محمد الوشيحي

كان صحافياً

هل الصحافة مهنة المتاعب؟ الجواب: “لا”. عذراً للزملاء. طيب هل هي مهنة الأتعاب والأرباح والتسلق والاسترزاق؟ الجواب: “لا”، مع إمكانية حدوث ذلك. إذاً ما هي الصحافة؟ الجواب: مهنة، فقط مهنة، حالها كحال غيرها من المهن. ما يجري على الهندسة يجري على الصحافة، وما يجري على الطب كذلك يجري عليها، وعلى المحاسبة، والتسويق، والتدريس، وما شابه. متابعة قراءة كان صحافياً

حسن العيسى

اقتراح البؤس

تاريخياً وعبر معظم مجالس الأمة تعتبر لجنة الداخلية والدفاع تحت إبط السلطة، وطوع أمرها، وتستحق أن يطلق عليها بجدارة وصف ملك أكثر من الملوك، وحرصت السلطة الحاكمة – والتي دائماً تملك وضع الأكثرية في مختلف مجالس الأمة بسبب نصوص الدستور وواقع احتكار الأسرة الحاكمة الفعلي لاقتصاد وسياسة الدولة، ولم يستثن من القاعدة السابقة قليل غير مجلس فبراير 2012 المنحل – منذ زمن على أن يكون تشكيل لجان الداخلية والدفاع حسب رغبات الأسرة الحاكمة ووفق مواصفاتها الخاصة، فقضايا الداخلية والدفاع هي من صميم أعمال سيادة الأسرة وهيمنتها، ويستحيل أن يترك تشكيل مثل هذه اللجنة لاحتمالات فوز أحد من المستقلين أو المعارضين.
قبل أيام، بإجماع ومباركة الحضور في لجنة الداخلية والدفاع أقرت هذه اللجنة اقتراح النائب محمد الحويلة "بشأن توسعة مكاتب أمن الدولة ومكاتب مكافحة المخدرات بفتح أقسام ومكاتب في جميع منافذ البلاد، وزيادة العاملين والمكافآت التشجيعية لهم…" (جريدة الجريدة عدد الأمس)!
لم يكن ينقص مثل هذا الاقتراح السلطوي المرعب الذي أقرته اللجنة غير الدعوة إلى فتح أقسام "كانتينات" لجهاز أمن الدولة في الجمعيات التعاونية، حتى تكتمل الصورة المخيفة ويعم الخير. توسعة جهاز أمن الدولة وزيادة المكافآت التشجيعية لأشخاصه لا يعني غير زيادة احتمالات القمع لحريات البشر وزيادة جرعات الملاحقة لأصحاب الرأي، علاوة على أن مثل هذا الاقتراح لا يخرج في حقيقته عن ممارسة أخرى لشراء الولاءات السياسية، عبر زيادة أعداد العاملين بهذا الجهاز وزيادة امتيازاتهم المادية.
أجهزة أمن الدولة في الكويت وغيرها من دول ثبات السلطة الواحدة ارتبطت في نشأتها بأمن السلطة الحاكمة وهيمنتها المطلقة على شؤون الدولة، حين يصبح أمن السلطة بمعنى ثبات احتكارها المطلق لأمور البشر هو أمن الدولة، فيتم بهذا توحيد وجود الدولة بوجود واستمرارية السلطة، وأصبح أي فكر معارض لتلك الهيمنة، وأكرر كلمة "فكر" أو ممارسته بالتعبير عن الرأي، هو إخلال بأمن الدولة، ويصير في الغالب رجال أمن الدولة أو "البصاصين"، في تعبير جمال الغيطاني في رواية "الزيني بركات"، هم عيون السلطة لمراقبة الرعية وملاحقة المعارضين، وهم أخطر أداة لقهر الشعوب من جملة عدة أدوات مثل التشريعات السائدة وتبعية السلطات الأخرى للسلطة التنفيذية الثابتة.
جهاز أمن الدولة يشغل الآن مبنى يعد من أكبر المباني في الدولة، وهو مبنى كان مخصصاً لإدارة البريد التي رفضته لضخامة حجمه، في منطقة جنوب السرة، ولنا أن نتخيل كيف أن مبنى بهذا الحجم الضخم بوسط منطقة سكنية لم يعد كافياً حتى يأتي اقتراح الحويلة ولجنة الداخلية والدفاع نحو المزيد من "مقاصف" توزيع الرعب في البلاد كما يريد نواب الحكم!

احمد الصراف

لا تكن خاضعاً

“>”>بالرغم من أن العبودية، بمعناها الديني، قد اختفت من حياتنا، فإنها تمارس بطريقة أو بأخرى في الدول الفقيرة أو التي طحنتها أو ما زالت تطحنها حروب عرقية! ولكننا كأفراد نمارس جميعاً نوعاً أو آخر من العبودية مع أنفسنا، وذلك عندما ندخل الرتابة الصارمة على حياتنا، أو ندمن على فعل أمور سيئة أو حتى جيدة. فالإدمان على التدخين، أو تعاطي المخدّرات، هو نوع من الخضوع لطبع أو عادة وهي عبودية، كالشراهة في الأكل. وهناك، أيضاً، عادات نصف سيئة كالجلوس ساعات أمام التلفزيون، أو قضاء ما يماثل ذلك في اللعب على الإنترنت، ومشاهدة التافه من البرامج. وبالتالي، من الحصافة التخلص من العبودية لأي عادة كانت.
ولكن ماذا عن العادات الجيدة؟ هنا الأمر يختلف في درجة العبودية، فالإدمان على عادة جيدة قد تكون له مضاره، أو جوانبه السيئة. فالتعود على الخلود إلى النوم في ساعة مبكرة، هو بسوء التعود على السهر نفسه، فكلاهما نوع من العبودية التي يجب أن نتدرب على التخلص منها! فقد تضطرنا ظروف الحياة إلى أن نسهر، ولكن عبوديتنا للنوم المبكر تمنعنا من ذلك، أو العكس! وهناك من لا يستطيع النوم دون سماع صوت راديو أو تلفزيون! وآخرون لا يستطيعون النوم إلا في غرف هادئة! ولكن ما الذي سيفعلونه لو تغيرت الظروف؟ هنا سيعانون كثيراً قبل التعود على الوضع الجديد. كما أن هناك عبيداً للقهوة، من الذين ليس بإمكانهم التحدث مع أحد أو القيام بشيء صباحاً قبل تناول رشفة منها، وغالباً مع سيجارة.
وقد درّبت نفسي، على مدى السنوات القليلة الماضية، على التخلص، ما استطعت، من عبوديتي لأي عادة سيئة كانت أو جيدة. فقد اعتدت مثلاً منذ صباي على القراءة قبل النوم. وكانت فكرة الذهاب في «رحلة» إلى الصحراء، بالرغم من جاذبيتها، تقلقني كثيراً، لأن معناها أنني سأحرم من النوم السهل بسبب صعوبة القراءة في خيمة غير مجهزة لمطالعة كتاب. وقد بقيت هذه العبودية معي طويلاً إلى أن وجدت نفسي يوماً في غرفة فندق في لندن، وفي يوم أحد، والوقت متأخر، وتبين لي أنني نسيت أن أحضر معي كتاباً، كما هي العادة، ولم أجد شيئاً يساعدني على الخلود إلى النوم غير استعراض أسماء سكان لندن من خلال دليل الهاتف بصفحاته الألف!
ما ينطبق على الاعتياد على القراءة قبل النوم ينطبق على عادة النوم في غرف معتمة، أو مضاءة، هادئة أو صاخبة. وعليه من الأفضل أن نكسر أو نغير روتين حياتنا، بقيام المدمن على قهوة الصباح، مع قراءة هذا المقال، بتخصيص يومين أسبوعياً مثلاً دون قهوة ولا مقال لنا، أو لغيرنا. وهكذا مع عادة الخروج من البيت في ساعة أو دقيقة محددة، أو ضرورة ممارسة الرياضة كل يوم، أو تحديد وقت لا يتغير لتناول وجبات الطعام، وغير ذلك، فهذه كلها تجعلنا عبيداً لعادات، بصرف النظر عن طبيعتها، ومن الأفضل الاحتفاظ بالجيد منها، ولكن بعدم الإذعان لها، لتصبح الحياة أكثر تنوعاً، وأقل رتابة ومللاً!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com