اعتدنا في الكويت والمنطقة العربية المتابعة اللصيقة لانتخابات الرئاسة الأميركية بسبب تأثيرها المباشر علينا وعلى العالم، واذكر انني وضمن برنامج الطريق الى البيت الأبيض الذي أعده وقدمه عام 2008 الزميل د.عبدالله الشايجي حذرت القيادات العربية من التفاؤل الشديد بوصول الرئيس أوباما مستشهدا بكتاب «السيرة غير المكتوبة لأوباما» الذي يقول مؤلفه وبستر غرفن تاربلي: ان الابن الروحي لأوباما هو السياسي اليساري المعروف د.زبنغيو بريجنسكي، وقلت ان قراءة المستقبل تحوجنا للعودة لحقبة الرئيس جيمي كارتر حيث كان د.بريجنسكي مستشار الأمن القومي والرجل القوي فيها، وتساقطت الأنظمة اليمنية الحليفة لأميركا بدعم من الإدارة الأميركية (!) كما حدث في إيران والفلبين وهاييتي وغيرها، وقد تكرر الأمر في عام 2011 ابان عهد الرئيس أوباما عندما تساقطت الأنظمة الصديقة للغرب بدعم ومؤازرة من الغرب..!
***
بعد مدة قصيرة ستجرى الانتخابات في أهم بلد عربي ونعني مصر ويجب تغطية تلك الانتخابات الهامة من قبل الإعلام الرسمي والخاص بنفس قدر تغطية الانتخابات الأميركية نهاية هذا العام، فعندما كانت مصر تحكم بالأنظمة الملكية الليبرالية السعيدة كان الوضع يشابهه في المنطقة العربية، وعندما تحولت مصر الى الأنظمة العسكرية الديكتاتورية صيف 1952 تحول الوطن العربي معها لذلك التوجه القميء، حتى ان قممنا العربية تحولت منذ الخمسينيات للتوجه والمنافستو القومي العربي عدا قمة بغداد الأخيرة التي طغي عليها التوجه الإسلامي للمرة الأولى في تاريخ قممنا العربية.
***
وخيرا فعل القضاء المصري الشامخ بإبعاده لعشرة مرشحين وأول المشطوبين كان الصامت الكبير عمر سليمان الذي يعتقد الكثيرون ان صمته يدل على الغموض ولربما الخبث بينما يظهر واقع حاله انه رجل صعيدي متدين ينتمي لعائلة يشتهر أفرادها بخاصية الصمت، وهو أمر جيد لرئيس مخابرات إلا أنه سيئ لرئيس جمهورية يحتاج عمله للحديث المتواصل لشرح خططه وسياساته، المشطوب الثاني هو خيرت الشاطر الذي يمثل التوجه «القطبي» المتشدد في الإخوان وقد هدد باللجوء الى الدم لأخذ حقه بعد شطبه مما يدل على عدم صلاحيته منذ البداية إضافة الى حقيقة ان على الإخوان ان يلتزموا بوعدهم بعدم الترشح للرئاسة والذي تسبب في خروج د.عبدالمنعم أبوالفتوح عنهم لرغبته في الترشح وكي لا يصبحوا «حزب وطني» آخر يسيطر على رئاسة الجمهورية والحكومة ومجلسي الشعب والشورى، أمر آخر هو ان المرشح الشاطر شاطر كذلك في الخلفة والأولاد حيث ان لديه 10 أبناء فكيف سينصح الشعب المصري بترشيد الإنجاب وإيقاف الانفجارات السكانية القائمة والقادمة؟!
***
المرشح المشطوب حازم أبواسماعيل هو الأسوأ بجدارة والذي لا يعلم أحد مصدر ثروته المليارية والتي صرف منها حتى الآن مئات الملايين للدعاية لحملة الرئاسة الفاشلة، مرشحو الرئاسة الأميركية والأوروبية والروسية يذهبون للترشح بصحبة زوجاتهم، وأبواسماعيل أغلق شبيبته النازية كل الطرق والشوارع عند ذهابه للترشح، فما الذي سيفعله لو انتخب وأصبح رئيسا لمصر؟! أبوحازم يعلم ان والدته وشقيقاته أميركيات ومع ذلك يود جعل قوته وسطوته وبطشه فوق نصوص القانون الذي يجعل قرارات هيئة انتخابات الرئاسة نهائية كما ان مشروعه السياسي والاقتصادي سينتهي قطعا بتحول مصر الى صومال أو سودان أخرى.
***
انتخابات الرئاسة المصرية أصبحت محصورة على الأرجح في الدكتور المثقف عبدالمنعم أبوالفتوح، وعمرو موسى الذي وعد بإحضار المساعدات المالية لمصر ود.الطيار أحمد شفيق الذي نشهد له بإنجاز قارب الإعجاز عندما حوّل مصر للطيران ومعها مطارات مصر وطيرانها المدني من الأسوأ الى الأفضل في العالم خلال فترة قصيرة، اضافة الى ذكائه وحزمه وثقة المؤسسة العسكرية والدول الخليجية وحتى الغربية به وإن كانت فرصته في النجاح أقل من سابقيه.
***
آخر محطة: (1) استضافنا ذات مرة الإعلامي حمدي قنديل ضمن برنامجه «قلم رصاص» والتقيت قبل البرنامج بالدكتور عبدالمنعم أبوالفتوح القادم للتو من دارفور وكان مما قاله ألا شيء يحدث هناك (!) وان الأمر لا يتعدى أكاذيب غربية ضد النظام الإسلامي في الخرطوم، وكانت إجابتي ان ما يحدث هناك تغطيه وسائل الإعلام في العالم أجمع، اضافة الى وجود مخيمات لملايين النازحين في تشاد ولا يمكن ان يكون هذا كله سرابا في سراب، وان خيرا من الإنكار القول بانه وصحبه رأوا ما أرادت حكومة الخرطوم ان يشاهدوه.
(2) رغم تلك الزلة التي ناقضتها الأحداث اللاحقة وانكشاف جرائم دارفور إلا أن المرشح د.عبدالمنعم أبوالفتوح يبقى مرشح المثقفين والجامعيين في مصر، ونأمل لمصر وشعبها كل الخير فيما لو وصل لسدنة الحكم.
(3) النزول المتكرر للشارع من قبل الأحزاب الرئيسية في مصر يعني إسقاط شرعية البرلمان لصالح شرعية الميدان، وسيصبح الرئيس القادم أيا كان شخصه رئيسا «صوريا» حيث ستحد الأحزاب والجماهير من صلاحياته، وعليه يصبح حسني مبارك آخر رئيس «حقيقي» لمصر.
(4) لا أرى أي أمل لمرشح الإخوان محمد مرسي (محمد مين؟!) في انتخابات الرئاسة القادمة، والنصيحة المثلى للإخوان من أخ لهم أن يسحبوا مرشحهم كي يصلحوا بهذا القرار بعض الضرر الكبير الذي أصابهم بسبب سلسلة الأخطاء التي قاموا بها و… الدين النصيحة!