بشار الصايغ

برنامج “الائتلاف” واشكالية التطبيق والتنفيذ

لم تحمل مسودة ائتلاف المعارضة لمشروعها السياسي المقبل أي جديد على الساحة في المطالبات، فما جاء في المسودة التي نشرتها وسائل الإعلام هي نسخة طبق الأصل Copy & Paste من مطالبات سابقة لمعظم القوى السياسية، بما فيها تلك المشاركة في ائتلاف المعارضة.

ويقوم برنامج “الإئتلاف” السياسي على أهداف رئيسية تتمثل في التالي : تعديل النظام الانتخابي (آلية التصويت وتوزيع الدوائر)، اشهار الأحزاب السياسية، تعديلات دستورية، النظام البرلماني الكامل، استقلالية القضاء، بالإضافة الى تعديل بعض القوانين القائمة.

ومثل تلك المطالبات أو المشاريع طرحت في السابق كبرامج وأهداف ولكنها لم ترى النور، فالجبهة الوطنية لحماية الدستور (شُكلت من قوى معارضة مشاركة في الإئتلاف) أعلنت في بيان تأسيسها في سبتمبر 2012 عن أهدافها، وهي مطابقة تماما لما جاء في برنامج “الائتلاف”، إلا أنها “حُلت” بهدوء دون معرفة الأسباب.

كما أن قوى التيار الوطني (التحالف الوطني الديمقراطي والمنبر الديمقراطي) حملا نفس المطالب باستثناء التعديلات الدستورية التي يرون أنها غير مناسبة في الأوضاع الحالية، ولكنهما يتفقان على تعديل النظام الانتخابي واستقلالية القضاء والأحزاب السياسية كمقدمة للوصول الى النظام البرلماني الكامل.

وهنا يتضح أن الأزمة في الكويت ليست بكتابة البرامج السياسية أو صياغة القوانين، فكل قوى سياسية لديها برنامجها المعلن وقوانينها الجاهزة، ولكن يتوقف هذا البرنامج عند حدود القدرة على تنفيذه.

اللافت في مسودة مشروع “الائتلاف” أنها لم تشترط عودة النظام الانتخابي السابق (الدوائر الخمس والأصوات الأربعة) للعودة الى المشاركة في الحياة السياسية، وهو ما يمكن اعتباره تحولا في موقف “الائتلاف” الرسمي.

وهو ما يجرنا الى نقطة مهمة في “المسودة” جاءت تحت عنوان “المنطلقات والأسس والمعايير” في البند الأول والذي نصت على ” .. كل الإصلاحات السياسية التي يحتويها مشروعنا يجب أن تمر عبر القنوات والمؤسسات الدستورية .. الخ”، هذه النقطة تحديدا نسفت المشروع بأكمله بالنسبة لي شخصيا للأسباب التالية:

  • إقرار القوانين في الكويت بحسب القنوات الدستورية تتم عبر مجلس الأمة أو مراسيم الضرورة في حال غياب المجلس، و”الائتلاف” طرح في برنامجه عددا من القوانين منها الأحزاب واستقلالية القضاء والمحاكمات .. الخ، إلا أنه لا يعترف بمجلس الأمة الحالي ولا يشارك به وهو الوسيلة الوحيدة للتشريع في الكويت، بالتالي كيف يمكن ترجمة تلك المشاريع الى قوانين سارية؟
  • يبين الدستور الحالي آلية تنقيح المواد الدستورية وفق المادة 174 “ للأمير و لثلث أعضاء مجلس الأمة حق اقتراح تنقيح هذا الدستور ..”، ولا يتوقع أن يقترح الأمير أو نواب المجلس الحالي التعديلات الدستورية الواردة في البرنامج، بالتالي يكون السؤال هنا من سيقدمها وفق “القنوات الدستورية”؟ وإن طرحنا فرضية تبنيها من قبل نواب في المجلس الحالي، هل سيقبل “الائتلاف” بهذه الخطوة ويدعمها؟ وما هو الموقف إن رفضت من الأمير أو المجلس؟

إذن، نجد أن الأساس في تطبيق مشروع “الائتلاف” يصطدم مع حقيقة موقفه من “القنوات الدستورية” في الوقت الحالي الرافض لها، وحتى لو انطلقت المسيرات والاعتصامات والندوات في الشارع، فإن النهاية يجب أن تكون عبر مجلس الأمة! وهنا نعود الى المربع الأول حين ذكرت سابقا أن المشكلة ليست في كتابة البرامج السياسية الاصلاحية بل معضلتها في آلية التنفيذ.

ومن جانب آخر، فإن “الائتلاف” فقد خطوط الاتصال مع القوى السياسية الآخرى بسبب هجوم أعضاءه “الفج” على الآخرين وتخوين كل من سار في غير خطهم، كما أن كثير من رموزه يعتبرون من قيادات الفكر الطائفي في الكويت، بل أن بعضهم أصبح رمز طائفي “إقليمي”، أي أن التعاون السياسي الذي وجدناه في “نبيها خمس” على سبيل المثال لن نجده اليوم مجددا .. أبدا ومستحيلا.

بما أن البرنامج المطروح حاليا عبارة عن “مسودة” قابله للتعديل، فانصح الإخوة في “الائتلاف” بيان موقفهم من أي انتخابات تشريعية قادمة سواء كانت بالصوت الواحد الحالي، أو أي نظام جديد قد يقره المجلس غير المعترف فيه .. فإن كان قرارهم المشاركة فليكن هذا اساس الانطلاق في تنفيذ البرنامج، أم اذا كانت المقاطعة مستمرة، فعليهم ازالة فقرة “القنوات الدستورية” من برنامجهم وبيان الوسائل الجديدة.

ملاحظة: لم اكتب هذا المقال لانتقد مشروع “الائتلاف”، فأنا اتفق مع معظم ما جاء به باستثناء التعديلات الدستورية، ونحن في “التحالف الوطني” لدينا برنامج سياسي معلن قريب جدا بما طرحه “الائتلاف” باستثناء جزئية التعديلات الدستورية، و”التحالف” قراره كان المشاركة في الانتخابات السابقة بعد انتفاء المانع الدستوري لتحقيق برنامجه، وهو ما يعمل عليه مع نوابه حاليا.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *