سامي النصف

مجتمع الملائكة

اول مبادئ الاصلاح الذي يطلبه الجميع هو الاقرار بوجود القصور ومن ثم العمل على اصلاحه، ولا يصح في هذا السياق ان يطلب احد الاصلاح من السلطات الاخرى وينسى نفسه او سلطته، ان السلطات الثلاث بل وحتى الرابعة مجازا (الصحافة) في حاجة ماسة لفضيلة الاقرار بالقصور ومعها البدء في نهج تصحيحه.

ان بامكاننا كطيارين او اعلاميين او محامين او رجال دين او مهندسين واطباء وتجار ونواب وقضاة ووزراء، وغير ذلك من مهن وشرائح المجتمع الكويتي الادعاء بأننا لا نزل ولا نخطئ ولا نتجاوز ومن ثم لا يأتينا الفساد من فوقنا او تحتنا او يميننا او شمالنا ومن ثم نصبح مجتمعا ملائكيا لا تجوز فيه محاسبة الذات الطاهرة النقية بل ينحصر ويقتصر الشر والتجاوز على الآخر.

ان واقع حالنا يظهر ان الخير هو الغالب، فأغلبية الناس والمسؤولين واصحاب المهن والحرف المختلفة هم في الاعم خيرون وجادون في اعمالهم، ولا نشك في نقاء ضمائرهم او حسن ما تضمره سرائرهم، الا ان علينا جميعا الاقرار بأن هناك دائما متجاوزين ممن يجب ان تخلق الادوات ـ دون حساسية ـ لمحاسبتهم وردع انفسهم الامارة بالسوء، ودون خلق تلك الآليات ضمن مختلف التخصصات وتفعيلها والاعلام عنها يمكن لنا الحديث عن الاصلاح حتى يوم الحشر دون ان يتحقق على ارض الواقع شيء.

في الشقيقة مصر تصدر صفحات جريدة «صوت الامة»، في عددها الاخير، خبر ومحاضر تحقيقات وجهت اصابع الاتهام فيها الى 10 من القضاة والمستشارين ومنهم رؤساء محاكم نقض ومعهم عدد من المحامين والقائمين على الاجهزة القضائية تناولت اتهامات بالفساد واستلام رشاوى من تجار المخدرات لاصدار احكام براءة، ولاشك ان خبرا كهذا يرفع من مكانة القضاء المصري الشامخ ويزيد من ثقة الناس فيه كونه قادرا على الارتقاء بالعمل والاعتراف بالخطأ ومن ثم تطهير ذاته بالخيّرين من قضاته.

والعكس من ذلك ان يتم السكوت على الاخطاء والتجاوزات حتى تستفحل ويتحول همس الناس الى صراخ ويعم الظلم وتتفشى السرقات وتجارة المخدرات مع تكرار اصدار احكام البراءة في قضايا واضحة المعالم والاركان مع محاسبات – ان تمت – لا يعلم بها الا القلة القليلة في وقت يفترض فيه الاعلان عنها طمأنة لقـلوب الخلق.

آخر محطة:
شاهدت على YOU TUBE شريطا مؤثرا للشاعر الاسير فائق عبدالجليل وابنته وهما يغنيان ابان الاحتلال البغيض للكويت ويقدحان بشجاعة بالغة في طاغية العراق.. ابو فارس شمس ساطعة في سماء الكويت.

د. أحمد الخطيب

الكويت من الإمارة إلى الدولة (11)

عقدت لجنة الدستور جلستها الأولى بتاريخ 1962/3/17 وبحضور الخبير القانوني للحكومة محسن حافظ، الذي طلب إليه أن يضع مسودة للدستور تتم مناقشاتها بعد أن يتم الاتفاق على طبيعة نظام الحكم هل هو رئاسي أو برلماني.
وفي الجلسة الثانية أبدى الخبير رأيه بأن يكون نظام الحكم برلمانياً لا رئاسياً، لأن طبيعة النظام ملكي وراثي وبالتالي لا يجوز أن يرأس الأمير الوزارة فيعرض نفسه للنقد والمحاسبة داخل المجلس وربما لنزع الثقة. ولاقى هذا الاقتراح معارضة شديدة من الشيخ سعد العبدالله، إلا أنه تراجع لاحقاً عن ذلك، وجرى جدل طويل ومرير حول الوزارة، ولما اقترح بأن يكون نصف الوزارة من مجلس الأمة أكد سعد العبدالله رفضه لذلك مكرراً قوله إن هذا الاقتراح يقصد منه منع أعضاء الأسرة الحاكمة من دخول الوزارة، وأيده في ذلك القانوني محسن حافظ وهدد الشيخ سعد العبدالله بالانسحاب من اللجنة إن أصرت على ذلك، وكان موقفاًًً غريباًً فالأمير هو الذي يعين رئيس الوزراء ورئيس الوزارة يعرض الوزارة على الأمير ونصف الأعضاء من خارج المجلس ويمكن أن يكونوا كلهم من الشيوخ، ومع ذلك يرى سعد العبدالله أن هذا الاقتراح هو ضد الصباح ويهدد بالانسحاب. والحقيقة أن ذلك نابع من المفهوم السائد قبل وضع الدستور عند أسرة الصباح بأنهم وحدهم فقط من يجب أن يكون في الحكم، فأول وزارة شكلت مع المجلس التأسيسي كان فيها 11 وزيراً من الصباح وثلاثة فقط من غير الأسرة، ولعله كان يبدي استياءه من وجود حتى ثلاثة من غير الصباح! ويريد أن يكون جميع الوزراء من الأسرة. متابعة قراءة الكويت من الإمارة إلى الدولة (11)