مبارك الدويلة

انهزام العقل

عندما تسمع أن هندوسياً في بلاد الهند أحرق مسجداً وقتل من فيه من المصلين ثم أخذ يرقص فرحاً، يتبادر إلى ذهنك أنه الحقد على الإسلام من قبل أعدائه. وعندما تقرأ أن نصارى في أفريقيا الوسطى نحروا المسلمين ومثّلوا بجثثهم، تفهم أن ذلك الحقد الأعمى على المسلمين. وإذا شاهدت بالتلفاز نساء المسلمين وأطفالهم يتم جمعهم وسط حوش للماشية ويطلق عليهم الرصاص من قبل مجرمي ميانمار حتى تتكون بحيرة من دمائهم بينما القتلة يضحكون طرباً، فإنك بلا شك تتذكر حديث المصطفى عليه الصلاة والسلام «بدأ الإسلام غريباً وسيعود غريباً كما بدأ فطوبى للغرباء».

إذاً، نحن نتفهم كره خصومنا لنا، ولديننا وعقيدتنا، لكن أن تقرأ مقالاً لمن يفترض فيه أن يكون مسلماً يُظهر فيه استياءه من ممارسة المسلمين لشعائرهم في بلاد الغرب من دون مضايقة من النصارى هناك، فهذا دليل على أن هناك خللاً ما في طريقة تفكير هذا الرجل..! متابعة قراءة انهزام العقل

محمد الوشيحي

قلمات

إلى الزملاء الأميركان مع التحية وفارق التوقيت والحريات… إن كان في أمهاتكم خير، تعالوا نتبادل المواقع، أو تعالوا اكتبوا عندنا في صحفنا، أو اطرحوا آراءكم في فضائياتنا عن أي شأن سياسي تريدون.
و”ذس از ماي فيس، أن تضيع أعماركم كعب داير بين أروقة المحاكم والنيابة وإدارة التحقيقات، وأن تضيع زهرة شبابكم، وتشيب رؤوسكم الشقراء بحثاً عمن يكفلكم”. متابعة قراءة قلمات

سامي النصف

الحكيم..إن حكى!

انتقل إلى رحمة الله تعالى قبل أيام الصديق العزيز والإعلامي المصري الكبير وجدي الحكيم الذي يعتبر شاهد عصر على المتغيرات الكبرى التي شهدتها مصر والمنطقة العربية في مرحلة 1952 وما بعدها، حيث كان مذيعا ثم مسؤولا عن إذاعة صوت العرب في عز مجدها، إضافة إلى فعاليات فنية وإعلامية كثيرة استمرت حتى يوم وفاته.

***

ومما رواه لي الراحل الكبير وجدي الحكيم كيف استدعاه وزير الإعلام المصري محمد فائق ثاني أيام نكسة 1967 وطلب منه أن يعد مجموعة أغان تطالب الرئيس عبدالناصر بالعودة عن استقالته، وأن الوزير طلب منه ألا يذيعها إلا إذا أتاه أمر مباشر وليس خطيا منه عبر تلاقي العين بالعين، وكيف أن تلك الأغاني استخدمت لاحقا في دعم الرئيس السادات عندما حاول الوزير محمد فائق ومن معه من وزراء الإطاحة به عبر تقديم استقالات جماعية له.

***

ولا يعلم شباب هذه الأيام أن العرب من المحيط إلى الخليج قد انقسموا كعادتهم منذ الخمسينيات حتى السبعينيات إلى مناصرين لعبدالحليم حافظ ومؤيدين متعصبين لفريد الأطرش، ويكشف الحكيم أن عبدالناصر كان وبعكس ما يعتقد محبا للأطرش ولا يطرب لأغاني «مطرب الثورة» كما كان يسمى عبدالحليم، وأن الأخير كان يعلم بذلك الأمر، لذا احتال لدخول بيت عبدالناصر والتعرف عليه عن طريق إحياء أعياد ميلاد أبنائه.

***

ويكذب الحكيم فيما روى حكاية اشتهرت في حينها بأن لقاء أم كلثوم وعبدالوهاب في أغنية «انت عمري» والتي سميت بـ«لقاء السحاب»، كان بتدخل شخصي من عبدالناصر، ويروي التفاصيل الدقيقة لذلك اللقاء الذي كان شاهدا عليه، وكيف كان عبدالوهاب قلقا من ألا تقبل أم كلثوم لحنه وترفض غناءه، وأن السبب الحقيقي لرفض أم كلثوم ألحان عبدالوهاب أو حتى فريد الأطرش اعتقادها بأنهما سينسبان الفضل لهما لا لها فيما لو نجحت أغانيهما.

***

وفي العشاء الأخير الذي ضمنا خرجنا بعده للتجوال بالسيارة، ولما كان الليل وكعادته في القاهرة مازال في أوله، فقد قرر أن يريني بعض الأماكن المرتبطة بأحداث فنية معينة، فقد كان بحق موسوعة في الفن والأدب والأحداث السياسية، فهنا كما ذكر جلس الشاعر العاشق أحمد رامي يكتب على ورق السجائر كلمات رائعته «رق الحبيب» بعد أن اتصلت أم كلثوم به تدعوه لزيارتها في منزلها بالزمالك، وعلى هذا المقهى كان يجلس أمير شعراء العامية المصرية بيرم التونسي ليكتب كلمات أغان سهلة تقطر بالرقة مثل «هو صحيح الهوى غلاب» و«الآهات» و«الأمل» و«شمس الأصيل».

***

آخر محطة: للراحل وجدي الحكيم الفضل الأول في إنجاز ملحمة «الليلة المحمدية» عام 1990 التي كتب كلماتها عبدالرحمن الأبنودي ولحنها جمال سلامة وشدا بها عبدالله الرويشد، والتي أسالت الدمع من المآقي وعبّرت بحق عن نصرة الشعب المصري الأصيل للحق الكويتي، وكان من كلماتها المعبرة.. «بلدي انظلم واللي ظلمني ناسي عمومة ودين ودم، يا أمة الإسلام خلص مني الكلام لا عيني شايفة حد ولا شايفة ملام.. واللهم لا اعتراض.. رحم الله وجدي الحكيم وأسكنه فسيح جناته.

احمد الصراف

أقوال ومواقف

عندما جاء البولندي نيكولاس كوبرنيكوس Nicolaus Copernicus عالم الفلك والرياضيات الشهير (1473 – 1543) ليفضح جهل البشرية جمعاء، وقبلهم كل من ادعى العلم والمعرفة، وقال إننا إن راقبنا نقطة في السماء بشكل جيد لوجدنا تفسيرا منطقيا لحركة الكواكب وشدة استضاءتها ومساراتها غير المفهومة، وأن الشمس هي مركز الكون، وأننا ندور حولها، وليس العكس، كما كان رجال الكنيسة في عهده يؤمنون، ولا يزال الكثير من أمثالهم يؤمنون. وأن كل النجوم والأجرام السماوية التي نراها تدور حول الأرض، هي في الواقع تبدو كذلك بسبب دوران الأرض حول نفسها وحول الشمس، أي إن معلوماتنا عن الأرض والأجرام السماوية ما هي إلا أوهام. أما الحقيقة فشيء مختلف تماماً.
والسؤال الذي يطرح نفسه هو: كيف تسنى لكوبرنيكوس أن يكون الوحيد في عصره، والأول في التاريخ البشري، الذي عرف تلك الحقيقة؟ والسؤال الآخر: ما حجم الأمور «الوهمية» الأخرى في حياة شعوب الدول المتخلفة، الذين طالما آمنوا بها كحقائق مطلقة، ثم أتى العلم ليثبت خطأهم، ومع هذا أصرّوا، في غالبيتهم، على رفض التخلي عن أفكارهم؟ لا شك أن الإجابة ستكون مقلقة، فالعلم، والعلم وحده، هو الذي أزال الغشاوة عن أبصارنا، وبيَّن لنا خطل الكثير من المعتقدات والمسلَّمات في حياتنا، أقول ذلك بالرغم من الحقيقة أن الغالبية اختارت «العمى والطرش» وتمسَّكت بخرافاتها حتى اللحظة. فالأرض بالنسبة لي مثلاً، وحتى ما قبل نصف قرن، كانت مسطحة، فعقلي الصغير، أو الساذج، لم يكن يستوعب أنها يمكن أن تكون كروية، إلا أن أحد الأساتذة في مدرسة الصديق سألنا يوما، في سعيه لإثبات كروية الأرض، عن سبب رؤيتنا لقمة سارية أي سفينة قادمة في البحر قبل رؤية جسمها الطافي، الأكبر حجماً والأكثر وضوحاً في شكله وألوانه؟
وكما ظلمت الكنيسة الكاثوليكية عام 1543 نيكولاس كوبرنيكوس، فإنها ظلمت من جاء بعده ليثبت ويؤكد نظرية أن الشمس مركز للكون، وهو الأمر الذي ظل محل نزاع وشك لمئتي عام تالية، فإنها ظلمت أيضا جاليليو جاليلي في عام 1610، الذي كتب مدافعا عن نظرية كوبرنيكوس، وهو ما تسبب في اتهامه بالهرطقة عام 1632، وتقديمه إلى محاكم التفتيش. وفي الفترة نفسها، تأثر عدد من العلماء الآخرين بكوبرنيكوس، من أمثال توماس ديجز وجوردانو برونو، بتوصلهم إلى أن الكون لا نهائي، أو على الأقل غير معروف إلى أي مدى هو ممتد، ودفعوا ثمن آرائهم غالياً. وظلت المعارضة «الدينية» لتلك النظريات حتى القرن السابع عشر الميلادي، حيث أصبحت مقبولة، بعد تعديلها بصورة جذرية، وبعد أن أتمّ إسحاق نيوتن عام 1687، نظرية كوبرنيكوس بأطروحته المبادئ الرياضية للفلسفة الطبيعية التي قدّم فيها شرحاً فيزيائياً أظهر فيه أن الكواكب تظل في مداراتها بسبب قوى الجاذبية.
والسؤال الثالث: أين كانت مجتمعاتنا في السنوات 1543 و1910 أو حتى 1950؟ وما الذي يجري بين ظهرانينا على أيدي مجموعات متخلفة ومتطرفة دينيا من شذاذ الآفاق، من غربيين وشرقيين، تارة باسم داعش وأخرى باسم النقشبندية أو البعثية أو الإخونجية أو النصرة وعصائب أهل الحق وجيش المهدي وفيلق بدر، وغيرها من الفصائل المسلحة التي لا يتسع المجال لذكرها هنا؟ فهل نحن بحاجة لأن نؤكد، بالخسائر البشرية الهائلة، للعالم أجمع أننا لا نزال نعيش في فترة ما قبل كوبرنيكوس؟

أحمد الصراف