د. شفيق ناظم الغبرا

الإعلام والمعرفة في الفضاء

تتضح كل يوم ملامح واقع إعلامي جديد. فبالأمس القريب كانت الكويت أسوة بغيرها من دول العالم العربي بلا إنترنت وبلا تلفزة غير التلفزيون الوطني الوحيد، وكانت بعدد قليل من الصحف وبمصادر قليلة للمعلومات وتعيش حال رقابة مضخمة. أما اليوم فالكويت مليئة بهواة الإنترنت، وكتاب المدونات ومليئة بالصحف والمحطات الجديدة وغيرها من وسائل الإعلام وفوق هذا كله مليئة بالمرشحين وبرامجهم وإعلامهم وندواتهم وأطروحاتهم وانتقاداتهم.

متابعة قراءة الإعلام والمعرفة في الفضاء

سامي النصف

الكويت الجديدة والشعب الجديد

جرفنا العراك السياسي، منذ عقود، بعيدا عن قضايا التنمية حتى أضحينا الدولة الوحيدة في الدنيا التي مازالت تعتمد كليا على مورد وحيد للدخل بعد ان تفرغ الجيران لقضايا التنمية ونجحوا في التحول الى مراكز مالية أضحت معها مداخيل النفط لدى البعض منهم لا تمثل شيئا مقارنة بمداخيلهم الاخرى من خدمات وسياحة واستثمار.. إلخ.

ومن زاوية اخرى للموضوع، اضحت المنطقة الممتدة من غرب الصين حتى شرق اوروبا مهددة قريبا بفوضى عارمة واضطرابات اهلية مدمرة ولن ينجو من تلك الفوضى – التي سنخصص لها مقالا آخر – الا الشعوب المنضبطة الرزينة التي تحكّم عقولها، لا عواطفها، فيما يجري حولها، فالانفعال او التعصب وتغييب العقل وما يتسببان فيه من حنق وغضب وعدم رضا – دون مبرر حقيقي – كل ذلك سيكون الوقود الذي ستحرق به كثير من الاوطان.

لذا فقبل حديثنا عن المجلس الجديد والحكومة الجديدة علينا النظر في رؤى جديدة للمواطن تجعله اكثر موضوعية ومنطقية في تقييمه للاحداث، وعقلانية في مطالباته من نوابه، حيث لاحظنا من تجربة الماضي القريب كيف انقلبت الموازين بسبب قضايا نحتاج جميعا للتوقف عندها ومناقشتها على الملأ حتى لا تستغل مستقبلا من قبل اعداء الوطن لاثارة الحنق والاضطراب فيه.

فقد شهدنا في المجلس السابق مطالب غير مسبوقة في تاريخ الامم منذ بدء الخليقة تتمحور في طلب مدغدغ بإسقاط القروض مستخدمين موارد اجيالنا المقبلة، وكأن الكويت بلد منقرض لا مستقبل له، ولو تحقق ذلك المطلب غير المنطقي، لحنق الناس مرة اخرى لرفض مطلب غير عقلاني آخر بتوزيع موارد الدولة أولا فأولا على المواطنين! وعندما رفضت الدولة تلبية ذلك المطلب شعر البعض بالظلم، بدلا من الامتنان كون بلدنا هو الوحيد في العالم الذي أنشأ صناديق لدعم المتعثرين في السداد، بينما تصادر البيوت ويطرد السكان الى الشوارع عند توقف المدين عن السداد حتى في أرقى وأغنى دول الارض.

ومثل ذلك التذمر غير المبرر، بدلا من الشكر والامتنان، لمنع الحكومة التعدي على الاراضي العامة التي هي ملك لنا جميعا – وليست للعلم ملكا للحكومة – كذلك حرصت الدولة على منع الفرعيات تطبيقا لتشريعات ممثلي الشعب في مجلس الامة ومرة اخرى نرى التذمر غير المبرر ولوم من يطبق القانون بدلا من لوم من يخالفه، والحال كذلك مع منع تأبين من سفك دماء الكويتيين وهو أمر لو لم تتدخل الدولة لاحتوائه لخلق فتنة لا تبقي ولا تذر.

وقد تابعت قبل يومين على محطة «فلاش» الفضائية رد النائب والوزير السابق احمد باقر المقنع على قضية اسقاط القروض ومقارنتها غير العادلة بالمديونيات الصعبة، حيث اوضح ان الاخيرة نص عليها الدستور في مادته الـ 25 التي تلزم الدولة بتعويض خسائر الحروب، حيث نهبت بضائع 12 الف مواطن كويتي ائتمنوها في بلدهم الذي تعرض للاحتلال، واعاد بومحمد للاذهان ان الدولة اسقطت آنذاك جميع قروض المواطنين وسلمتهم صكوك ملكية منازلهم.

وأوضح ان المستفيدين من ذلك القانون كانوا المواطنين كافة، حيث ان عدم تعويم وتغطية مراكز هؤلاء المدينين سيعني افلاس جميع البنوك الدائنة ومن ثم تضرر الجميع، واضاف ان الدولة استردت الاموال التي دفعتها في تغطية المديونيات الصعبة حيث تسلمت على الفور 45% من قيمة الدين، كما حصلت على الباقي من الاقساط المقررة خلال 5 سنوات، وقد نص قانون المديونيات على حصول الدولة على اموال واسهم وعقارات واي تعويضات واموال تورث للمدين، ومع ذلك تسبب ذلك القانون في إفلاس كثير من كبار التجار ممن لم يستطيعوا في النهاية تغطية خسائر الاحتلال، رغم ان الدستور يلزم الدولة بتغطيتهم بالكامل، لا دفع 45% من قيمة بضائعهم المعدومة.

آخر محطة:
سؤال بسيط، لماذا لم يوضح وزير الدولة لشؤون مجلس الامة في المجلس المنحل تلك الحقائق الجلية للناس بدلا من تركهم عرضة للدغدغة والاحباط والحنق والشعور غير الحقيقي بالظلم؟! فالكويت مازالت بخير، ومازالت – للعلم – اكثر الدول عدلا وانصافا لمواطنيها.

احمد الصراف

ربيع وكيل الأوقاف المساعد

عقد السيد مطلق القراوي، وكيل الأوقاف المساعد، وعضو اللجنة العليا لتعزيز الوسطية، الذي يترأس قسما وعدة لجان في المركز العالمي للوسطية، التابع أصلا لوكيل الأوقاف، عقد قبل شهر مؤتمرا صحفيا في المركز وبحضور ثلاثة أشخاص، أحدهم موظف في اللجنة، ولم يدع للمؤتمر غير هؤلاء ربما لتجنب المحرج من الأسئلة.
أكد الوكيل، في مؤتمره الصحفي الثنائي الحضور، سعي المركز ولجنته لتعزيز مفهوم الوسطية في العالمين الاسلامي والعربي (وهذا تراجع عن النطاق العالمي) الذي سبق أن حدده الوكيل نفسه للمركز قبل أشهر عدة، والذي على أساسه عقدت عدة مؤتمرات باذخة في اميركا وأوروبا! فاذا كانت اللجنة مختصة بتعزيز الوسطية في العالمين الاسلامي والعربي فلماذا ذهبت لاميركا اذا؟!
أشار الوكيل في مؤتمره المحدود العدد ذلك الى نية المركز العالمي للوسطية في اقامة ملتقى وطني تحت شعار «رؤية وطنية اسلامية»، وهو المؤتمر الذي عقد في الكويت قبل أسابيع، وشارك فيه عدد من الأكاديميين والكتاب وبعض النشطاء السياسيين.
وبالرغم من كل التحيات والتبريكات التي صرح بها البعض ممن شاركوا في المؤتمر بعد انتهائه، فأن أيا منهم لم يبين لنا الكيفية التي يمكن فيها التوفيق بين الانتماء لأرض ووطن وقائد وعلم وعملة وحدود وامتيازات وحقوق والتزامات محددة، والمفهوم الديني الشامل، والاسلامي بالذات، الذي لا يؤمن بكل هذه الأمور، فالمسلمون جميعا اخوة، والاسلام دين شمولي ينظم حياة أتباعه وليس فيه مواطنة أو حكر قطعة أرض أو مورد طبيعي كالنفط لجماعة ما وحرمان بقية المسلمين منها!! وكيف يمكن خلق الشعور بالمواطنة مثلا وبيننا من يروج لأنظمة ومبادئ خارجية، ومن يضع الولاء الديني فوق الولاء الوطني، ومن لا يتردد في قتل نفسه في حرب خارجية يستنكرها على وطنه، ومن يخالف رأي ولي أمره ويتسلل ليقاتل في حروب اسلامية طائفية ضد أتباع طائفة أخرى، والذي لا يحترم حتى علم بلاده ولا نشيدها الوطني؟
نتمنى على الوكيل القراوي أن يشرح لنا كيفية التوفيق بين الانتماء للوطن والانتماء للدين؟

ملاحظة: أكدت منظمة الصحة العالمية، (القبس 23ــ 12 ــ 2007) التي تمول وتدار أساسا من مجموعة من دول الكفر، حسب رأي بعض قادة الرأي من علمائنا، أن أكثر الأنواع المعدية من شلل الأطفال سيتم القضاء عليه تماما مع نهاية عام 2008.
أحمد الصراف
habibi [email protected]

سعيد محمد سعيد

أهالي القرى المجرمون

 

أخيرا، قرر أحد الإخوة المصريين المجازفة والتضحية بحياته والذهاب إلى عقد قران صديق له يعيش في إحدى قرى شارع البديع…

ذلك الرجل، منذ جاء إلى بلادنا قبل أربع سنوات، لم يزر الكثير من القرى… وخصوصا تلك (طيبة الذكر) الواقعة على شارع البديع (طيب الذكر أيضا) لسبب ما يسمعه من أحد الوافدين من قصص يندى لها الجبين، وبسبب ما يقرأه في أحد المنتديات (الأمينة، الصادقة، الوطنية، المخلصة) من موضوعات وقصص عن إجرام أهالي القرى وأحقادهم الدفينة وولائهم للصفوية ولإيران، ولوحشية شباب القرى وشيوخهم، بل وحتى العجائز هناك… كل ذلك جعله يرجو السلامة؟ فما له وما للقرى وزيارتها… «وفيها إيه يعني؟ وعشان إيه أروح في شربة ميه؟ تتفلئ بأه».

المهم أن صديقنا المصري – كما قلت لكم – جازف بحياته وذهب لتقديم التهنئة إلى زميله في العمل، سعيدا بعبارة (وبحضوركم تكتمل المسرات)، حتى لو راح «في شربة ميه»!

بعد تلك الزيارة، خرج محدثنا بانطباع آخر… فلم يهدد حياته أحد حين سأل الناس عن المأتم الذي يجري فيه عقد القران… بل وجد من يقوده إلى باب المكان… ولم ير حملة «المولوتوف» و «السلندرات» يطاردونه ليقصفوا عمره، كونه من أولئك الدخلاء العملاء أعداء أبناء الوطن… وفي جلسته مع المهنئين، وجد زملاء آخرين: عربي، آسيوي، بل وهولندي أيضا… كلهم جالسون بأمان…

تغيّرت نظرة صاحبنا ليكتشف كذب المكذبين الذين كانوا ولايزالون يفصلون الكذبة تفصيلا على القرى وأهالي القرى ليصبحوا (هم) أهل الولاء الصادق، أما أهالي القرى فهم (صفويون) مجرمون!

قال لي الأخ المصري إنه وجد شكلا آخر لعامة أهل القرى من ناحية الكرم والطيب… وكان يتوقع أن يسمع كلاما وهمزا ولمزا… ولربما هددنه بعض الملثمين! لكن شيئا من ذلك لم يحدث… حتى أنه وجدت من خلال الحديث مع اثنين من الشباب أنهما يعملان في وزارة الداخلية ومن قريتهم هناك نحو 13 من الجيران يعملون في الداخلية! وهذا الأمر أصابه بالاستغراب! ثمة شيء آخر اكتشفه وهو أن الحديث عن السياسة في مثل هذه المناسبات يأخذ مجراه أيضا لكن في حد يسير، وقد سمع للمرة الأولى أن أهالي القرى ليسوا هواة قتل خلق الله بـ «المولوتوف» أو تخريب البلد وحرقها بـ «السلندرات» وما شابه، لكنهم أصحاب مطالب حالهم حال أي مواطن محترم في دولة محترمة، يعبر فيها عما يشاء لايصال مطالبه، لكن للأسف يقع العنف أحيانا من أكثر من جهة، وهذا ما لا يريده الجميع.

لا نحتاج إلى كلام أخينا المصري كشهادة، فقرى البحرين هي أرض الكرم وطيب القلوب والمحبة المنسوخة من روعة النخيل.. لكن من أجل أن نقول لمثيري الكراهية: سلاما سلاما.

وقبل الختام أريد القول إنه بعد الحوادث المؤسفة الأخيرة، مرت أيام هادئة، واجتزنا إجازة نهاية أسبوع هادئة أيضا… فإن كان ذلك ممكنا في أسبوع، ألا يمكن أن يكون الأمر مستمرا؟!

الإجابة لدى الحكومة، ولدى المعارضة، ولدى الرموز السياسية والدينية ذات الاتجاه المعتدل.