مبارك الدويلة

الحريات عند العرب

نشرت جريدة القبس في عددها امس (السبت) تقريرا عن الحريات في الدول العربية عام 2013، كتبته منظمة فريدوم هاوس وصدر قبل يومين. وقد لفتت نظري بعض النقاط التي اسجلها للقارئ الكريم للمشاركة في التفكير فيها:

– لوحظ ان الحرية في مصر انخفضت (من بلد حر جزئياً الى بلد غير حر)! متابعة قراءة الحريات عند العرب

سامي النصف

«الداو» وتعويضات «الكويتية»

هناك تساؤل محق عن سبب القبول بوضع غرامة قدرها 2.6 مليار حال عدم الاتفاق خاصة أن مصانع «الداو» لم تغلق إبان المباحثات، أما التذرع بحجة الفرصة الضائعة على الأموال التي كانت ستتحصل عليها «الداو» وستستخدمها لشراء شركة «روم اندهاوس» فهو عذر أقبح من ذنب كونه سيعطي كل شركة تتفاوض معها الكويت الحق في طلب تعويضات في حال عدم التعاقد معها بحجة أنها كانت ستشتري بها أرضا شاسعة اكتشف لاحقا أن بها خليطا من مناجم الذهب والألماس والنفط والغاز.

***

ولا أعلم حتى هذه اللحظة لماذا عندما تم اللغط حول الجدوى الاقتصادية من صفقة الداو لم يقم أحد بالاستعانة على الفور برأي ثلاثة مكاتب استشارية أميركية وبريطانية وألمانية مختصة بصناعة البتروكيماويات أو تقييم الشركات المدرجة بالبورصات العالمية، وسيأتي خلال يوم أو يومين رأي مختص بعدالة سعر الصفقة مقابل الأصول كون طبيعة عملها يجعلها متابعة لأعمال «الداو» ساعة بساعة وسيكون تقرير تلك المكاتب وملاحظاتها الفيصل في الشراء أو التراجع خاصة بعد أن خفض مبلغ مشاركة الكويت حال اعتراض مجلس الأمة ـ وبين يوم وليلة ـ من 9 مليارات إلى 7.5 مليارات وهو ما يثير العجب إذا لم نقل الريبة ويظهر في جانب منه ضعف المفاوض الكويتي كحد أدنى أو… ما هو أكثر!

***

وقرارات القطاع النفطي ليست دائما خاطئة فقد نشر بالصحف أن إحدى الشركات النفطية تسلمت قبل أيـام ما يقـارب 1.5 مليار من التعويضات تضاف بالطبع لمليارات أخرى تسلمتها في الماضي دون أن تدفع سنتا واحدا ودون عناء كونها لجأت للتعويض الذي تقتطعه لجنة التعويضات مباشرة من بيع النفط العراقي، السؤال لماذا اتجهت «الكويتية» قبل 22 عاما إلى المحاكم لا للتعويضات؟ حيث دفع ما يقارب 100 مليون دولار من الأموال العامة كأتعاب محاماة مع مخاطرة كبرى هي احتمال خسارة تلك القضايا التي قيمتها مليارات الدولارات بعد أن أغلق باب تقديم طلبات التعويضات خاصة أن المحاكم البريطانية لم تحكم قط في السابق لأمور ترتبط بتعويضات الحروب بين الدول المختلفة كما اضطرت «الكويتية» في النهاية إلى قبول تسوية على 500 مليون دولار وهو أمر ما كان له أن يحدث لو كانت تلك المبالغ قادمة دون ضجيج عن طريق تعويضات المجتمع الدولي.

***

ويخبرني ديبلوماسي سياسي كويتي كبير بأن كوندوليزا رايس حذرت الكويت من استمرار قضية «الكويتية» في المحاكم قائلة إن الكويت تسلمت عشرات المليارات من الدولارات ذهبت دون أن تستفز أحدا كونها تصل بهدوء إلى البنك المركزي الكويتي من الأمم المتحدة، أما قضية «الكويتية» فلا ربح للكويت على الإطلاق منها فإن خسرتها خسرت كل شيء ولن تحصل مقابلها من العراق على تنازلات في الملفات الأخرى، أما إذا ربحتها ومن ثم قامت بالتبعية بالحجز على الطائرات العراقية الجديدة فإنها ستستفز مشاعر الشعب العراقي وكرامته في وضع أقرب لما حدث للشعب الألماني بعد الحرب العالمية الأولى، كما ستخسر التعاطف الدولي معها وستخسر كذلك دعم شركات صناعة الطيران الكبرى والمؤثرة في أميركا وأوروبا والتي هي في الوقت ذاته الصانعة للطائرات الحربية وغيرها من أسلحة متقدمة تحتاجها الكويت.

آخر محطة: نحمد الله على أن أول إنجاز عملناه قبل عام هو سد ذلك الباب بعد أن قدنا مفاوضات شديدة الصعوبة اقترح كثيرون أن نضع تفاصيلها في كتاب كونها حققت إنجازات تاريخية غير مسبوقة، حيث وفرت الملايين التي كانت ستدفع كأتعاب محاماة لسنوات طويلة قادمة حال عدم الاتفاق، كما أن الإنجاز الأهم الذي لا يقدر بمال هو ما حدث على اثرها من إنجازات تاريخية لم تحدث من قبل، حيث تم تحديد الحدود وقام العراق بدفع نصيبه من صيانة تلك العلامات الحدودية وتم إخلاء المزارع وحل مشكلة المزارعين العراقيين وبدء العمل في حل الإشكالات النفطية والجرف القاري وجميعها ألغام أزيلت وكان بإمكانها أن تنفجر في أي لحظة.

سعيد محمد سعيد

ثلاجة الموتى!

 

هنا، مجرد سطور «قصة قصيرة»، والباب مفتوح لمن يشاء، لأن يسقط مضامينها على من يشاء وكيف يشاء! «شاءت الأقدار أن يستقر حاله في الحياة كحارس لثلاجة موتى… عرفه الناس منذ سنين كعالم وأستاذ ووجيه له مكانته في المجتمع، إلا أن تحولاً خطيراً ظل طيّ الكتمان، حوّل حاله من أحد الوجوه الكريمة، إلى واحد من أبشع الوجوه الكريهة».

العمل مع الموتى بالنسبة له كان خانقاً مضجراً مدمّراً في بداية الأمر، لكنه اعتاد المكوث لساعات وساعات، حتى بعد انتهاء أوقات العمل، بين تلك الجثامين التي لا روح فيها! أما الجانب الأكثر امتاعاً ودهشةً له، أن مع تابوت كل جثة، عُلقت ورقة فيها بعض التفاصيل عن صاحبها في أيام حياته… يقضي الساعات ليقرأ في تلك الأوراق.. يبكي حيناً، يفرح حيناً، ويخطط حيناً آخر.

بادئ ذي بدء، حينما أبلغه مسئوله الكبير أن هذه التوابيت (ليست مخيفة)، فهي فاقدة للحياة، وحتى يطمئنه أكثر، شجّعه لأن يتعرف عليها من خلال أوراق التعريف مع كل تابوت. وكانت البداية مع جثة قديمة جداً بالية، مضت سنون ولم يسأل عنها أحد. في ورقة التعريف قرأ هذا النص: «أنا المسجى هنا في هذا التابوت… عشت حقيراً ومت حقيراً. بلغت من العمر مبلغاً لم أجد مع تقدمي فيه أي فارق في حياتي سوى أنني كنت أريد أن أعيش، وفي الوقت ذاته، أريد أن أحرم غيري من العيش. في حياتي، التافهة الحقيرة، أردت أن استحوذ على الخير كله، لكنني أموت قهراً وحنقاً وغيظاً حينما تمتد يد آخر لتصل إلى ثمرة واحدة مما سقطت عيني عليها. كلهم خونة. لا أطيقهم… فليذهبوا إلى الجحيم.

وحتى كتابة هذه السطور، هل ذهبوا إلى الجحيم؟ أم أنا الذي سبقتهم… ختاماً، بلغوا تحياتي للحمار ابن الحمار الذي يعيش في حظيرة كبيرة بجوار منزلي المتهالك».

العبارة الأخيرة، جعلت حارس الثلاجة يتبسم بعد تجهم وعلامات حزن وكدر علت وجهه وهو يقرأ النص. تبسم، ثم تبسم، ثم ضحك! ومع أن من حوله موتى فضّل أن يكتم ضحكته.

في التابوت الآخر جثة امرأة، وبالطبع لأنه من أهل الدين والمروءة والأخلاق، فإنه ما كان أبداً يقبل بأن يأتي أي زائر من أقرباء المتوفية ليرى وجهها ويتعرف عليها إلا أن تكون امرأةً مثلها. أي نعم، فلم يكن يماري أو يتساهل في أمور الشرع، لهذا، ترحم عليها وسحب ورقة التعريف ليقرأ ما فيها: «والله إنني فضلت الموت على أن ينتهك الكلاب عرضي. عشت عزيزة نفس رغم فقري. لكنني في أشد هبوب عصف الباغين والطاغين والمارقين، كنت على استعداد تام أن أضحي بكل ما أملك في حياتي… إلا شرفي، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون. أما تلك الكلاب التي ما فتئت تهتك أعراض الناس، فإن مصيرهم كمصير ذلك الذي تعفن في تابوت أسود.. ربما.. ربما تجدون واحداً في مكان ما هنا أو هناك».

لا حول ولا قوة إلا بالله. لعن الله تلك الكلاب… قالها وهو ينصرف ليفتح باب المشرحة حيث جرس بابها يرن. أمام الباب، وجد مجموعةً من الناس وهم في حالة هلع وبكاء. رجل يرتجف وتلعثم في الكلام. امرأةٌ تنحب وتحثو التراب على رأسها. شباب وشابات توزعوا هنا وهناك في وجوم وحزن وترقب. قال الرجل الذي اقترب من الباب: «افتح… افتح أيها الحارس. قل لي بالله عليك: هل وصلتكم قبل قليل سيارة إسعاف تحمل جثمان ضمير؟». استغرب الحارس لحظة ثم ما لبث أن ضحك ضحكة مجلجلة: «ههههه… لا بأس يا صاحبي. لا تنتظر خبراً مثل هذا. فلا أعتقد أن من تبحث عنه موجود في هذه المدينة. إبحث عنه في مدينة أخرى، لكن ها.. حذارِ أن تخدع نفسك وتبحث عن شيء اسمه أفلاطونية الخيال، المدينة الفاضلة لا وجود لها فلا تتعب نفسك. وعن جثمان الضمير الذي سألت عنه، يسعدني أن أقول بأننا لم نستلمه، لأن لا حياة فيه فهو جماد. ومن مات قد مات منذ أجل طويل.

«يا للهول.. هناك تابوت أسود».. في يوم عمل ممل كان يتجول داخل أروقة ثلاجة الموتى. وفي مكان قصي، رأى تابوتاً أسود، ترى أيكون ذلك التابوت هو الذي كتبت سطوره تلك المرأة التي دافعت عن شرفها حتى الموت؟ اقترب من التابوت وعفونته تخترق كمامة الأنف التي يرتديها. كان همه أن يصل إلى ورقة التعريف. حينها، وقتما وقعت بين يديه، صدمته العبارة: «أنا الذي أنقذت العالم فكاد يذهب من بين أيدينا. أنا الذي وقفت كالحامي عن بني البشر في كل بقاع الأرض. أنا الذي حميت الأوطان من أن تختطف على أيدي «هارماغيدون»… لكن من سوء حظي.. أقصد سبب موتي، أنني وجدت في اغتصاب نخيلات باسقات شامخات أمراً مسلياً. بقيت النخيلات وسقطت أنا في الجحيم. ويحي… ويحي».

بعد قراءة نص التابوت الأسود، لا يزال حارس الثلاجة هائماً بلا صواب، يبحث عن شيء يكتبه كتعريف على تابوته قبل أن يموت.

احمد الصراف

أجرة وعداد للمرة الثالثة

يقول القارئ جعفر: أخذت تاكسي المطار، وفوجئت بأنه لا مكان لحقيبتي في صندوق السيارة، لوجود فراش نوم السائق بداخله، فوضعت الحقيبة على المقعد بيني وبين زوجتي! وبالرغم من أن الجو كان مغبراً، فإن الأخ رفض تشغيل المكيف! ويقول قارئ آخر: كانت الساعة قد تجاوزت الواحدة صباحاً عندما أوصلني سائق أجرة المطار إلى بيتي، وهناك طلب مني 20 ديناراً، وعندما رفضت، نزل من سيارته مهدداً، فاضطررت مكرهاً لدفع المبلغ، فقد كان شكله «يخرع». وقال ثالث: في دبي، وجد الشيخ محمد بن راشد حلاً لمشكله المواطنين أصحاب سيارات الأجرة المتهالكة، فقد عوّض كثيرين منهم، ومن رفض تركه يعمل، وقام بتكوين شركة تاكسي زوّدها بسيارات جديدة، وبسائقين يتكلمون الإنكليزية، وبرداء خاص، وزوّد السيارات بعدادات، وجعلها موجودة في كل مكان، فما كان من السيارات القديمة والمتهالكة إلا الانسحاب طوعاً من السوق، لأن لا أحد رغب في استخدامها، لحالتها السيئة. وما لا يعرفه كثيرون عن مهنة سيارة التاكسي في لندن بالذات، ومدنها الكبرى، أنها مهنة مربحة، ولكن الحصول على ترخيص قيادة سيارة أجرة دونه الأهوال. فقد ورد في كتاب ممتع بعنوان Moonwalking with Einstein لجوشوا فوير أن على من يريد الحصول على ترخيص تاكسي لندن قضاء فترة لا تقل عن سنتين في دراسة وحفظ أسماء شوارع المدينة التي يتجاوز عددها 25 ألف سكة وشارع وطريق وجادة وساحة وإسطبل، ومعرفة أين يقع كل منها، هذا غير معرفة مواقع 1400 من المعالم العامة والدوائر الحكومية والمتاحف وغيرها. ويخضع المتقدّمون لامتحان صعب لا تقتصر أسئلته على معرفة موقع الشارع، بل وتحديد أقصر طريق بينه وبين شارع وآخر، وما يقع من معالم مهمة في الطريق بين الشارعين! وبالرغم من طول مدة التحضير للاختبار العملي والشفوي، فإن 30% فقط يجتازون الامتحان سنوياً! ولو طبّق الامتحان نفسه في مدينة الكويت، والتي تبلغ 1% من مساحة لندن، لكانت نسبة النجاح صفراً على الأرجح!
ولكي ندلل على عجز الحكومة عن اتخاذ القرارات، فإننا لن نضرب مثلاً بعجزها عن إنهاء مشاريع صار تكرراها مملاً، بل في عجزها وترددها الواضح في «إلزام» سيارات الأجرة بتركيب عداد! فهل هناك أمر أكثر بساطة من هذا القرار؟ وإن كان مجلس الوزراء، المهيمن على كل شؤون الدولة، عاجزاً عن تطبيق مثل هذا القرار، بكل ما يعنيه من أهمية وسهولة في التطبيق، فما الذي نرجوه منه في الملمات الكبرى؟
لا أدعو هنا إلى حرمان المواطن الكويتي الذي يعمل سائق تاكسي من «الاسترزاق»، ولكن الأمر يتطلب فرض ضوابط تنظم عملهم، وتحمي زبائنهم من جشع البعض منهم، وذلك بوضع لوحات في المطار، بأكثر من لغة، تبين أجرة النقل لأي منطقة في الكويت! فهل هذا صعب أيضاً؟ ننهي مقالنا بما ذكره قارئ رابع من أن «تاكسي لندن»، كان من الممكن أن يكون سيئاً لولا وجود قوانين تطبق، تحمي السائق والراكب!

أحمد الصراف