كعادة كلية العلوم الاجتماعية بقيادة الدكتور الكفؤ يعقوب الكندري في الاهتمام بطرح القضايا التي تهم المجتمع، حضرنا بالأمس ندوة معلوماتية ثرية ادارها باقتدار د.بدر العيسى وشارك بها السفير عبدالله بشارة ود.خلدون النقيب، وقد دارت الندوة حول مقترح ادخال ايران والعراق لمجلس التعاون الخليجي، وكانت لي مداخلة تركزت حول ما طرحه د.النقيب الذي يعرف عنه اثراؤه المكتبة الخليجية والعربية بكثير من المطبوعات القيمة، كما انه شخصيا يمتاز بالنبل ودماثة الخلق في مجتمع تقلصت فيه، للأسف، مثل تلك الاخلاق الحميدة.
كان اعتراضنا على مقترح د.النقيب ادخال ايران والعراق واليمن لـ G.C.C كونه يتناقض مع النظام الاساسي للمجلس، كما ان مسمى المجلس الرسمي هو «مجلس التعاون لدول الخليج العربية» ومن ثم لا يجوز ضم ايران اليه كونها غير عربية واليمن كونه ليس من الدول المطلة على الخليج وليس في ذلك امر مستغرب، حيث لا يجوز للكويت، على سبيل المثال، ان تنضم الى مجلس دول حوض البحر الأبيض المتوسط.
ان فتح الباب المغلق للدول الثلاث سالفة الذكر سيعني ضم الاردن كذلك لقرب نظامه الملكي من انظمتنا الخليجية، وسيتلو ذلك ضم مصر وسورية ولبنان الى المجلس لأولويتها على دول الضد (العراق، الاردن واليمن) التي تم ضمها، وستشكو السودان من كونها الجار الفقير كحال اليمن، وسيتم ضمها، ولن يستطيع المجلس بعد ذلك منع ادخال الرئيس الليبي مادام قد ادخل الرئيس الايراني ومن ثم ستنضم ليبيا ولن تبقى الا دول المغرب العربي الصديقة تاريخيا لدول الخليج ومن ثم سيتم ضمها وسينتهي الحال بفيل ابيض كبير لا يستطيع الحراك وستوضع لوحة الجامعة العربية الجزء «2» على بوابة المجلس.
إن إدخال ايران والعراق اللذين يعانيان هذه الأيام من عدم الاستقرار السياسي والأمني سيعني تحول حالة عدم الاستقرار منهما الى المجلس، كما ان مواجهة ايران للتحالف الدولي ستضع دولنا في موقف لا نحسد عليه، حيث يفرض النظام الاساسي للمجلس الوقوف معها ضد حلفائنا الدوليين، كما ان دخول ايران التي تحتل الجزر الاماراتية وتهدد دولنا بين حين وآخر هو كحال مقترح ضم الاتحاد السوفييتي السابق لمنظمة دول حلف شمال الأطلسي!
وقد لام د.النقيب دول الخليج على ما أسماه الاكتفاء بدور «المتفرج» بدلا من دور «اللاعب» وكان رأينا ان جميع نكبات الأمة خلال نصف القرن الماضي تمت من قبل الانظمة الثورية التي ارادت القيام بدور اللاعب بدلا من التفرج على مباريات الكبار بين الشرق والغرب فأدخلت الامة في صراعات وحروب ونكسات وهزائم كوارثية وما كان اسعدنا لو اننا اكتفينا خلال تلك المدة بدور المتفرج وتفرغنا لعملية التنمية والبناء والتعمير وتركنا اللعب والحروب لغيرنا.
كما لام الدكتور الفاضل دول الخليج كونها لم تدعم المقاومة العراقية إبان حكم صدام وكان تعليقنا اننا في الوقت الذي نرفض فيه تدخل ايران في شؤوننا الداخلية لا يمكن ان نقبل بتدخلنا في شؤون العراق إبان حكم صدام او غيره، وقد تباينا مع الدكتور في تقييمه لإنجاز مجلس التعاون وباختزاله موقف اميركا بمقولة غير صائبة لأحد الصحافيين الاميركيين كما تمنينا لو ان امتنا العربية قامت بالدور العاقل الذي تقوم به دول الخليج هذه الايام قبل نصف قرن وانضمت آنذاك لحلف بغداد مع ايران وتركيا وباكستان ولكنا قد تفادينا حروب 56 و67 والاستنزاف و73 و78 و82 و90 و91 و2001 و2003 وكل الحروب المقبلة!