غنيم الزعبي

من حقي أن أكون آمناً في مدرستي

يحكي لي أحد زملاء العمل أن زوجته ذهبت الى مدرسة ابنهم الصغير الذي للتو التحق بالمدرسة وصادف دخولها وقت الفرصة الاولى ولم تقاوم الرغبة في النظر الى ساحة المدرسة (قلب الأم) لعلها ترى ولدها، بالفعل شاهدته من بعيد دون أن ينتبه لها وهو جالس في زاوية بعيدة وحده يأكل صمونة صغيرة أخذها معه من البيت، تقول اطمأن قلبها وهي تراه جالسا بسلام لكن في لمح البصر أتاه طفل آخر من خلفه ودون أي مبرر وضربه بقوة على ظهره حتى وقع على وجهه وسقطت منه وجبته على الأرض، على رغم صدمتها مما حدث أمامها إلا أن الذي صدمها أكثر هو وجود مدرستين اثنتين في وسط الساحة وقد شاهدتا كل ما حدث لكنهما لم تحركا ساكنا، فقد كانتا مشغولتين بالحديث مع بعض وعادتا لإكمال حديثهما دون أي تصرف أو إجراء منهما.

تمالكت الأم نفسها وذهبت للناظرة وقالت لها تعالي أريد ان أريك شيئا وأخذتها للساحة وجعلتها تشاهد الوضع على طبيعته أطفال يضربون أطفالا.. أطفال يركضون في جماعات بأقصى سرعة في منتصف الساحة ويصدمون كل من بطريقهم، وأشياء أخرى سيئة كثيرة وفي نفس الوقت مازالت هاتان المدرستان تتصرفان وكأنهما سائحتان وتتجولان في ساحة مدينة أوروبية دون أي اكتراث بما يجري حولهما، في النهاية قامت الناظرة بالتدخل واتخاذ إجراء بحق المدرستين المهملتين.

القصة السابقة حدثت في نص ساحة المدرسة وعلى مرأى أعين المدرسات، فلكم أن تتخيلوا (بكل رعب) ماذا سيحدث في زاويات وساحات المدرسة غير المراقبة.

كوارث وبلاوي كثيرة تدمر حياة الكثير من الأطفال وتضع في ذاكرتهم ندوبا نفسية تبقى معهم إلى آخر عمرهم، ولا احتاج الى ان اوضح اكثر.

التربية والتعليم مسؤولية مشتركة بين البيت والمدرسة لكن أمن الطالب وسلامة جسده ونفسيته في المدرسة مسؤولية المدرسة والجهاز الإداري فيها بالكامل بداية من الناظر او الناظرة إلى أصغر وأحدث معلم او معلمة في المدرسة.

بل ولسان حال الكثير من اولياء الامور هو يا وزارة التربية لا نطمح منكم في تربية ولا تعليم نحن الذين سنعلمهم إما بجهودنا، او بالاستعانة بمدرسين خصوصيين ونحن الذين سنربيهم لكننا نطمع منكم في شيء واحد ان تعملوا على أن يكون هذا الطفل او هذه الطفلة (آمنا) في مدرسته، (آمنا) في فصله، هذا هو أقصى طموحاتنا، حافظوا عليه من الضرب والاعتداء البدني والنفسي، هو امانة لديكم لمدة 6 ساعات حافظوا على هذه الامانة وارجعوها لنا كما سلمناها لكم.

الحاصل في أيامنا هذه هو ان بعض العائلات توقفت عن تربية أطفالها فيأتون المدارس على شكل وحوش صغيرة مفترسة لا تحمل داخلها اي رادع اخلاقي، تضرب، تعتدي، تتحرش، بل ومع الاسف بعض العائلات تشجع وتفتخر بسلوك اطفالها هذا.

الحل هو تطبيق متدرج للعقوبات ضد الطالب المثير للمشاكل وتكون عقوبته على شكل نقاط حتى إذا وصل هذا الطالب المشاغب إلى عدد نقاط معين اقوم بفصله وإرجاعه إلى اهله على نظام (هذه بضاعتكم ردت إليكم) مع رسالة للاهل لو تكرمتم نحن عجزنا عن إصلاح سلوك ابنكم، إما أن تصلحوه انتم او احتفظو به او انقلوه الى مدرسة خاصة فقط، وليس النظام الحالي الذي ينص على نقل الطالب المشاغب إلى مدرسة ثانية، ما ذنب الإدارة والطلبة في تلك المدرسة بأن تبليهم بهذا الطالب السيئ، خلاص إذا تم فصلك من مدرسة حكومية لا خيار لك إلا الخاص، طبعا الإجراء هذا لا يكون إلا بعد استنفاد كل الوسائل مع هذا الطالب.

صحيح هذا الإجراء قاس لكن يجب ان تكون هناك وقفة جادة ضد العنف والشغب في مدارسنا ويجب على بعض العائلات أن (تستحي على دمها) وتربي أطفالها.

وكذلك احدى الوسائل الجادة لوقف العنف والشغب في مدارسنا هي تفريغ مشرف الجناح من عبء التدريس وجعل وظيفة مشرف الجناح وظيفة كاملة عكس الوضع الحالي الذي فيه المشرف يركض بين حصصه ودوره كمشرف للجناح وهي مهمة مستحيلة.

نقطة أخيرة: أتمنى ان تبادر وزارة التربية في الاتفاق مع ما يردده الكثير من ابنائنا وبناتنا الطلبة وهو «من حقي أن اكون آمنا في مدرستي وفي فصلي».

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

غنيم الزعبي

مهندس وكاتب
twitter: @ghunaimalzu3by

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *