د. شفيق ناظم الغبرا

لماذا يجب أن نسمح بالفرعيات؟

إن سعي القبائل نحو الانتخابات الفرعية فيه الكثير من التصميم، وهناك في المقابل تصميم على منع هذه الانتخابات الفرعية بالقوة من قبل الحكومة. إن ما يقع فيه إشكالات كثيرة. فكيف يتم منع تجمع هدفه التنسيق بين الناس على كيفية التصويت وكيفية الإدلاء بالأصوات؟ كنت أتوقع بطبيعة الحال منع تجمع هدفه تخريب صناديق الاقتراع أو منع تجمع هدفه منع التصويت ووصول الناخبين لصناديق الاقتراع. لهذا فإن منع تجمع، لأبناء القبائل، هدفه السعي للانتخابات والاتفاق على أصوات وليس لبناء متاريس، يمهد للكثير من الغضب في الكويت. إن نفي رابطة القبيلة لا يعني اختفاءها، وأخذ قرار المنع بالقوة لا يكفي لتحجيمها، كما أن القبائل تعتبر ذلك تعديا عليها مما يزيد من تمسكها بالقبيلة والفرعيات. في هذا يجب البحث عن طرق وأراء جديدة في التعاطي مع القبيلة والسياسة والانتخابات في الكويت. أين المطبخ السياسي للدولة الذي يفكر في الاستراتيجية وفي كيفية التعامل مع الظواهر الاجتماعية والانتخابية؟ من الواضح أن هناك غيابا في الاستراتيجية وتعاملاً آنيا مع ردات فعل سريعة. لكن هذه وصفة لمزيد من التخريب في العلاقات بين مكونات المجتمع الكويتي. تحت كل الظروف يجب عدم تحويل أبناء القبائل إلى القضاء بسبب الفرعيات. إن منع الفرعيات بالقوة قد ساهم في تقوية القبلية في الكويت، فما يقع مع القبائل هذه الأيام يساهم في الاستفزاز والغضب والضيق وردة الفعل القريبة والبعيدة الأمد. سوف يؤثر كل هذا في صناديق الاقتراع ويأتي إلينا بنواب أكثر سخطا على الحكومة؟ متابعة قراءة لماذا يجب أن نسمح بالفرعيات؟

سامي النصف

صباح يوم حزين في الصباحية

صباح اليوم التالي للمواجهات في منطقة الصباحية العزيزة لابد ان يكون يوما حزينا لكل محبي وطننا المعطاء – وسعيدا لأعدائه – فأبناء العوازم الاكارم هم ابناؤنا وما يصيبهم يصيبنا، وابناء الداخلية كذلك هم ابناء الوطن المخلصون الساهرون على امنه ممن إن أضعناهم أضعنا وطننا ومستقبل ابنائنا واصبح حالنا كحال جيراننا في الشمال او الصومال او غيرهما من بلدان تتنازعها الحروب وتطاح فيها الرؤوس عن الاعناق.

ولنبعد في البدء دخان الاشاعات والاقاويل الانتخابية المدغدغة التي اثارت غضب وحنق الشباب كالقول ان منع الفرعيات او تطبيق القانون موصى به من هذا الطرف او ذاك التكتل لغرض في نفس يعقوب وهو اكذوبة كبرى، حيث انه يوحي كأن القوانين اصبحت لا تطبق في بلدنا إلا بإيحاء او بأوامر من الآخرين، ومثل ذلك اشاعة ان الفرعيات تقام حتى في اميركا ودول العالم الاخرى كما انها تمت في مناطق الداخل لدى الحركة الدستورية (حدس) والتحالف الوطني، والحقيقة هي كالعادة ابعد ما تكون عن تلك الاقاويل المدغدغة التي يقصد منها الكسب الانتخابي الذاتي ولو على حساب حرق الوطن.

فلا يوجد في اميركا ولا غيرها فرعيات تقام على الفئة او العنصر فيجتمع البيض ضد السود او العكس، كما لم تقم فرعيات لدى «حدس» او التحالف او غيرهما وإلا لعلم بها القاصي قبل الداني، وقد اختارت الامانة العامة في كلا التكتلين السياسيين اسماء مرشحيهما التي ضمت كل الوان الطيف الاجتماعي الكويتي فتساوى لدى «حدس» الافاضل د.جمعان الحربش وخضير العنزي مع د.ناصر الصانع وم.عبدالعزيز الشايجي، كما تساوى لدى التحالف د.عبدالمحسن المدعج والنائب السابق محمد الصقر.

ان علينا ألا نختلف على مبدأ تطبيق القانون وتفعيله على الجميع كما يجب علينا ان ننظر الى العلة والسبب والمبرر الذي اجتمع عليه نواب الامة من بدو وحضر لتحريم تلك الفرعيات التي كادت ان تعصف بأمن الوطن في الايام الماضية، وهي اسباب حقيقية وهامة، فمن ناحية على الداعين للفرعيات ان يشعروا بأحاسيس ومشاعر شركائهم في الوطن والدائرة الانتخابية من أفخاذ وقبائل صغيرة وحضر وشيعة وكنادرة الخ.

كون هؤلاء لا يرون في الفرعيات اقصاء لهم، حيث لا شركاء آخرين في الدائرة غيرهم.

ان التحول بالتشريع من المنع الى السماح او حتى السكوت عن الفرعيات ينذر بأكبر المخاطر على الوطن، بل على القبائل الكبرى، حيث قد تقام فرعيات مضادة في الدائرتين 4 و5 من الشرائح الاخرى لإبعاد التوجه السائد (كما حدث سابقا في الصباحية والرقة)، او اكثر من ذلك حيث قد يحرض من ابعدتهم واستقصدتهم فرعيات الدائرتين السابقتين، على اقامة فرعيات مضادة في الدوائر الثلاث الاخرى تبعد من ابعدهم فتقام فرعيات تغلق الدائرة الاولى على تحالفات (شيعة – سنة – كنادرة – وعوضية) لحصد 10 كراس والدائرة الثانية على فرعيات وتحالفات (اسلامية – تحالف وطني – رجال اعمال) لحصد 10 كراس والثالثة على تحالفات (مستقلين – اسلاميين – تحالف وطني – شيعي) لحصد جميع الكراسي، مبعدين شركاءهم في الدوائر والوطن من ابناء القبائل المخلصين فهل ننتظر حدوث تلك السيناريوهات المدمرة للوطن حتى نؤمن بأضرار ومخاطر تلك الفرعيات، الماسة بالوحدة الوطنية، على الجميع؟!

ان التوقف عن الفرعيات بكل مسمياتها (من انكر فرعيات الامس قدم اليوم اسماء الناجحين فيها) سيعني فوز عدد اكبر من ابناء القبائل الافاضل كونهم في البدء سينزلون احسن ما لديهم لحصد اصوات ابناء الدائرة الآخرين (امثلة وليد الجري، مسلم البراك، محمد الخليفة، مقارنة بمخرجات فرعيات هذه الايام)، كذلك أبناء القبائل هم الاكثرية في مناطقهم وهم من يعرفون الافضل من مرشحيهم لينتخبوه حتى لو نزلوا بالعشرات وهم بفعلهم هذا اي التخلي عن الفرعيات سيحصدون المكاسب التالية:

1 – سينجحون بأصوات الجميع ودون ان يثيروا مشاعر الآخرين وعداءهم الذي قد ينتهي بفرعيات مضادة تقصيهم.

2 – سيظهرون التزامهم بالقوانين المرعية وامن الوطن.

3 – لن يعادوا اخوانهم وابناءهم رجال الداخلية.

4 – لن يكتفوا بالنجاح في دوائرهم، بل ان عدم تنحيتهم للآخرين سينجحهم في الدوائر الاخرى.

آخر محطة:
حقيقة جلية، الجدية في تطبيق القانون ستنهي الفرعيات الضارة بالجميع للأبد.

احمد الصراف

التطعيم وجريدة الخروف

واخيرا، وبعد انتظار دام عشرات السنين، تحركت جرافات النظام، لتزيل واحداً من اكثر التعديات شيوعا، واصعبها على الازالة، وهو الديوانيات المخالفة. وفي اليوم نفسه، تحركت فرق الازالة التابعة لهيئة الزراعة لتزيل عددا كبيرا آخر من تجاوزات الزرائب والمزارع في كبد والصليبية وغيرهما.
وسبق ان ورد في الصحف ان هيئة الزراعة احالت الى النيابة العامة 4 موظفين يعملون لديها اثر اكتشاف حالات تزوير في شهادات تحصين الاغنام! لو ورد مثل هذا الخبر في اية وسيلة اعلام غير كويتية لاعتقد القارئ ان الاحالة الى النيابة جاءت على خلفية الاهتمام بصحة مواطني الدولة وضيوفها وزائريها، الا ان الخبر في الكويت يعني شيئا آخر تماما!
فهؤلاء الموظفون قاموا باستخراج شهادات رسمية تثبت تطعيم عدد من الاغنام تطعيماً وقائياً ضد امراض وبائية تصيب الحيوان، وقد تنتقل امراضه للانسان، وحيث ان شهادات التطعيم المزورة تتعلق باغنام غير موجودة، فلم الاحالة إلى النيابة اذاً؟
القصة ببساطة تتعلق بعملية اثراء غير مشروع برع فيها الكثيرون وساعدتهم الحكومة علنا وجهرا في ذلك وتحت سمع وبصر جميع اعضاء مجلس الامة منذ منتصف الثمانينات وحتى الامس القريب من دون ان يحاول احد منهم وقف هذه السرقات العلنية، لا بل استمروا جميعا اثناءها في اداء كل واجباتهم الدينية من دون تردد او تأنيب ضمير، وكأن المال العام مال خاص بكافر!
شهادات التحصين هذه سمحت لفئة من المواطنين «الشرفاء» تجديد عقود استئجار، او حقيقةً تملك، زرائبهم من الدولة، وبالتالي اصبح في امكانهم الحصول على كميات كبيرة من الاعلاف المدعومة وبيعها بربح جزيل في السوق السوداء. كما ان الشهادات «التافهة القيمة» هذه ساعدتهم على تأجير زرائبهم للغير بمبالغ تزيد على 12 الف دينار سنويا للالف متر، مقابل دفع مائة دينار للحكومة، علما بأن مساحة غالبية الزرائب لا تقل عن 5 آلاف متر!!
كما سهلت شهادات التطعيم هذه لحامليها جلب ما لا يقل عن عشرة «بنغلادشيين» ورميهم في الشارع من دون عمل، ليعيثوا في الكويت فسادا، مقابل مبالغ تتراوح بين 600 والف دينار للرأس الواحد!! هذا غيض من فيض مما يمكن لمثل هذه الشهادات المزورة دره على اصحابها، فهل ستنتهي هذه القصة على خير؟ اشك في ذلك!

ملاحظة(1): وبمناسبة الحديث عن الخراف، وعلى ذمة الزميلة ليلى العثمان، انها استمعت إلى فتوى رجل دين حرم فيها لحم خروف شاهده صاحبه يأكل جريدة تحمل كلمات دينية!!
ونقول ان الشرهة (الحق) ليس على المفتي ولا طالب الفتوى ولا حتى على الخروف المسكين، بل على نظامنا التعليمي.

• ملاحظة(2): سنتغيب عن الرطوبة السياسية والغبار النفسي عشرة أيام خارج الكويت، بعد ان قمنا بتزويد الزاوية بما يكفي من مؤونة.

أحمد الصراف
[email protected]

سعيد محمد سعيد

الرجال الذين تحتاج البلد إليهم

 

ها قد دخلت البلد في دوامة جديدة أشد تعقيدا! ووجه التعقيد الظاهر هو ذلك التغييب القسري للقنوات الحكومية والشعبية، التشريعية والقضائية، التنفيذية والإدارية، حتى أصبح الأمر الواضح بجلاء للناس، هو أن الحال المضطربة في البلاد، لن تنتهي على خير… وليتشاءم من يريد أن يتشاءم، وليتفاءل من يريد أن يتفاءل… هل البلد على حافة جرف سحيق مظلم لمستقبل أكثر إظلاما؟

لا، أبدا…

لكن ذلك لا يعني أبدا ألا يصبح ما نخاف منه حقيقة تتشبع رسوخا يوما بعد يوم، وتزداد حال المواجهة بين أطراف لا يمكن تحديدها من كثرتها وكثرة أجندتها… أولها وأشدها تلك المؤامرات الطائفية التي لا أدري – شخصيا – لماذا لا تبادر الدولة بتشديد قبضتها عليها وعلى أصحابها ورؤوسها أيا كانت مناصبهم، وأيا كانت مخططاتهم، وأيا كانت انتماءاتهم المذهبية! والأصعب من ذلك، أن المشكلة لم تعد مقتصرة على التحذير من مخاطر الطائفية، بل تعدت ذلك، إلى التحذير من صدام حقيقي مشهود بصورة يومية من تخريب وعنف وقتل، من جانب تلك الجماعات المختلطة التي حذرنا منها مرارا لأنها لا تريد بالبلد خيرا، ولا علاقة لها بحركة مطلبية مشروعة ولا يحزنون… قلنا مرارا إن ذلك الخليط من المخربين، يختلطون في خلطة بشعة، كل همها النيل من هذا البلد، ولكن بصورة أكثر صدقا… تريد تأليب الدولة ضد الشعب، والشعب ضد الدولة، ولأن التغييب القسري الذي أشرت اليه في البداية هو السائد، حتى مع وجود المجلس الوطني، فإن الدولة، وعلى رأسها عاهل البلاد وسمو رئيس الوزراء، قادرة اليوم على حماية البلد من كل المخربين… ولا نقصد بهم أصحاب الإطارات و «السلندرات»، معروفين أم مجهولين، الذين يخرجون إلى الشارع عبثا بلا مطلب، ولكن نقصد أيضا أصحاب النفوذ والمسئولين والخطباء والوعاظ والنواب والعاملين في جنح الظلام للإضرار بالبلد وبأهل البلد.

من هم الرجال الذين تحتاج البلد إليهم؟

في بلادنا، يبدو أن الرجال الذين نحتاج إليهم قد قضوا نحبهم! وماذا عن الباقين على قيد الحياة، أطال الله في عمرهم؟ لا أدري بصراحة، لكن أعلم جيدا أن في إمكان الكثير منهم أن تكون لهم كلمة فيما يجري من تهتك في المجتمع.

مناسبة هذا الكلام، هو استذكار المغفور له بإذن الله الشيخ عبدالأمير الجمري، رحمه الله، في مثل هذه الظروف على لسان الكثيرين، ومنهم من ليسوا على خط الشيخ الجمري أصلا، لكنهم احترموا ولايزالون يحترمون منهجه…

تحضرني كلمة المفكر البحريني على محمد فخرو في مجلس تأبين الفقيد علي بن يوسف فخرو، التي أقيمت مساء يوم الثلثاء 8 أبريل/ نيسان الجاري، بحضور سمو رئيس الوزراء، فقد ساق في كلمته عبارة غاية في الروعة، أتمنى أن يفهمها من يريد أن يفهم، حين استخلص من سيرة المرحوم (بوشوقي) جوانب مضيئة أنقلها نصا: «فلم يعرف قط التفرقة بين الناس بسبب الدين أو المذهب أو العرق أو الأصل أو العائلة والمكانة أو الغنى والفقر… مجلسه كان مفتوحا لكل الناس، وقلبه كان محبا لكل الناس، وميزان عدله كان في خدمة كل الناس، ولذلك، وفي هذا الجو الذي يعيشه مجتمعنا… جو الصراعات الطائفية، كم كان سيكون وجوده بلسم توحيد وتقريب ودفع بلاء ومساعدة في تضميد الجروح… وعلى مستوى الأوطان كم كان توجعه لتخلف هذه الأمة… كم كان ملتزما بثوابت وحدتها ونهضتها وخروجها من المحن التي عاشتها وتعيشها… كم كان وطنيا غيورا محبا للبحرين… مثل هذا الإنسان لا يستحق دمعة تذرف، بل يستحق أن نعيش الكثير من صفاته ومحاسنه لتغنى الحياة، ولنملأها خيرا ومحبة وتراحما من دون منة كما كان المرحوم يفعل».