سامي النصف

67.. الكارثة ليست باحتلال الأراضي!

كانت إسرائيل قد بدأت استعدادها لحرب صيف 1967 منذ انتهاء حرب السويس عبر التمرن على ضرب الطائرات المصرية على الأرض في تكرار طبق الأصل لما حدث عام 1956، فتحويل العدوان الثلاثي الى انتصار منع محاسبة قائد سلاح الجو صدقي محمود وزمرته على قصورهم، وقام الاسرائيليون بتجارب على كمية المياه التي يحتاج إليها الجندي في أجواء سيناء الصيفية، فاكتشفوا انها 5 ليترات لا ليترا واحدا كما هو الحال لدى الجانب العربي، لذا يقال ان من استشهد في تلك الحرب من العطش اكثر ممن قُتل بالرصاص، كما تم تطوير الدبابات الانجليزية التي تملكها اسرائيل وقدراتها وعززت اسرائيل جنازيرها واحضرت رمالا من سيناء لمعرفة ضغط العجلات المناسب لسيارات النقل والجيب كي تبقى متحركة عندما تتوقف مركبات الخصوم بسبب التغريز في رمال سيناء الناعمة.

***

في صباح 5/6/1967 كان في سيناء جيشان متواجدان فقط هما الجيش المصري والجيش الكويتي الذي حدد له الخط الاول للمواجهة مع اسرائيل في غزة، وقدم الجيش الكويتي على العريش حيث استقبلته الجماهير كما يذكر د.ظافر العجمي بهتافات «يا صباح يا حبيب موعدنا في تل ابيب» وكان هذا توقع العرب جميعا، ويقصد بصباح أمير الكويت آنذاك، وكانت تحلق فوق سيناء في تلك الأثناء طائرة رئيس الوزراء العراقي برفقة المشير عبدالحكيم عامر، ما أدى الى ايقاف عمل الدفاعات الجوية وتسهيل عمل الطائرات المغيرة.

وبعد الهزيمة أبقت الكويت جيشها على الجبهة المصرية، حيث شارك في حربي الاستنزاف و73 المجيدة، وسقط منه عشرات الشهداء، كما تم ارسال جيش كويتي آخر الى الجبهة السورية اضافة الى الدعم المالي الذي تكفلت به الكويت طبقا لقرارات قمة الخرطوم 1967. وفي هذا السياق بدلا من ان يقدر ويثمن القومجي الزائف صدام حسين ذلك الموقف المشرف للكويت وجيشها المحتشد على جبهتين، قام بخسة بالغة في 20/3/1973 بهجوم غادر على الجيش الكويتي في موقعة «الصامتة» مستغلا التسهيلات التي قدمتها الكويت لجيشه منذ عام 1969 لحماية ميناء أم قصر العراقي من أي هجوم، وهو بهذا يدعو الكويت الى سحب جيشها من الجبهتين المصرية والسورية لمجابهة جيشه، وكأن هذه هي القومية الحقة وإلا فلا..

***

آخر محطة: (1) الكارثة الكبرى لحرب 1967 ليست احتلال أراضي 3 دول عربية، بل في استغلال حالة الاحباط العامة للقيام بسلسلة انقلابات في العراق 1968 وليبيا 1969 والسودان 1969 وسورية 1970 والتي كان لها الاثر المدمر على الأمة العربية.

(2) إحدى فضائح حرب 1967 كشف اسرائيل لشريط صوتي بين عبدالناصر والملك حسين، يطلب فيه الاول من الثاني اصدار بيان مشترك كاذب عن مشاركة أميركية ـ بريطانية في العدوان على مصر، ويظهر من خلال المكالمة جهل عبدالناصر الشديد بالتواجد العسكري الغربي في شرق المتوسط.

(3) وكانت كذبة أخرى في خطاب التنحي الشهير قد ذكرت أن العدوان على مصر أتى من الغرب، أي من القاعدة الاميركية في ليبيا وليس من الشرق، ما تسبب في النهاية في اسقاط حكم الملك التقي النقي ادريس السنوسي واستبداله بإبليس البشر.. معمر بومنيار!

آخر مقالات الكاتب:

عن الكاتب

سامي النصف

كابتن طيار سامي عبد اللطيف النصف، وزير الاعلام الكويتي الاسبق وكاتب صحفي ورئيس مؤسسة الخطوط الجوية الكويتية

twitter: @salnesf

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *