هناك حديث حاد من بعض قوى المعارضة العربية وقادة الاعلام والفكر فيها حول ما اسموه بظاهرة «الجمهوريات الملكية»، اي بقاء الحكام لمدد طويلة ثم توريثهم الحكم لابنائهم من بعدهم، ولا تتحدث قوى المعارضة عادة عن تفاصيل التغيير المطلوب وماهية القادم الجديد بحجة ان الوضع لا يمكن ان يصبح اسوأ، وقد يكون هذا هو خطأهم القاتل الكبير خاصة بعد ما حصل في عراق ما بعد صدام.
وسأستثني القيادة المصرية القائمة من الحديث عن تلك الظاهرة كونها اعظم القيادات المنجزة والبناءة في تاريخ مصر الحديث والقديم حيث استرجعت الارض ومنعت الحروب وفاق ما بني في عهدها بآلاف المرات ما بني منذ عهد الفراعنة حتى يومنا هذا.
بالنسبة لما يسمى بقيادات الجمهوريات الملكية نود ان نشير الى ان طول البقاء في الحكم قد يكون نعمة لا نقمة، فالانجاز الخليجي المميز قد تم على معطى بقاء القيادات الخليجية التاريخية لمدد طويلة، مما اتاح لها المجال لتحقيق احلامها وطموحات شعوبها.
وطول البقاء نلحظه كظاهرة في اوروبا واميركا (ريغان، تاتشر، ميتران، بلير، شيراك، كول.. الخ) بل ونشهد ظاهرة التوريث والقرابة مع «آل بوش، آل كلينتون، لي كوان الاب والابن في سنغافورة».
أخشى ما نخشاه ان يكون من نراهم من حكام جمهوريات الوراثة هم آخر حكام دولهم المستقرة والموحدة، وان ما سيحدث بعدهم أشرّ وأضر ببلدانهم وبالامة العربية جمعاء من عهودهم أيا كان لونها، لذا لنحافظ على طغاة الامة ولنحملهم مسؤولية بقاء اوطانهم موحدة حتى ينقضي امر كان مفعولا.
يعتقد البعض ان الطغاة ما اتوا للامة الا لتمزيقها ثم تركها ضمن ظروف غامضة تعفيهم من المساءلة والمحاسبة، في جريدة «الاساس» المصرية الصادرة في 4/1/1948، اي بعد سنوات قليلة من انتهاء الحرب الكونية الثانية، تنقل من وارسو في النرويج ان الطيار الخاص بهتلر المدعو بيتر جومجارت (33 عاما)، ذكر في المحكمة انه طار بهتلر قبل سقوط برلين من مطار هوهنزوليرن في 28/4/45 وهبط به على مسافة 44 ميلا من نهر اتيار في الدانمارك وان هتلر شكره وسلمه شيكا بعشرين الف مارك واختفى بعد ذلك، وكان جومجارت يحاكم بصفته احد اعضاء الصاعقة النازية المحيطة بالطاغية.. والله اعلم!