تمر علينا هذه الايام ذكرى عاشوراء، ويتجدد الجدل في كل عام حول العلاقة بين السنة والشيعة، وكيف ينظر كل منهما الى الآخر، وتقام الطقوس التي تثير الخلاف بين الطائفتين، حتى يظن بعض السنة ان هؤلاء قد خرجوا من الملة، بينما يرى بعض الشيعة ان هؤلاء خصوم للحسين وآل البيت!
ولست بمخول الحديث عن الشيعة، لكنني قرأت جوابا لأحد العلماء المسلمين المعاصرين، الذي يجيب فيه عن سؤال لأحد الشيعة، يسأله عن عقيدة أهل السنة والجماعة في الامام الحسين رضي الله عنه وأرضاه، فكان هذا الجواب الذي يزيل الكثير من التضليل والافتراء على نظرة عموم المسلمين لهذا الرمز الاسلامي!
قال الشيخ الدكتور عبدالوهاب ناصر الطريري: نعرف عن سيدنا الحسين بن علي رضي الله عنه وأرضاه انه سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وريحانته من الدنيا وأشبه الناس به، وانه وأخوه سيدا شباب أهل الجنة، وأنه ابن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، الذي يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله، والذي حبه ايمان وبغضه نفاق، وانه ابن البتول المطهرة سيدة نساء أهل الجنة فاطمة الزهراء، وأنه من خير آل بيت نبينا، الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيرا، وقال فيهم نبينا يوم غدير خم: «أُذكركم الله في أهل بيتي»، فهو سيدنا وابن نبينا، نحبه ونتولاه، ونعتقد أن حبه من أوثق عرى الايمان وأعظم ما يتقرب الى الرحمن، وان من أحبه فقد أحب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أبغضه فقد أبغض النبي صلى الله عليه وسلم.
ونعتقد أنه قُتل مظلوماً مبغياً عليه، فنبرأ الى الله من كل فاجر شقي قاتَلَه أو أعان على قتله أو رضي به، ونعلم ان المسلمين لم يصابوا منذ استشهاد الحسين الى اليوم بمصيبة أعظم منها، ونقول كلما ذكرنا مصيبتنا في الامام أبي عبدالله «انا لله وانا اليه راجعون»، رجاء ان نكون ممن قال الله فيهم: «وبشر الصابرين الذين اذا أصابتهم مصيبة قالوا انا لله وانا اليه راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون».
ومع هذا فلا نتجاوز في حبنا له حدود ما حدده لنا جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي قال: «لا تطروني كما أطرت النصارى عيسى بن مريم، انما انا عبدالله ورسوله»، فلا نعظم الامام الحسين بأنواع التعظيم التي لا تصرف الا لله، ولا نجعل له ولا لغيره ما هو من خصائص المرسلين، بل هم أصدق المبلغين عن رسول الله وأعظم المتبعين لهداه، ونعلم أنهم من البشر، لكنهم أفضلهم مكانة وأعلاهم قدرا، كما أننا لا نعصي جده الذي نهانا عن النياحة وشق الجيوب، وقد استشهد عمه حمزة، ومُثّل بجثمانه، ومع ذلك لم يجعل يوم استشهاده مناحة وحزنا في كل عام، كما ان الحسن والحسين لم يفعلا ذلك يوم استشهاد أبيهما علي رضي الله عنهم أجمعين! (انتهى بتصرف).