سعيد محمد سعيد

القوم… يا سيدي!

 

ما أغرب فعلهم وما أعجب قولهم…

القوم يا سيدي – نحن وهم وأولئك – يعرفونك أنت أنت… الشاب الوطني المناضل الشريف «المعمم» الطيب الوقور الهادئ… الذي حمل هم بلاده وناسه، سنة كانوا أم شيعة، ويدرون أنك أنت «الإنسان» قبل ذلك وبعده، ولكنهم يا سيدي تناسوا لحظة، على حين غرة أو «لا»، أن لك ما للإنسان السوي أو غير السوي، من الإحساس بالألم والحزن والفرح والضيق والراحة واليسر والعسر…

بالأمس يا سيدي، كانت صورك تملأ جدران قريتنا الشامخة بكبريائها الذي سرعان ما انكشف، لأنها حين تتنازل سريعا عن أمثالك، وتأوي إلى الارتفاع على سلالم من ورق، فإنها تنكشف: فلا الديمقراطية تعرف، ولا الحق تقول ولا «الموت» الذي يردده الكثيرون بتحد وقوة… يمكن أن يجعلهم ينهضون من القبور إلى الحياة!

القوم يا سيدي، لا رأي لهم… ما أشد هذا الوضع! فهم تارة يرفعون صورتك ويهتفون باسمك، وتارة أخرى يقبلون شاشات التلفاز التي تظهر عليها، وتارة لا ينفض أي سامر في مجلس، أو محاضرة في محفل، بل وصلاة في مسجد، إلا بعد أن تذكر ويذكر فضلك ويأتي من معاناتك ونضالك الشيء الكثير.

واليوم، أنت أشهر من يشتم في الملتقيات الصبيانية العفيفة الطاهرة المنزهة التي يفتي فيها صغار الرؤوس (كبار الألسنة) ممن امتهن على الدوام مهنة الهجوم والشتائم والصياح والتشويه، من وراء «الشاشات»، يفعل ذلك وهو يرفع رأسه مفتخرا بالتزامه الديني والأخلاقي، وبتفقهه في أمور الدين والدنيا، ولكن لا بأس من أن يشتمك قليلا أم كثيرا.

ليس للمواقف المستقلة مكان في حياتنا… «إمعات» نذهب هنا وهناك… في مقدورنا الصياح بأقوى مراكز الحناجر صلابة في المسيرات والاعتصامات والمظاهرات، سلمية أم غير سلمية، لأننا نرى في جمعنا الكثير من الناس/ القوم، لكن كلمة «الحق» لا تخرج من أفواهنا الا بالشديد القوي… ونحن فرادى، إذ يغمرنا النفاق.

القوم يا سيدي، أكلوا لحمك نهشا نهشا… ورأوا في أنفسهم/ أنفسنا، قمة الصلاح والإصلاح والصمود والقوة والعزة والنبل والفخر، غضبوا لأنك لم تشارك وغضبوا لأنك شاركت! شتموك لأنك لم تصبر على البلاء يوما، وشتموك لأنك صبرت!

والآن يا سيدي، أيها الشاب الطيب، يا أبا مجتبي، يا «علي سلمان» الشيخ، ليس أمامك سوى أن تبقى أنت أنت… ودع القوم يا سيدي/ نحن/ هم/ أولئك، يتمزقون – حقدا وكرها – شر ممزق!