لا يخامرني شك في أن تقاليدنا السياسية المتوارثة في الكويت خاطئة حتى النخاع وتحديدا بمقدار 180 درجة بالتمام والكمال كونها غير مسبوقة في الديموقراطيات الأخرى، كما انها تسببت في حل البرلمان واستقالة الوزارة عشرات المرات وخلقت حالات تأزم متواصلة ادت الى التوقف التام لعملية التنمية في البلد، ما يحوجنا هذه المرة وكحال الأمم الحية إلى المطالبة بالتغيير في النهج والأشخاص حتى تتغير النتائج وتبدأ قاطرة البلد في التحرك.
لذا وددنا من شعبنا ان ينتخب هذه المرة المرشحين الأكفاء العقلاء الأمناء لا نواب التأزم ممن يقسمون هذه الأيام على انهم سيحنثون بقسمهم الدستوري حال دخولهم المجلس (!) والذي ينص للعلم وحسب المادة 91 من الدستور على ان يحترم النائب «الدستور وقوانين الدولة» ومما يزيد الأمر قتامة ويحيل الأمر الى ما هو اقرب لكوميديا شديدة السواد توعدهم المسبق بمحاسبة وزراء جل ذنبهم انهم قاموا بواجبهم الدستوري وطبقوا القوانين المرعية وهو امر يوجب محاسبة النواب لهم فيما لو قاموا بعكسه.
كما نود من المجلس الجديد بعد ان تفشت عمليات الإثراء غير المشروع بين النواب وانتشرت ظاهرة شراء الأصوات ان تنشأ لجنة قيم تحاسب وتسقط من عضوية المجلس كل من يصل اليه بطرق غير مشروعة أو يتسبب بعد الوصول في الإساءة لسمعته، كما يجب منع النائب من العمل بالتجارة او رئاسة الشركات المساهمة بعد ان اصبحت مخصصاته المالية هي العليا في الدولة وكي لا تمنح 200 شركة مساهمة كويتية كراسي رئاستها للنواب لضمان تكافؤ الفرص امام مناقصات ومشاريع الدولة.
وفي غياب أبسط قواعد فهم العمل النيابي لدى بعض المرشحين، يجب ان يسبق عقد دور الانعقاد الأول للبرلمان خلق محاضرات تعرفه كحال البرلمانات الراقية تعقد في قاعة مجلس الأمة (بعيدا عن وسائل الإعلام) يحاضر فيها الخبراء الدستوريون والوزراء والنواب السابقون حتى يتفهم بعض النواب قديمهم وجديدهم المغزى والمعنى الحقيقي للعبة الديموقراطية والهدف السامي من العمل السياسي.
كما يجب ان يكون لمكتب المجلس الذي يجب توسعته ليضم جميع رؤساء اللجان دور فاعل في صياغة ودراسة الأسئلة البرلمانية والاستجوابات التي خرجت تماما من اهدافها السامية وأصبحت وسيلة للاستقصاد الشخصي والابتزاز والإثراء غير المشروع حتى رأينا في المجلس السابق استجوابات كيدية قدمت بحق وزراء كويتيين شديدي الكفاءة والخبرة بمناصبهم ولم تظهر جميع تلك الاستجوابات اي تجاوز على المال العام او اي اخطاء جسيمة في عمل الوزراء بدلالة عدم تغيير شيء بعد ترك مناصبهم.
ومن الأمور الواجبة حتى تعديل اللوائح نصح النائب بأن يكون ضمن فريقه المنتدب مختصون في التشريع والاقتصاد والمحاسبة والسياسة والاعلام فأداء النائب في الكويت وخارجها مرتبط بشكل مباشر ووثيق بالفريق المحيط به.
آخر محطة:
مصائرنا ليست لعبة بيد من قالوا من أعلى المنابر ان التحول للدوائر الخمس سيقضي على الفئوية والقبلية والطائفية وشراء الاصوات، فليعتذروا عن مقولتهم تلك للشعب الكويتي كافة وليتوقفوا عن تسويق اطروحات مدمرة اخرى كالدائرة الواحدة وإنشاء الأحزاب وشعبية الوزارة فجميعها أطروحات باطلة يراد بها.. باطل!