سامي النصف

وماذا عن الدواوين؟

يحتار المراقب لما يجري في بلدنا، حيث نلحظ أن هناك من يطلب أمورا لو حصلت لكان هو أول المتضررين منها، كحال طلاب الدوائر الخمس قبل الأمس والفرعيات كما أوضحنا في مقال أمس والاعتراض على إزالة الدواوين كما سنوضح في مقال اليوم، والمؤسف في جميع تلك القضايا الاعتماد على الإشاعات والدغدغة والأقوال غير الصائبة – ولا نقول الكاذبة – لتمرير الخيارات الخاطئة بحق الوطن وبحق من يدعو إليها.

– ياللعجب –

هل كانت هناك تفرقة في إزالة الدواوين كما ادعى بعض معارضي الإزالة؟ الجواب هو «لا» كبيرة، فقد ازيلت الدواوين المخالفة في «جميع» مناطق الكويت وقد بدأت بالكبير من شيخ ووزير ونائب وعضو بلدي قبل الآخرين بعكس ما أشيع، أما الطلب بترخيصها ووضع رسوم عليها كحال الاسطبلات والجواخير والشاليهات والمزارع والمناحل والهجن والمناطق الصناعية والأسواق والمشاريع المختلفة المقامة على الأراضي العامة للدولة فهناك فارق كبير وواضح.

ففي جميع الأمثلة السابقة قامت السلطة التنفيذية وبموافقة السلطة التشريعية التي تمثل الشعب باختيار «مناطق محددة» لخلق أنشطة إنتاجية وترفيهية، فحددت للمزارع منطقتي الوفرة والعبدلي، وللجواخير منطقة كبد، وللشاليهات الساحل الجنوبي، وللمناطق الصناعية الشويخ وصبحان والصليبية..إلخ، وجميع المستفيدين هم مواطنون كويتيون، أما الدواوين فغير محددة بمناطق معينة ولا توجد تراخيص بها من قبل الدولة كحال الأمثلة الأخرى.

إن هناك مبدأ منطقيا وبديهيا هو أن على الدولة في نهاية المطاف إما أن تطالب بإزالة التعديات كما تم ويزعل «البعض» أو أن ترخص وتقنن تلك التجاوزات وما سينتج من اغضاب «جميع» المواطنين، حيث لن تبقى قطعة أرض فاضية وخالية دون أن تقام علىها مباني كيربي ستؤجر للعزاب وكمخازن بحجة أنها «دواوين» ولن يأمن مواطن بعد ذلك – ومن ضمنهم أصحاب الدواوين المخالفة – على أهله أو يجد مكانا لإيقاف سيارته، وسيخسر المواطن المعني على الأرجح 4/3 سعر منزله.

وفي سياق الفرعيات هناك حادثتان تستحقان الإشارة إليهما لإظهار بُعد نظر من قاموا بتجريم تلك الممارسة المضرة بالجميع، الأولى حدثت قبل عامين عندما كنت أحاضر إبان الانتخابات الماضية ضد ظاهرة شراء الأصوات، وحال انتهاء الندوة اقترب مني رجل قال انه يسكن في احدى المناطق الجنوبية وكان يعيش في أحسن حال حتى ابتدأت الفرعيات التي يقوم بها طرفان ثم يتحالفان لإغلاق الدائرة عليهما، حيث اصبحنا – حسب قوله – بالتبعية مواطنين درجة ثانية لا يسأل عنا أحد قبل ولا بعد الانتخابات، فنوابنا مهتمون فقط بمن انتخبهم في الفرعيات، لذا اعطينا صوتنا، وبرحابة صدر، لطرف ثالث قدم ليشتري الأصوات لا حبا في المال، بل لكوننا وجدنا أخيرا من يسأل عنا!

الحادثة الثانية حدثت قبل يومين في ليلة أحداث الصباحية العاصفة سياسيا وأمنيا ومناخيا، حيث كنت اتحدث مع رجل أمن مثقف ومخلص ينتمي لنفس القبيلة الكريمة التي دارت حولها أحداث تلك الليلة وقلت له الحكاية السالفة الذكر فقال انه يعيشها بشكل يومي، حيث يقطن واسرته في منطقة مغلقة ومنذ سنوات على قبيلة أخرى ومن ثم لا أمل لديه أو حتى لأبنائه في الفوز بأي انتخابات نيابية أو بلدية أو تعاونية بتلك المنطقة، وكان تعقيبي: لهذا علينا جميعا ان نلتزم بتطبيق القوانين التي ما وضعت الا لخدمتنا كمواطنين.

آخر محطة:
أخبرني صديق إعلامي بارز من سكان الجهراء أن الفرعيات والتحالفات إن تمت بشكل معين في الدائرة فقد تنتهي بفشل وصول أحد من الجهراء للمرة الأولى لمجلس الامة.

احمد الصراف

النائب المملوح

كان شخصا محبا للحياة مقبلا عليها وكأن الدنيا ستفنى بعد ايام، ولكن حياة الصخب والمجون والسهر التي اعتاد عليها كادت تقضي عليه، فانبهاره بكل ما رآه في الخارج، من ملذات لم يعتد عليها في بيئته السابقة الشديدة الصرامة والمحافظة، دفعه الى التطرف في كل شيء، توقف عن كل ذلك بعد ان اصبح قاب قوسين او ادنىمن الادمان والمرض وقرر «صاحبنا» ان يترك كل ذلك وراءه وان يتجه الى حياة اخرى، وهكذا نبتت لحيته وقصرت دشداشته وغير مسار حياته مجاورا المسجد ليل نهار، بعد ان اصبح مركز عمله ونقطة انطلاقه.
فصاحته وملاحته، وقوة حنجرته اهلته، خلال فترة قصيرة، لان يصبح خطيب منطقته، ومنها انطلق في مساره القصير نسبيا لتحقيق احلامه في الثراء وبناء النفس، وخصوصاً بعد ان عرف كيف يركب الموجة ويستفيد من الوضع والاتجاه نحو التدين، مع الاستمرار في التمتع بالحياة ولكن من غير ثمالة، وبأسلوب اكثر ذكاء.
انتماؤه لقبيلة كبيرة دفعه لان يدخل انتخاباتها الفرعية، هنا ايضا تدخلت فصاحته وملاحته وقوة حنجرته لتحمله على الاكتاف ليفوز بانتخاباتها الفرعية التي مهدت الطريق له ليصبح نائبا يشار اليه بالبنان فقط، بل بكل اصابع اليدين والقدمين!!
نجح في دورات ثلاث، كان في الاولى عالي الصوت، طبطبائي الطرح والاسلوب، مناديا بحق جماعته بثروات البلاد مدافعا شرسا عن حقوق «جزء من الشعب» المحروم. اما في الدورة الثانية فقد تغير اسلوبه او تكتيكه واصبح اكثر هدوءا واقل مشاركة في المناقشات بعد ان عرف اهمية كرسيه وثمن صوته، وما يمكن ان يجلبه ذلك من مال وجاه.. ومتع!
وهكذا بدأ بعرض نفسه «وخدماته الاستشارية» على عدة شركات ومؤسسات محلية عالمية وعالمية عالمية، وتكن خلال فترة قصيرة من تسويق نفسه لدى عدد منها واصبح اسمه يرد على جداول رواتبها السرية، فنمت ثروته باطراد مع تحسن خبرته في استغلاله صوته وموقعه في اكثر من استجواب حيوي وخطير.
ارتباطاته المالية الجديدة وسعيه السريع للثراء وانشغاله بالدفاع عن مصالح الشركات الكبيرة التي تطوع، قولا وكتابة، بالدفاع عن مصالحها داخل الكويت وخارجها، انعكس سلبا على ادائه «التشريعي» في الدورة الثالثة، حيث اختفى صوته، او كاد من المناقشات والمشاركات البرلمانية، واصبح غيابه عن اللجان امرا عاديا، كما اصبح اكثر ميلا للسكوت واقتناص الفرص، وخصوصا خلال فترات الاستجوابات الشهيرة، كما انشغل باستخدام قرطاسية المجلس في توجيه رسائل شهيرة لخارج الكويت.
وفجأة تم حل المجلس.. وفجأة ايضا جرت انتخابات فرعية.. وفجأة ايضا وايضا سقط بدوي عال!!
وهكذا انتهت واحدة من اشهر قصص استغلال كرسي المجلس للاثراء، لتبدأ بعدها عشرات القصص الاخرى.

أحمد الصراف
[email protected]