لا اكون متجنيا على الواقع ان قلت ان هذا المجلس الذي تم حله بالأمس هو أكثر المجالس البرلمانية على الاطلاق من حيث رفض المواطنين لأدائه طوال ثلاث سنوات هي عمره الفعلي، ولمستوى الخطاب العام لأعضائه الذين أصبح الكثير منهم مادة للتندر في وسائل التواصل الاجتماعي!
الآن وبعد ان تم حله يتساءل الكثيرون، هل تم ذلك لارضاء الناس الذين يزداد غضبهم على أداء أعضائه يوماً بعد يوم، أم لأسباب اخرى يجهلها الكثير؟!
الجواب، كما ورد الينا، أن الدراسة التي وصلت الى المجلس أكدت أن ثلثي الأعضاء الحاليين لن يرجعوا الى مقاعدهم ان تمت الانتخابات في موعدها الدستوري، أي في صيف 2017 ، والعكس صحيح ان تمت خلال شهرين من اليوم! ولعل هذا ما يفسر اختصار المدة الدستورية للانتخابات الجديدة من شهرين الى اربعين يوماً، اذ ان عنصر المباغتة مطلوب في هذه الحالة لتحقيق الهدف وهو عدم اعطاء الخصم فرصة لترتيب أوراقه! بقي تساؤل أخير، كيف تمكن صاحب هذا الرأي من اقناع بقية الاطراف المؤثرة بالقرار؟ والجواب بكل بساطة، ان نجاح الثلثين من نواب اليوم يضمن استقرار مكتب المجلس.. وبالتالي يساهم في تحديد الطرف الحكومي المقابل، وبهذا يمكن إقناع جميع الاطراف بأهمية وجود مجلس وحكومة منسجمين ومتفاهمين عالآخر كما هي الحال في المجلس المنحل!
اذاً تم حل المجلس لضمان استمراره في نفس الأداء وبنفس التشكيلة مدة أربع سنوات جديدة، ولعدم اعطاء المعارضة السياسية فرصة للنجاح بسبب عنصر المباغتة! والدليل على ذلك ان المواد الدستورية المبرره للحل لا تنطبق على هذا المجلس، فلم يؤثر ان الحكومة اشتكت في يوم ما من عدم التعاون من قبل الأعضاء بل على العكس الرئيس في مقابلاته التلفزيونية دائما يؤكد ويثني على التفاهم والتنسيق في المواقف بين السلطتين، أما موضوع الظروف الاقليمية فهي تستدعي اجراءات احترازية اخرى كاعلان حالة الطوارئ والاحكام العرفية ولا يجوز في هذه الحال اعاقة مجلس الامة من أداء عمله!
يتبقى القول ان حل هذا المجلس المتعاون الى أبعد حد يؤكد ان العلة ليست في الدستور بل في مدى ايمان البعض به وبأحكامه! هذه هي العلة الباطنية التي جعلت الحياة السياسية غير مستقرة بالكويت منذ الاستقلال الى اليوم!