عادل عبدالله المطيري

جرائم ذوي النفوذ!

لا يخلو أي مجتمع في العالم من الجريمة، بكل أنواعها وأحجامها، والكويت ليست الاستثناء حتما، فوسائل الإعلام المحلية تنشر كل يوم عددا لا بأس به من الجرائم التي تمتلئ بها سجلات مراكز الشرطة والمحاكم، وهي بالتأكيد جرائم شخصية أو عامة ولكنها ليست مهمة، وفي المقابل لا نسمع عن محاكمات كبيرة لقضايا كبيرة تتعلق بالفساد السياسي والاقتصادي أو حتى الصحي والتربوي، باستثناء «الإيداعات المليونية» والمتهم بها بعض النواب السابقين، لا أكاد أصدق أن الكويت تخلو من «المجرمين ذوي الياقات البيضاء» كما يطلق عليهم عالم الاجتماع الأميركي «أدوين سذرلاند 1883 – 1950»، والذي يقصد بهم المجرمين ذوي النفوذ وكبار المسؤولين والتجار والسياسيين، وسبب التسمية يعود الى أن أصحاب الطبقات العليا في المجتمع الأميركي آنذاك كانوا يرتدون القمصان البيضاء، بينما تلبس الطبقة العاملة القميص الأزرق، وهؤلاء المجرمون ذوو الياقات البيضاء أو «ذوو البشوت السوداء» ان صحت الترجمة الكويتية هم من أخطر أنواع المجرمون، ذلك أن لجرائمهم أبعادا كبيرة وخطيرة على المجتمع ككل، لأن جريمتهم أكبر تكلفة وأوسع تأثيرا من الجرائم العادية، ففساد الرجل السياسي أعظم من فساد المواطن البسيط، والموظف الصغير جريمته محدودة بينما كبار الموظفين فسادهم عظيم!

إن انتشار الفساد يؤدي الى انهيار الأمة، وما أبلغ من قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما روته عائشة رضي الله عنها عنه انه قال «إن قريشا أهمهم المرأة المخزومية التي سرقت، فقالوا: من يكلم فيها رسول الله، ومن يجترئ عليه إلا أسامة، فكلمه أسامة، فقال الرسول: أتشفع في حد من حدود الله، ثم خطب فقال: إنما أهلك من كان قبلكم إذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف أقاموا عليه الحد، وايم الله لو أن فاطمة بنت محمد سرقت لقطعت يدها، فأمر النبي بقطع يدها».

إلى متى ونحن نرى فسادا ولكن لا نرى المفسدين، نرى محاكمات ولا نرى أحكاما!

ومنطقيا.. لا جريمة بلا مجرمين، وبما أن هناك جرائم كبيرة، إذن يوجد مجرمون كبار من كبار القوم حيث يقف القانون عاجزا عن تحقيق العدالة ضدهم، لأنهم، كما يقول عالم الاجتماع سابق الذكر، إما أنهم محصنون سياسيا أو أنهم يمتلكون علاقات مهمة جدا يتحصنون خلفها!

لا أعلم لماذا تذكرت قصيدة الشاعر الأمير عبدالرحمن بن مساعد «احترامي للحرامي…جالس بالصف الأمامي» وأهديها الى كبار المجرمين في بلدي العزيز الكويت.

 

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

عادل عبدالله المطيري

twitter: @almutairiadel
email: [email protected]

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *