وتعليمية وطلبة، يجب أن تكون في منأى عن هذا النوع من الممارسات، حتى لا يتأثر كل المجتمع. لايزال في المدارس معلمون ومعلمون يشعلون فتيل الفتنة من خلال إصرارهم على إعادة الخلافات التاريخية بين الطائفتين… لايزال هناك من الطلاب والطالبات من يؤدي دوره المدفوع من جانب بعض «المدسوسين» ليبث السموم في المدارس بين زملائه… لايزال من يستخدم المدارس ذاتها منابر للتحريض بمساريه: مسار التحريض ضد الدولة، ومسار التحريض ضد الطائفة!

وهناك من يعلم أن ما يقوم به من عمل يعرضه للمساءلة القانونية لكنه «يفعل» لأنه مطمئن تمام الاطمئنان من أن (لا أحد يستطيع إسكاته).

وعلى أية حال، مازلنا نسمع ونرى ونشاهد أفعال «محركات الفتنة» في المجتمع، لكن من وجهة نظري المتواضعة، فإنني أرى أن الوقت ملائم جدا لأن يكون للقانون دوره في ردع كل من بدأ وواصل مسيره في شحن المجتمع ضد بعضه بعضا، ونقصد بالقانون، تلك النصوص التي تنظم العلاقات بين الناس… والناس هم أهل المجتمع الذين يجب أن يستعينوا بالقانون لردع أصحاب الفتنة، فهؤلاء لا يصلح معهم التهادن أو الكلام اللين، ولا تصلح معهم لا مسيرات ولا يحزنون