عادل عبدالله المطيري

استجواب خلط الأوراق

أن ترفض استجواب الإيداعات السابق الذي وجه الى رئيس الحكومة السابقة «كيفك»، ولكن أن تتقدم باستجواب لذات الموضوع إلى رئيس الوزراء الحالي وغير المعني بقضية التحويلات والإيداعات، فلا أرى له أي مبرر، خصوصا أنك من ضمن المتهمين بقضية الإيداعات.

ربما يحاول النائب عاشور استخدام دفاع الحكومة وردودها على الاستجواب كحجة قانونية له في القضية أمام المحاكم مستقبلا، فهي التي حولته إلى النيابة العامة، وسياسيا لو تكلم بعض نواب المعارضة السابقة مدافعا عن الحكومة الحالية فإن النائب عاشور سيستغل موقفهم لصالحه أيضا سياسيا!

إذن يبدو أن الهدف من الاستجواب هو خلط الأوراق، والمفارقة العجيبة أننا سنجد بعض المتهمين من النواب ربما يتحدثون مؤيدين للاستجواب وكتاب عدم التعاون!

بينما سيقف كمعارض للاستجواب نواب كانوا ينادون باستجواب الرئيس السابق على نفس القضية قد يعتقد البعض انه بذلك الفعل سيحرج الاغلبية البرلمانية وسيظهرها بمظهر المتناقض، بينما الحقيقة هي أن الأغلبية كانت تريد محاسبة المسؤولين المعنيين بتلك القضايا في الحكومة السابقة، وكشف المتورطين من كبار المسؤولين والنواب آنذاك، اما الآن وفي ظل حكومة جديدة ورئيس جديد، لابد من عمل لجنة تحقيق برلمانية لتلاحق المسؤولين الحالين او الذين استقالوا هربا من المسؤولية وكذلك المتهمين من اعضاء الحكومة ومجلس الامة السابقين لتقديمهم للعدالة، وهذا بالطبع لا يتحقق بالاستجواب!

في النهاية أتمنى على الأغلبية وكما تمسكت بمبادئها أو لاءاتها الثلاث «لا للتأجيل أو الشطب او السرية» ان تتقدم بمشروع لجنة التحقيق في الايداعات والتحويلات بعد مناقشة الاستجواب مباشرة لتجبر الحكومة على تمريرة والا انها ستجد نفسها مجبرة علي تأييد كتاب عدم التعاون اذا قدم!

 

سامي النصف

دور رئاسة البرلمان في باقي البلدان!

  لا نكل ولا نمل من الحديث عن حجم المفاهيم والممارسات الخاطئة ضمن لعبتنا الديموقراطية ومن ذلك دور رئاسة البرلمان التي لا تأخذ الشكل ذاته في برلمانات العالم الأخرى (كحال الاستجوابات) فالجميع يتذكر على سبيل المثال اسم قيادات السلطة التنفيذية من رؤساء دول ووزارات في أميركا وبريطانيا وألمانيا.. الخ، ولكن لا أحد يعلم أسماء رؤساء السلطات التشريعية فيها.

***

فرئاسة البرلمان في جميع البلدان الأخرى لا تختلف عن مكانة النواب الآخرين ولا تملك صلاحيات مشابهة لصلاحيات رؤساء السلطات التنفيذية والقضائية على مرؤوسيهم بل توضع رئاسة البرلمان في كثير من الدول ومنها كندا في المرتبة الرابعة بروتوكوليا بعد حاكم الولاية ورئيس الوزراء ورئيس السلطة القضائية.

***

ولا ينص الدستور الأميركي حتى على ان يكون رئيس مجلس النواب عضوا في البرلمان، كما يرأس مجلس الشيوخ الذي قد تكون أغلبيته المطلقة من الحزب الجمهوري نائب الرئيس الذي قد يكون من الأقلية الديموقراطية، كما يرأس نائب الرئيس الجلسات المشتركة لمجلسي النواب والشيوخ ممن قد تكون أغلبيتهم جمهوريين كذلك ويذكر أشهر رئيس لمجلس النواب الأميركي تيدفوللي في كتابه «كل السياسات محلية» أن الدور الرئيسي للرئيس هو العمل الدؤوب مع نواب الحزبين (الأكثرية والأقلية) للوصول لتفاهم مشترك يسهل عملية إصدار التشريعات، ولم يقل ان دوره هو إظهار انحيازه لأحدهم والعمل مع طرف واحد في البرلمان، وفي هذا السياق تعتبر كل السياسات في الكويت شخصانية لا .. محلية!

***

وفي الديموقراطية الأقدم في العالم «يتفق» الحزبان البريطانيان الرئيسيان عادة على شخص رئيس البرلمان والذي قد يكون من حزب العمال على سبيل المثال، وفي الانتخابات اللاحقة لا ينزل حزب المحافظين منافسا له في دائرته لضمان نجاحه واستمرار رئاسته للبرلمان الذي يمكن ان تكون الانتخابات قد جعلت أغلبيته من الحزب المنافس دون ان يؤثر ذلك على احتفاظه بكرسي الرئاسة كي يمكن له ان يطبق اللوائح والعقوبات بحق النواب بدلا من ان يكون أسيرا لأصواتهم.

***

وفي مصر أعيد انتخاب أحمد فتحي سرور 21 مرة ولم ينافسه أحد من الحزب الحاكم رغم وفرة وكثرة القيادات البارزة فيه، وفي لبنان بقي نبيه بري رئيسا لمجلس النواب لـ 22 عاما رغم ان قوى 14 آذار بقيادة الحريري كانت لها أغلبية مريحة في البرلمان إبان انتخابات الرئاسة السابقة، وفي جميع تلك الحالات يفرض المنصب إظهار الرئيس حياديته بين الأعضاء تطبيقا لنصوص الدساتير التي تحث على المساواة في الحقوق والواجبات ولكونهم كغيرهم ممثلين للشعب.

***

آخر محطة: من كل ما سبق وللصالح العام نصل للحقائق والتوصيات التالية: ضرورة ان يتموضع موقع رئاسة المجلس الى الوسط أي بين الأكثرية والأقلية وبين المجلس والحكومة وان يحسب تحركه بميزان الذهب. سبق أن جرب نهج الانحياز وتحديدا في يونيو 86 عندما سمح بتقديم 4 استجوابات في يوم واحد فحل المجلس بعدها بأيام قليلة حلا غير دستوري. يفرض كرسي الرئاسة على من يتسنمه ان يكون ودودا مع الجميع وألا يخاصم أحدا من النواب أو المسؤولين أو الإعلاميين أو حتى الخصوم السياسيين السابقين وان يكون مبادرا دائما لإصلاح ذات البين بين النواب.

احمد الصراف

درس أفريقي جميل

يعتبر مو ابراهيم شخصية أفريقية وعربية نادرة، وبالرغم من أنه نشأ في بيئة معادية للنجاح إلا أنه استطاع مد أذرع شركته إلى 14 بلدا أفريقيا، وحقق ثروة كبيرة ببيعها لشركة هولندية، والتي قامت بدورها ببيعها لـ«زين» الكويتية، ويقول «مو» إن السبب في تخلصه من الشركة هو شعوره بأن البنوك العالمية على غير استعداد لتمويل أو اقراض خططه التوسعية لعدم ثقتها برجال الأعمال الأفريقيين.
وقد برز مو ابراهيم في السنوات القليلة الماضية على المسرح الانساني العالمي من خلال جائزته السنوية الكبيرة البالغة قيمتها 5 ملايين دولار، متبوعة بمبلغ 200 ألف دولار تدفع سنويا للفائز مدى الحياة، وهي الاكبر على المستوى الشخصي في العالم، والمخصصة لأي رئيس أفريقي يختار التنازل طوعا عن السلطة، إن قبل أو بعد انتهاء ولايته، وقد فاز بها أخيرا بدرو فيرونا بايرز Pires الرئيس السابق لــ «الرأس الأخضر»، الجمهورية التي كتبنا عنها قبل فترة، واشتهر بايرز بدوره في مقاومة الحكم البرتغالي لبلاده، وتحريرها في العام 1975، واصبح أول رئيس وزراء لها حتى 1991، ثم عاد بعد سنوات ليصبح رئيسها، ويحقق لها استقرارا سياسيا قل نظيره في القارة الأفريقية، وتمكن من تحقيق تقدمها الاقتصادي واستقرارها ونجاح السياحة فيها. كما يسجل له رفضه كل محاولات ثنيه عن الاكتفاء بدورتين رئاسيتين، كما ينص الدستور، واستعداد المشرعين لتغيير مواد الدستور لمصلحة بقائه في السلطة لفترة ثالثة.
ويقول مو ابراهيم إنه خصص تلك الجائزة لشعوره بحاجة أفريقيا الماسة إليها، فمن أكبر مشاكل القارة أن نسبة كبيرة من زعمائها يأتون من مناطق قبلية فقيرة، وما ان يصلوا وتبهرهم مباهجها يستولي عليهم الخوف من فقدها، والحرمان من السلطة والعودة إلى حياة الفقر، فبالتالي يتشبثون، بعد انتهاء ولايتهم، بالحكم باستماتة.
وعندما سئل الفائز الأخير، (بايرز) عن الكيفية التي سينفق بها قيمة الجائزة، قال إنه سيصرفها على تأليف ونشر كتاب عن قصة الصراع لتحرير وطنه، وكيفية تحقيق الاستقرار السياسي والتقدم الاقتصادي. والسؤال، كيف اصبح حتى رؤساء افريقيا، الذين طالما سخرنا من انقلاباتهم المتكررة، أفضل منا بكثير؟

أحمد الصراف