علي محمود خاجه

«أسامة شقاعد تقول؟!»

"يجب عدم مواجهة المخاوف المشروعة من الأطماع الإيرانية التوسعية بطريقة عكسية، عن طريق تحطيم القوى التقليدية للمجتمع مثل الإسلاميين والقبائل، وإنما يجب أن تتجه الحكومات نحو التعاون معهم وتعزيز وجودهم وتكريس قيم المشاركة الشعبية، حتى يكونوا سنداً طبيعياً لحكومات المنطقة مثلما كانوا على مدى الفترة السابقة". هذا ما جاء على لسان الأستاذ أسامة الشاهين عضو الحركة الدستورية الإسلامية في معرض رده على بيان وزارة الداخلية السعودي حول تصنيف بعض الجماعات بالإرهابية في صحيفة "الراي" في عدد الاثنين الماضي. لن أتطرق أبداً إلى نظرية الأطماع الإيرانية التوسعية التي جاءت في رده، فهي في النهاية نظرية يحب أسامة ومن معه أن يتبنوها دون تقديم الدلائل المنطقية لإثباتها، وهي برأيي الخاص ليست سوى الوقود الذي استهلكوه لضمان استمرار وجودهم بقوة، ولكن ما يعنيني حقاً هو الشطر الثاني من رد الأستاذ أسامة عضو الحركة الدستورية الإسلامية وأحد ممثليها في أكثر من انتخابات نيابية، وهو الشطر المتعلق بوجوب تعزيز ما أسماه القوى التقليدية للمجتمع مثل الإسلاميين والقبائل! فإن سلمنا جدلاً بأن ما يقصده الشاهين بالإسلاميين في تصريحه هم القوى السياسية التي تتبنى الطرح الديني من الفئات المختلفة سنية كانت أو شيعية، سلفية أو إخوانية أو غيرها، وإن كنت أستبعد أن يكون هذا قصده لما عهدته من جماعته من إقصاء واختزال للدين في كياناتهم فقط، ولكن سأسلّم دون قناعة طبعا بأنه يقصد جميع التيارات الدينية بمعتقداتها المختلفة. ولكن ما لا أفهمه أبداً هو مطالبة الأستاذ أسامة بتعزيز وجود القبائل، وبالطبع فهو يقصد الشق السياسي وليس الاجتماعي للقبائل، فالوجود الاجتماعي للقبائل لا تستطيع الحكومات التحكم فيه، وهذا ما يعني بأن الشاهين يسعى إلى تعزيز دور سياسي لفئة يجب ألا يعزز دورها سياسياً أصلاً، بل يجب أن يكون الوضع على النقيض من خلال انصهار الأصول والعوائل سياسياً على الأقل في تنظيمات لا تنظر إلى الأنساب بل إلى الكفاءة كمعيار، فإن كان منطق الشاهين بأن يعزز دور بعض فئات المجتمع فإن هذا سيبرر للشيوخ مثلاً سعيهم إلى تعزيز دورهم السياسي، وهو ما يرفضه الأستاذ أسامة، وسيبرر لبعض الطوائف أيضاً أن تسلك نفس السبيل، ليتعزز بعدها الانقسام والفرقة. المصيبة أن الأستاذ أسامة الشاهين عضو الحركة الدستورية الإسلامية هو أحد المطالبين كفرد وعضو في تنظيم بالقفز إلى الحكومة المنتخبة فوراً، فإن كان هذا المنطق السياسي الذي يستند إليه أعضاء الحركة الدستورية فالنتيجة طبعاً ستعادل أو تكون أسوأ من الوضع القائم في حال الانتقال الفوري للحكومة المنتخبة، وهو أيضاً يؤكد ما نكرره دائما بأن الوصول إلى الحكومة المنتخبة يتطلب أرضية مهيأة، وإعدادا جيدا قبل تحقيقها، فالشاهين سياسي منذ الصغر في أحد أقدم التنظيمات السياسية الكويتية القائمة، ومع هذه الخبرة التي يمتلكها ينظر إلى الأمور بتلك السطحية، فكيف ستكون حال المواطن غير المتبحر بالسياسة حين القفز إلى الحكومة المنتخبة دون مقدمات جيدة ومقبولة؟

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

علي محمود خاجه

email: [email protected]
twitter: @alikhajah

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *