علي محمود خاجه

حكاية

جلس في منزله وحيداً بعد أن انفضّ الجمع من حوله، وكيف لا ينفضّ هذا الجمع وهو الذي لم يقم إلا على المصلحة والمال ولا شيء سواهما، وما إن تلاشت تلك المصلحة حتى تلاشوا معها. أخذ يفكر بالأيام والسنوات التي مضت عندما شرع أولاده في تولي إدارة مؤسسته الضخمة رغم قلة فهمهم وإدراكهم، وهو يعلم تمام العلم قلة الفهم تلك، فهو الذي حرص ومنذ نعومة أظفارهم على أن يُستثنوا من كل شيء، فلم يحسن تعليمهم ومكنهم من الحصول على كل ما يشتهون، ولم يقدم لهم سوى قاعدة واحدة للحياة، وهي أن المال هو الوسيلة والغاية وهو الذي يحقق لهم كل شيء. قدم لهم الإدارة دون عناء ليرتاح هو من مشقتها وهمومها، نصحه أصدقاؤه مراراً بأنهم (الأبناء) غير مؤهلين أبداً للإدارة، فهم لم يتعلموا أسسها، فكان يرد عليهم بآية كريمة مغلفة بابتسامة ثقة "قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا"، وبعد أن تكرر نصح الأصدقاء وسئم من إزعاجهم استبدلهم بجوقة يقولون ما يشتهي أن يسمعه فقط. كان يشاهد أبناءه وهم يتنافسون على الإدارة دون الاهتمام بتطويرها وتوسيع رقعتها، كان يعتقد أن تلك المنافسة ستجعل أحد الأبناء أكثر استحقاقاً من غيره، متناسياً أن منافستهم كانت ترتكز على السيطرة وليس المحتوى، وشغلتهم تلك المنافسة، وأخذت تستنزف كل موارد مؤسسته التي بناها آباؤه وأجداده. مرت السنوات وازداد طمع الأبناء ورغبتهم في السيطرة على المؤسسة بكاملها، فالأموال تناقصت ولا مجال للشراكة أبداً، ولا بد من أن يقصي أحدهم الآخر متجاهلين مع فورة المنافسة أنه لم يعد هناك شيء أصلاً يتنافسون عليه، فمؤسستهم لم تعد قادرة أصلا على الاستمرار في إشباع أدواتهم التي استأجروها لتعزيز مواقعهم ونفوذهم، فكانت النهاية. تلك الحكاية شبيهة بكثير من الحكايات التي رويت لنا منذ الصغر، مقروءة كانت أو مصورة، وإن اختلفت التفاصيل إلا أن النهاية واحدة، فسوء التصرف يعقبه سوء النتيجة، لماذا لا نتعلم إذاً؟ ما المختلف الذي نتوقعه كنتيجة لسوء التصرف؟ هل يجب علينا جيلاً بعد جيل أن نعيش مرارة نفس الأخطاء كي نتعلم منها رغم علمنا بالنتائج الحتمية مسبقاً؟ لماذا لا نأخذ بنصائح المخلصين؟ ولماذا نسلم من لا يستحق الإدارة؟ ولماذا نلجأ إلى المنافقين ليجملوا لنا أخطاءنا وهفواتنا؟ ولماذا تدور هذه الدائرة دائما دون عبرة تطبق فعلا؟ من لا يستحق الإدارة ينبذ ومن ينصح بصدق يقرّب والمنافق يبعد، تلك هي الأسس والأصول لنتمكن من الارتقاء، ولا بديل لنا عن هذا الطريق قبل أن تنتهي الحكاية.

سامي النصف

نصائح ملك حكيم!

لا يختلف اثنان على حكمة وحنكة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ملك المملكة العربية السعودية حيث واصل قيادة المركب السعودي إلى بر الأمان وسط تحديات غير مسبوقة في المنطقة ودون الحلفاء التاريخيين الذين انقلب بعضهم إلى أعداء طبقا للمتغيرات التي حدثت على الساحة الدولية بعد سقوط دول المعسكر الشرقي.

***

ففي رسالة نصح ومودة أرسلها الملك عبدالله لأخيه عبدالفتاح السيسي بعد دقائق من فوزه طلب منه فيها الاستعانة بالقوي الأمين وحذره من بطانة السوء التي تجمل وجه الظلم القبيح غير آبهة إلا بمصالحها الخاصة فهؤلاء كما أتى في الرسالة التاريخية هم أعوان الشيطان وجنده في الأرض.

واسترسل حكيم العرب طالبا من الرئيس السيسي أن يكون صدره رحبا فسيحا لتقبل الرأي الآخر مهما كان توجهه وفق حوار وطني يلتقي فيه الجميع على أهداف نبيلة وتحسن خلاله النوايا.

وفي نصح الملك عبدالله لأمير الرياض بعد أدائه القسم يطلب منه «الاهتمام بالمواطن السعودي، فهو أول شيء وقبل كل شيء فالمواطن أهم عليك مني، وحق المواطن هو حق لي أنا، وأحثك على الصبر والتأني والتحري عن كل خبر يأتيك والتأكد منه» كما أتى في النصيحة.. وكم من مآس ومظالم تحدث بسبب استعجال المسؤول في اتخاذ القرار قبل التحري والتأكد.

***

وضمن لقاء مصور مع الوزراء يطلب الملك عبدالله ألا يغلقوا على أنفسهم الأبواب أمام العامة، فالجميع خدام الدين والشعب، ثم يحثهم على العمل والجد والاجتهاد وأن عملهم هو أمانة من عنقه إلى أعناقهم، ولا شك أن الحاكم الذي يخشى الله ويحرص على تاريخه كحال حكيم العرب الملك عبدالله لا يمكن إلا أن يكون حاكما عادلا ومنصفا.

***

آخر محطة: في قمة شرم الشيخ حاول الخبيث القذافي أن يتذاكى ويطعن في المملكة بالهمز واللمز والتلميح الذي هو أكثر ضررا من التصريح أمام كاميرات العالم، وعلم الملك عبدالله بحكمته أن السكوت في هذا الموقف ليس حكمة حيث يصبح ما ذكره القذافي من أكاذيب حقائق مثبتة، لذا رد عليه قائلا: «كلامك مردود عليه فالمملكة العربية السعودية ليست عميلة للاستعمار مثلك، من جابك للحكم؟ قول الصحيح من جابك؟ ولا تتكلم ولا تتورط في أشياء لا لك فيها حظ ولا نصيب، الكذب أمامك والقبر قدامك» ولم تمض إلا اعوام قليلة الا والقذافي كما تنبأ الملك عبد الله بن عبد العزيز، في القبر ميتا شر ميتة ذاهبا الى مزبلة التاريخ دون أن يترحم عليه أحد.

احمد الصراف

النسيان أو الخرف

“>النسيان، او الدمنشيا dementia، موضوع مقلق للكثيرين، وخاصة في البداية، ولكن مع مرور الوقت ينسينا النسيان ما اصبنا به، ولكن تزداد في المقابل معاناة الأهل، مع تزايد مرضنا. ومرض النسيان، كغالبية الأمراض، يمكن الوقاية منه، وتأخير قدومه قدر الإمكان، وهذا الاهتمام يجب أن يبدأ في الأربعينات من العمر، او حتى قبلها بقليل، ولا يعني ذلك أن على من هم في سني اعتبار الوقاية متأخرة، فهناك دائما متسع من الوقت لتلافي السلبيات، قدر الإمكان. وهنا ينصح الاطباء باتباع الأمور التالية، إن كنا نود تجنب الإصابة بالخرف، أو على الأقل تأخير قدومه:
1 – أن نكون جزءا من اي تجمع او فريق أو ناد اجتماعي أو صحي، وعدم الجلوس منفردين في البيت. فالوحدة تضعف الذهن بشكل قوي. ويفضل التطوع للقيام بأي عمل إنساني، كالعمل في «بيت عبدالله» مثلا، فنحن بحاجة لأن نشعر بأن وجودنا له أهمية.
2 – كما يجب أن نطور هواية محببة ونتعلق بها، كالقراءة، الاهتمام بتنسيق الزهور، لعب الورق، أو حتى مرافقة كلب في نزهته اليومية.
3 – محاولة استخدام اليد التي لا تستخدمها، اليسرى عادة، ولو لدقائق يوميا وخاصة في الكتابة، وهذا سيكون له تأثير إيجابي على الجانب المعاكس من المخ، ويحفز الخلايا العصبية.
4 – ممارسة رياضة المشي، ولو 2.5 كلم يوميا، فالاحتفاظ باللياقة الجسدية يساعد الدورة الدموية، وهذا ينشط المخ.
5 – ممارسة القراءة يوميا، ومحاولة تلخيص ما قرأنا، أو كتابة شيء ما، ولو كانت ذكريات شخصية.
6 – ممارسة الحياكة، أو اية هوية تتطلب استخدام اليدين بالمهارة نفسها، كالطبخ. فهذه الممارسات السهلة تقلل من الضغوط النفسية.
7 – تعلم لغة جديدة، سواء لغة محكية او لغة إشارات. فالانتقال بين اللغة الأصلية واللغة الجديدة يؤخر كثيرا ظهور أعراض الخرف.
8 – ممارسة ألعاب طريفة كالمونوبولي. فالألعاب الجماعية أفضل لتنشيط المخ وتحفيز الذاكرة من الألعاب الفردية.
9 – نحاول أن نتعلم كل يوم شيئا جديدا، وهناك عشرات المعاهد التي توفر مثل هذه الخدمة كتعلم استخدام الكمبيوتر أو ألعاب الهاتف.
10 – الاستماع للموسيقى الكلاسيكية، فهي، اكثر من غيرها، تجعل جانبي المخ يعملان بصورة متناغمة.
11 – تعلم العزف على أية آلة موسيقية، كالعود مثلا.
12 – السفر، وخاصة لأماكن جديدة وغريبة، فهذا يحفز الذاكرة ويجعل العقل يعمل بقوة.
13 – ممارسة اليوغا، او التأمل، او حتى العبادة بصورة جماعية، فهذه كلها تساعد على استقرار النفس والشعور بالراحة.
14 – أن نأخذ قسطا وافرا من النوم يوميا.
15 – أن نتناول الأغذية التي تحتوي على أوميغا 3، كاسماك السردين والسلمون والتونة والتراوت والماكريل، ومكسرات الجوز، وبذر الكتان، وزيت كبد سمك الكود.
16 – أن نكثر من تناول الخضار والفواكه.
17 – تناول وجبة واحدة على الأقل في اليوم مع الأهل والاصدقاء
وكل عام وأنتم بصحة جيدة.

أحمد الصراف
[email protected]
www.kalamanas.com