سامي النصف

محاكمات «68» وقناة المعكرونة

أفهم تماما انخداع محدودي القدرة أو التعليم او الفهم بنظام الديكتاتور عبدالناصر الا انني اعجب كل العجب من ايمان رجال ومثقفي الرأسمالية الوطنية الكويتية به وهم من كان يشاهد بالعين المجردة ما يفعله باقرانهم في بلده وفي سورية (بعد الوحدة) من ظلم وقمع شديدين تمثلا في احالتهم لمحكمة الغدر (53) بتهمة الفساد ثم الالغاء المفاجئ لعملة الـ 100 جنيه لمن فروا من ظلمه كي تصبح لا قيمة لها في المهجر (كحال الغاء الدينار الكويتي عام 90).

ثم تلا ذلك قوانين تحديد الملكية (54) وتأميم المنشآت الصناعية والتجارية والاعلامية (61) واصدار قانون الطوارئ و«تصفية الاقطاع» بعد اكذوبة قرية كمشيش واخيرا قانون «فرض الحراسات» لمن لم تطله القوانين الجائرة السابقة من رجال الاعمال حيث شمل ذلك القانون 20 الف شخص عام 66 ومعروف ان فرض الحراسات هو اجراء يوجه ابان الحرب ضد املاك رعايا الدول العدوة كي لا تستخدم للإضرار بأمن الدولة ولم تفرضه قط دولة على مواطنيها كما يرى الباحث د.وجدي ميخائيل.

حدثت النكسة (الاسم المخفف للكارثة)، وفي 21/11/67 صدر قرار جمهوري بانشاء «محكمة ثورة» اخرى لمحاكمة المتسببين في الهزيمة، وبدأت المحاكمات اوائل عام 68 بقصد امتصاص غضب الشعب المصري، الا ان ما نشر في الصحف من محاضرها كشف المستور وفضح النظام الناصري القائم بأكثر مما فضح المتهمين، فقد اتضح للعيان مقدار الفساد المالي لرأس النظام وللمشير ولاجهزة مخابرات صلاح نصر الذي ذكر ضمن محاضر تلك المحاكمات «ان هناك اشياء سرقت من سفارة الكويت» وسلمت لسكرتارية الرئيس، كما اوضح عدد الشركات التي انشأتها المخابرات وكانت ارباحها السنوية تعود للرئيس وللمشير.

انقلب سحر تلك المحاكمات على الساحر وأُبعد الكاتبان موسى صبري واحسان عبدالقدوس عن الصحافة «المؤممة» لنشرهما وقائع المحاكمات وصدرت احكام هزيلة بعد تهديد المتهمين، وعلى رأسهم صلاح نصر، بكشف المستور فخرجت مظاهرات العمال والطلبة ضد عبدالناصر مطالبة باعادة المحاكمات، وتلا ذلك صدور بيان 31 مارس 68 بقصد التنفيس عن الغضب العارم للشعب وانتهى في ذلك اليوم النظام الناصري بعد ان فقد ارضه وثقة شعبه به وبدأ على الفور بشن حرب الاستنزاف «الكوارثية»، وتهجير سكان مدن القناة بقصد شغل الشعب عن الحقائق التي بدأت تتكشف امامه.

وبنى النظام الناصري مجده الكاذب على تأميم قناة السويس التي تسببت هزائمه في اغلاقها 10 سنوات، وللقناة قصة تستحق ان تروى، فقد كان حلم الاباطرة والفلاسفة ربط البحرين الاحمر والابيض بقناة مائية وقد تم ذلك في عهد «سيتي الاول» عندما فتح قناة «سيزوستريس» التي ربطت البحر الاحمر بالنيل ومن ثم المتوسط، ثم هجرت تلك القناة لعدة قرون و«نشفت»، وفيما بعد رفضت الدولة العثمانية والامير محمد علي وخلفاؤه فتح قناة بين البحرين خوفا على مصر من احتلال الاوروبيين لها لحراسة تلك القناة وبقي النقل بين البحرين قائما على الجمال والبغال والعربات.

لنجاح فردينان دي ليسبس في اقناع الامير محمد سعيد باشا بمشروع القناة رواية تؤهل «القنال» لتسميتها «بقناة المعكرونة» لطرافتها، فقد كان الامير محمد سعيد يعاني في صغره من البدانة وكان والده الامير محمد علي يفرض عليه الجوع والصيام الدائم ولعب الرياضة لتخفيف وزنه وكان «ماتيو دي ليسبس» والد فردينان جارا وصديقا لمحمد علي لذا كان ابنه فردينان يغذي في السر الامير محمد سعيد بالمعكرونة التي يعشق اكلها ولم ينس الامير الصغير ذلك المعروف الذي اوقف عذاباته ومعاناته اليومية، لذا سارع باعطاء صديقه فردينان دي ليسبس رخصة حفر القناة وصدق تخوف والده، فقد تسببت فيما بعد في احتلال مصر اكثرمن مرة.

سعيد محمد سعيد

هيئة «لتشجيع» الطائفية!

 

في فبراير/ شباط من العام 2006، طرحت فكرة متواضعة من خلال هذه المساحة، اقترحت من خلالها تشكيل هيئة وطنية للتصدي للممارسات الطائفية ومكافحتها، إذ تتصدرها مجموعة من الشخصيات والوجوه البحرينية المشهود لها بالعمل المخلص والجاد لخدمة البلد وأهل البلد…

وحينها، وجد بعض القراء، وبعض المعارف والأحبة، فرصة للتندر، فمن قائل: إنك تؤذن في مالطا! ومن متشنج إلى درجة الغضب الشديد بسبب قناعته وإيمانه بأن الطائفية في بلادنا لن تكون لها «نهاية» بسبب رغبة رؤوس كبيرة في الدولة، ومجموعة من المتنفذين، وعصابة من الطائفيين من يملكون السلطة والمال والقانون لتحقيق مكتسبات فئوية… وآخر كان تعليقه متشائما إلى أبعد الحدود حين قال: «هذا يعني أن كل من يعيش في البلد سيتعرض للمساءلة لأننا جميعا طائفيون»، لكن أفضل التعليقات تلك التي طالب فيها أحدهم بتشكيل هيئة «لتشجيع» الطائفية وليس لمكافحتها!

والمعنى في قلب الشاعر…!

كتبت سابقا، أن من الأماني الكبيرة، والطموحات الخالصة، أن تتشكل لدينا في البلاد – وعلى المستويين الشعبي والحكومي – هيئة وطنية تمتلك القوة للتصدي لكل أشكال الطائفية وممارساتها في البلاد.

كانت تلك الفكرة، وغيرها الكثير، من الأفكار التي راودت محدثكم العبد لله على مدى سنوات، لكن مجرد طرح الفكرة على بعض الناس كان يقود إلى حال من الترهيب اللامحدود: «أنت بذلك تريد أن تقول إن البلد غارقة في الطائفية أليس كذلك؟ قف عند حدك» أو من قائل: «الكل في بلادنا يحارب الطائفية… الكل جند مجندة ضد الطائفية، فلم هذه الهيئة وما أدراك ما الهيئات؟ ثم مجرد الفكرة تعني أنك… طائفي».

على أي حال، لا يمكننا أن ننكر حقائق نعايشها بشكل يومي… الطائفية التي لا تريد الحكومة أن تضربها (بيد من حديد)، ولا يريد المواطنون مواجهتها بمواقف حقيقية نابعة من المسئولية الوطنية، ولا يريد أحد كائن من يكون، أن يعترف بها لكي يتخذ منها موقفا يرضاه ضميره… بل على العكس من ذلك، هناك من يتبنى النفس الطائفي البغيض وبصورة تخلو من الإحساس بالمسئولية…

ليس مهما أن يكون كاتبا أو كاتبة صحافية معروفة ومرموقة لكي يتفق الناس على أنه/ أنها من عباقرة زمانهم، وأنهم يقولون القول الفصل حين يتحدثون عن قضية لها صبغة طائفية بحتة! وليس صحيحا أن يخرج علينا نائب أطلق المجال للحيته، ولأنه تعلم بعض أصول تجويد قراءة القرآن الكريم، وصلى بالناس جماعة أو جمعة وخطب فيهم خطبتين، فإنه بذلك ولي الله الصالح الذي تنزه عن الأخطاء وعصم نفسه عن الوقوع في الزلل! وأنه حقيقة، ذلك الإنسان الذي يمتلك صكوكا خاصة ليدخل هذا الجنة ويرمي بالآخر على وجهه في النار وبئس المصير!

لقد مرت البلاد، عبر العقود الثلاثة الماضية بتحولات مهمة وخصوصا على صعيد العلاقة بين السلطة والشعب… بين القيادة والمواطنين، ومع ذلك، لاتزال المعضلة الطائفية قائمة… والغريب في الأمر أنها تتحرك تبعا للمصدر، فإن كان المحرك شيعيا فالطائفة كلها متهمة، وإن كان المحرك سنيا فإن الحكومة والطائفة السنية متهمة… وتقتلك الحيرة حين تجد رموزا ووجهاء وشخصيات دينية ومسئولين… يتورطون في الطائفية!

ختاما، أنا شخصيا، لست متفائلا أبدا بأن هناك توجها لضرب الطائفية بيد من حديد… وفي القادم من الأيام، سأحاول تقديم ما يعزز كلامي.

احمد الصراف

وينك يا بوخالد

تعتبر «ميمري تي في Memri t.v» من أكثر وسائل بث الأفلام على شبكة الانترنت شهرة واهتماما بالجاد والسياسي من القضايا التي غالبا ما تتضمن نقدا أو ادانة لوضع أو لآخر في بلداننا بالذات.
وقد أعلمني صديق «انترنتي» أردني أن هذه الشبكة الواسعة الانتشار يديرها مسؤول سابق في جهاز الموساد، وأنها تهتم بشكل أساسي بترويج كل ما يشوه صورتنا في العالم، وقد رددت عليه في حينها بالقول ان الجريمة تكمن أساسا في من قام بالفعل الفاضح، وليس فقط فيمن ينشر الجرم أو يروجه.
ورد النص التالي في أحد أفلام «ميمري» على لسان رجل دين «سعودي»:
يقول «حرب» (وبقية الاسم غير واضحة) رحمه الله كيف اذا أقبلت الحورية (يعني حور العين) بشعرها الأسود ووجهها الأبيض، سبحان من جمع الليل والنهار، شعر، نحر، ثغر، خد، قد، نهود، فخوذ، سيقان، بياض، نعومة، ما في كريمات ولا نيفيا ولا وازلين.. مافي أي شيء.
يقول «…» رحمه الله عن الوجوه يوم اذن أنها ناعمة حتى وجهك أنت ناعم من غير مساحيق ولا ماكياج.
وقال «…» رحمه الله كيف اذا أقبلت عليك الحورية بذلك القد الجميل والشعر الأسود والوجه الأبيض، سبحان من جمع الليل بالنهار. المس كفها يا شيخ، بس كفها، كيف اذا لمست البنان، والبنان هو هذا (وأشار الى طرف اصبعه) البنان هذا تنعم بالجنان آلاف السنين، لا اله الا الله، واذا أقبلت الحورية… كيف اذا دخلت أحد القصور واذ بعشرين من حور العين متكآت على كثبان من المسك (وهنا ينادي على أحد الحضور) وينك يا بوخالد.. يا بو خالد اقبل، فلما رأينك مقبلا قمن مسرعات وسعيدة الحظ هي التي تضع ابهامها بيدك، فلما أمسكنك القين بك على ظهرك على كثبان المسك، الله أكبر والحاضرين كلهم ان شاء الله، سحبنك على ظهرك وكل منهن تنتظر الدور….!
ويقول رحمه الله كيف اذا قدمت لك الحور كأس الخمر، أي نعم خمرة، الدعوة ما هي ببلاش، خمر الدنيا هي الدمار، كيف اذا قدمت لك الحورية كأس الخمر أيهما سيسلب لبك، بياض كفها أم بياض خاتمها أم بياض الخمر…..الخ».
والآن كيف يمكن لأي مراهق أو رجل جاهل بكل أمر في الدين، ولم ير من الحياة غير جانبها المتطرف والمؤلم والجاف، والذي حرمت عليه كل ملذات الدنيا، وحتى البريء منها، إما لدواع أمنية أو دينية، كيف له أن يقاوم كل هذا الكلام وهذه الدعوة المغرية لقتل النفس وقتل الغير بـ «قنبلة» نفسه في مقهى أو موقف سيارات، ليموت ويضع حدا للحرمان الجنسي أو الفقر، ومن ثم التمتع بكل مغريات الآخرة من حور عين وخمرة وبقية الملذات وغير ذلك الكثير الكثير، وبعد لحظات من مقتله؟.
عندما سئل الفنان دريد لحام قبل سنوات عن مصادر قصص مسلسلاته وأفلامه قال إن الحياة التي تعيشها شعوبنا ملأى بها، ولا يحتاج الأمر لغير البحث عنها. وقناة «ميمري» لم تفعل أكثر من ذلك. فأوضاع أوطاننا «الكسيفة» وأوضاعنا «الأكسف» بها الكثير الذي يستحق النشر في وسائل الاعلام «المعادية» وجذب اهتمام المشاهد في أي بقعة في العالم، فجبال الخرافات التي تحيط بنا أكثر من أن تستوعبها ساعات بث تلفزيونات العالم أجمع.
ملاحظة: نص هذه الخطبة موجود لدينا على الانترنت، ولمن يود الاطلاع عليه الاتصال بنا.

أحمد الصراف
habibi [email protected]