سامي النصف

لا جديد تحت شمس العراق

في الأسابيع الأولى من شهر أبريل 1991 وتزامنا مع الثورة في 14 محافظة عراقية، نشرت جريدة الثورة الحكومية سلسلة مقالات قيل في حينها إن كاتبها صدام أو في الحدود الدنيا إنه داعم لمن كتبها، تطعن بشكل مقزز لا في الثوار، بل في أخلاق مكونات رئيسية من الشعب العراقي وتتهمهم بالجوع الدائم للمال وانهم يبيعون أعراضهم لأجله كما أنهم شديدو القذارة لنومهم وسط غائط حيواناتهم، وكيف لحاكم أن يصف أحد مكونات شعبه بتلك الصفات؟ وهل يحق له بعد ذلك أن يحكمهم؟!

***

وما نراه قائما في العراق هذه الأيام هو تطبيق لخارطة طريق صدامية دموية خاطئة جربت مرارا في السابق فدمرت العراق وسفكت دماء أبنائه ومهدت لتقسيمه وتفتيته مع تغيير طفيف في المواقع، فقد استبدلت حملات تجنيد أهل الشمال والغرب وزجهم في حروب قمعية على أهل الوسط والجنوب، بحملات تجنيد أهل الجنوب والوسط وزجهم في حروب قمعية على أهل الغرب والشمال وكل ما يسفك من دماء في النهاية هو دماء العراقيين وكل ما يدمر هو بنيان أهل العراق جميعا، فأين الفائدة والمكسب مما يجري؟! ألم يحن وقت تغيير المالكي واستبداله بحكومة وحدة وطنية تحقن الدماء وتبدأ عملية الانماء التي طال انتظارها؟!

***

آخر محطة: 1 – أعلن الفاتيكان في أكتوبر 1965 تبرئة اليهود من دم المسيح، رغم أن أجدادهم قالوا «دماؤه علينا وعلى أبنائنا من بعدنا»، حيث رأى الفاتيكان أن يهود هذه الأيام لم يسألوا ولم يشاركوا في دم المسيح، فكيف يحمل السيد المالكي أبناء وطنه هذه الأيام دم سيد الشهداء الذي يندم على استشهاده الجميع؟!

2 – لأجل عراق زاهر وآمن ينعم بالسلام والمستقبل المشرق نرجو من شعبه الشقيق أن يقدم المغفرة على الانتقام والمحبة على الكراهية والرحمة على القانون ومعرفة حقيقة أن ما حدث للعراقيين من مآس وقتل وتدمير حدث مثله وأكثر لدى أمم أخرى إلا أنها تعالت على جروحها وتسامحت وتسارعت خطاها للأمام.

3 – مازلت أذكر في الصغر آلاف العراقيين الفارين من الجيش العراقي كونهم لم يكونوا مقتنعين بحملاته على قرى الأكراد في الشمال، حيث الجبال والثلوج التي لم يروا مثلها طوال حياتهم.

احمد الصراف

نظريات وبُعد نظر

“>امتلكت في حياتي، كغيري، مئات السيارات والأجهزة المنزلية والأدوات الإلكترونية، ولا أعتقد أنني قمت ولو مرة واحدة بالاستفادة من كامل طاقة اي جهاز أو سيارة، دع عنك معرفة كل مزاياها. فنحن نمتلك الكثير من الأشياء وتتقادم لدينا ونستبدل بها أخرى من دون أن نعرف الطريقة الصحيحة أو حتى أدنى مميزات ما كان لدينا.
وتقول فلسفة جديدة تسمى بـ «فلسفة السبعين في المئة»، وانطلاقا من الحقيقة التي تقول إننا عندما نكون على قيد الحياة فإننا غالبا ما نشعر بأن ليس لدينا ما يكفي من المال لكي نصرف كما نشاء، ولكننا عندما نغادر هذه الحياة عادة ما نترك الكثير من المال خلفنا. ويقال ان رجل أعمال صينيا توفي تاركا لزوجته، وريثته الوحيدة، ثروة هائلة. قامت الزوجة بعدها بالزواج بسائق زوجها، الذي قال في حفل زواجه انه عرف الآن فقط أن سيده الراحل كان يجمع ثروته ليستمتع بها هو، وانه في الحقيقة لم يكن يعمل سائقا لديه، بل كان «المرحوم» يعمل من أجله.
فنحن مثلا، وأنا أتكلم عن نفسي، لا نعرف %90 مما بإمكان جهاز الهاتف الذي نحمله القيام به. ونبيع الجهاز أو نتخلص منه من دون أن نعرف ما يكفي عنه، ونقوم بشراء آخر أكثر قوة وتعقيدا منه لترتفع نسبة جهلنا بالجهاز مع كل جديد.
والأمر ذاته ينطبق على السيارة، طبعا التي ينتهي عمرها الافتراضي الكويتي، قبل عشر سنوات عن عمرها الافتراضي الفعلي، وتباع وأجزاء كثيرة منها لا تزال في «النايلون». والحقيقة انني، وبعد 7 سنوات من اقتناء سيارتي الحالية، لم أر شكل محركها! كما أن مؤشر السرعة فيها لم يتجاوز يوما نصف ما هو مسموح به، فبالتالي نصف سرعتها غير ذي جدوى. ولا أعرف لماذا تصنع السيارات لكي تسير بسرعة 280 كلم في الساعة في الوقت الذي لا يسمح فيه بقيادة المركبة لأكثر من 120 كلم في الساعة، وهذا يذكرني بكلمةThe End التي كانت تكتب على الشاشة الفضية مع انتهاء الفيلم، وكأن كل إضاءة الصالة وانتهاء القصة، بزواج البطل بالبطلة، ليس بكاف ليعرف الجمهور أن الفيلم قد انتهى!
كما يلاحظ أن %70 من مساحات بيوت الكثيرين لا حاجة لهم بها. وبيوتنا بنيت غالبا لكي نستقدم من يقوم بتنظيفها. والشيء ذاته ينطبق على خزائن ملابسنا التي صممت لكي نشتري ثيابا كثيرة لسنا بحاجة لها، ولو كانت اصغر لربما اشترينا ملابس أقل. كما أننا لا نستخدم غالبا أكثر من %30 من قدراتنا العقلية، ونترك الباقي للأجهزة والآخرين لكي يقوموا بالمهمة. ولا نستخدم رئتينا بالكامل، فنفس غالبيتنا قصير في الصبر على المكاره وفي استنشاق الهواء أو الشهيق.
وبالتالي نحن بحاجة لأن نستفيد مما نمتلك أو نستفيد من خبرات ومواهب من نعرف وننصت لمن يفهم، هذا إذا كان لدينا الاستعداد للاعتراف بأن هناك من يفهم أكثر منا. وأن نتواضع في حياتنا، وننسى إساءات الآخرين، فالحياة قصيرة فعلا.
وفي النهاية أعتقد أن %70 من قراء المقال لن يلتفتوا لما جاء فيه، وربما اكون احدهم.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com