محمد الوشيحي

وشعارنا البومة

ماشي يا عم، “الكويت مركز إنساني عالمي”، عذراً للسويد والسويديين، فبقاء الحال من المحال. سحبنا اللقب منهم بجدارة، ورسمنا شعاره، وطبعنا بروشوراته. وأي خدمة؟
انتهينا من جعل الكويت “مركزاً مالياً وتجارياً”، والوضع كما تشاهدون والحمد لله، انهمرت رؤوس الأموال علينا من كل حدب وجدب. وأنجزنا المهمة العظمى بجعل الكويت “أرض الصداقة والسلام”. واليوم أقترح، بعد أن تتحول الكويت إلى مركز إنساني عالمي، أن نكمل جميلنا، ونتذكر حقوق الحيوان، ونسعى إلى جعل الكويت “مركزاً حيوانياً عالمياً”، ونعلق صورة بريجيت باردو، أو بي بي كما يدلعها محبوها. ويكون شعارنا “البومة”. والله ولي التوفيق.
وبعد أن ننهي مهمتنا تلك، نبدأ الخطوة التالية، ونرفع شعار “الكويت مركز الاستجمام العالمي”، ولتعذرنا جزر الباهامس، وجزر بورتا غاليرا (جنوب الفلبين)، وموريشيوس، وسيشيل… فهذه منافسات، ولا يغضب من التنافس الشريف إلا غير الشريف. واللي أوله شرط آخره نور.
ويأتينا المعاريس من أصقاع الأرض للاستجمام، فيستأجرون الأكواخ في متنزهاتنا، ويستنشقون هواء مصانعنا “الوطنية”، ويستمتعون بمشاهدة المنظر الفريد، منظر الشوارع التي تحذف سالكيها بالحصى، ويعودون إلى ديارهم وهم يتمتمون فرحاً أو شتماً. المهم يتمتمون.
وفي الخطة الخمسية، أنصح أن يكون التحدي القادم هو جعل الكويت “المركز الصحي العالمي”، لنستفيد من إمكانيات مستشفياتنا وخرير أسقفها، وخاصية نوم المرضى في الممرات.
بارك الله فيكم. اعملوا فسيرى الله عملكم.

حسن العيسى

ماذا ستختار؟

نصيحة الزميل عبداللطيف الدعيج للحكم في مكانها الصحيح (القبس عدد الأربعاء 29 يناير)، فهو يذكر في مقاله "ضروري جداً أن تتمتع الحكومة بتأييد شعبي وسياسي لبرامجها… عندما تضطر الحكومة إلى تبني مقترحات غير شعبية أو سياسات تؤدي إلى التضييق السياسي أو الاقتصادي على الناس…"، ويضيف الزميل عبداللطيف على غير عادته وخارج مألوفه النخبوي "… حتى يصبح واضحاً السلطة بحاجة إلى حكومة شعبية لاتخاذ قرارات غير شعبية…" (أهلاً بصديقي عبداللطيف مع صفوف دعاة الحكومة الشعبية) فهو اليوم على قناعة "بحتمية لا يمكن الهروب منها، وهي أن مشاركة الناس في الاقتصاد تتطلب إشراكهم بالسلطة…".
هذا المفروض، وهذا ما يمليه منطق العقل و"كومن سنس" في سياسة الحكم، فكيف يمكن أن تطلب من الناس أن يضحوا بما آمنوا به لزمن ممتد بأنه حقوق مكتسبة دون مشاركتهم وأخذ رأيهم، وكيف يمكن أن تقنع المواطن بأن سياسة الإصلاح ضرورة للمستقبل له ولأجياله ما لم يكن مشاركاً فيها عبر ممثليه الذين اختارهم بكل حريته في السلطتين التشريعية والتنفيذية… لكن لنتحفظ قليلاً، ونكبح هذا التفكير الطامح wishful thinking "فالنهج العقلاني الذي تفرضه طبيعة الأمور ليس من عادات سلطة ولا من طبائعها، فتاريخها يخبرنا بأنها اعتادت تسير على خلاف منطق الأمور، فأمام أي تحديات داخلية أو خارجية تعترض الدولة لا توجه السلطة نفسها نحو شعبها كي تستمد منه سلطان الشرعية، بل العكس هو ما يحدث، فمثلاً حل المجلسين لا دستورياً عامي 76 أو 86 يخبرنا بأن السلطة كانت تسير على خلاف منطق الأمور في تحديات الداخل، أو التذرع بأسباب الخارج، كالاحتجاج بالحرب الأهلية اللبنانية في الحل الأول، وحرب الخليج الأولى في الحل الثاني، ولماذا نذهب بعيداً، خذوا مثلاً لما أقول قبيل الاحتلال الصدامي للدولة عام 90، فبينما كانت جيوش صدام تحشد للغزو في الشمال، وكانت دواوين الاثنين المطالبة بعودة الشرعية في عنفوانها، فتحت الحكومة صناديق الهراوات في مراكز قواتها الخاصة وأجهزة أمنها لضرب وقمع المتظاهرين بدلاً من أن تفتح صناديق الشرعية، وقارنوا بما فعلته السلطة في ذلك الزمن وما صنعه الفقيد عبدالله السالم بعد الاستقلال مباشرة، حين طالب عبدالكريم قاسم بضم الكويت سارع عبدالله سالم ليشد أزر الدولة بالشعب وكان المجلس التأسيسي ودستور 62، ففي الأزمات تتوجه القيادات الواعية نحو شعوبها، وليس العكس، كأن تقمعهم وتخرس أفواه الشباب فيها…
اليوم أمامنا أزمة عجز مالي قادم، وأزمة اقتصادية خلقتها السلطة من ألفها إلى يائها… هل تتصورون أن فجر الحكومة الشعبية لاح في الأفق، أم ستسير السلطة حسب عاداتها القديمة…؟ هل ستقول للناس تلك أزمة تشملنا جميعاً، أنتم قبلنا، فتولوا أموركم بأنفسكم، أم ستظل ترفع شعار أوريل "الأخ الأكبر" والأب المهيمن، هو "الأبخص" في السراء والضراء…؟ كيف تتصورون الأمور؟ وأي الحلين ستختار؟!

احمد الصراف

السيدة هيل والاجتهاد

“>سكنت في ستينات القرن الماضي في لندن عند السيد والسيدة هيل، وكنت أدفع لهما مقابل المبيت ووجبتي الإفطار والعشاء. وبالرغم من أن المسز هيل كانت وقتها قد تجاوزت الثمانين من العمر، فإنها كانت تتمتع بصحة جيدة، ولم يكن طبخها، كإنكليزية مثالية (وهي ترجمة غير دقيقة لكلمة Typical) سيئاً! وفي يوم عطلة، انتهزت خروج السيدة هيل لشراء حاجيات البيت، وقررت مفاجأتها بتنظيف صالة المعيشة وممرات الشقة! كما قمت بالتخلص من القمامة، ورمي ما تركته من موز أسود على رف المدفأة! عادت المسز هيل بعد ساعة، ونظرت إلى نظافة البيت وانفرجت أساريرها عن ابتسامة مقتضبة، ولكن ما إن وقع نظرها على رف المدفأة ولم تر الموز، حتى اختفت ابتسامتها، فنظرت لي متسائلة، فقلت لها إنه كان أسود وعفناً ويكثر عليه الذباب الصغير، فرميته في كيس الزبالة! فاستنكرت عملي، وقالت بصوت كالزئير، ما كان يجب عليك أن تفعل ذلك، فأنا لم أطلب منك أن تنظف بيتي في غيابي! لقد انتظرت لأسبوعين لكي ينضج ذلك الموز «اللعين»، ليكون بإمكاني الاستمتاع بتناوله من دون «طقم أسناني»!
حينها تذكرت المثل القائل: «ما كل مجتهد، مصيب»!
أكتب بانتظام، ومنذ فترة طويلة، مقالاً يومياً. وكوني ضعيفاً نسبياً في اللغة العربية، خصوصاً في ما يتعلق بقواعد الإملاء والنحو، فإن الكتابة بالنسبة لي ليست بالنزهة أو العمل الذي يمر بلا عناء، فقد كنت طوال حياتي إما مصرفياً، وإما رجل أعمال، ولم تكن لي يوماً علاقة بالأدب أو الصحافة. وبالتالي، ليس غريباً أن تبدر مني أخطاء، والعكس أقرب إلى الصحة! فليس كل مجتهد مصيباً، وبالرغم من عدم ضيقي بما يردني من نقد وعتاب، وحتى سباب، لخطأ ارتكبته في مقال هنا أو هفوة بدرت مني في مقال هناك، فإن القلة ربما لا تريد أن تعترف بأن الطريقة الوحيدة لعدم الوقوع في أي خطأ هو في عدم القيام بأي شيء، وهذا ما لا ننوي، حالياً على الأقل، الإقدام عليه، وبالتالي ستستمر هفواتنا وتتواصل أخطاؤنا، ولا نريد، ممن لديهم الوقت و«المقاقة» من القراء، غير لفت نظرنا إلى أخطائنا وهفواتنا، خصوصاً أننا نشعر بأن ما نقوم به من كتابة يومية لا علاقة له بصياغة أدبية بقدر ما هو قول رأي يمثل وجهة نظر شخصية، أو فكرة تدور في بال كاتبها، أو خاطرة تستحق أن تروى، وقد يكون في ما نكتب الكثير من الدقة أو العكس، فمن الاستحالة، بالنسبة لي على الأقل، أن أكتب 300 مقال سنوياً، وتكون جميعها خالية من السقطات والهفوات، أو «ما تخرش المية»، كما يقول المثل المصري! ونكرر، «ما كل مجتهد مصيب»، خصوصاً أن أغلبية من يكتبون لي منتقدين نادراً ما تخلو ردودهم من سقطات وهفوات لغوية وتاريخية عجيبة، ولكن غالباً ما يمنعني أدبي من الرد عليهم!

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com