سامي النصف

الأمن الغذائي وأمن البورصة!

  بداية موفقة لوزير التجارة الشاب عندما ابدى اهتمامه الخاص بالأمن الغذائي خاصة ان هناك من يعمل على استنزاف الموارد المالية لبلد يستورد كل شيء، ويدمر توازيا كل شيء في بلده، فبحرنا قارب ان يتحول الى بحر ميت آخر لا سمك ولا مخلوقات بحرية فيه، والارض تحولت الى صحراء قاحلة لا زرع ولا ضرع فيها.

***

وإحدى أهم الوسائل التي دمرت بها الثوريات العربية في مصر والعراق وسورية واليمن وليبيا والسودان والجزائر بلدانهم هو ما سمي بعمليات الاصلاح الزراعي، أي مصادرة وتفتيت المزارع الكبرى وتوزيعها كأراضٍ صغيرة على الفلاحين ممن وجدوا ان صغر المساحة يجعل المحصول الزراعي ومردوده المالي لا يتناسبان مع العناء والتعب لذا هجروا اراضيهم وهاجروا للمدن أو للخارج، وأحالوا تلك المساحات الخضراء الى مبانٍ سكنية عشوائية لهم ولأبنائهم.

***

هذا الامر يتكرر هذه الايام في الكويت بعد ان تمت الموافقة على تجزئة المزارع الكبرى المنتجة للأمن الغذائي الى مساحات صغيرة اصبحت تستخدم للزراعة التجميلية والترفيه الاجتماعي كحال الجواخير التي لا مواشي فيها، والاسطبلات التي لا خيول فيها، والمناحل التي لا نحل فيها والقسائم الصناعية التي لا مصانع فيها، وقد وصلت العقلية التدميرية الى المزارع الكويتية حيث بدأت تتحول من مزارع منتجة الى مزارع لا زرع فيها، بل بيوت ودواوين وحمامات سباحة لشعبنا الذي لا يشبع من الترفيه والسوالف!

***

وسيتسبب تقسيم وتجزئة المزارع في دفع المزارعين الجادين الى التحول لتجزئة مزارعهم المنتجة الى قطع صغيرة وبيعها والاستفادة من ريع ذلك البيع بدلا من عناء الزراعة المضني، كما تسببت عمليات التجزئة في نقص شديد في المياه المعالجة حتى ان جامعة الشدادية الحكومية قد حرمت من نصيبها من تلك المياه التي لا غنى لها عنها حيث ان نظام التبريد فيها يقوم عليها، وقد فضل البعض ان تذهب المياه المعالجة للترفيه والوناسة على ايصالها لتلك المنشأة العامة.

***

وقد لاحظت اثناء زيارتي الاخيرة للشقيقة قطر ان اغلب البيوت والشوارع لا زراعة تجميلية فيها حفاظا على مواردهم المائية، كما ان الكهرباء والماء تسجلان في العادة باسم المستأجر لا بأسم المالك كي يحاسب المستهلك مواطنا كان او مقيما، على مقدار استهلاكه كي يرشد استخدامه، بينما تسيل المياه انهارا كل صباح في بيوت الكويتيين لغسيل الاحواش والسيارات، وقد اقترحت على مجلس حي منطقة اليرموك ان نضع ملصقات تنبيه حمراء على كل بيت يسرف في استخدام المياه العذبة الشحيحة، وهو مقترح نرجو تعميمه.

***

 آخر محطة:

1) بودنا من وزير التجارة الشاب ان يضع في كل جمعية تعاونية مكتبا منفصلا لحماية المستهلك لتسهيل وصول المواطن والمقيم إليه.

2) كما بودنا منه تشديد الرقابة والحساب على من ينهب اموال المساهمين بعد ان اصبحت البورصة الكويتية وهي الاقدم في الخليج الاسوأ في الاداء، وليس من المنطق ان يحاسب من يسرق مائة دينار ويترك دون محاسبة من يسرق مائة مليون دينار من اموال المساهمين!

مبارك الدويلة

استجواب.. ولد ميتاً

إذا نفّذ النائب عاشور تعهده بتقديم استجواب لسمو رئيس مجلس الوزراء بشأن الايداعات المليونية وتحويلات وزارة الخارجية، فستكون هذه الخطوة مكسباً لسموه يجب ألا يفوته!! فالقصد من الاستجواب واضح وضوح الشمس حيث تصفية الحسابات هي المهيمنة على تصرفات بعض نواب الدائرة الأولى، الذين يظنون انهم بهذه التصرفات الغريبة يردون الصاع صاعين!! وهذا ظن ستثبت الأيام خطأه. أقول على سمو الرئيس أن يستفيد من هذا الاستجواب ويثبت للمجلس انه «غير»، وجاء بنهج «غير»، لذلك عليه أن يصعد للمنصة منذ أول اجتماع لمجلس الامة دون الحاجة لطلب التأجيل!! فهذا الاستجواب ولد ميتاً منذ يومه الأول وسيكون مصيره النسيان من الذاكرة، حيث لن يجد مقدمه من يتبناه إلا النواب السبعة وصاحبيهما!! لكن بالنهاية يظل استجوابا وهو حق دستوري لا جدال فيه، ولا اعتراض عليه!!

فكرة منع النائب من مراجعة الوزارات لانجاز معاملات ناخبيه فكرة صائبة، وقد تقدمنا بها في سنوات سابقة، ومن ايجابياتها انها تمنع تدخل النائب في تسيير المعاملات الممنوعة او المخالفة، وتحدّ من استخدام النائب لصلاحياته ونفوذه في ذلك. ومن فوائد هذه الخطوة انها تعين النائب على التفرغ لممارسة دوره الرقابي والتشريعي وحضور لجان المجلس واثرائها بوجوده فيها بدلا من التنقل من وزارة إلى أخرى على حساب التشريع والرقابة.
نتمنى أن يأتي اليوم الذي ييأس المواطن من اللجوء الى النائب لتمرير معاملاته وإنجازها له، وهذا لن يتحقق إلا اذا انتهت البيروقراطية والمحسوبية في وزاراتنا ومؤسساتنا.

اتصل بي عدد من الاصدقاء يعتبون علي بسبب رأي كتبته في مقالتي الأخيرة بشأن حادثة دهس المواطن أحمد عباس أسد، حيث قالوا إن ما تناولته وسائل الاعلام بشأن دهس المواطن القطري غير صحيحة، وأقول انني لست محققا ولا وكيل نيابة، وان ما ذكرته كان تعليقاً على خبر قرأته، أما ان كان المواطن القطري لم يدهس المواطن الكويتي – وهذا ما اتمناه – فيجب أن نعرف من قام بالجريمة، فبالنهاية هناك مواطن تم دهسه بشكل بشع وفظيع، وعلى أجهزة الأمن ان تمسك الجاني بغض النظر عن جنسيته، وأن تنزل أقسى العقوبة به حتى يكون عبرة لمن يعتبر، وحتى فعلا لا نشعر باننا تحت حكم شريعة الغاب، كما اتمنى ألا نظلم احدا بفعل لم يفعله وذنب لم يقترفه!

احمد الصراف

جبل الجليد

معلوم ان مغريات الحياة ومباهجها يمكن ان تليّن اكثر المواقف صلابة، خاصة ان كان صاحبها يشكو من حرمان مزمن، ويبدأ اللين عادة مع وصول المحروم، وخاصة ان كان مغاليا في تدينه، إلى السلطة. هنا نجد انه يدخل في صراع بين ما يتطلبه مظهره الخارجي منه، وسابق المغالي من آرائه، وبين المغريات التي اصبح باستطاعته الحصول عليها بحكم وضعه الجديد. هنا لا يجد امامه غير الكذب والرياء!
قصة او حالة النائب السلفي المصري، عضو حزب النور، انور البلكيمي لا تختلف عن قصص غيره من المتصدين للدعوة والنصح والارشاد، ممن «وصلوا»، ولا يزال طعم الحرمان القديم قابعا تحت ألسنتهم، فقد اضطر هذا النائب ليس إلى تلفيق قصة قيام جماعة بالاعتداء المسلح عليه، وسلب مائة الف جنيه منه فقط، ان بسبب مواقفه او لغير ذلك، بل وقام بالتستر على فعل يمنعه «جديد» تدينه من القيام به اصلا، وقام بكل ذلك بغباء مفرط ومتوقع، وهذا ما سبق ان اثبتته التجارب من افتقاد المغالين في مواقفهم لما يكفي من «الآي كيو»، حيث روى حادثة سهلة الانكشاف، وكان بإمكانه الادعاء بسقوطه في الحمام على وجهه وكسر عظمة انفه مثلا، ولكنه لفق قصة الاعتداء، لكي يضرب عصفورين بحجر، اولا لكسب تعاطف الناس معه، وثانيا للتغطية على فعل محرم، فحزبه السلفي يحرم التلاعب بـ«خلقته»! ولكن الشيخ انور بعد ان اصبح عضوا في مجلس الشعب، واصبحت مباهج الحياة في متناول يديه، اراد ان يكون في «اجمل» صورة، وان يتجمل استعدادا للمرحلة الجديدة، وقصة ضابط الشرطة المصري، في آخر ايام عهد مبارك، الذي تحول الى داعية سلفي في اول ايام المجلس العسكري، ليست بعيدة عن الذاكرة، ولا استبعد ان تكون الغالبية لدينا ولديهم من طينته وإن بأشكال مختلفة.
قصة انور البلكيمي هي مثال صارخ على الوصولية والتلاعب بمعتقدات وعواطف العامة التي لا يعرف كثيرون منهم الفرق بين العود وحرف الالف، والذين اعطتهم «الاقدار» حق فرض من تراه علينا كمشرعين، وهؤلاء لن يكتفوا بتشكيل عقولنا على مقاسات عقولهم، بل وباشروا التخريب منذ اول اجتماع عقدوه في مزرعة لتحديد اولوياتهم كأعضاء في مجلس الامة الكويتي، ولم يكن غريبا ان جميع تلك الاولويات لم يكن بينها اي مشروع انمائي اقتصادي حيوي او صحي او تعليمي!
المهم ان حزب السلف المصري، بهيئته العليا، اكتفى باستقالة نائبه والاعتذار لما سببه موقفه المضحك المبكي من احراج للسياسيين والمسؤولين، الذين قاموا بزيارة النائب في المستشفى، وتناسى الحزب ان «انور بيه»، الذي طار منه لقب الشيخ، لم يكن غير رأس جبل الجليد الذي يختفي تحت مياه آسنة! والمستقبل القريب سيكشف اننا كنا على حق، وان من اختارتهم الجماهير لحكمنا لا يشكون من شيء اكثر من الخواء، والخوارة التي شاهدناها في طريقة الادارة «الخالدة» لإحدى جلسات مجلس الامة الكويتي الاخيرة، خير دليل!

أحمد الصراف