سامي النصف

استجواب راقٍ وليس جرحاً دامياً

نرجو أن نعامل جميعا استجواب اليوم على انه سؤال مغلظ كما ينص الدستور يهدف في النهاية للوصول للحقيقة التي هي ضالة المؤمنين من نواب ومراقبين، وليس جزءا من حرب شعواء لا تنتهي بين السلطتين، فنتيجة الاستجواب أينما كانت ليست نهاية العالم.

هناك مثل أميركي يقول ان رجلا رجله اليمنى في النار واليسرى في الثلج يعيش في «معدل عام» هانئا، هناك من يعشق الأزمات السياسية فيظهر رضاه عنها ومحاولة تبريرها عبر الاستخدام الخاطئ للغة الأرقام عبر قسمة عدد الاستجوابات على عدد سنوات الحياة البرلمانية، ثم القول ان «المعدل العام» مرض كحال المثل السابق، حيث ان هناك فقط كذا استجواب في كذا عام.. الخ.

وفي البدء، الأساس في قضية الاستجوابات هو النوع وليس الكم، ففي جميع البرلمانات الاخرى تحدث عدة استجوابات في الجلسة الواحدة دون ان يسمع بها احد أو تؤثر على مسار الدولة، مشكلة استجواباتنا هي في كم التحريض الجماهيري والتأجيج الإعلامي المصاحب لها مما يجعلها تتسبب بالتغيير المستمر للحكومات والمسؤولين، مما يؤثر بالتبعية على برامج التنمية في الدولة في ظل التغيير المستمر للوزراء وقتل روح المبادرة والإبداع لديهم.

ومثل ذلك من يلقي باللائمة على الحكومة في تلك الأزمات عبر القول ان لديها نقصا شديدا في «رجال الدولة» وهو ما يتسبب في نظره بوفرة الاستجوابات وحدتها، وعلينا في البدء ان نضع تعريفا محددا لرجال الدولة وما هي مواصفاتهم وأماكن تواجدهم حتى يعرف من يختارهم أنه اختار رجال دولة من عدمه، والحقيقة ان أغلب من تم استجوابهم في السنوات الأخيرة ينطبق عليهم مسمى رجال دولة بالمفهوم الصحيح وان كثيرا ممن لم يستجوبوا (ممن اشتهروا بتظبيط انفسهم على حساب المال العام) كانوا ابعد ما يكونون عن ذلك المسمى ومع ذلك لم يستجوبوا أو يحاسبوا.

والحقيقة ان الفارق بين استقرار الحياة السياسية في الماضي واضطرابها في السنوات الاخيرة ليس بوجود رجال دولة من عدمه، بل بكون الحكومة كانت تحوز في الماضي أغلبية مريحة في البرلمان (إسلاميين – تجارا – قبائل) وفرت لها الاستقرار السياسي وبقاء الوزراء من رجال الدولة و«غيرهم» لمدد طوال، حيث انحصرت المعارضة في قوى اليسار قليلة العدد، بينما فقدت الحكومات في السنين الاخيرة تلك الأغلبية حين انقلب الجميع عليها لأسباب سنذكرها في مقالات لاحقة، فتوالت القلاقل السياسية والاضطرابات كحال اي حكومة ديموقراطية اخرى في العالم لا تملك الأغلبية.

ومن اشكالات الحكومة الغياب الفاضح للعقول الاستراتيجية المفكرة الذكية القادرة على رسم السياسات الصحيحة والتكتيكات الفاعلة – لا الفاسدة – للوصول لأهدافها، ثم غياب العمل المؤسسي والاعلامي الفاعل لتغيير الصورة النمطية السالبة المتوارثة لدى الناس كحال الديموقراطيات المتقدمة التي لا تترك حكوماتها الساحة للقوى الاخرى تلعب بالجمهور كيفما تشاء، بل تعمل جاهدة لمقارعة الحجة بالحجة واظهار الجانب الايجابي للإنجاز حتى تكسب الناس لصفها ومن ثم تكسب ممثليهم في البرلمان.. والحديث ذو شجون.

آخر محطة:
شكوى من البريد الإلكتروني، المكاتب الإعلامية في الخارج تؤدي مهمة وطنية جليلة للكويت، لذا يجب اعتماد مبدأ الكفاءة والقدرة لا الواسطة والنفوذ عند اختيار المرشحين لتلك المكاتب، ومنا للوزير العزيز بوفهد.