طارق العلوي

«فزّاعة».. أحمد!

ا يخفى على أحد العلاقة «المميزة» التي تجمع ناصر المحمد بأحمد الفهد، ومقدار «المودة» التي يكنها كل منهما لابن عمه.لذا، لم يكن غريبا ان يقرأ الناس الأحداث الحالية في هذا السياق.
وأيا كانت الأسباب التي دفعت بالفهد لانذار رئيس مجلس الوزراء، فاننا لن نقف مع طرف ضد آخر، حتى تتبين لنا، بالأدلة القاطعة، الجرائم التي تم ارتكابها أو التخطيط لها، سواء فيما يتعلق بالمساس بنظام الحكم، أو «نهب» المال العام، أو الرشاوى.. أو ما ذكرته صحيفة موالية لناصر وجاسم، عن «معلومات مؤكدة» ان هناك من سيحاول تشويه سمعة بعض «خيرة القضاة» في الكويت، بأنهم قد تلقوا حوالات مالية ضخمة، تم ايداعها لدى بنوك أجنبية خارج الكويت، وبالأخص في بريطانيا وسويسرا.
ورغم ميلنا للرأي القائل ان أحمد الفهد لم يكن ليقدم على هذه المخاطرة الجسيمة، ويتحمل كل الغضب الذي حصل على أعلى المستويات، ويجازف بمستقبله السياسي، لولا «ثقته التامة» بصحة ما لديه من معلومات.. على الرغم من ذلك، فاننا نقول لأحمد الفهد، إن الأحداث الأخيرة باتت جزءا بسيطا من فضيحة أكبر كشفتها.. وأنت لا تدري.
فقد كشف لنا الفهد، دون قصد، أننا نعيش في كنف «دولة عميقة» سيطر على مفاصلها حفنة من الشخصيات «المرموقة».. وأصبحوا يوجهون كل امكانياتها بما يخدم مصالحهم! فمنذ ان بدأ الموضوع اياه، وتسلسلت الأحداث من بيان ديوان.. وقرار نيابة عامة.. وبيان مجلس وزراء.. وبيان مجلس أمة.. واجراءات وزارة اعلام.. وتصريحات جاسم ومرزوق المكثفة، والقناعة تزداد لدينا ان التصريح بـ«الفبركة» في أي زمان ومكان أمر مستحب وواجب، أما مجرد التفكير بـ«احتمال» عكس ذلك.. فحرام شرعا ودستورا!
ثم جاء مرزوق الغانم «أبو صفحة بيضاء»، الذي كان يقول في الأشهر الماضية ان «الاتحاد شرعي.. وطلال شرعي».لكن بعد ان سخنت الحديدة تحت ناصر وجاسم، عاد مجلس مرزوق ليعلن عن مخالفات «جسيمة»، مالية.. وادارية.. وقانونية، في عقد «الأولمبي».
ولأن مرزوق يعرف عن نفسه أنه «صادق بوطير» في هذا الشأن، لم يلجأ بالشكوى للنائب العام، كما يطالب خصومه دائما، بل قرر مجلس مرزوق ان يحال الأمر للحكومة لاتخاذ اللازم.ولم يترك مجلس مرزوق للحكومة اختيار الاجراء المناسب، بل تم تحديد الاجراء المطلوب بالضبط من الحكومة، حيث قام الطريجي، صديق مرزوق الصدوق، وهدد الحكومة: اما «فسخ» عقد «الأولمبي».. والا فالاستجواب!
ومن قبلها تحول المجلس الى عصا يهش بها على الحكومة، كي تحيل مسلم البراك للنيابة، جراء تعرضه لذوات «المتعوس.. وخايب الرجا»!
نحن هنا لا ندافع عن أحد، واذا ثبت ارتكاب مخالفة في عقد «الأولمبي» أو غيره، فاننا ننادي بتطبيق القانون دون تخاذل.لكن الشعب الكويتي أصبح اليوم واعيا لحقيقة أن.. «الطير» أكبر من أحمد!
فما دام لديهم القدرة على تكميم أي تصريح مناصر لأحمد، بشتى الوسائل، وعن طريق أكبر مؤسسات الدولة وأسمنها، فانهم بالتأكيد قادرون في الغد على تكميم أي صوت آخر يتحدث عن فسادهم.. وليس ببعيد عنا تلك المنشأة الرياضية التي أصبحت معلما تاريخيا وأيقونة من أيقونات الفساد، تقف شامخة وتتحدى أيا منا ان يتجرأ ويصرح في العلن بأسماء من يقف وراء فسادها!
ومع اقتراب ساعة الحسم، ومع ترويج البعض لـ«فزّاعة» أحمد، وتكرار المقولة الخبيثة: «لا تخرجوا لساحة الارادة، فانما هو صراع بين قطبين من الأسرة.. لا ناقة لكم فيه ولا جمل»!.. مع كل هذا، فاننا نوجه خطابنا للشباب الوطني المخلص ونقول: «ان كان خروجكم لساحة الارادة لمعرفة تفاصيل ستنشر فقط، فاننا ننصحكم بأن لا تخرجوا.. فنحن لا نعلم ما في القلوب، وربما كان الأمر كما ذكر.. مجرد تصفية حسابات بين قطبين!
أما ان خرجتم لقناعتكم ان البلد قد تدهور بما فيه الكفاية، وصار مرتعا خصبا لمجموعة من تجار سياسة أحكموا سيطرتهم على مفاصل الدولة، حتى أصبحنا لا نرى أي مشاريع منجزة للدولة الا بواسطة «فوتوشوب الكمبيوتر» على تلفزيون الكويت الرسمي، وصار كل من يخالفهم ملاحقا بالقضايا أو مهددا في حياته ورزقه، وأن أحمد الفهد مجرد حجر عثرة لهم الآن، بعد ان انتهوا من فرض هيمنتهم على «أكثر الأماكن حساسية».. وأن الدور على ما تبقى من خيرات الكويت ومقدراتها، وأن لا حاجة لكم بفضيحة يثيرها أحمد أو غيره لتتيقنوا من هذه الحقيقة».
.. ان كنتم تؤمنون بهذا الرأي، وبأن استقالة نوابكم الخمسة كانت تضحية عظيمة لأجل الوطن، ورسالة جلية على رفضهم ان يكونوا شهود زور على الفساد ووأد الدستور.. فقد حان لكم ان تخرجوا، على بركة الله، لتنقذوا الكويت المختطفة من كل «متعوس وخايب رجا».. وأن تتصدوا لكل من ترونه مصدر فساد وافساد في البلد (ولا نستثني أحدا، سواء من أقطاب الأسرة أو من خارجها).. وأن تقولوا لمن عاث في الكويت سرقة، وفي مناقصاتها نهبا.. «كفى يا..»!
٭٭٭
سمردحة: في الماضي كان مرزوق يسميها «دولة أحمد الفهد».. اليوم بوعلي تقترح نسميها دولة منو؟.

آخر مقالات الكاتب:

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *