سامي النصف

حروب العرب.. حرب أكتوبر المجيدة

بعد نكسة يونيو كتب هيكل مقالا أسماه «تحية للرجال» كان ظاهره تحية لرجال القوات المسلحة المصرية، وباطنه تدميرا للقوة المعنوية للجيش المصري، لذا تبارى القادة العسكريون والمفكرون المصريون في الرد القاسي عليه.

في عام 73 كان المضلل هيكل مازال على رأس الاعلام المصري لذا حاول كعادته تحوير وتحريف الانتصار المصري الجبار عبر تسليط الضوء على انجازات واطفائه عن انجازات أخرى لا تقل أهمية عنها لأسباب سياسية خاصة به ومتصلة بعقله المريض.

ومن ذلك عدم تسليطه الضوء على الانتصار الاكبر الذي تم في مرحلة ما بعد سقوط خط بارليف، كذلك تطبيله المجوف لعنصر «المفاجأة» في الحرب والذي يقلل في مضمونه من حجم الانتصار الكبير ما دام قد تم على حين غرة وأثناء نوم العدو، والحقيقة ان جميع الوثائق الاسرائيلية والمحايدة ومنها كتاب رئيس المخابرات العسكرية الاسرائيلية تظهر معرفتهم بوقوع الحرب قبل 40 ساعة من حدوثها، وهو أمر طبيعي في ظل تحرك الجيشين المصري والسوري اللذين يتجاوز عددهما المليوني جندي، وإخبار أحد القادة العرب لهم بموعد تلك الحرب، وفي هذا اضافة مستحقة لحجم الانتصار العربي الذي تم والعدو مستيقظ وعالم بحدوثها لا نائم كما يدعي المضلل هيكل.

تولى قيادة الجبهة الجنوبية الاسرائيلية أعوام 67 ـ 70 الجنرال بارليف الذي آمن بنظرية الدفاع «الثابت» لذا جعل خط بارليف مرتكز الدفاع الاول امام الهجوم المصري المرتقب وحصنه بكافة أنواع الاسلحة والتخندقات، وكثف التواجد العسكري فيه.

في اعوام 70 ـ 73 تولى قيادة الجبهة الجنوبية بدلا منه الجنرال شارون الذي تساءل عن فائدة ذلك الخط، ودلل على خطته الدفاعية الجديدة بأنه لا يوجد خط دفاع صمد قط في التاريخ، مستشهدا بخط الدفاع الفرنسي «ماجينو» وخطوط الدفاع الروسية والالمانية ابان الحربين الكونيتين الاولى والثانية. كان شارون يعتمد على نظرية الدفاع «المتحرك» أي لا مانع من سقوط خط بارليف الذي أهمله وتسبب في إغلاق ثلثي نقاط مراقبته، وقلل من عدد جنوده حتى ان حرب أكتوبر بدأت ولم يكن فيه الا 356 جنديا قتل منهم 147 على حساب خلق منطقة «قتل» اسرائيلية تقوم في المنطقة ما بين خط بارليف والممرات في صحراء سيناء، معتمدا بالكامل على السيطرة الجوية الاسرائيلية وقوات دباباته على الارض، ومن هنا كان الانتصار المصري العظيم الذي أهمله اعلام هيكل، وهو الانتصار الذي لم يختلف عليه كحقيقة تاريخية الاسرائيليون والمحايدون قبل المصريين.

فبعد سقوط خط بارليف المتوقع، وهو الانتصار الاول، تقدمت القوات المصرية ليلقن الجندي المصري والآليات المصرية الاسرائيليين افدح الدروس والخسائر، وقد تمخضت عبقرية سلاح الجو المصري، الذي كان يرأسه آنذاك الرئيس حسني مبارك، عن خلق حائط صد فاعل من صواريخ «أرض ـ جو» حيدت سلاح الجو الاسرائيلي وأسقطت طائراته كالذباب وأسقطت معها نظرية الدفاع المتحرك لشارون بعد أن أسقطت نظرية الدفاع الثابت لبارليف، في وقت قامت فيه الدبابات المصرية ومعها قناصو الدبابات من الجنود المصريين بتحطيم اسطورة سلاح الدبابات الاسرائيلية، وكانت اسرائيل قاب قوسين أو أدنى من الهزيمة الكبرى الاولى في تاريخها لو تم تطوير ذلك الانتصار المصري الساحق بالتقدم للمضائق ومن ثم منع احتمال حدوث ثغرة الدفرسوار.

كانت تلك الثغرة، كما تظهر الوثائق الاسرائيلية والمحايدة، بمنزلة المعجزة، وكان انجازها الاكبر انها استطاعت تدمير 36 بطارية صواريخ مما مجموعه 39 بطارية ومن ثم عادت السيطرة لسلاح الجو الاسرائيلي، وقد تقدم الفريق سعد الدين الشاذلي بمقترح مجنون، نحمد الله ان الرئيس العاقل انور السادات لم يأخذ به، وهو سحب كافة القوات المصرية المنتصرة من شرق القناة لغربها لمواجهة تلك الثغرة التي أدت الغرض منها بعد تدمير بطاريات الصواريخ، ولم يعد مجديا اضاعة النصر بحصارها غرب القناة وكأنك يا بوزيد ما غزيت.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *