سامي النصف

الإغراء بالانتصار طريق الدمار!

يروي التاريخ أنه عبر القرون كان النهج والأسلوب الذي يغري به تجار الحروب والمرابون الاقتصاديون العالميون والساسة القابضون قادة دول العالم بشن الحروب على البلدان الاخرى هو عبر إغوائهم بالمغانم والمكاسب كالقول لهم إنكم لو أعلنتم الحرب على جيرانكم أو على الآخرين لفزتم فوزا عظيما ولحصدتم المجد من أطرافه، وكان الطاغية صدام أحد أمثلة منطقتنا حيث استخدم معه أسلوب الإغراء بالمطامع مرتين في (عامي 1980 و1990) أي انه لدغ برضاه من نفس جحر تجار الحروب والمرابين مرتين وهي إحدى الدلالات الأكيدة على أنه لم يكن.. مؤمنا أبدا!

***

والحقيقة التي يجب أن يعلمها بعض القادة الثوريين والتي علم بها قبلهم يقينا القادة الاوروبيون بعد حربين عالميتين مدمرتين أن تلك المغريات هي أكذوبة كبرى، فالسيطرة واحتلال الدول الاخرى يمر أولا بتدمير الذات وهدر موارد الشعوب بالحروب العبثية مما يعني الافقار الشديد والعوز وتخريب الاقتصاد وانهيار أسعار العملات والدخول في الديوان التراكمية الضخمة، كما أن السيطرة على الدول الاخرى تعني في النهاية تحمّل مسؤولياتها ونفقات شعوبها المتزايدة أو ستقوم تلك الشعوب بكراهيتها والتظاهر ضدها كما حدث في بغداد ضد الأميركان والإيرانيين.

***

ومن ذلك قرار الدول الاستعمارية الغربية التخلي عن السيطرة والاحتلال والاستعمار فرحلت على سبيل المثال عن الدول الخليجية الثرية دون طلقة رصاصة واحدة ضدهم وهو ما يذكرنا بعظم تحمّل إيران للمسؤوليات في العراق وسورية واليمن ولبنان وفلسطين، ولو كان في الأمر نفع لما تخلّت عنه الدول الاوروبية الذكية، مما أوقف حروبها وأسعد شعوبها بالتحول من الفقر أيام التدخل والاحتلال الى الثراء عندما اهتمت بشؤونها والذي أثبتته الارقام الاقتصادية ومقدار الرفاه في بريطانيا قبل وبعد الاستعمار واحصاءات أعوام 1977 و2007 مقارنة بما قبل عام 1947 عندما منحت جوهرة التاج البريطاني استقلالها دون حرب، وبدأت في العام ذاته مفاوضات الانسحاب العسكري من العراق وفلسطين ومصر التي خلفت بها قواعد لحماية طريقها للهند ومن ثم فكل ما ادعاه هيكل من محاربة الاستعمار هو أكذوبة كبرى أخرى، فقد كان الاستعمار راحلا بقراره والذي عكسته سلسلة كتب «حروب خاسرة The Lost Wars» التي أصدرها عام 1945 حزب العمال البريطاني برئاسة كليمنص اتلي، وكم في تاريخنا من أكاذيب فجّة خاصة حول أسباب انسحاب الآخرين من أراضينا المحتلة!

***

آخر محطة:

(1) تغيير النظام في طهران في فبراير 1979 وبعده بـ 5 أشهر تغيير النظام في بغداد أي في يوليو 1979 وقد استخدم النظامان ومنذ يومهما الأول ورغم التناقض الشديد في الشعارات المعلنة نفس الذرائع والاعذار ورداء القضية الفلسطينية للتوسع واحتلال الدول الأخرى ورفض القرارات الدولية والتعرض للحصار المدمر للشعوب، وتم إنشاء جيوش وفيالق القدس التي دمرت بلداننا ولم تطلق رصاصة واحدة تجاه.. القدس!

(2) كشفت وقائع إيران ـ غيت والعراق ـ غيت الفارق الكبير بين الشعارات المدغدغة التي ترفع والحقائق على الأرض.

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *