سامي النصف

المجلس الجديد الذي نريد

لا يخامرني شك في أن تقاليدنا السياسية المتوارثة في الكويت خاطئة حتى النخاع وتحديدا بمقدار 180 درجة بالتمام والكمال كونها غير مسبوقة في الديموقراطيات الأخرى، كما انها تسببت في حل البرلمان واستقالة الوزارة عشرات المرات وخلقت حالات تأزم متواصلة ادت الى التوقف التام لعملية التنمية في البلد، ما يحوجنا هذه المرة وكحال الأمم الحية إلى المطالبة بالتغيير في النهج والأشخاص حتى تتغير النتائج وتبدأ قاطرة البلد في التحرك.

لذا وددنا من شعبنا ان ينتخب هذه المرة المرشحين الأكفاء العقلاء الأمناء لا نواب التأزم ممن يقسمون هذه الأيام على انهم سيحنثون بقسمهم الدستوري حال دخولهم المجلس (!) والذي ينص للعلم وحسب المادة 91 من الدستور على ان يحترم النائب «الدستور وقوانين الدولة» ومما يزيد الأمر قتامة ويحيل الأمر الى ما هو اقرب لكوميديا شديدة السواد توعدهم المسبق بمحاسبة وزراء جل ذنبهم انهم قاموا بواجبهم الدستوري وطبقوا القوانين المرعية وهو امر يوجب محاسبة النواب لهم فيما لو قاموا بعكسه.

كما نود من المجلس الجديد بعد ان تفشت عمليات الإثراء غير المشروع بين النواب وانتشرت ظاهرة شراء الأصوات ان تنشأ لجنة قيم تحاسب وتسقط من عضوية المجلس كل من يصل اليه بطرق غير مشروعة أو يتسبب بعد الوصول في الإساءة لسمعته، كما يجب منع النائب من العمل بالتجارة او رئاسة الشركات المساهمة بعد ان اصبحت مخصصاته المالية هي العليا في الدولة وكي لا تمنح 200 شركة مساهمة كويتية كراسي رئاستها للنواب لضمان تكافؤ الفرص امام مناقصات ومشاريع الدولة.

وفي غياب أبسط قواعد فهم العمل النيابي لدى بعض المرشحين، يجب ان يسبق عقد دور الانعقاد الأول للبرلمان خلق محاضرات تعرفه كحال البرلمانات الراقية تعقد في قاعة مجلس الأمة (بعيدا عن وسائل الإعلام) يحاضر فيها الخبراء الدستوريون والوزراء والنواب السابقون حتى يتفهم بعض النواب قديمهم وجديدهم المغزى والمعنى الحقيقي للعبة الديموقراطية والهدف السامي من العمل السياسي.

كما يجب ان يكون لمكتب المجلس الذي يجب توسعته ليضم جميع رؤساء اللجان دور فاعل في صياغة ودراسة الأسئلة البرلمانية والاستجوابات التي خرجت تماما من اهدافها السامية وأصبحت وسيلة للاستقصاد الشخصي والابتزاز والإثراء غير المشروع حتى رأينا في المجلس السابق استجوابات كيدية قدمت بحق وزراء كويتيين شديدي الكفاءة والخبرة بمناصبهم ولم تظهر جميع تلك الاستجوابات اي تجاوز على المال العام او اي اخطاء جسيمة في عمل الوزراء بدلالة عدم تغيير شيء بعد ترك مناصبهم.

ومن الأمور الواجبة حتى تعديل اللوائح نصح النائب بأن يكون ضمن فريقه المنتدب مختصون في التشريع والاقتصاد والمحاسبة والسياسة والاعلام فأداء النائب في الكويت وخارجها مرتبط بشكل مباشر ووثيق بالفريق المحيط به.

آخر محطة:
مصائرنا ليست لعبة بيد من قالوا من أعلى المنابر ان التحول للدوائر الخمس سيقضي على الفئوية والقبلية والطائفية وشراء الاصوات، فليعتذروا عن مقولتهم تلك للشعب الكويتي كافة وليتوقفوا عن تسويق اطروحات مدمرة اخرى كالدائرة الواحدة وإنشاء الأحزاب وشعبية الوزارة فجميعها أطروحات باطلة يراد بها.. باطل!

احمد الصراف

وصولية الجماعات الدينية

بينت الأحداث الأخيرة، وقبلها الكثير، مدى وصولية الجماعات الدينية ومدى ايمانها، واعتزازها «الصامت»، بمقولة «ماكيافيللي» التي تقول «ان الغاية تبرر الوسيلة»:
1ــ في المنطقة الأولى نجد تزاحما وتنافسا شيعيا ــ شيعيا على مقاعد المجلس. ولو أمعنا النظر في الخلفية العقائدية لغالبية المرشحين لوجدنا أنهم ينتمون تقريبا للاتجاه الديني المتعصب نفسه. ولكن ذلك لم يمنعهم من التنافس والتطاحن مع بعضهم البعض، بكل ما يعنيه ذلك من قذف وتشهير للوصول لعدد محدود من كراسي المجلس!! اذا القضية لا علاقة لها بخدمة الطائفة ورفع شأنها، ولا علاقة له بصواب «اعتقاد» هذا المرشح مقارنة بصحة اعتقاد مخالفيه!! فالأمر لا يعدو أن يكون مصالح شخصية أو دولية أو اقليمية. فكيف يمكن بالتالي الوثوق في وعود وشعارات من سينجح من هؤلاء؟ وهذا بطبيعة الحال ينسحب على غالبية المرشحين الدينيين الآخرين في الدوائر كافة.
2ــ في عدد «السياسة» (28ــ11ــ2007) ورد التالي: «عقدت لجنة الدعوة والارشاد في جمعية احياء التراث ندوة حول ظاهرة الاضرابات والاعتصامات في مؤسسات الدولة. وأكد المشاركون (وكانوا لفيفا من غلاة السلف وقادة الرأي فيهم من «المرشدين والرعاة»). أن هذه المظاهر التي يلوح بسيفها موظفو الدولة بين الحين والآخر في وجه الحكومة هي نبتة شيطانية قادمة من الغرب الكافر!! (وكأن السيارات والمكيفات والأدوية والأمصال والأغذية تأتي لنا من الشرق المؤمن). وأن هذه الاعتصامات تمثل عدم احترام للحاكم!!
سنحاول الاتفاق مع هذا الرأي، بالرغم من مخالفته لأبسط المبادئ الدستورية ولحقوق الانسان، ولكن أين كانت «لجنة الدعوة والارشاد» اخيرا؟ وأين كان رأي قادة جمعيتها من أولئك الذين خرجوا في مظاهرات صاخبة رموا فيها رجال الأمن بالحجارة والطابوق التي جرحتهم بدنيا ونفسيا وتسببت في اتلاف أملاك الغير والدولة من مركبات عسكرية وغيرها، والتي لم يترددوا خلالها من التماسك والاحتكاك برجال الأمن، وكل ذلك أمام أعين العالم من خلال كاميرات شبكات التلفزيون المتعددة، وكل ذلك لأن السلطة لم تفعل شيئا غير تطبيق القانون!!
وعليه لماذا سكت السلف عن ادانة تلك المظاهرات؟ هل لأن من شارك فيها أصبح، بعد حل مجلس الأمة، يعني لهم صوتا انتخابيا لا يجوز ادانة تصرفه؟
نترك الجواب لمتعصبي السلف وغيرهم ليجيبونا، وما هم بفاعلين !!

أحمد الصراف
habibi [email protected]