سامي النصف

احذروا حوبة اليهودي الكويتي

يقال – مع شواهد واثباتات كثيرة – ان للكويت «حوبة» فمن يتعرض لها بأذى ينتهي نهاية مأساوية كما حدث مع الملك غازي الذي طالب بها فقتل ونوري السعيد «قتل» وعبدالكريم قاسم «قتل» وصدام حسين «شنق» والحال كذلك مع الاضطرابات التي اصابت الدول التي وقفت ضد بلدنا عام 90 وانتهى كثير منها إلى حروب دموية وكوارث طبيعية وازمات سياسية خانقة.

اليهود لا يقلون عنا في «الحوبة» او اللعنة التي تصيب من يعاديهم او يظلمهم فحتى منتصف الاربعينيات استقصد الاوروبيون اليهود بالاقصاء والقتل والابادة فتحولت قارتهم الى قارة حروب طاحنة ما ان تنتهي واحدة حتى تبدأ الأخرى، وما ان اصبح الاوروبيون موضوعيين وعقلاء وانسانيين مع اليهود ومؤمنين بحقوق الانسان بعد عام 45 حتى توقفت الحروب على ارضهم ذات الحربين العالميتين وآلاف الحروب الاخرى واصبحت ارض السلام الدائم والوحدة والاقتصاد المنتعش.

وفي حقبة ما بعد عام 1948 تعرض اليهود الابرياء في الدول العربية لظلم شديد لا يحتمل بسبب ما جرى على ارض فلسطين وهو أمر لا ذنب لهم فيه وآخر ما صدر بهذا الخصوص كتاب «تاريخ يهود النيل» يروي فيه كاتبه جاك حاسون مظلمته وآخرين من جماعته من قبل النظام الناصري القمعي عام 1956، والملاحظ ان «اللعنة» انتقلت خلال نصف القرن الماضي من اوروبا الى منطقتنا التي لم تتوقف فيها الحروب منذ ذلك الحين وهو ما يدل على صحة نظرية «حوبة» اليهود والملاحظ كذلك ان دولا مثل مصر وقطر والاردن والمغرب ارتفعت مؤشرات التنمية لديها الى مستويات غير مسبوقة حال تخليها عن الشعارات الرنانة الكذابة المعروفة واستبدالها بالرغبة في السلام مع الجميع.

إذا ما اتفقنا في النهاية على ان للكويتيين «حوبة» أو لعنة وان لليهود «حوبة» كذلك فكيف اذا ما اجتمعت الحوبتان؟! نشرت الزميلة القبس قبل ايام حوارا اجرته مراسلتها في الضفة الغربية مع اليهودي الكويتي- أبا عن جد – شلوموا بن صالح الكويتي تحدث فيه عن ذكريات والده الطيبة في وطنه الكويت، وانه لم يتعرض قط للظلم لدينا، كما ابدى رغبة ملحة في زيارة موطن آبائه واجداده الكويت، ونرى ان توجه اليه الدعوة لزيارة بلدنا، فشلوموا يملك للعلم حوبتين لا حوبة واحدة وقد تطفئ زيارته «العزيزوا» الذي يتسبب في الأزمات السياسية والامنية والاقتصادية والكوارث التي نتعرض لها منذ امد بعد ان نسينا ان للآخرين حوبات كحوبتنا!

آخر محطة:
بصدق وبكل امانة هل سنجد من هو اكثر كفاءة وأمانة واقل قابلية للفساد والتأزم والاثراء غير المشروع من مرشحات امثال د.فاطمة العبدلي ود.سلوى الجسار ود.رولا دشتي ود.اسيل العوضي والمحامية ذكرى الرشيدي وغيرهن من مرشحات؟ فلماذا وبحق لا ينتخبهن الرجال قبل النساء؟!

احمد الصراف

دبي والنعم.. ولكن!

سوف لن أتكلم عن تجارب الآخرين مع دبي بل عن تجربتي الشخصية.
اشتركت وآخرون في مشروع إدارة مطعم لبناني في أحد فنادق دبي الشهيرة. ولأسباب عدة تأخر افتتاح الفندق في «مول الإمارات». فقررنا، بعد تورطنا في توظيف طاقم المطعم، استغلال وجود الطاقم المدرب والعاطل عن العمل، في إدارة كافتيريا صغيرة في المجمع نفسه لبيع الأطعمة اللبنانية.
نجاح مشروع الكافتيريا فاق كل التوقعات، وساهم دخله في فتح مطعمين آخرين. ودخلها جميعا ساعد في مضاعفة عدد سلسلة مطاعم الشركة إلى ست، وكل ذلك في ثلاث سنوات فقط!
هذه قصة نجاحنا غير المتوقعة في أرض الأحلام دبي، التي لا تقارن بقصص الآخرين مع مليارات الدولارات، والتي تلخص ببساطة معجزة دبي التي أصبحت «إرم ذات العماد» العصر الحديث التي لا يوجد لها مثيل، وهي قصة نجاح عمراني وسياحي وترفيهي قل نظيره… ولكن لا شيء غير ذلك.
يقول لي كوان يو، الأب الروحي والفعلي لسنغافورة، في معرض تفسير سر تقدم بلاده، انه أدرك منذ اليوم الذي أصبح فيه رئيسا لوزراء الجزيرة مدى أهمية الحكمة الصينية التي تقول: «سنة واحدة كافية لتحصل على بذرة قمح، وعشر ضرورية لكي تنمو شجرة، ومائة ضرورية لكي ينمو إنسان. ولذلك عملنا على إنتاج مجتمع آمن ومستقر، وركزنا على «الثقافة والفنون»، فتمكنَّا من تكوين أشخاص قادرين على اختيار مواقعهم ووظائفهم ويؤمنون بأن الحياة تستحق العناء من أجلهم ومن أجل أبنائهم»!!
كلام جميل وعظيم من إنسان فذ وعبقري في علم الإدارة والسياسة، عرف مدى أهمية بناء الإنسان فأعطى الموضوع ما يستحق من أهمية. فناطحات السحاب والجزر والمصانع وكل المشاريع العمرانية والاقتصادية لا تعني شيئا بغير الإنسان المواطن الكفء!! وهكذا نجح «لي كوان يو» خلال فترة بسيطة في تحويل مجموعة مستنقعات فقيرة يعيش عليها خليط متنافر من البشر المنحدرين من أجناس وأعراق وديانات مختلفة ومتنوعة، والتي لا مورد لها غير ما يردها من عملية تأجير أراضي الجزيرة كقاعدة عسكرية بريطانية، نجح في تحويل سنغافورة لواحدة من أعلى دول العالم دخلا وأكثرها ثراء وأقلها فسادا وأعلاها إنتاجا، وأصبحت التجربة السنغافورية، والإنسان السنغافوري، الفنان والمثقف، مادة تدرس في جامعات العالم.
ولو قمنا بتطبيق ذلك على دبي لوجدنا أنها، مع كل عزها وجمالها وفرصها التجارية غير المسبوقة وريادتها في عشرات المجالات، إلا أنها لم تنجح، حتى الآن، في خلق الفنان والمثقف والإنسان الدبوي البارز، إلا ما ندر، فهذا يتطلب وجوده عقودا، ولا اشك في أن دبي ستنجح يوما في إيجاده إن هي أعطت الثقافة والفن والأدب ما تستحقه من أهمية.
المحزن والمؤلم أن الكويت، كانت وحتى الأمس القريب، وقبل أن يجتاحها جراد التعصب، من ديني وطائفي وقبلي، الذي تعاونت السلطة على خلقه وتشجيع نموه وتكاثره، كانت لديها بذرة ذلك المثقف والفنان والأديب، ولكن ذلك الجراد قضم أطراف المثقف وقضى تماما، أو كاد، على الفنان ونهش لحم الأديب وهو حي، وأصبحنا أبعد ما نكون عن دبي عمرانا وازدهارا وتقدما كونكريتيا، وأبعد بالمنافسة نفسها وبعكس الاتجاه عن الإنسان السنغافوري الجاد والمبدع!! ولا أدري إلى أي منقلب سينتهي بنا الحال، وفي أي داهية «سنغور»!!
والأدهى والأمر من كل ذلك، خاصة بعد الأحداث الطائفية والقبلية الأخيرة التي وقعت في عدة مناطق داخلية وخارجية، والتي بينت مدى فشل الإدارة الحكومية والسلطة في خلق المواطن الإنسان، أن أحلامنا أصبحت قاصرة على إبقاء الحال على ما هو عليه!! فكل المؤشرات تدل على أن الوضع سيزداد سوءا في القادم من الأيام، وخاصة مع المخرجات الانتخابية المتوقعة، والتي سيعود على أساسها 50% على الأقل من النواب «الأكثر سوءا» لمقاعدهم الخضراء ليحيلوا حياتنا إلى صحراء جرداء.

أحمد الصراف
habibi [email protected]