سامي النصف

رسالة من تحت الثرى

جميل ان يتم تأبين ابن الكويت الجميل د.احمد الربعي في المنتديات وعلى الفضائيات، ولا يقل جمالا عن ذلك ان يأخذ المؤبنون من السيرة الثرية للراحل الكبير العظة والقدوة لهم كي تتم معاملتهم بالمثل ويتم تأبينهم – بعد عمر طويل – بنفس النهج ونفس الحميمية.

فقد كفر بوقتيبة بالفكر السوداوي المتجهم والغاضب وانفتح على جميع ألوان الطيف السياسي والاجتماعي في البلد، فلماذا لا يقتدي بعض المؤبنين به ويطلقون للأبد فكرهم الشمولي المتأزم ويتركون معه تشاؤمهم الشديد حول حال البلد ومستقبله وهم العارفون أن الربعي لم يكن هكذا على الاطلاق، بل كان شخصية براغماتية ودودة متواكبة مع متغيرات عصرها متعظة من دروس ماضيها، متعلمة من اخطائها وهذا دائما وابدا ديدن العظماء.

كما كان راحلنا الكبير نظيف اليد طاهر السريرة لم يعرف عنه الحقد أو الكذب أو التحريض على الآخرين، بل كان أبعد الناس عن نشر الكراهية والبغضاء من حوله فكسب الغريب قبل القريب بدعواه الصادقة للمحبة، ولم يكن جاحدا قط فلم ينس أبدا من وقفوا معه ابان محنه أو أزماته السياسية ولم يحمل في قلبه شيئا على من تباينوا معه في الأسى في تلك الأزمات.

كما لم يكن الربعي فئويا أو قبليا أو طائفيا ولم يدع او يعمل في السر لأمر يختلف عما يدعو له في العلن فقد كانت المصداقية والمثل العليا أمورا تمارس عنده لا شعارات ترفع دون مضمون، لقد ارتقى الربعي بأخلاقه وتصرفاته حتى قارب الثريا في علوه وأصبحت أصغر حبة في رمال ثراه الطاهر أنقى من ثراء وأمجاد بناها غيره، من الصغار، من الصغائر والغش والخداع.

آخر محطة:
يتكلم البعض عن مخالفات «الشويخ الصناعية» التي لا اعلم مدى صحتها ويطالبون تبعا لذلك بفسخ عقودها، هل يعني ذلك ان المناطق الصناعية الشبيهة في «شرق» و«شرق الأحمدي» و«الفحيحيل» و«الصليبية» وغيرها لا مخالفات بها؟!

بودي ان يطلب من مستغلي الصناعيات الأخرى تطوير مناطقهم كي يجعلوها قريبة من مستوى الشويخ الصناعية التي أصبحت محجا لكل الكويتيين في خدماتها الراقية، كما تشبه ليلا لاس فيغاس في اضاءتها الجميلة و.. «كفاية حسد» واشكروا من عمّر بدلا من تهديده ولومه..!

احمد الصراف

نوادي الروتاري والليونز

الروتاري والليونز نواد اجتماعية شهيرة ينتمي لها الملايين في الكثير من دول العالم، وبالذات المتقدم منه، ولكن لا يوجد لها أي وجود، أو حتى ذكر، في غالبية الدول الإسلامية، وربما تحرم قوانين بعض الدول العربية أنشطتها، ولكن لهذه النوادي فروعا في لبنان ومصر وبعض دول شمال أفريقيا.
لا أنتمي من قريب أو بعيد لأي منها، ولكنني أعرف عددا من الأصدقاء «الحميمين» من المنتمين لها منذ عقود طويلة.
لسبب ما، تكن أنظمة الحكم المحافظة في منطقتنا عداء واضحا لهذه النوادي وتنظر لها بعين العداء والريبة. وربما يكون مبعث ذلك قوة نفوذ التجمعات والاتجاهات الدينية عليها، بسبب عداء هذه التنظيمات لكل ما يمت للروتاري والليونز بصلة، لكونها، حسب منطقهم، أذرعاً سرية للماسونية العالمية!!
علاقتي الطويلة بعدد من المنتمين لهذه الجمعيات، من مصريين ولبنانيين وبريطانيين، تعطيني الحق في القول إنهم أبعد ما يكونون عن كل ما يشاع عنهم وحولهم من لغط وربط بحركات سرية أو تجمعات ذات أغراض استعمارية!! فلم يسبق طوال سنوات علاقتي الطويلة معهم، وبالرغم من كل ما يربطني بهم من ود وعلاقات عمل وصداقة، ان طلب مني قط الانتماء لنواديهم أو التبرع لها أو حتى إلقاء كلمة فيها، هذا بالرغم من أنني دعيت للكثير من حفلاتهم الاجتماعية النشطة التي كانت تكرس في غالبيتها لتحقيق غرض اجتماعي خيري أو آخر.
يمكن القول ان سر عداء الجمعيات الإسلامية لهذه النوادي ربما يتعلق بـ«خرافة» كونها على علاقة بالماسونية أو غيرها من حركات سرية. أو أن أعضاء هذه النوادي «الاجتماعية» يقومون بمساعدة بعضهم البعض في الحصول على الصفقات والوظائف والترقيات وغير ذلك!!
لا نود مناقشة الاتهام الأول فكل الدلائل تنفيه أصلا، ولكن الاتهام الآخر ليس بتهمة أصلا. فمن الطبيعي، ضمن أي تجمع اجتماعي أو رياضي أو مهني، أن يقوم أعضاؤه بالاتصال ببعضهم البعض عند الحاجة، وهذا التصرف ينطبق بالذات، وبصورة أشد وأقوى، على المنتمين للجمعيات الدينية، وفي الكويت تحديدا! فمراجع أية دائرة حكومية يفاجأ بذلك الكم من الموظفين الملتحين!! كما نجد أن هناك شبه اتفاق على أن هذه الدائرة يديرها السلف وتلك الوزارة يسيطر عليها الإخوان وهكذا مع كل مرفق، ومن الطبيعي الافتراض أن ذلك لم يحدث بصورة عشوائية فلا وجود لحقل بصورة عشوائية فلا بد أن يكون وراء ذلك الحقل زارع وساق. وعليه يمكن القول ان عداء الجمعيات الدينية لنوادي الروتاري وغيرها كامن في منافسة هذه الجهات لها في جمع التبرعات للأعمال الخيرية الحقيقية من جهة ، ولكون هذه النوادي لا تفرق في عضويتها بين أديان ومذاهب وأجناس المنتمين لها، ولا تقصر خدماتها على أتباع مذهب أو دين محدد، ولا تؤمن بالتفرقة، ومن أي نوع كانت، وهذه جميعها تخالف أبسط مبادئ الجمعيات الدينية الخيرية، وتتصادم معها، وبالتالي لم تتردد جمعياتنا الدينية في وصم الروتاري والليونز بأنها أوكار فساد ورذيلة وأذرع للماسونية وأذناب للاستعمار وأتباع للصهيونية العالمية!!

أحمد الصراف
[email protected]

سعيد محمد سعيد

مولوتوف وقمع وطائفية!

 

يبدو أن المفردات الثلاث أعلاه، تحتاج إلى أكثر من الموافقة على قوانين وتشريعات! فما فائدة القوانين في مجتمع أو بلد لا تحترم قوانينها؟ وما الذي يضمن سلامة المجتمع بالمزيد من القوانين طالما هناك فئات متعددة، ومن مختلف طبقات المجتمع اعتادت على عدم احترام القانون أو الاعتراف به، بل… مع شديد الأسف، دوسه من دون مبالاة ولا اكتراث؟

المفردات الثلاث: «المولوتوف – القمع – الطائفية»، هي بالنسبة إلي في قاموسي، مترادفات تعطي المعنى نفسه، فغياب العدالة الاجتماعية في البلد، يقود إلى حال من التمييز، فتتكاثر فيروسات الطائفية وتنتشر، ثم مع انتشارها تتسع رقعة المصابين بأوبئة الجوع والفقر والمرض والحرمان، وهذه تدفع في اتجاه مضاد للمجتمع، فيخرج المحروم ليطالب بحقه، ومع شدة المطالبة، سلمية من جهة وهي مقبولة، عنيفة من جهة أخرى وهي مرفوضة، يظهر ذلك السلاح الذي يروج له البعض بأنه «دفاع» عن النفس، ألا وهو زجاجات المولوتوف الحارقة، التي تعتبر معادلا موضوعيا لأسلحة القمع والسحق والهجوم المقصود والعقاب الجماعي… وماذا بعد؟

تزداد قائمة المتضررين من كل هذا وذاك: نصبح جميعا كوننا مواطنين ضحايا لغياب العدالة الاجتماعية، وضحايا للطائفية، وضحايا للقمع، وضحايا للمولوتوف؟ لكن، هل سنصل إلى بر الأمان بعد مكاشفة صريحة وتحركات على مستوى مؤسسة الحكم والرموز الدينية والسياسية في الداخل والخارج لكي نقضي على كل تلك الصور، وإن كان ذلك مستحيلا، ليصبح الصوت المطالب، هو الصوت المحترم في البلد أيا كان اتجاهه المذهبي أو ميوله السياسي؟

ذلك لن يحدث؟ لأن المصيبة أكبر بكثير مما نتصور؟ هي أكبر من القانون وأكبر من الاضطراب الأمني وأكبر من عمليات الكر والفر والمجهول… ذلك المجهول الذي زهق روح الشاخوري، وذلك الكر والفر الذي زهق روح محمد جمعة وعلي جاسم، وهو ذاته الجو الذي زهقت فيه روح ماجد أصغر علي، وهو ذاته الجو الذي تزهق فيه أرواحنا وأرواح أطفالنا وروح ديرتنا، فيما هناك من يتلذذ… من الفئات المخربة التي ذكرتها في الأسبوع الماضي التي شملت ذوي النفوذ، والعصابات السرية، وخطباء الدمار والطائفية، وحملة المولوتوف والسلندرات، والملثمين المجهولين، وأي جهاز حكومي يتلذذ بتعذيب المواطنين.

نعم، لقد تم تمرير مشروع القانون بتعديل بعض أحكام قانون العقوبات الصادر بالمرسوم بقانون رقم (15) لسنة 1976 والمرافق للمرسوم الملكي رقم (7) لسنة 2008م، والمتعلقة بتجريم المولوتوف، بعد أن وافق مجلس النواب بغالبية الأصوات على تقرير لجنة الشئون الخارجية والدفاع والأمن الوطني بشأنه محيلا إياه إلى مجلس الشورى بصفة الاستعجال، بعد التفاتة النائب غانم البوعينين بتصحيح عبارة: «حيازة العبوات بقصد استخدامها لتعريض أموال الناس أو الأموال العامة أو الخاصة للخطر».

بالنسبة إلي، لست مع استخدام المولوتوف حتى قبل أن تتحرك وزارة الداخلية للمطالبة بتجريمه! فمن دون قانون، كانت قناعاتي الشخصية هي الحرمة الشرعية لإزهاق الأرواح البريئة، وهذا يشمل أيضا تعرض أي مطالب أو مشارك في مسيرة أو متظاهر، لرصاصة أو ضربة تنهي عمره! لكن تحرك الداخلية كان قويا هذه المرة، حتى أنني ناقشت أحد المسئولين الأمنيين في المدى من وراء التجريم، مكررا رفضي لزهق أي روح أو ترويع أي إنسان، فكانت إجابته بأنه من حقي أن أتظاهر وأطالب وأرفع صوتي بالمطالب المشروعة على ألا أستخدم المولوتوف.

إذن، القانون تحصيل حاصل بالنسبة إلي شخصيا، لكن، وددت العودة إلى مجلس الوزراء قبل الختام، لنعيد التذكير بأن المجلس وجّه وزارة الإعلام إلى متابعة المنتديات الإلكترونية التي تحض على مشاعر الكراهية والتحريض والفتنة، وتطبيق القانون والأنظمة واللوائح ضد المواقع المخالفة. كما وجّه وزارة العدل والشئون الإسلامية إلى ضمان عدم استغلال المنابر في أمور تكرّس الطائفية وتؤجج المشاعر التحريضية.

المجلس تمنى يومذاك من السلطة التشريعية سرعة إقرار مشروع قانون بتعديل قانون العقوبات لتجريم حيازة واستخدام الزجاجات الحارقة «المولوتوف» باعتبار أنها أصبحت من الأسلحة الخطيرة التي يحوزها الخارجون عن القانون، ويستخدمونها ضد رجال الأمن، وها هي قد فعلت، وفي انتظار فعل مجلس الشورى… لكن، في انتظار محاسبة الطائفيين والقمعيين ومثيري الأحقاد والداعين إلى تعليق المشانق وإراقة دماء بحرنيية لكن لونها مختلف!