سامي النصف

هل الكويتيون حقاً ما فيهم خير؟!

  قبل أسبوع كنت وأربعة من الاصدقاء الكويتيين المعروفين نتبادل الحديث مع ديبلوماسي قطري سابق بالنادي الديبلوماسي في الدوحة، عندما أبدى عتبه الشديد على كثير من أصدقائه الكويتيين الذين عاش بينهم سنوات طوالا كونهم لا يسألون ولا يبدون اهتماما به عند زيارته لهم، بعكس ما يحدث عندما يزورونه في بلده، ضاربا أمثلة عدة بهذا الخصوص، وقد حاولنا جاهدين التماس العذر لمن ذكرهم، إلا أنه بقي مصرا على رأيه.

***

كلما التقيت برجل الثقافة والأدب والفكر ورجل الخير الصديق عبدالعزيز البابطين، شعرت بالخجل الشديد من كيفية تعامل بلده وبعض الساسة معه، فأبوسعود سخّر ومنذ عام 74 ماله وجهده لرفع اسم الكويت عاليا عبر الانشطة الثقافية والفكرية وأعمال الخير التي يقوم بها، وبدلا من أن يشكر على عمله الفريد والمميز، بخل البعض عليه بأرض عامة صغيرة يقيم عليها من ماله وقفا لن يدخل فلس منه لجيبه الخاص، بل سيصرف كل دخله على الأنشطة الثقافية والبعثات الطلابية التي يقوم بها والتي لا يضمن استمرارها بعد رحيله، في وقت تمنح فيه نفس الدولة وبموافقة نفس الساسة ملايين الأمتار للمزارع والقسائم الصناعية والاسطبلات والجواخير والتي ينتج عنها مردود بالملايين لمن منحت له دون مردود على الكويت.. والله عيب!

***

كنت في مكتب قنصل الكويت في دبي بعد أيام قليلة من الغزو قادما من الهند عندما دخل علينا رجل الاعمال الاماراتي جمعة الماجد، عارضا التكفل بإحضار وإعاشة 20 ألف كويتي تقطعت بهم السبل في تركيا ثم ضاعف ذلك العدد فيما بعد، نهاية القصة في يونيو 91 عندما «لطع» عند باب الطائرة الكويتية المتجهة للكويت تحت شمس الصيف الحارقة لتفتيشه وكأن من آوى الكويتيين ينتوي خطف طائرتهم، ثم زار الوزير المسؤول في الكويت وقدم له كتابا من حاكم دبي يطلب منه الدعم الفني ـ لا المالي ـ لإنشاء مركز تراثي فأشّر الوزير سرا على الكتاب.. يحفظ.. والله عيب!

***

يعتقد بعض النواب أن أكبر أصول «الكويتية» ليست طائراتها المتهالكة التي تسبب خسائرها والتي أحسن الوزير م.سالم الاذينة في قراره بتحديث أسطولها، وليس في مبانيها التي لا تملكها بل هي مستأجرة من الدولة، وليس في حقوق النقل ضمن سياسة الأجواء المفتوحة، بل ان الأصل الأكبر في رأيهم هو أحكام التعويضات التي تفوق المليار دولار والتي السبب الرئيسي في صدورها هو شهادات زميل الدراسة الكابتن العراقي نمير الجنابي وأخيه سرمد أمام المحاكم البريطانية وكشفهما وإحضارهما محركات الطائرات المسروقة والتي تتجاوز قيمتها الملايين، نهاية الكابتن أبوأحمد هي عيشه لاجئا هذه الايام في مصر ـ لا الكويت ـ في وضع يصعب على الكافر دون أن يرد أحد إحسانه بإحسان.. والله عيب!

***

التقيت قبل الأمس وبمعية الصديق د.عصام الفليج بعضو مجلس العلاقات الاسترالية ـ العربية وعضو جمعية الصداقة الكويتية في أستراليا السيد عبدالجليل الباف وهو من أصل لبناني عاش أغلب حياته في الكويت وأستراليا، واكتشفت من حديثي معه أن وزير التخطيط في الكويت ابان الغزو السيد سليمان المطوع طلب منه آنذاك ان يقوم بعمل «لوبي» في البرلمان الاسترالي لدعم الكويت، وهو ما قام به بنجاح تام بعد أن أنفق كما هو معتاد في تلك القضايا ما يقارب المليون دولار (270 ألف دينار) اقترضها من البنوك، مما اضطره لاحقا لرهن وبيع بيته لتسديدها، ومازال يطالب بذلك المبلغ الزهيد على الدولة منذ عشرين عاما، وكان من المفروض ألا يستغرق الأمر إلا دقائق قليلة، فإما إعطاؤه حقه مع الشكر والتقدير أو إبداء أسباب حقيقية للرفض و… والله عيب!

***

آخر محطة:

(1) للغزو جوانب مضيئة لشعبنا الكويتي وهي الأعم والأغلب، إلا أن له جوانب مظلمة كذلك، حيث تبرأ القريب من قريبه والصديق من صديقه، وبدلا من تكاتف الكويتيين في المهجر كحال الجاليات الأخرى في العالم أخذ البعض يروج لتطفيش إخوانه الكويتيين من البلد الذي يعيش به.. والله عيب!

(2) ومن الجوانب المظلمة جدا لتلك الحقبة والمسكوت عنها من تعاون أو أبلغ أو تجسس لصالح مخابرات العدو الصدامي، مما أدى لاعتقالات وإعدامات بين صفوف المقاومة الكويتية الباسلة التي رفعت الرؤوس والتي لم يعد أحد يذكرها للأسف هذه الايام.. والله عيب!

(3) أخيرا.. وصلت وطاقم الطائرة الجامبو التي أقودها وجمع من الأصدقاء لفندق التاج في بومبي صبيحة يوم الغزو وقد استقبلني مدير الفندق الصديق «سام» وأخبرني أني وطاقمي وأصدقائي سنقيم في الفندق مجانا مع خدمة كاملة، فشكرته وأخبرت إدارة المؤسسة في لندن بما فعله، نهاية القصة حدثت بعد التحرير بأربعة أشهر عندما قامت «الكويتية» بتغيير فندق إقامة الطاقم في بومبي من التاج الى منافسه فندق «الأوبروي».. والله عيب!

احمد الصراف

معارك قلم

قام الزميل عبداللطيف الدعيج قبل سنوات بتجميع مقالات 30 عاما في كتاب سمّاه «معارك قلم» وكان اختيارا جيدا، فقد كانت حياته ومقالاته، ولا تزال، مجموعة معارك ضد جهات عدة، وأعتقد أنه انتصر في غالبيتها إن لم يكن كلها، وبقي هو وبقيت افكاره، وذهب أولئك مع الريح. تذكرت ذلك عندما سمعت بكل الفضائح التي تعرض لها رجال سياسة وأعمال ودعاة مشهورون، وما حققه كل هؤلاء من ثروات ضخمة نتيجة فسادهم العقائدي والسياسي، كما حدث مع صاحب ميثاق الشرف، وغيره في مصر والكويت والسعودية أو قطر بيوسفها القرضاوي! وأعتقد، وبتواضع، بأنني شاركت الزميل الدعيج في بعض «معاركه»، إضافة لمعاركي الأخرى، وأثبتت الأيام أنني كنت على حق في كشف «سر وستر» الكثيرين، وبالتالي لم استغرب الهجوم الأخير الذي تعرض له «ملهم» الإخوان المسلمين، يوسف القرضاوي، الذي ما ان سقط مبارك حتى سافر الى مصر ليصلي في ميدان التحرير، ويخطف ثورة شبابها ويجيّرها لجماعته، وصدور مذكرة اعتقال بحقه من القائد العام لشرطة دبي بسبب تهجمه على الإمارات وسبها، كدولة وحكومة، ووصفها بأقبح الأوصاف، بسبب موقفها من بعض المتظاهرين السوريين، المعارضين لنظام الحكم الدكتاتوري في بلادهم! ووصف قائد شرطة دبي ــــ كما نقلتها الصحافة ــــ تعليقات القرضاوي بأنها سفيهة، مضيفا: ما بقى يشتم إلا فينا، شتم العالم كله، لم يبق ولم يذر، ونسي يوم أن هرب مع فتاة سرا، وتاريخه أسود في الجزائر، ارتكب حماقات شنيعة.! وقال انه سبق للإمارات أن أمرت بمنع دخول القرضاوي إلى أراضيها «لما له من نشاطات تنظيمية سياسية»، واتهمه بأنه «بدأ يحزب الناس ويؤسس لمشروع يهدف إلى إحداث بلبلة»، وزاد قائلا انهم في الإمارات سبق ان قبضوا على عناصر من تنظيم الإخوان المسلمين، الذي ينتمي اليه القرضاوي، في حالة تلبس مع عاهرات! وتابع خلفان متسائلا: متى رمينا السوريين في الشارع؟ كيف تنقل إليه أخبار كاذبة فيصدقها، وهو رجل دين عليه ألا يتسرع في الحكم على عباد الله؟ واتهم المسؤول الأمني الإماراتي القرضاوي بأنه يعمل بأسلوب «يا تخلوا تنظيم الإخوان يأخذ راحته أو أشتمكم في الجزيرة وفي خطبة الجمعة»، واصفاً الأمر بأنه «بلطجة»! وتساءل عن سبب سكوت القرضاوي عن قيام قطر بسحب جنسيات المئات من مواطنيها.
لقد سبق أن انتقدنا القرضاوي في الكثير من المقالات، وكان التهجم يلاحقنا دائما، مدافعين عن سيرة الرجل، واصفين إياها بالعطرة! مطالبيني بالإنصاف والحيادية عند الحديث عنه، ولكني كنت دائما على ثقة بصحة موقفي منه، وصحة ما نسبته من أقوال للزعيم السلفي المصري المتشدد ابو اسحق الحويني من مقترح يتعلق بتفعيل فريضة الجهاد، لتخليص مصر من ديونها، فبالجهاد يمكن غزو بلاد الكفار وسبي ابنائهم ورجالهم ونسائهم، وبيعهم في «أسواق الرقيق»، وتحقيق مال يزيد عما يمكن تحقيقه من السفر لدول الكفر والعمل فيها، وفك ضائقة المواطنين بالتالي، وقد ورد في الأخبار أن الحويني اصيب بـ«وعكة» نقل على اثرها لمستشفى أوروبي! ولو رجع سليما معافى فهل سيعود لمقترحه المتعلق بفرض الجهاد، وخطف وبيع بنات وأبناء ونساء من انقذوا حياته وحياة المئات غيره من «الدعاة» من موت محقق؟ وكيف يقول هؤلاء كل هذا الهراء ثم لا يترددون في اللحاق بأول طائرة خاصة أو ملكية متجهة للغرب عند شعورهم بأول عارض صحي؟

أحمد الصراف