سعيد محمد سعيد

«فلان»… خلاص استغنينا عنك؟

 

ربما لم يعد مستغرباً أن تجد مواطناً اشتكى من فصله تعسفياً وبلا مبررات، ليجد نفسه وأسرته أمام محنة صعبة! لكن هل يليق أن يحدث هذا في بلد مثل مملكة البحرين؟ هل من المعقول أن يتعرض مواطنٌ للفصل من خلال مكالمة هاتفية يبلغه المتحدث على الطرف الآخر التحية والإكرام ويقول له: «خلاص لا تداوم.. استغنينا عن خدماتك؟».

وإذا أضفنا الملف الثقيل الفاضح، بفصل المئات من أعمالهم لأسباب سياسية، نتساءل: «هل نقف اليوم أمام كل هذه الصورة السيئة عالمياً التي شوّهت سمعة بلادنا في المحافل الدولية دون أن يتم مساءلة الأشخاص الذين جاءوا بكومة الأفكار الطائفية الغبية البغيضة؟». ألن يتم محاسبة مسئول هنا أو هناك يتمتع بفصل مواطن بحريني فقط من أجل أن يرضي غروره المريض أو طائفيته الخبيثة أو جنونه النفسي؟.

قرأت، حالي حال الكثير من القراء الكرام خبر تأجيل المحكمة العمالية (الغرفة الثانية) يوم الثلثاء (15 أبريل/ نيسان 2014) القضية المرفوعة من قبل أحد الزملاء الصحافيين ضد صحيفة محلية أبلغته بالاستغناء عن خدماته دون الوفاء بمستحقاته المالية وحقوقه الناشئة عن عقد العمل المبرم. ولو افترضنا أنه يجوز للمؤسسة – أية مؤسسة – أن تبلغ المواطن «المفصول» هاتفياً بأنه تمت عملية (شحولته)! لكن على الأقل، يتم استضافته وتكريمه لإنهاء إجراءاته بالطريقة القانونية وعدم الاكتفاء بالمكالمة الهاتفية… شوية كرم عربي زعماً.

طبعاً حسب القانون، فإنه «لا يجوز توقيع عقوبة الفصل من الخدمة مع الحرمان من المكافأة إلا إذا ارتكب العامل عملاً تنطبق عليه المادة 113 من قانون العمل»، لكن ذلك الكم الهائل من قضايا الفصل التعسفي، ونقصد بها تلك التي تتضارب مع القانون وتخالفه، في مجتمع صغير كمجتمع البحرين، يدلّ على أن هناك وحوشاً بلباس بشرٍ حقاً! ولن نستغرب أيضاً حين نتساءل: كيف يستمتع هؤلاء بفصل أبناء بلدهم، حتى وإن اختلفوا معهم في الآراء السياسية والمذهبية والفكرية؟ ثم لو أراد أولئك الاستمتاع، كيف تسمح الأجهزة المعنية بأن تقع مثل قضايا «الاستمتاع الإجرامي» على مرآى ومسمع؟ ومن قال لكم أن تجويع مواطن وأسرته أمر جميل ممتع ستنجون من عواقبه إن عاجلاً في الدنيا أم آجلاً في الآخرة.

ثم ماذا عن أولئك الذين يملأون مكان العمل بقومهم، أخوتهم وعيال خالتهم وأولاد عمتهم وأولاد جدة خالة ابن عمهم؟ بالمناسبة، وردتني رسالة مؤلمة من المواطن (ح. م. الحداد)، وهو شاب جامعي مضى على طلب توظيفه في إحدى الوزارات 18 عاماً، يوم أن تقدم إلى وظيفة بتاريخ 21 يوليو/ تموز 1996، والغريب أنه طوال تلك الفترة، دخل على العديد من الوكلاء والمدراء في تلك الوزارة حتى أنه نشر معاناته في الصحافة المحلية، وعندها تم استدعاؤه إلى الوزارة بتاريخ 23 أكتوبر/ تشرين الأول 2012 وصدر التوجيه بتوظيفه، لكنه إلى الآن، لم يتلقّ خبراً يفرحه ويفرحه من يعيلهم بالفرج. ولو تحدثنا عن قائمة المسئولين الذين راسلهم وقابلهم لقلنا أنه كان بإمكانه التوجه إلى بان كي مون الذي سيخرج علينا ليقول أنه «يشعر بالقلق».

وبصراحة، يحيّرني سؤال منذ سنين: «لماذا لم نسمع ولم نر ولم نقرأ ولو كل عشر سنوات مرةً، عن مسئول تجاوز وعبث بالمال العام وأساء استخدام وظيفته وتم تقديمه للعدالة لينال جزاءه؟ وبالنسبة لأولئك المطبّلين الذين كلما رفع مواطن صوته مطالباً بحقٍّ من حقوقه، جعلوه في خانة العداء والخيانة والتآمر! أليس عيباً عليكم أن تنظروا وتعايشوا هموم الناس وقضاياهم وما يتعرضون له من جانب بعض المسئولين الفاشلين من ظلم وجور وتساهمون أنتم في كتم أنفاسهم؟ هل المسئولون يشعرون بالسرور حين يحيطهم منافقون أمثالكم يكذبون ويداهنون ولا يوصلون هموم الناس إليهم؟ وسؤال أخير: «متى ستستحون على وجوهكم؟». فأنتم من يتوجب على من يهمهم الأمر أن يستغنوا عن خدماتكم السقيمة.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سعيد محمد سعيد

إعلامي وكاتب صحفي من مملكة البحرين، مؤلف كتاب “الكويت لاتنحني”
twitter: @smsmedi

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *