سامي النصف

«الداو» وتعويضات «الكويتية»

هناك تساؤل محق عن سبب القبول بوضع غرامة قدرها 2.6 مليار حال عدم الاتفاق خاصة أن مصانع «الداو» لم تغلق إبان المباحثات، أما التذرع بحجة الفرصة الضائعة على الأموال التي كانت ستتحصل عليها «الداو» وستستخدمها لشراء شركة «روم اندهاوس» فهو عذر أقبح من ذنب كونه سيعطي كل شركة تتفاوض معها الكويت الحق في طلب تعويضات في حال عدم التعاقد معها بحجة أنها كانت ستشتري بها أرضا شاسعة اكتشف لاحقا أن بها خليطا من مناجم الذهب والألماس والنفط والغاز.

***

ولا أعلم حتى هذه اللحظة لماذا عندما تم اللغط حول الجدوى الاقتصادية من صفقة الداو لم يقم أحد بالاستعانة على الفور برأي ثلاثة مكاتب استشارية أميركية وبريطانية وألمانية مختصة بصناعة البتروكيماويات أو تقييم الشركات المدرجة بالبورصات العالمية، وسيأتي خلال يوم أو يومين رأي مختص بعدالة سعر الصفقة مقابل الأصول كون طبيعة عملها يجعلها متابعة لأعمال «الداو» ساعة بساعة وسيكون تقرير تلك المكاتب وملاحظاتها الفيصل في الشراء أو التراجع خاصة بعد أن خفض مبلغ مشاركة الكويت حال اعتراض مجلس الأمة ـ وبين يوم وليلة ـ من 9 مليارات إلى 7.5 مليارات وهو ما يثير العجب إذا لم نقل الريبة ويظهر في جانب منه ضعف المفاوض الكويتي كحد أدنى أو… ما هو أكثر!

***

وقرارات القطاع النفطي ليست دائما خاطئة فقد نشر بالصحف أن إحدى الشركات النفطية تسلمت قبل أيـام ما يقـارب 1.5 مليار من التعويضات تضاف بالطبع لمليارات أخرى تسلمتها في الماضي دون أن تدفع سنتا واحدا ودون عناء كونها لجأت للتعويض الذي تقتطعه لجنة التعويضات مباشرة من بيع النفط العراقي، السؤال لماذا اتجهت «الكويتية» قبل 22 عاما إلى المحاكم لا للتعويضات؟ حيث دفع ما يقارب 100 مليون دولار من الأموال العامة كأتعاب محاماة مع مخاطرة كبرى هي احتمال خسارة تلك القضايا التي قيمتها مليارات الدولارات بعد أن أغلق باب تقديم طلبات التعويضات خاصة أن المحاكم البريطانية لم تحكم قط في السابق لأمور ترتبط بتعويضات الحروب بين الدول المختلفة كما اضطرت «الكويتية» في النهاية إلى قبول تسوية على 500 مليون دولار وهو أمر ما كان له أن يحدث لو كانت تلك المبالغ قادمة دون ضجيج عن طريق تعويضات المجتمع الدولي.

***

ويخبرني ديبلوماسي سياسي كويتي كبير بأن كوندوليزا رايس حذرت الكويت من استمرار قضية «الكويتية» في المحاكم قائلة إن الكويت تسلمت عشرات المليارات من الدولارات ذهبت دون أن تستفز أحدا كونها تصل بهدوء إلى البنك المركزي الكويتي من الأمم المتحدة، أما قضية «الكويتية» فلا ربح للكويت على الإطلاق منها فإن خسرتها خسرت كل شيء ولن تحصل مقابلها من العراق على تنازلات في الملفات الأخرى، أما إذا ربحتها ومن ثم قامت بالتبعية بالحجز على الطائرات العراقية الجديدة فإنها ستستفز مشاعر الشعب العراقي وكرامته في وضع أقرب لما حدث للشعب الألماني بعد الحرب العالمية الأولى، كما ستخسر التعاطف الدولي معها وستخسر كذلك دعم شركات صناعة الطيران الكبرى والمؤثرة في أميركا وأوروبا والتي هي في الوقت ذاته الصانعة للطائرات الحربية وغيرها من أسلحة متقدمة تحتاجها الكويت.

آخر محطة: نحمد الله على أن أول إنجاز عملناه قبل عام هو سد ذلك الباب بعد أن قدنا مفاوضات شديدة الصعوبة اقترح كثيرون أن نضع تفاصيلها في كتاب كونها حققت إنجازات تاريخية غير مسبوقة، حيث وفرت الملايين التي كانت ستدفع كأتعاب محاماة لسنوات طويلة قادمة حال عدم الاتفاق، كما أن الإنجاز الأهم الذي لا يقدر بمال هو ما حدث على اثرها من إنجازات تاريخية لم تحدث من قبل، حيث تم تحديد الحدود وقام العراق بدفع نصيبه من صيانة تلك العلامات الحدودية وتم إخلاء المزارع وحل مشكلة المزارعين العراقيين وبدء العمل في حل الإشكالات النفطية والجرف القاري وجميعها ألغام أزيلت وكان بإمكانها أن تنفجر في أي لحظة.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *