سامي النصف

سياسة الأبيض والأسود

مع دخول العام الجديد نرجو التخلص من سياسة أضرت بالكويت كثيرا عبر السنوات والعقود الماضية وأدت بنا الى التخلف عن الأشقاء الخليجيين الذين لا ينتهجون سياسة مشابهة لها، السياسة المعنية هي سياسة «الأبيض والأسود» حيث تبسط الأمور عبر تقسيم الناس الى «أبيض» يستمع منه لكل شيء فكل نصائحه مقبولة وكل كلامه اقوال مأثورة وكل اخطائه مغفورة فهو فوق المحاسبة مهما تكرر منه البعد عن الصواب، في المقابل هناك من يتم صبغهم باللون «الأسود»، لذا فكل نصائحهم مرفوضة وكل أمورهم الصائبة تحور وتفسر على انها اخطاء تستوجب المحاسبة.

* * *

وضمن ذلك المسار المستمر صبغنا على سبيل المثال الرئيس ياسر عرفات باللون الأبيض الفاقع وكانت طلباته أوامر تلبى في بلدنا، في المقابل طلينا أميركا وإسرائيل باللون الأسود الغامق وكنا أكثر الدول عداء أو تصويتا ضدهما في الأمم المتحدة حتى أتت كارثة الغزو ووقف عرفات مع غزونا وسفك دماء رجالنا والتعدي على أعراض نسائنا، بينما ارسلت الولايات المتحدة أبناءها لتحريرنا كما امتنعت إسرائيل للمرة الأولى في تاريخها عن الرد على صواريخ صدام كي لا يتفكك التحالف القادم لإنقاذنا.

* * *

وبالمثل صنفنا في الماضي إيران باللون الاسود ووقفنا ضدها وهي المعتدى عليها، وصنفنا الطاغية صدام باللون الأبيض ووقفنا معه، ولازلت أذكر المقال الذي كتبته بعنوان «نحن والأشقاء» عام 1986 إبان الحرب العراقية ـ الإيرانية وانتقدت فيه بشدة عدم قيام النظام الصدامي بتحديد الحدود وحل الاشكالات العالقة معنا كما قام بذلك مع الجيران الآخرين، وأضفت أن سياسة الدفع المقدم التي نتبناها سيكون لها أفدح الضرر المستقبلي علينا فمن لا يحدد الحدود وهو في حاجة لنا فلن يحددها عندما تتوقف حربه وتتوقف معها حاجته لنا.

* * *

آخر محطة: تلك السياسة تمتد إلى الداخل كذلك ولها أضرار كبيرة حيث اختلطت وانقلبت الألوان بشدة، فمن يضر يكافأ ومن يفيد يعاقب، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

 

 

 

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *